تشدد أوروبي وعقوبات مرتقبة لمواجهة القمع في إيران

«قمة براغ» غداً ستنظر في تطورات ملف طهران

البرلمان الأوروبي
البرلمان الأوروبي
TT

تشدد أوروبي وعقوبات مرتقبة لمواجهة القمع في إيران

البرلمان الأوروبي
البرلمان الأوروبي

قطعاً؛ لم يعرف البرلمان الأوروبي مطلقاً بادرة كالتي شهدها أعضاؤه، خلال اجتماعهم في مقره بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، الثلاثاء، عندما صعدت النائبة عن حزب الوسط السويدي «رينيو» عبير السهلاني، لتلقي كلمة عن تطورات الوضع في إيران عقب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في 16 من الشهر الماضي بعد 3 أيام من قبض «شرطة الأخلاق» عليها بسبب «سوء الحجاب».
وبعد أن اتهمت السهلاني النظام الإيراني بـ«ارتكاب جرائم ضد شعبه»، دعت الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ مواقف أكثر تشدداً إزاء إيران والتعبير عن دعمه المرأة الإيرانية، وتوجهت بكلامها مباشرة إلى جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد، قائلة له: «لقد خانتك الشجاعة عندما لم تستفد من وجودك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى تدافع عن حقوق المرأة الإيرانية». واستطردت النائبة الأوروبية قائلة: «كفى بيانات. كفى وشوشات. حان وقت التحرك». ثم عمدت إلى قص خصلات من شعرها وهي على المنبر وسط انبهار النواب الحاضرين الذين عجل كثير منهم ومنهن لتهنئتها وللتعبير عن تضامنهم وتأييدهم لما طالبت به.
ما قامت به عبير السهلاني كان بمثابة استنساخ لما قامت به كثير من الشابات الإيرانيات، الذي فتح الباب لمبادرات مماثلة كالتي قامت بها المغنية التركية ملك موسو وسط حفلة غنائية كانت تحييها.
والأربعاء، عمدت 50 ممثلة ومغنية فرنسية إلى بث فيديو على شبكة «إنستغرام» يظهرن فيه وهن يقصصن خصلات من شعرهن للتعبير عن دعمهن المرأة الإيرانية. كذلك؛ فإن ألفاً من شخصيات الفن السابع؛ بينهم ممثلون ومخرجون مشهورون، دعوا في بيان تحت عنوان «المرأة... الحياة... الحرية»، نشر أمس، إلى «دعم انتفاضة النساء في إيران». وجاء في البيان: «ندعو كل الذين يستهجنون علانية اغتيال مهسا أميني والقمع الجماعي والوحشي والدموي الذي أمرت به السلطات الإيرانية، إلى أن يعبروا بصوت عالٍ وقوي عن تضامنهم مع الشعب الإيراني». وأضافوا أن «النضال (...) من أجل المرأة والحياة والحرية هو أيضاً نضالنا».
ما سبق ليس سوى غيض من فيض من التحركات التي قام بها المجتمع المدني في أوروبا من مظاهرات احتجاجية ملأت الشوارع وبيانات وتصريحات وتحليلات تنديداً بأداء السلطات الإيرانية. كذلك؛ فإن الوسائل الإعلامية، على اختلاف مشاربها، كرست كثيراً من الوقت والمساحات لتغطية ما عدّتها «الثورة النسائية» في إيران وللتنديد بالطريقة التي تجيدها السلطات للتعامل مع مواطنيها؛ ألا وهي اللجوء إلى العنف الجسدي واتخاذ الإجراءات والتدابير القمعية.
ويقدر عدد ضحايا القمع بأكثر من مائة منذ بدء الحركة الاحتجاجية عقب وفاة مسها أميني.
يبدو تحرك المجتمع المدني متقدماً وأكثر تشدداً قياساً بردود الفعل الأوروبية الرسمية الفردية أو الجماعية. وبحسب الناشطين المدنيين؛ فإن الرد الأوروبي على انتهاك حقوق الإنسان في إيران ما زال «باهتاً» ولا يرتقي إلى مستوى خطورة الأحداث. وكانت الولايات المتحدة سباقة، بلسان رئيسها، في الإعلان عن عزمها على فرض عقوبات على المسؤولين عن القمع في إيران، وقد تبعتها كندا. وكانت وزيرة الخارجية الألمانية سباقة في المطالبة بفرض عقوبات على إيران. فقد دعت أنالينا بيربوك، منذ 29 سبتمبر (أيلول) الماضي إلى فرض عقوبات على إيران، وقالت وقتها: «أنا أقوم بكل ما أستطيعه داخل الاتحاد الأوروبي من أجل فرض عقوبات على الذين يأمرون بضرب النساء حتى الموت ويقتلون المتظاهرين باسم الدين»، مضيفة أنه يتعين على السلطات الإيرانية أن «توقف فوراً عمليات القمع الأعمى».
وفي السياق عينه، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، في كلمة لها أمام مجلس النواب، إن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى فرض عقوبات على المسؤولين عن حملة القمع وذلك عن طريق تجميد الأصول التي يمتلكونها في دول الاتحاد ومنعهم من السفر إليه، مضيفة أن الإجراءات سوف تستهدف أيضاً الشخصيات التي ترسل أبناءها للعيش في الدول الغربية.
من جانبه، قال بوريل أمام النواب الأوروبيين في ستراسبورغ، إن الاتحاد ينظر في جميع الخيارات المتاحة؛ ومنها فرض «إجراءات تقييدية»، موضحاً لاحقاً أنه يعني بها فرض عقوبات.
ورجحت مصادر رئاسية فرنسية، الأربعاء، رداً على سؤال في سياق تقديمها القمة غير الرسمية التي ستستضيفها براغ يومي الخميس والجمعة، أن يناقش القادة الأوروبيون الـ27 الملف الإيراني من زاوية ما يتعين القيام به للرد على قمع السلطات الإيرانية. والأمر الثابت؛ أن ينظر وزراء خارجية الاتحاد، بمناسبة اجتماعهم يوم 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، في دراسة مسألة العقوبات التي يتطلب إقرارها إجماعاً وزارياً.
وكما كان منتظراً؛ فإن طهران ردت على المواقف الأوروبية باستدعاء السفير البريطاني والقائم بالأعمال الفرنسي وغيرهما من الدبلوماسيين الأوروبيين للاحتجاج على التدخل في شؤونها الداخلية، فيما أكد المرشد الإيراني علي خامنئي أن المظاهرات تم التخطيط لها من الخارج، محملاً الولايات المتحدة وإسرائيل المسؤولية الكبرى.
وإذا عمد الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات جديدة؛ وهو المتوقع، فإنها لن تكون الأولى من نوعها التي يتم اعتمادها في ملف حقوق الإنسان في إيران. فالعقوبات الأولى تعود لشهر أبريل (نيسان) من عام 2011، التي أعقبتها تدابير إضافية في العام التالي. وهذه العقوبات الصالحة حتى عام 2023، يتم تجديدها سنوياً، وهي تتناول 90 شخصية إيرانية. وحقيقة الأمر؛ فإن طبيعة هذه العقوبات تبقى إلى حد بعيد «رمزية»، وثمة اتفاق بين المحللين على أنها لن تؤثر على أداء النظام الإيراني.
بيد أن أهميتها تكمن في أنها تعكس «يأس» الأوروبيين من أداء النظام الإيراني ليس فقط في ملف حقوق الإنسان؛ بل أيضاً في الملف النووي، حيث تعدّ مصادر أوروبية في باريس أن «التشدد الإيراني أجهض الجهود التي بذلتها الدول الأوروبية الثلاث المعنية بالمفاوضات (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، وهي فقدت الأمل، إلى حد بعيد، من إمكانية إعادة إحياء اتفاق 2015 في المستقبل القريب».
وحتى اليوم، كان الأوروبيون حريصين على المحافظة على التواصل مع طهران؛ الأمر الذي يفسر «تساهلهم» معها بمناسبة الاجتماع الأخير لمجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة النووية»، حيث امتنعوا، بموافقة الولايات المتحدة، عن طرح مشروع قرار يندد بعدم تعاون طهران مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». ويمتلك الغربيون سلاحاً فتاكاً في وجه طهران، وهو إعادة نقل الملف النووي إلى مجلس الأمن الدولي وإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران.
وتسعى طهران، رغم تشددها وتحميلها مسؤولية وصول المفاوضات إلى طريق مسدودة، إلى المحافظة على تفاؤلها. والدليل على ذلك تصريح وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، الاثنين، حيث أعلن أنه «من الممكن» التوصل إلى اتفاق إذا استمرت واشنطن في نهجها «الواقعي»، مشيراً إلى أن إجراءات رفع العقوبات «تسير في الطريق الصحيحة». والمرجح أن عبد اللهيان كان يلمح لاحتمال استعادة طهران 7 مليارات دولار من كوريا الجنوبية بموافقة واشنطن، وإلى اتفاق الطرفين على تبادل أسرى. وتقول طهران إن تبادل الرسائل بينها وبين واشنطن «متواصل» إما عبر الوسيط الأوروبي (بوريل) وإما عبر أطراف أخرى. لكن «التفاؤل» ليس جديداً ودرجت طهران على اعتماد الازدواجية: التفاؤل كلامياً، والتشدد عملياً. من هنا؛ فإن القمع الذي انطلق قبل 3 أسابيع من شأنه مفاقمة العراقيل التي تحول دون التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي، خصوصاً مع اقتراب استحقاق الانتخابات النصفية الأميركية، واشتداد الحملة الدبلوماسية الإسرائيلية المعارضة، وعجز إيران عن توفير أجوبة شافية للوكالة الدولية تكون بمثابة جواز السفر للاتفاق الموعود.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

مواجهات وإصابات بين الأمن الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية

العلم الفلسطيني مرفوع على مبنى عند مدخل قرية جنوب نابلس في الضفة الغربية المحتلة مقابل أعلام إسرائيلية (أ.ف.ب)
العلم الفلسطيني مرفوع على مبنى عند مدخل قرية جنوب نابلس في الضفة الغربية المحتلة مقابل أعلام إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

مواجهات وإصابات بين الأمن الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية

العلم الفلسطيني مرفوع على مبنى عند مدخل قرية جنوب نابلس في الضفة الغربية المحتلة مقابل أعلام إسرائيلية (أ.ف.ب)
العلم الفلسطيني مرفوع على مبنى عند مدخل قرية جنوب نابلس في الضفة الغربية المحتلة مقابل أعلام إسرائيلية (أ.ف.ب)

هدمت قوات الأمن الإسرائيلية نقطةً استيطانيةً عشوائيةً ضمن مجمع «غوش عتصيون» الاستيطاني الضخم بين بيت لحم والخليل، جنوب الضفة الغربية، بعد يوم واحد من تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، باتخاذ إجراءات حازمة ضد المستوطنين المتطرفين في الضفة.

وهدمت قوات الأمن الإسرائيلية بؤرة «جفعات تسور مسغافي» التي كان يعيش فيها نحو 25 عائلة يهودية منذ أكثر من سنة، وفق أمر وقعه قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، اللواء آفي بلوت، ما فجّر مواجهات عنيفة بين المستوطنين وقوات الأمن.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن جنديين من شرطة الحدود أصيبا أثناء المواجهات، أحدهما بحجر في عينه، والثاني بكسور في فمه، فيما ألقي القبض على أربعة أشخاص خلال عملية الإخلاء، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن أحد المستوطنين أصيب برصاصة مطاطية كذلك.

وكان عشرات المستوطنين المتطرفين من «شبان التلال» وصلوا إلى المنطقة بعد نداءات متنوعة من ناشطي اليمين وشخصيات بارزة من أجل منع عملية الإخلاء.

بعد ذلك بساعات سُجلت هجمات قام بها مستوطنون في تلال الخليل الجنوبية ومنطقة وادي سعير شمال الخليل، ومن بين هذه الأعمال أضرمت النار في مركبة، وسجلت أعمال شغب قام بها عدد من المستوطنين في أحد المباني.

وتعد عملية الهدم الحالية استثنائية مقارنة بالسنوات الماضية، حيث اقتصرت عمليات الهدم السابقة على نطاق أصغر.

هجوم على سموتريتش

وهاجم سكان البؤرة الاستيطانية وزير المالية والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، كما هاجمته رئيسة حركة «نحالا» دانييلا فايس التي تعتبر «أم المستوطنين»، وقالت إن ما وصفته بـ«الهجوم الوحشي» على شبان التلال، يمهد لشن هجمات أخرى على نقاط استيطانية في الضفة.

وسجلت اتهامات متبادلة في الائتلاف الحاكم بهذا الشأن، واتصلت عضوة الكنيست ليمور سون هار ميليخ على وجه السرعة بسموتريتش، مدعية أن الهدم «خطوة مدمرة وغير مسؤولة، ويجب إيقافها فوراً». لكن سموتريتش رد على الجميع بأنه ليس بحاجة إلى من «يعلمه القانون أو الاستيطان».

وقالت الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي والمسؤولة عملياً عن المنطقة «ج» إن قوات الأمن عملت على إنفاذ القانون، وتم الإخلاء وفقاً للقانون والأنظمة المعمول بها في المنطقة، نظراً لوقوع أعمال إجرامية وحوادث عنف خطيرة أثرت على أمنها.

لكن موقع «إي نيوز 24» قال إن الإخلاء تم أصلاً تم بناء على طلب «مجلس غوش عتصيون» الاستيطاني، بسبب أن المستوطنين هناك خلقوا أجواءً من الرعب، وحتى أنهم تحرشوا بالفتيات.

وأكد رئيس المجلس الاستيطاني لـ«غوش عتصيون»، يارون روزنتال، أنه «من المستحيل تطوير (غوش عتصيون) عندما تستولي حفنة من الناس على مئات الدونمات، وتبني مباني مؤقتة على الأرض نفسها المخصصة لبناء آلاف الوحدات السكنية للجيل المقبل».

وأضاف أن «البناء العشوائي في منطقة غير مهددة إطلاقاً يضر بالمجتمعات المجاورة، ويقطع الطريق المؤدية إليها، ويخلق فوضى عارمة، بما في ذلك بيع أراضٍ خاصة من قبل أشخاص لا يملكونها».

تعهد من نتنياهو

وجاءت عملية الهدم التي أثارت كثيراً من الاتهامات المتبادلة في إسرائيل، بعد يوم من تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باتخاذ إجراءات ضد أعمال الشغب التي يقوم بها يهود في الضفة الغربية.

وفي أول تعليق علني له على أعمال العنف التي تشهدها الضفة الغربية منذ أشهر، صرح نتنياهو خلال اجتماع أسبوعي لمجلس الوزراء يوم الأحد الماضي بأن إسرائيل «ستتخذ إجراءات حازمة للغاية ضد أعمال الشغب ضد جنود الجيش وضد الفلسطينيين».

ووسع المستوطنون هجماتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر، وتحول العنف إلى حدث شبه يومي مع انعدام إنفاذ القانون لوقف الهجمات على الفلسطينيين.

فلسطينيون يشيعون جثمان شاب قتلته إسرائيل يوم الأحد في غارة على مخيم عسكر للاجئين قرب نابلس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

ويحاول المستوطنون فرض واقع جديد في المناطق «ج» في محيط المستوطنات عبر السيطرة على التلال وأكبر مساحة من أراضي الضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات القائمة.

وقالت الأمم المتحدة إن هجمات المستوطنين الشهر الماضي كانت الأوسع منذ أكثر من 20 عاماً.

وحسب البيانات الأممية، نفذ المستوطنون 264 اعتداءً ضد الفلسطينيين في الضفة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في أعلى حصيلة شهرية منذ نحو 20 عاماً.

ونفذوا حوالي 1500 حادثة من هذا القبيل حتى الآن في عام 2025. وحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن اعتداءات المستوطنين خلال الشهر الماضي بلغت 766 اعتداءً.

ويقول الفلسطينيون إن الضفة في خضم موجة غير مسبوقة من النشاط الاستيطاني والهجمات، ويشعر المستوطنون بأنهم محميون.

ومع ازدياد هجمات المستوطنين، انخفضت تحقيقات الشرطة في عنف اليهود في الضفة الغربية بشكل حاد خلال السنوات الثلاث الماضية، وفقاً لأرقام نشرتها «القناة 12».

وقالت «تايمز أوف إسرائيل» إن قائد قسم الضفة الغربية في الشرطة، يخضع للتحقيق بتهمة تجاهل عنف المستوطنين لكسب ود وزير يشرف على الشرطة.

وقالت القناة إن عدد التحقيقات المفتوحة انخفض بنسبة 73 في المائة منذ عام 2023 في عهد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير.

وقالت منظمة «يش دين» الإسرائيلية إن حوالي 94 في المائة من جميع ملفات التحقيق التي فتحتها شرطة إسرائيل في عنف المستوطنين بين عامي 2005 و2024، أغلقت من دون توجيه اتهام، ولم تُفض سوى 3 في المائة من الملفات إلى إدانات.


«العمال الكردستاني» ينفّذ انسحاباً جديداً لدفع «السلام» في تركيا

أعلن «حزب العمال الكردستاني» الاثنين سحب مسلحيه من منطقة زاب شمال العراق في خطوة جديدة لدفع عملية السلام بتركيا (رويترز)
أعلن «حزب العمال الكردستاني» الاثنين سحب مسلحيه من منطقة زاب شمال العراق في خطوة جديدة لدفع عملية السلام بتركيا (رويترز)
TT

«العمال الكردستاني» ينفّذ انسحاباً جديداً لدفع «السلام» في تركيا

أعلن «حزب العمال الكردستاني» الاثنين سحب مسلحيه من منطقة زاب شمال العراق في خطوة جديدة لدفع عملية السلام بتركيا (رويترز)
أعلن «حزب العمال الكردستاني» الاثنين سحب مسلحيه من منطقة زاب شمال العراق في خطوة جديدة لدفع عملية السلام بتركيا (رويترز)

أقدم «حزب العمال الكردستاني» على خطوة أحادية جديدة، بإعلان سحب مسلحيه من منطقة زاب الحدودية مع تركيا في شمال العراق لتجنب خطر نشوب صراع محتمل وإعطاء دفعة أخرى لعملية السلام وحل المشكلة الكردية في تركيا.

وقال الحزب، في بيان بثته وكالة «فرات» للأنباء المقربة منه، الاثنين، إنه «بحلول مساء الأحد 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، انسحبت قواتنا من منطقة زاب على حدود ولاية هكاري (جنوب شرقي تركيا) التي كانت تشكل خطر نشوب صراع (مع القوات التركية)، إلى مناطق أخرى مناسبة». وأضاف البيان: «نعتقد أن هذه الخطوة الجديدة ستسهم بشكل عملي في حل القضية الكردية، وتحقيق عملية السلام والديمقراطية في تركيا، وتظهر التزامنا بهذه العملية التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان».

الانسحاب الثاني

ولفت «حزب العمال الكردستاني» في بيانه إلى أنه سحب سابقاً جميع قواته المسلحة من تركيا، وعقد بمناسبة ذلك مؤتمراً صحافياً في 26 أكتوبر (تشرين الأول) حضره 25 من مسلحيه الذين انسحبوا من تركيا إلى مناطق الدفاع المشروع (ميديا) في شمال العراق. وأضاف: «أعلنا أننا سنُجري تعديلات لمنع الصراع في المناطق الحدودية التي تُشكل خطراً للنزاع».

جانب من المؤتمر الصحافي لـ«حزب العمال الكردستاني» في جبل قنديل بالسليمانية شمال العراق 26 أكتوبر الماضي لإعلان سحب مسلحيه من تركيا (رويترز)

وتابع الحزب: «منذ ذلك الحين، وبناءً على العمل الذي قامت به الجهات المعنية، توصلنا إلى نتيجة مهمة في منطقة زاب، وبحلول مساء 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، انسحبت قواتنا التي تُشكل خطراً للنزاع في منطقة زاب إلى مناطق مناسبة مختلفة، حالياً، تم القضاء تماماً على خطر الصراع في هذه المنطقة». وقال البيان أيضاً: «نعتقد أن هذه الخطوة الجديدة ستسهم في حل القضية الكردية وتحقيق السلام والديمقراطية في تركيا... نعتقد أنها ستخدمنا».

وبات وجود مسلحي «حزب العمال الكردستاني» داخل تركيا شبه معدوم بسبب الضربات المكثفة المؤثرة التي تعرَّض لها على مدى العقد الماضي؛ إذ لجأ معظمهم إلى مناطق جبلية في شمال العراق، حيث تقيم تركيا منذ 25 عاماً قواعد عسكرية لمواجهتهم، وشنت بانتظام عمليات جوية وبرية وجوية ضدهم، إلى جانب أعداد أقل توجهت إلى شمال شرقي سوريا.

عناصر من القوات الخاصة التركية تشارك في العمليات العسكرية ضد «العمال الكردستاني» شمال العراق (وزارة الدفاع التركية - إكس)

وأطلق الجيش التركي منذ عام 2020 سلسلة عمليات عسكرية استهدفت مسلحي «العمال الكردستاني» وتطهير الملاجئ والكهوف التي يستخدمونها سواء للإقامة أو تخزين الأسلحة والذخيرة والمؤن في شمال العراق، تركزت باستمرار على منطقة زاب التي تحمل أهمية رمزية للحزب.

خطوات متتابعة

وبدأت «عملية السلام» في تركيا بمبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية» شريك حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بتأييد من الرئيس رجب طيب إردوغان، دعا من خلالها الزعيم «التاريخي» لـ«العمال الكردستاني» السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، إلى توجيه نداء للحزب لحل نفسه وإلقاء أسلحته، مقابل إعداد لوائح قانونية تعالج وضع أوجلان وعناصر الحزب.

أوجلان وجَّه نداءً لـ«العمال الكردستاني» في 27 فبراير من سجن إيمرالي غرب تركيا لحل نفسه وإلقاء أسلحته (إ.ب.أ)

وأطلق أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي دعوته «العمال الكردستاني» لعقد مؤتمره العام وإعلان حل نفسه والتوجه إلى العمل السياسي في إطار ديمقراطي قانوني، فيما عُرف بـ«نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي».

واتخذ الحزب استجابة لهذا النداء سلسلة من الخطوات الأحادية، بدأت بإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد في الأول من مارس (آذار) الماضي، ثم عقد مؤتمره العام في الفترة بين 5 و7 ماليو (أيار)، ليعلن في الـ12 من الشهر ذاته قرار حل نفسه والتخلي عن أسلحته.

عناصر من «العمال الكردستاني» خلال مراسم رمزية لإحراق الأسلحة في السليمانية 11 يوليو (رويترز)

ثم قام 30 من عناصره بإحراق أسلحتهم في مراسم رمزية أُقيمت عند سفح جبل قنديل في السليمانية شمال العراق. وأعقب ذلك، إعلان الحزب، في مؤتمر صحافي عُقد في السليمانية أيضاً، سحب جميع مسلحيه من الأراضي التركية إلى مناطق الدفاع (ميديا) في شمال العراق.

وشكل البرلمان التركي في 5 أغسطس (آب) الماضي، لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» للنظر في وضع الإطار القانوني لنزع أسلحة «حزب العمال الكردستاني».

توقيت مهم

وجاء إعلان الحزب الانسحاب من منطقة زاب، عشية اجتماع مهم مرتقب للجنة سيعقد بشكل مغلق، الثلاثاء، ويجري خلاله الاستماع إلى وزيري الدفاع والداخلية التركيين، يشار غولر وعلي يرلي كايا، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين.

ويُعقد الاجتماع وسط مطالبات، مثيرة للجدل والانقسام، بأن تذهب اللجنة إلى سجن إيمرالي (غرب تركيا) للاستماع إلى أوجلان بصفته اللاعب الرئيسي في عملية السلام.

اللجنة المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» وعملية السلام في تركيا تعقد اجتماعاً مهماً 18 نوفمبر (البرلمان التركي - إكس)

ويتمسك الجانب الكردي، ممثلاً في «حزب العمال الكردستاني» وحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد وثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي، بتحسين ظروف سجن أوجلان وتمكينه من عقد لقاءات مع السياسيين والصحافيين وممثلي المجتمع المدني، وقيادة عملية السلام.

ويطالب أيضاً بلوائح قانونية تضمن عودة عناصر الحزب إلى تركيا وانخراطهم في المجتمع وتعديل قانوني مكافحة الإرهاب وتنفيذ الأحكام والتدابير الأمنية، الإفراج عن السجناء ممن أمضوا 30 عاماً في السجن، والسجناء السياسيين، وإلغاء ممارسة تعيين أوصياء بدلاً من رؤساء البلديات المنتخبين.


أستراليا ترفض عرض تركيا استضافة «قمة المناخ» المقبلة بشكل مشترك

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
TT

أستراليا ترفض عرض تركيا استضافة «قمة المناخ» المقبلة بشكل مشترك

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)

رفضت أستراليا، اليوم (الاثنين)، عرض تركيا المشاركة في استضافة قمة الأمم المتحدة المقبلة للمناخ، والتي تسعى كانبرا لعقدها في مدينة أديلايد.

 

وصرح رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي قائلاً «لا، لن نشارك في الاستضافة»، مشيراً إلى أن الاستضافة المشتركة «غير متاح» بموجب قواعد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي.

وأضاف: «هذا ليس خياراً مطروحاً، والناس تدرك أنه ليس كذلك، ولهذا السبب تم استبعاده».