فرصة نجاح «مشروطة» لمحادثات السلام في إثيوبيا

بعد عامين من اندلاع الحرب بين الحكومة الفيدرالية و«جبهة تيغراي»

محتجون على الحرب أمام السفارة الأميركية في أديس أبابا أول من أمس (أ.ف.ب)
محتجون على الحرب أمام السفارة الأميركية في أديس أبابا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

فرصة نجاح «مشروطة» لمحادثات السلام في إثيوبيا

محتجون على الحرب أمام السفارة الأميركية في أديس أبابا أول من أمس (أ.ف.ب)
محتجون على الحرب أمام السفارة الأميركية في أديس أبابا أول من أمس (أ.ف.ب)

بعد نحو عامين من اندلاع حرب طاحنة بين حكومة أديس أبابا الفيدرالية، وجبهة «تحرير إقليم تيغراي»، لاحت أخيراً في الأفق فرصة تفاوضية، برعاية الاتحاد الأفريقي؛ لكنها تظل رهن اشتراطات عديدة.
ودعا الاتحاد الأفريقي الحكومة الإثيوبية وقوات إقليم تيغراي (شمال البلاد) إلى محادثات سلام في جنوب أفريقيا، مطلع الأسبوع، بهدف إنهاء الصراع الذي أودى بحياة آلاف المدنيين، وشرّد الملايين منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وجاءت الدعوة بعدما ضمن الاتحاد موافقة الطرفين، في ظل ضغوط دولية لإنهاء الصراع؛ حيث أبدت «جبهة تيغراي»، في سبتمبر (أيلول) الماضي، استعدادها لـ«المشاركة في محادثات بوساطة الاتحاد الأفريقي لإنهاء القتال».
وقال رضوان حسين، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء، آبي أحمد، أمس الأربعاء، إن «الحكومة الإثيوبية قبلت دعوة من الاتحاد الأفريقي لإجراء محادثات السلام».
وأوضح رضوان حسين على «تويتر»، أن «دعوة الاتحاد الأفريقي تساير الحاجة إلى إجراء محادثات دون شروط مسبقة».
ولم تجرِ أي محادثات رسمية خلال وقف إطلاق النار لمدة 5 أشهر، بين مارس (آذار) وأغسطس (آب)، واستؤنف القتال العنيف منذ ذلك الحين.
ويرى أحمد عسكر، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن دعوة الاتحاد الأفريقي جاءت «متأخرة بعض الشيء»؛ خصوصاً بعد قبول «جبهة تيغراي» الوساطة الأفريقية، في سبتمبر الماضي.
وقال عسكر لـ«الشرق الأوسط»، إن «التوقيت مهم جداً لجميع الأطراف؛ خصوصاً مع اشتداد المعارك في شمال البلاد، وانخراط قوات إريتريا في الصراع»، لافتاً إلى «التداعيات السلبية للصراع على جميع الصُّعُد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية نتيجة حصار الإقليم، منذ نحو عامين».
وتتهم حكومة آبي أحمد «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» التي كانت تهيمن على الائتلاف الحاكم في إثيوبيا حتى وصول آبي إلى السلطة في 2018، بمحاولة إعادة تأكيد هيمنة تيغراي على إثيوبيا؛ بينما تتهم «الجبهة» آبي بمركزية السلطة واضطهاد أهل تيغراي. وكلاهما يرفض اتهامات الآخر.
ووفقاً للخبير في الشأن الإثيوبي، فإن «نجاح المفاوضات المزمعة برعاية الاتحاد الأفريقي، هي رهن عدد من الاشتراطات، على الرغم من قبول جميع الأطراف الجلوس على طاولة المفاوضات خلال الفترة المقبلة، وأهمها تقديم الطرفين المتنازعين عدداً من التنازلات السياسية والعسكرية، لإيجاد مساحة مشتركة كي يترتب على ذلك وقف القتال، وترتيب مستقبل العلاقة بين الطرفين».
واعتبر عسكر أن «الجلوس معاً أمر مهم؛ لكن لا يعني ذلك إحلال السلام»، متوقعاً عدم إقدام «الجبهة» المتمردة على تنازلات كثيرة، على الرغم من موافقتها على المبادرة.
وشدد على أهمية وجود أطراف دولية أخرى، بجانب الاتحاد الأفريقي، لإنجاح المفاوضات؛ خصوصاً أن ضغوط تلك القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لعبت دوراً في دفع الطرفين إلى تبني مواقف إيجابية.
لكن مكتب خدمة الاتصال الحكومي الإثيوبي، شدد في المقابل على أن دعوة الاتحاد الأفريقي «تساير المواقف السابقة للحكومة الإثيوبية». وذكر في بيان صحافي أنه «من المعروف أن حكومة إثيوبيا أعربت عن أن المحادثات يجب أن تتم فقط من قبل الاتحاد الأفريقي، ويجب أن تُجرى من دون أي شروط مسبقة».
وأجبرت الضربات الجوية والقوات المحتشدة في البلدات الواقعة على جانبي الحدود مع إريتريا المجاورة، عشرات الآلاف من الأشخاص على الفرار من منازلهم، حسبما أفادت وكالة «بلومبرغ» أواخر سبتمبر الماضي.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد بعث إلى الكونغرس، في العاشر من سبتمبر، إشعاراً بشأن تمديد حالة الطوارئ الوطنية، بسبب الأوضاع في إثيوبيا التي كان قد تم الإعلان عنها في أمر تنفيذي في 17 سبتمبر 2021. وقال إن الوضع في شمال إثيوبيا شهد أنشطة تهدد السلام والأمن والاستقرار في إثيوبيا ومنطقة القرن الأفريقي الكبرى، وبصفة خاصة أعمال العنف واسعة النطاق والأعمال الوحشية والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف القائم على أساس العرق، والاغتصاب، وأشكال أخرى من العنف القائم على النوع، وعرقلة العمليات الإنسانية، حسب بيان نشره البيت الأبيض على موقعه الإلكتروني.


مقالات ذات صلة

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

العالم ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

أثار عدم التوصل إلى اتفاق، بعد محادثات سلام أولية بين الحكومة المركزية الإثيوبية، ومتمردي إقليم «أوروميا»، تساؤلات حول مستقبل تلك المحادثات، واحتمالات نجاحها، وأسباب تعثرها من البداية. ورأى خبراء أن «التعثر كان متوقعاً؛ بسبب عمق الخلافات وتعقيدها»، في حين توقّعوا أن «تكون المراحل التالية شاقة وصعبة»، لكنهم لم يستبعدوا التوصل إلى اتفاق. وانتهت الجولة الأولى من المحادثات التمهيدية بين الطرفين، دون اتفاق، وفق ما أعلنه الطرفان، الأربعاء.

العالم رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

أعلن رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد اليوم (الخميس) مقتل مسؤول الحزب الحاكم في منطقة أمهرة الواقعة في شمال البلاد. وقال آبي أحمد عبر «فيسبوك»، إنّ «أولئك الذين لم يتمكّنوا من كسب الأفكار بالأفكار، أخذوا روح شقيقنا جيرما يشيتيلا». واتهم أحمد، وفقا لما نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية»، «متطرّفين يتسمون بالعنف» بالوقوف وراء هذا العمل الذي وصفه بـ«المخزي والمروّع».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
العالم محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

تنطلق في تنزانيا، الثلاثاء، محادثات سلام غير مسبوقة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ومتمردي إقليم أوروميا، ممثلين في «جبهة تحرير أورومو» التي تخوض معارك مع القوات الحكومية بشكل متقطع منذ عقود. وتسعى أديس أبابا لإبرام اتفاق سلام دائم مع متمردي الإقليم، الذي يشغل معظم مناطق وسط البلاد، ويضم مجموعة من الفصائل المسلحة التابعة لقومية الأورومو، على غرار ما حدث في «تيغراي» شمالاً، قبل 5 أشهر، خشية دخول البلاد في حرب جديدة مع تصاعد التوتر بين الجانبين. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار مدينة نكيمتي بالإقليم مؤخراً، أن «جولة مفاوضات ستبدأ معهم (جيش تحرير أورومو) الثلاثاء في تنزانيا»، في أ

محمد عبده حسنين (القاهرة)
شمال افريقيا هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

عاد الخلاف الحدودي بين إثيوبيا والسودان، بشأن منطقة «الفشقة»، إلى الواجهة، بعد أنباء سودانية عن نشاط «غير اعتيادي» للقوات الإثيوبية ومعسكراتها، في المنطقة المتنازع عليها، منذ بداية الاضطرابات الأخيرة في السودان.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
أفريقيا إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

أظهر متمردو إقليم «تيغراي» شمال إثيوبيا، «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام، الموقَّع قبل نحو 5 أشهر، مع الحكومة الفيدرالية بأديس أبابا، وذلك بتسليمهم مزيداً الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم ودمج مقاتليه في الجيش الوطني. وحسب نائب مفوض «إعادة التأهيل الوطني»، العميد ديريبي ميكوريا، اليوم (الخميس)، فإن «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي سلمت الدفعة الأولى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة المتنوعة التي تم جمعها حول منطقة دينقولات في إقليم تيغراي». وأنهى اتفاق السلام، الموقّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حرباً عنيفة استمرت عامين، راح ضحيتها الآلاف، حسب منظمات دولية.

محمد عبده حسنين (القاهرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».