واشنطن وسيول تردان على بيونغ يانغ بتجارب باليستية باتجاه البحر

صاروخ «صديق» يتسبب بهلع وحريق كبير في بلدة كورية جنوبية

إطلاق صاروخ خلال التدريبات الكورية الجنوبية - الأميركية أمس (أ.ف.ب)
إطلاق صاروخ خلال التدريبات الكورية الجنوبية - الأميركية أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن وسيول تردان على بيونغ يانغ بتجارب باليستية باتجاه البحر

إطلاق صاروخ خلال التدريبات الكورية الجنوبية - الأميركية أمس (أ.ف.ب)
إطلاق صاروخ خلال التدريبات الكورية الجنوبية - الأميركية أمس (أ.ف.ب)

طرح التصعيد «الصاروخي» الذي تنتهجه كوريا الشمالية، العديد من التساؤلات، عما إذا كان ناجما عن توترات جيوسياسية أعمق تشهدها المنطقة، أم عن «مطالبها» الخاصة من الولايات المتحدة؟
فالتوتر الصيني - الأميركي، وتوترات الصين مع العديد من دول المنطقة، قد تكون أحد الدوافع الرئيسية التي تقف وراء «المشاغبة» التي يقوم بها زعيم كوريا الشمالية الشاب، كيم جونغ أون، عبر استعراض عضلاته الصاروخية والنووية. فالأخير، ومع اندلاع الحرب الأوكرانية، وضع نفسه في «حلف غير مقدس»، مع بكين وموسكو اللتين ترغبان في إعادة تكوين نظام عالمي جديد، معتبراً أنه المعبر الوحيد للخلاص من العقوبات الشديدة المفروضة عليه، سواء من الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة. كان واضحاً أن تصعيد تجاربه الصاروخية يأتي على خلفية التوترات التي شهدتها المنطقة منذ زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، وما تبعها من زيارات أميركية، توجتها زيارة نائبة الرئيس الأميركي كمالا هاريس إلى المنطقة منزوعة السلاح على حدود الكوريتين.
وفيما يتوقع قيام بيونغ يانغ أيضا بأول تجربة نووية منذ 5 سنوات، أفادت أجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية بأن هذه التجربة النووية قد تجري خلال الفترة الواقعة ما بين الانتخابات النصفية الأميركية في 7 نوفمبر (تشرين الثاني)، ومؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في 16 من ديسمبر (كانون الأول).
وفي الفترة الأخيرة، حذر مسؤولون أميركيون وكوريون جنوبيون من أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يعد لإجراء تجربة نووية جديدة.
ورغم التحذيرات الأميركية بالرد على تلك «الاستفزازات»، مضت بيونغ يانغ في تجاربها، والتي كان أخطرها «معنوياً»، تحليق صاروخ باليستي فوق اليابان، أول من أمس الثلاثاء، للمرة الأولى أيضا منذ 2017، والذي ردت عليه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الأربعاء، بإطلاق صواريخ أرض - أرض باليستية قصيرة المدى على أهداف وهمية في البحر.
وقالت هيئة الأركان الكورية الجنوبية في بيان إن كلاً من الجيشين الكوري الجنوبي والأميركي أطلق صاروخين من طراز «أتاكامس» على أهداف وهمية في بحر الشرق، المعروف أيضاً باسم بحر اليابان.
وأوضح البيان أن إطلاق هذه الصواريخ الباليستية قصيرة المدى جرى لـ«إصابة هدف وهمي بدقة».
وأكد الجيش الكوري الجنوبي في الوقت نفسه فشل إطلاق صاروخ باليستي قصير المدى من نوع «هيونمو - 2» تحطم على الأرض بعيد إطلاقه. ولم ينفجر الرأس الحربي للصاروخ ولم يُصَب أحد، بحسب هيئة الأركان. وقالت السلطات إن حريقاً كبيراً اندلع وتسبب في حالة من الذعر في بلدة غانغنيونغ على الساحل الشرقي لكوريا الجنوبية، حيث اتصل عدد كبير من السكان القلقين ببلدية المدينة.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» إن هذه التدريبات تهدف إلى «التأكد من أن قدراتنا العسكرية على أهبة الاستعداد للرد على استفزازات الشمال إذا تطلب الأمر ذلك».
أضاف كيربي «لا ينبغي أن يصل الأمر إلى ذاك الحد. لقد أوضحنا لكيم جونغ أون أننا على استعداد للجلوس إلى طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة. نريد أن نرى شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية».
وأعرب كيربي عن أسفه لأن الزعيم الكوري الشمالي «لم يظهر ميلاً للتحرك في هذا الاتجاه - وبصراحة تامة إنه يتحرك في الاتجاه المعاكس، من خلال الاستمرار في إجراء هذه التجارب الصاروخية التي تشكل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي».
وكوريا الشمالية التي تبنت الشهر الماضي عقيدة جديدة تجعل وضعها كقوة نووية «غير قابلة للعكس»، كثفت هذا العام عمليات إطلاق الصواريخ.
وعلى الرغم مما يقرب من 20 عملية إطلاق لصواريخ باليستية في عام 2022، وهو أكبر عدد قامت به في عام واحد، فإن كوريا الشمالية لم تلق رداً كبيراً حتى الآن، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال».
وأشارت الصحيفة إلى أن بيونغ يانغ عادت إلى مسار «استفزازي» مشابه لما حدث عامي 2016 و2017 عندما أثارت سلسلة من تجارب الأسلحة الرئيسية، بما في ذلك إلقاء الصواريخ على اليابان، غضب حتى حلفائها في بكين وموسكو. غير أنه من نافل القول أن الأوضاع الدولية مختلفة اليوم، حيث تصمم روسيا والصين على مقاومة أي جهود دولية لمعاقبة كوريا الشمالية، وتصديهما لمحاولات إدانتها في مجلس الأمن.
وعقد مجلس الأمن اجتماعاً في وقت متأخر أمس (الأربعاء) بشأن إطلاق الصاروخ فوق اليابان.
وفيما لزمت بيونغ يانغ الصمت، على غير عادتها في الترويج لتجاربها الصاروخية، قالت سيول وطوكيو إن الصاروخ قطع حوالي 4600 كيلومتر، وعلى الأرجح يعد ذلك أطول مسافة حققتها بيونغ يانغ في تجاربها. وعادة ما يتم إطلاق الصواريخ في مسار «علوي» لتجنب التحليق فوق البلدان المجاورة.
وقال خبراء ومسؤولون كبار إن الصاروخ هو من طراز «هواسونغ - 12 آي آر بي إم» ذي القدرات النووية. وقد تم اختباره للمرة الأولى في 2017 وهو قادر على الوصول إلى القواعد الأميركية في جزيرة غوام. وندد الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول بإطلاق الصاروخ، وتعهد بـ«الرد الحازم» على هذا «الاستفزاز».


مقالات ذات صلة

كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

العالم كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

حذرت كيم يو جونغ شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من أن الاتفاق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لتعزيز الردع النووي ضد بيونغ يانغ لن يؤدي إلا إلى «خطر أكثر فداحة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. كانت واشنطن وسيول حذرتا الأربعاء كوريا الشمالية من أن أي هجوم نووي تطلقه «سيفضي إلى نهاية» نظامها. وردت الشقيقة الشديدة النفوذ للزعيم الكوري الشمالي على هذا التهديد، قائلة إن كوريا الشمالية مقتنعة بضرورة «أن تحسن بشكل أكبر» برنامج الردع النووي الخاص بها، وفقا لتصريحات نقلتها «وكالة الأنباء الكورية الشمالية» اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)
بكين تَحمل بشدة على «إعلان واشنطن»

بكين تَحمل بشدة على «إعلان واشنطن»

اتّهمت بكين واشنطن بتقويض السلام وزيادة التوتر في شبه الجزيرة الكورية، غداة إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول، أن أي هجوم نووي تطلقه كوريا الشمالية «سيفضي إلى نهاية نظامها». وحملت الصين بشدة على الموقف الأميركي - الكوري الجنوبي المشترك، الذي عبّر عنه «إعلان واشنطن»، مشيرة إلى أنه «إثارة متعمدة للتوترات والمواجهة والتهديدات».

«الشرق الأوسط» (لندن)
واشنطن وسيول تنسقان ضد تهديدات بيونغ يانغ

واشنطن وسيول تنسقان ضد تهديدات بيونغ يانغ

اتفق الرئيسان الأميركي جو بايدن والكوري الجنوبي يون سوك يول على توثيق التنسيق العسكري لردع تهديدات بيونغ يانغ، بعد سلسلة تجارب صاروخية باليستية أطلقتها كوريا الشمالية في الأسابيع الماضية. وانتهز الحليفان أول زيارة رسمية لرئيس كوري جنوبي إلى واشنطن منذ أكثر من عقد، للتأكيد على قوة الشراكة العسكرية والسياسية والأمنية بين واشنطن وسيول. وأعلنت الولايات المتحدة في هذا الصدد «توقّف» غواصة نووية أميركية في كوريا الجنوبية، بهدف تعزيز قدرات الردع في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بكين تحذر واشنطن وسيول من «إثارة مواجهة» مع بيونغ يانغ

بكين تحذر واشنطن وسيول من «إثارة مواجهة» مع بيونغ يانغ

حذّرت بكين، الخميس، كلاً من واشنطن وسيول من «إثارة مواجهة» مع كوريا الشمالية، بعدما قال الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول، إن أي هجوم نووي تطلقه كوريا الشمالية «سيفضي إلى نهاية» نظامها. في غضون ذلك، قال سوك يول، في خطاب للكونغرس، أمس، إن بلاده سترد بحزم على الاستفزازات الكورية الشمالية، لكنها ستبقي الباب مفتوحاً للحوار حول نزع سلاحها النووي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم واشنطن وسيول تعززان التعاون العسكري لردع التصعيد الكوري الشمالي

واشنطن وسيول تعززان التعاون العسكري لردع التصعيد الكوري الشمالي

اتفق الرئيسان الأميركي جو بايدن والكوري الجنوبي يون سوك يول على توثيق التعاون المعني بردع التصعيد النووي من جانب كوريا الشمالية، وسط القلق المتزايد المتعلق بتنامي ترسانتها من الصواريخ والقذائف. وانتهز الحليفان أول زيارة رسمية لرئيس كوري جنوبي إلى واشنطن منذ أكثر من عقد لإرسال تحذير إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وأعلنت الولايات المتحدة في هذا الصدد «توقّف» غواصة نووية أميركية في كوريا الجنوبية، بهدف تعزيز قدرات الردع في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.