بزانسنو لـ («الشرق الأوسط»): التحالف السعودي ـ الفرنسي يدخل مرحلة استراتيجية جديدة

سفير باريس لدى الرياض يتحدث عن الانتقال إلى مراحل تنفيذ الاتفاقيات

السفيربرتران بزانسنو
السفيربرتران بزانسنو
TT

بزانسنو لـ («الشرق الأوسط»): التحالف السعودي ـ الفرنسي يدخل مرحلة استراتيجية جديدة

السفيربرتران بزانسنو
السفيربرتران بزانسنو

قال لـ«الشرق الأوسط» برتران بزانسنو السفير الفرنسي لدى السعودية إن قصر الإليزيه سيشهد اليوم أحد أهم ملامح العمل المشترك بين الرياض وباريس على مختلف الصعد، تعزيزا للحلف السعودي - الفرنسي في مجالات الدفاع والاقتصاد والأمن والسلام.
وقال بزانسنو، عبر اتصال هاتفي من باريس: «إن زيارة ولي ولي العهد السعودي لباريس هذين اليومين ذات دلالات مهمة جدا، إذ تستقبل فرنسا رسميا الأمير محمد بن سلمان في باريس، لأول مرة، لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وبحث الأوضاع في المنطقة، لا سيما اليمن، فضلا عن تعزيز التعاون الثنائي».
ووفق بزانسنو، ستتناول مباحثات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع ولي ولي العهد السعودي سبل تعزيز العمل المشترك لمواجهة الوضع في المنطقة معا وتعميق التعاون الاستراتيجي الثنائي بشكل خاص، بجانب التعرض لكيفية تنفيذ اتفاقيات اللجنة المشتركة، التي طرحت إبان زيارة الرئيس هولاند للرياض في شهر مايو (أيار) الماضي.
وأضاف بزانسنو: «بات مهمّا وملحّا تعزيز الحلف السعودي - الفرنسي لمواجهة التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن أهمية المضي قدما بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين إلى آفاق أرحب، في ظل الأوضاع المعقدة في كثير من أنحاء العالم.
وأكد السفير الفرنسي أن قصر الإليزيه سيشهد عملية توسيع كامل للاتفاقيات كل المطروحة في أكثر من مجال، مبينا أن هناك كثيرا من برامج العمل المتفق عليها بين الرياض وباريس، تشمل مجالات الدفاع والأمن والاقتصاد التجارة، بما فيها قطاعات النقل والمال والأعمال والصحة والرعاية الطبية.
وتوقع بزانسنو أن تشهد المباحثات السعودية - الفرنسية تنفيذ الاتفاقيات المعنية بمجال الدفاع، محتملا إتمام الصفقات المطروحة - حاليا - منها صفقة طائرات ميراج الفرنسية المقاتلة، إلى جانب الاتفاقيات الأخرى التي تغطي ميادين أخرى كثيرة تدعم التعاون الثنائي المشترك.
ولفت السفير الفرنسي لدى السعودية إلى أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لباريس عندما كان وليا للعهد في مطلع سبتمبر (أيلول) عام 2014، وضعت أساسا متينا للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مشيرا إلى مباحثات قيادتي البلدين وقتها ارتقت بالعلاقات إلى مستويات استراتيجية متقدمة.
وأكد أن المباحثات التي يتناولها الرئيس هولاند مع الأمير محمد بن سلمان - حاليا - تأتي امتدادا لتلك الزيارة، ما من شأنه تعضيد توجه الرياض وباريس لتعزيز العمل المشترك والدفع بالتحالف الثنائي في مجالات الدفاع والاقتصاد والأمن والسلام إلى مراحل متقدمة.
وتوقع بزانسنو أن تثمر اللقاءات بين الجانبين السعودي والفرنسي عن وضع ملامح واضحة لخريطة طريق تؤكد حتمية التعاون المشترك والاستراتيجي في كل المجالات، والتنسيق وتشارك الرؤى السياسية والاقتصادية، ما من شأنه توسيع العمل المشترك تجاه أوضاع المنطقة.
وتفاءل بزانسنو بمستقبل العلاقات السعودية - الفرنسية، مبينا أن ثمارها ستكون إيجابية على مجمل الأوضاع في المنطقة وفي العالم، وستكون لبنة من لبنات ترسيخ الأمن والسلام الدوليين، ونموذجا يحتذى به في كيفية إدارة علاقات التعاون بين طرفين مهمين، فضلا عن انعكاساتها الإيجابية على العمل التجاري والاستثماري.
ونوه بأن تعزيز العلاقات الثنائية في مجال الدفاع بين البلدين سيعزز السلام والأمن الدوليين في منطقة الشرق الأوسط خاصة وفي العالم عامة، فضلا عن أهميتها على المستوى الثنائي من حيث العمل السياسي والدفاعي، مشيرا إلى أن هذه المباحثات السعودية – الفرنسية، بمثابة فرصة كبيرة لتحقيق ما يصبو إليه البلدان.
ولفت السفير بزانسنو إلى أن الزيارات المتبادلة بين البلدين تعكس حجم العلاقة بين الرياض وباريس وأهميتها، مبينا أن هذه الزيارة غاية في الأهمية، كونها تأتي من مسؤول سعودي رفيع المستوى في مقام الرجل الثالث في المملكة، مشيرا إلى أنها الزيارة الرسمية الأولى للأمير محمد بن سلمان لبلاده التي سيكون لها ما بعدها على حد تعبيره.
وأكد السفير الفرنسي لدى السعودية أن هذه الزيارة عكست عمق العلاقات الثنائية الرفيعة والمتميزة والقوية بين البلدين الصديقين، متوقعا أن تسهم في حل المشكلات التي تعج بها المنطقة، وتمكن الجانبان من لعب دور محوري مهم على مستوى العالم، متوقعا أن تنعكس إيجابا على زيادة التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة.
وأبدى بزانسنو ثقته في أن تواصل الرياض وباريس تعاونهما السياسي والاقتصادي، منوها بالتعاون الثنائي في مجال صناعة الطيران، مشيرا إلى المحادثات التي أجرتها «إيرباص» الأوروبية لصناعة الطائرات، لبيع ما يصل إلى 50 طائرة إلى الخطوط الجوية السعودية، مؤكدا أنها تمثل أحد أشكال التعاون بين البلدين.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».