الولايات المتحدة و الصين تجريان حوارًا صريحًا حول القرصنة المعلوماتية وحقوق الإنسان

يناقش أيضًا المسائل الأكثر حساسية في العلاقات بين البلدين

الولايات المتحدة و الصين تجريان حوارًا صريحًا حول القرصنة المعلوماتية وحقوق الإنسان
TT

الولايات المتحدة و الصين تجريان حوارًا صريحًا حول القرصنة المعلوماتية وحقوق الإنسان

الولايات المتحدة و الصين تجريان حوارًا صريحًا حول القرصنة المعلوماتية وحقوق الإنسان

شارك كبار المسؤولين الأميركيين والصينيين أمس بواشنطن في «حوار صريح ومباشر»، من أجل مناقشة الكثير من نقاط الخلاف العالقة، من قبيل القرصنة المعلوماتية والنزاعات البحرية وحقوق الإنسان.
وتوجه قرابة 400 مسؤول صيني إلى واشنطن للمشاركة في الحوار السنوي، الذي يستضيفه نائب الرئيس جو بايدن، ووزير الخارجية جون كيري، ووزير الخزانة جاكوب لو، وهي الجولة السابعة من «الحوار الاستراتيجي والاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين» الذي يستضيفه البلدان بالتناوب كل سنة.
وأعلن جون كيربي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أن «الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز علاقتها مع الصين.. ومع أن بلدينا يختلفان حول الكثير من النقاط، إلا أن هناك الكثير من مجالات التعاون الثنائي»، كما أشاد بما سماه «التنسيق بين السياستين الأميركية والصينية حول موضوعات إقليمية، مثل إيران والعراق وسوريا وكوريا الشمالية وأفغانستان».
وبدأ الحوار رسميا أمس بحضور كيري ومستشار الدولة الصيني يانغ جيشي، الذي يتمتع بنفوذ كبير على صعيد السياسة الخارجية للبلاد. وسيشكل هذا الحدث الظهور العلني الأول لكيري بعد تعرضه لكسر في عظم الفخذ في 31 مايو (أيار) الماضي.
وافتتح توني بلينكن، المساعد الأول لكيري، مساء أول من أمس محادثات مغلقة حول الملف الأمني بحضور نائب وزير الخارجية جانغ يسوي، وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إن المحادثات حتى الآن «صريحة وتدخل في صلب الموضوع.. وتشمل المسائل الأكثر حساسية في العلاقات» بين البلدين، مضيفا أن «العلاقة بين الولايات المتحدة والصين واسعة جدا، كما أنها معقدة جدا لكنها في غاية الأهمية».
ورغم مجالات التعاون المتعددة، مثل المحادثات حول الملف النووي الإيراني، والوضع في أفغانستان والتبدل المناخي، فإن هناك نقاطا خلافية عدة.
وفي هذا الشأن أوضح المسؤول في الخارجية الأميركية أن «المحادثات مهمة جدا لتناول هذه المسائل بشكل مباشر، دون السعي إلى الاتفاق أو الخلاف، بل التباحث فيها والسعي إلى التقليل من أوجه الخلاف».
ولا يزال هناك خلاف بين الصين والولايات المتحدة حول مطامع الصين في بحر الصين الجنوبي، حيث سبق لواشنطن أن حثت بكين مرات عدة على التوقف عن بناء جزر اصطناعية في هذا البحر. إلا أن الصين أعلنت الشهر الماضي توسيع نفوذها العسكري، إلى ما بعد حدودها البحرية وفي الجو. كما توترت العلاقات بين البلدين حول القرصنة المعلوماتية وحقوق الإنسان، وبسبب ذلك علقت بكين العام الماضي مجموعة عمل مشتركة حول القرصنة المعلوماتية، بعد اتهام 5 عسكريين صينيين في الولايات المتحدة في مايو الماضي بـ«القرصنة المعلوماتية» و«التجسس الاقتصادي».
وأوضح مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية أن الفضاء المعلوماتي «يعتبر تراثا هاما مشتركا» للبلدين، ووعد بإجراء حوار «نشط بشأن هذه المشاكل» مع الطرف الصيني.
ويتوقع أن يتناول الحوار أيضا سعر اليوان، الذي تعتبره واشنطن منخفضا اصطناعيا ودون قيمته الحقيقية، مما يزيد العجز في الميزان التجاري لصالح الصين. أما
على صعيد المناخ، فقد وقعت واشنطن وبكين اتفاقا في نوفمبر (تشرين الثاني) لتقليص انبعاثاتهما قبل عام من مؤتمر باريس في نهاية 2015.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.