البيانات الرقمية على الإنترنت تترك بصمة كربونية ضخمة

البيانات الرقمية على الإنترنت تترك بصمة كربونية ضخمة
TT

البيانات الرقمية على الإنترنت تترك بصمة كربونية ضخمة

البيانات الرقمية على الإنترنت تترك بصمة كربونية ضخمة

البيانات الرقمية مرتبطة بالعالم الحقيقي من خلال الطاقة التي تتطلبها؛ إذ ان البيانات التي يتم تخزينها ولا تستخدم مرة أخرى تشغل مساحة على الخوادم؛ عادةً ما تكون بنوكًا ضخمة من أجهزة الكمبيوتر في المستودعات. وان هذه الحواسيب وتلك المستودعات كلها تستهلك الكثير من الكهرباء. وهذه التكلفة من الطاقة الكبيرة مخفية في معظم المؤسسات، فيما يعد الحفاظ على ذاكرة تنظيمية فعالة تحديًا. لكن السؤال كم ستكلف البيئة؟
ففي حين تحاول العديد من المنظمات تقليل بصمات الكربون الخاصة بها الى الصفر، ركزت الإرشادات بشكل عام على تقليل المصادر التقليدية لإنتاج الكربون، من خلال آليات مثل تعويض الكربون عن طريق أطراف ثالثة (غرس الأشجار لتعويض الانبعاثات الناتجة عن استخدام البنزين، على سبيل المثال).
وبينما يركز معظم ناشطي تغير المناخ على الحد من الانبعاثات من صناعات السيارات والطيران والطاقة، فإن معالجة البيانات الرقمية يمكن مقارنتها بالفعل بهذه القطاعات ولا تزال في ازدياد؛ ففي عام 2020، كان يُزعم أن الرقمنة تولد 4 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
ويتزايد إنتاج البيانات الرقمية بسرعة (من المتوقع أن ينتج العالم هذا العام 97 زيتابايت - 97 تريليون غيغابايت) من البيانات. وأنه بحلول عام 2025، يمكن أن يتضاعف إلى 181 زيتابايت؛ لذلك من المدهش أنه تم توجيه القليل من الاهتمام بالسياسات للحد من البصمة الكربونية الرقمية للمنظمات، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن The Conversation.
وعندما يتحدث المعنيون إلى الناس عن عملهم يجدون أنهم غالبًا ما يفترضون أن البيانات الرقمية، وفي الواقع عملية الرقمنة، محايدة الكربون. لكن هذا ليس هو الحال بالضرورة؛ فهم يتحكمون بالبصمة الكربونية للأفضل أو للأسوأ.
وللمساعدة في تقليل هذه البصمة، قدم الباحثون والمعنيون ​​فكرة «إزالة الكربون الرقمي»؛ وهذا لا يعني استخدام الهواتف وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة الاستشعار والتقنيات الرقمية الأخرى لتقليل البصمة الكربونية للمؤسسة. وبدلاً عن ذلك، يصار لتقليل البصمة الكربونية للبيانات الرقمية نفسها.
ومن المهم أن ندرك أن الرقمنة ليست في حد ذاتها قضية بيئية، ولكن هناك تأثيرات بيئية ضخمة تعتمد على كيفية استخدامنا للعمليات الرقمية في الأنشطة اليومية في مكان العمل.
ولتوضيح حجم حالة البيانات «المظلمة»، فإن مراكز البيانات (المسؤولة عن 2.5 في المائة من ثاني أكسيد الكربون الذي يسببه الإنسان) لها بصمة كربونية أكبر من صناعة الطيران بنسبة (2.1 في المائة).
ولوضع هذا في السياق، أنشأ المعنيون أداة يمكن أن تساعد في حساب تكلفة الكربون للبيانات للمؤسسة.
وباستخدام هذه الحسابات، قد ينتج عمل نموذجي يعتمد على البيانات مثل التأمين أو التجزئة أو الخدمات المصرفية، مع 100 موظف و2983 غيغا بايت من البيانات «المظلمة» يوميًا. فإذا تم الاحتفاظ بهذه البيانات لمدة عام، فستكون لهذه البيانات بصمة كربونية مماثلة للطيران بمقدار ست مرات من لندن إلى نيويورك.
وحاليًا، تنتج الشركات 1.300.000.000 غيغا بايت من البيانات «المظلمة» يوميًا؛ أي 3023255 رحلة جوية من لندن إلى نيويورك.
ويثير النمو السريع للبيانات «المظلمة» أسئلة مهمة حول كفاءة الممارسات الرقمية الحالية؛ ففي دراسة نُشرت أخيرًا بمجلة «Business Strategy»، تم تحديد طرق لمساعدة المؤسسات على إعادة استخدام البيانات الرقمية وإبراز المسارات التي يجب على المؤسسات اتباعها عند جمع البيانات الرقمية الجديدة ومعالجتها وتخزينها.
وفي ذلك يأمل المعنيون في أن يؤدي ذلك إلى تقليل إنتاج البيانات «المظلمة» والمساهمة في حركة إزالة الكربون الرقمية؛ والتي سنحتاج جميعًا إلى التعامل معها إذا أردنا تحقيق صافي الصفر.


مقالات ذات صلة

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.