اللوجيستيات الدولية تخلي ساحة المرأة من ضغط طلب السيارات في السعودية

تغادر نورة السبيعي، عاملة في قطاع التعليم، معرض السيارات اليابانية في العاصمة السعودية الرياض بعد أن دفعت عربوناً لحجز سيارتها التي تترقبها خلال الشهرين المقبلين؛ إذ تفاجأت بتواصل مندوبي المبيعات في معرض السيارات وإخبارها بتأجيل توقيت تسلم مركبتها؛ وذلك لأسباب خارجة عن إرادة المعرض تتعلق باللوجيستيات العالمية.
ويتزامن مع مشهد إقبال المرأة على شراء المركبات وشح وفرة السيارات في السعودية، ما يواجهه العالم حالياً من صعوبات جمة دفعت بتعطل عجلة اللوجيستيات نتيجة تأثيرات جائحة «كوفيد - 19»، والتي أدت إلى تباطؤ حركة النقل في الموانئ والخطوط الدولية مع استمرار الإقفالات الجزئية في الدول الصناعية المنتجة.
تقلبات حادة
وشدد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، في سبتمبر (أيلول) المنصرم خلال مؤتمر الحديد والصلب في الرياض، على أن العالم يعاني من تقلبات حادة تشمل تقلبات عدة، بينها أزمة الطاقة والأوبئة التي تسببت في تعطل الموانئ وسلاسل الإمداد، يضاف لها المستويات الكبيرة من التضخم ومشاكل لسلاسل الإمداد؛ مما أعاد تفكير المصنعين بشأن آلية الإنتاج.
وكانت وزارة التجارة السعودي أقرت قبل أشهر بوجود قوائم كبيرة للحجوزات، إضافة إلى ارتفاع أسعار بعض أنواع السيارات وتأخير تسليم بعض الطلبات للمستهلكين، مبررة ذلك باستمرار الأحداث العالمية القائمة والآثار الناتجة من جائحة كورونا، وتأثير ذلك على السوق العالمية للسيارات الذي أدى إلى تراجع عدد السيارات التي تصدر من المصانع إلى مختلف دول العالم.
في المقابل، أفصحت آخر الإحصائيات المعلنة قبل أيام، عن تراجع معدل بطالة السعوديات الإناث إلى 19.3 في المائة في الربع الثاني من 2022، بانخفاض قدره 3 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
تأخر التوريدات
بالعودة إلى السبيعي، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض أكد لها أن المواعيد تتغير بسبب عدم وفاء الشركات المصنّعة للسيارات بالتزامها وتأخر توريدات الشحن؛ مما ساهم في قلة المخزون الواجب توفره لدى الوكالات بمعدلات لا تقل عن 20 في المائة فقط، والتي عادة ما تكفي لمبيعات شهر واحد فقط؛ وهو ما رفع عوامل الضغط على أصحاب المعارض وإعادة جدولة مواعيد تسليم المشترين.
وسمحت السلطات السعودية بقيادة المرأة في شهر سبتمبر من العام 2017 بعد أن أعلنت وزارة الداخلية السماح بالتدريب والحصول على رخصة قيادة المركبات، في خطوة ضمن إطار التحولات المجتمعية في البلاد والمشاركة الفاعلة في حركة الحياة اليومية والمساهمة في دفع عجلة اقتصاد الوطني.
ارتفاع الطلب
من جانبه، أوضح شيخ المعارض وصاحب معرض «بلاد العروبة» طلال الشهري، أن السبب في ارتفاع الطلب يعود لتنوع مصادر التمويل، بالإضافة إلى كثرة المميزات التي تقدمها شركات بيع السيارات خاصة خدمات ما بعد البيع، مشيراً إلى أن سوق السيارات في المملكة من أكبر الأسواق على مستوى دول مجلس الخليج.
ولفت الشهري لـ«الشرق الأوسط» إلى حدوث تحسن في حركة المبيعات بعد انتعاش حركة الاقتصاد العالمي، وذلك بعد تخطي المرحلة الصعبة لفايروس كورونا، بالإضافة إلى عودة الكثير من الشركات والتوكيلات للممارسة أنشطتها الاقتصادية، مشيراً إلى أن ارتفاع السيارات أصبح في تزايد، خاصة بعد دخول النساء إلى قيادة المركبات، وتسهيلات البنوك في الحصول على قروض شخصية.
عوامل لوجيستية
من جهة أخرى، أضاف خالد القحطاني، اختصاصي خدمات لوجستية أن قطاع الخدمات اللوجستية في العالم لا تزال تمر بأزمة وتداعيات مؤثرة في حركة النقل، مشيراً إلى ثلاثة عوامل رئيسية في هذا الصدد.
وأوضح، أن أول عامل هو المرونة؛ إذ إن أحد المجالات التي تجب معالجتها هو كيفية إعادة هيكلة سلسلة التوريد الخاصة بالمستوردين من خلال نهج مخاطرة أكثر توازناً في استراتيجيات التوريد والشراء والشركة.
العامل الثاني الاستدامة الاقتصادية لسلسة التوريد على وجه التحديد؛ إذ - بحسب القحطاني - تم استهلاك ميزانيات لوجيستيات النقل الخاصة بالشركات في فترة زمنية قصيرة جداً خلال عام 2022 بسبب تصاعد أسعار الشحن، مستطرداً «أعتقد أن هذا سيبقى مصدر قلق، حيث لا توجد إشارات تدل على عودة أسعار الشحن إلى مستويات الطبيعية في الوقت الحالي... هذا يعني أن الانتعاش الاقتصادي العالمي والاستدامة في تكلفة سلاسل التوريد لا يزالان بعيدين المنال الوقت الحالي».
ويلفت القحطاني في العامل الثالث، إلى عدم التوازن المستمر بين العرض والطلب، مستطرداً «من الواضح أنه كان هناك فجوة كبيرة بين تقليص حجم الأصول في قطاع الشحن على وجه الخصوص، وإعادة تعبئة تلك الأصول بما في ذلك الطائرات والسفن والحاويات؛ لذلك إذا ربطنا تقليص حجم الأصول الحيوية باضطراب تنقل قوى العاملة نتيجة وباء كورونا مما نتج من تداعيات انخفاض الطلب العالمي، وكذلك إغلاق الاقتصادات والموانئ بشكل أسرع بكثير من القطاعات المتبقية».
وأضاف القحطاني، أن تلك العوامل أدت إلى خلل هائل في التوازن بين العرض والطلب ما نجم عنه تضخم الخلل الحاصل وتصاعد وتيرة ارتداداته الزمنية بسبب نقص القوى العاملة، بما في ذلك الأطقم الجوية وسائقو النقل الثقيل وعمال الموانئ، مشيراً إلى أن الجمع بين تأخر إعادة فتح المنافذ أدى إلى جانب نقص العمالة إلى استحداث عاصفة كاملة ستحتاج الصناعة إلى معالجتها خلال فترة زمنية أطول.
حجم الاستهلاك
ووفقاً لتقرير أصدرته مؤسسة «ريبورت باير» في لندن عن تطور سوق السيارات السعودية بين عامي 2012 و2022 جاء، أن حجم السوق السعودية للسيارات سوف ينمو إلى حجم 29.3 مليار دولار بحلول عام 2022 بفضل كثير من العوامل، منها دخول القطاع النسائي إلى سوق السيارات وتطور البنية التحتية في البلاد ونمو الدخل الفردي فيها. ويساهم في النمو كذلك تسهيل عمليات تمويل شراء السيارات.
وبحسب تقديرات لشبكة «المربع نت» المعنية بأسعار السيارات ومتابعة تطورات الشركات والطرازات في العالم، تصاعد الطلب في على السيارات ليبلغ 293.7 ألف سيارة خلال النصف الأول من العام الحالي 2022، للتصدر السعودية بذلك أعلى الدول في منطقة الشرق الأوسط استهلاكاً للمركبات بفارق كبير عن الإمارات التي حلت ثانياً بطلب 105.1 ألف مركبة.
ذوق الاختيار
من ناحيته، بيّن نواف العتيق، مسؤول مبيعات في شركة «كارسويتش» للسيارات، أن المرأة السعودية تفضل الماركات الفارهة من الأسماء الفخمة من الصناعات اليابانية والألمانية والأميركية، وتطلب مواصفات أخرى تجعلها تشعر برفاهية أكبر، مبيناً أن أسعار السيارات التي تلقى رواجاً لدى السيدات بمتوسط 125 ألف ريال (33 ألف دولار).
وحول المواصفات التي تركز عليها المرأة في سيارتها، قال «اهتمام المرأة ينصبّ بعد الجودة على الشكل الخارجي والمظهر... السيدة السعودية تميل للألوان الفاتحة ونادراً ما تختار الأسود أو الألوان ألغامقة».