كيف يؤثر «تغير المناخ» على انتشار الكوليرا؟

بعد تحذير «الصحة العالمية» من تفشيها

مصادر المياه غير النظيفة أدت لتفشي الكوليرا في سوريا  (رويترز)
مصادر المياه غير النظيفة أدت لتفشي الكوليرا في سوريا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «تغير المناخ» على انتشار الكوليرا؟

مصادر المياه غير النظيفة أدت لتفشي الكوليرا في سوريا  (رويترز)
مصادر المياه غير النظيفة أدت لتفشي الكوليرا في سوريا (رويترز)

عند الحديث عن تأثير تغيرات المناخ على انتشار الفيروسات والبكتيريا، نادراً ما تُذكر «الكوليرا»، إذ إن الحديث عنها يرتبط دوماً بالمياه الملوثة بالبكتيريا المسببة للمرض، وهو ما قد يجعل هناك صعوبة في إدراك الرابط بين تلوث المياه بالبكتيريا وتغيرات المناخ.
وأشارت أكثر من دراسة خلال العشرين عاماً الماضية إلى هذا الرابط، غير أن نجاح العالم في توفير علاجات ولقاحات للمرض، ربما لم يجعل الأنظمة الصحية تتحدث كثيراً عنه، ولكن «منظمة الصحة العالمية» أطلقت يوم الجمعة جرس إنذار، بعد حدوث زيادات مقلقة في حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا في جميع أنحاء العالم، وتم الإشارة خلال هذا التحذير إلى هذا الرابط الغائب في حديث المتخصصين.
وكشف فيليب باربوزا، رئيس فريق الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي بمنظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحافي بمقر المنظمة في جينيف يوم الجمعة، عن أن الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي وحده شهدت إبلاغ 26 دولة بالفعل عن تفشي الكوليرا، مقارنة مع أقل من 20 دولة في المتوسط بين عامي 2017 و2021. وأكد أن العالم لا يشهد فقط المزيد من الفاشيات، ولكن الفاشيات نفسها أكبر وأكثر فتكاً.
ولفت إلى أن الأحداث المناخية المتطرفة مثل الفيضانات والأعاصير والجفاف، تؤدي إلى تقليل فرص الحصول على المياه النظيفة وتهيئة بيئة مثالية لازدهار الكوليرا.
ما أشار إليه باربوزا من تأثير الأحداث المناخية المتطرفة على انتشار الكوليرا، كشفت عنه الكثير من الدراسات، ولكن تواتر تلك الأحداث وشدتها هذا الصيف، ضاعف من حجم الشعور بالمشكلة التي ظهرت في 26 دولة.
والمضيف الرئيسي لضمة الكوليرا، المسببة للمرض، نوع من العوالق الحيوانية، يعرف باسم «مجدافيات الأرجل»، والتي تزدهر في المياه الأكثر دفئاً، خاصة تلك الغنية بالمغذيات، حيث توفر هذه المياه البيئة المناسبة لازدهار العوالق النباتية، وهذه الوفرة تؤدي إلى ازدهار العوالق الحيوانية، وخلال موسم الأمطار، تدفع الفيضانات البكتيريا المسببة للأمراض من أعلى النهر نحو التجمعات السكانية عالية الكثافة، كما توضح ريتا كولويل، أستاذة البيولوجيا الحاسوبية في جامعة ميريلاند الأميركية في دراسة لها تم عرضها في 15 ديسمبر (كانون الأول) باجتماع الخريف للاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي عام 2014. والذي عقد في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا.
وشهد الصيف الحالي المناخ المثالي الذي أشارت كولويل، والذي يهيئ لازدهار الكوليرا، وتمثل ذلك في ارتفاع بدرجات الحرارة بشكل غير مسبوق، وهطول أمطار صيفية غير مسبوقة تسببت في حدوث فيضانات بأكثر من دولة.
وكانت دراسة أخرى لباحثين من كلية الصحة العامة بالجامعة الإيرانية للعلوم الطبية ونشرت في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2019 بدورية «بلوس وان» قد أشارت إلى دور «الظروف المناخية في انتشار الكوليرا»، حيث حللت هذه الدراسة البيانات اليومية لحالات الإصابة بالكوليرا في مدينة قم، الواقعة في وسط إيران، من عام 1998 إلى عام 2016. ووجدت ارتباطاً واضحاً بين المرض والمتغيرات البيئية، والمتمثلة في ارتفاع درجات الحرارة في الأشهر الأكثر دفئاً، بما يؤدي إلى تكاثر البكتيريا بشكل أسرع، ثم هطول شديد للأمطار، يتسبب في انتشار تلك البكتيريا.
وعلى نطاق أوسع من إيران، أكدت مراجعة بحثية لدراسات تم إجراؤها على مدى 20 عاماً على هذا الرابط البيئي، وهو ما دفع الفريق البحثي من معهد التكنولوجيا الحيوية بجامعة ميريلاند الأميركية، والذي أجرى هذه المراجعة في دراسة نشرت في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2002 بدورية «كلينكال ميكروبيولوجي ريفيو»، إلى وصف الكوليرا بأنها من «الأمراض الحساسة للمناخ».
وإذا كان خطر الإصابة بالكوليرا متوطناً معنا، لأن مضيف عامل الكوليرا هو جزء لا يتجزأ من البيئة، كما يقول محمود شيبة، أستاذ الصحة العامة بجامعة جنوب الوادي بمصر لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «يمكن الوقاية من المرض بشكل فعال للغاية، عن طريق المعالجة الفعالة للمياه وأنظمة صرف صحي قادرة على استيعاب هذه المياه الزائدة».
ويضيف: «كثير من دول العالم شهدت الظروف المناخية نفسها، ولكن الدول التي لديها بنية تحتية قوية، هي التي لم تشهد تفشياً للمرض، وهو ما يفسر تفشي المرض بشكل كبير في الدول التي أنهكتها الصراعات ودمرت بنيتها التحتية، مثل سوريا».


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

العالم السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

أعلنت السلطات في ولاية تكساس، اليوم (الاثنين)، أنّها تلاحق رجلاً يشتبه بأنه قتل خمسة أشخاص، بينهم طفل يبلغ ثماني سنوات، بعدما أبدوا انزعاجاً من ممارسته الرماية بالبندقية في حديقة منزله. ويشارك أكثر من مائتي شرطي محليين وفيدراليين في عملية البحث عن الرجل، وهو مكسيكي يدعى فرانشيسكو أوروبيزا، في الولاية الواقعة جنوب الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي مؤتمر صحافي عقده في نهاية الأسبوع، حذّر غريغ كيبرز شريف مقاطعة سان خاسينتو في شمال هيوستن، من المسلّح الذي وصفه بأنه خطير «وقد يكون موجوداً في أي مكان». وعرضت السلطات جائزة مالية مقدارها 80 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تتيح الوصول إل

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
العالم وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين مجلس الأمن الأرميني قوله إن أرمينيا وأذربيجان ستجريان محادثات في المستقبل القريب بشأن اتفاق سلام لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بينهما منذ فترة طويلة، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يفصح المسؤول أرمين جريجوريان عن توقيت المحادثات أو مكانها أو مستواها.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، أن الطيران الروسي شن سلسلة من الضربات الصاروخية البعيدة المدى «كروز»، ما أدى إلى تعطيل تقدم الاحتياطيات الأوكرانية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، إن «القوات الجوية الروسية شنت ضربة صاروخية بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، وأطلقت من الجو على نقاط الانتشار المؤقتة للوحدات الاحتياطية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وقد تحقق هدف الضربة، وتم إصابة جميع الأهداف المحددة»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. وأضافت «الدفاع الروسية» أنه «تم إيقاف نقل احتياطيات العدو إلى مناطق القتال».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

أعلن مارات خوسنولين أحد نواب رئيس الوزراء الروسي، اليوم (الجمعة)، أنه زار مدينة باخموت المدمّرة في شرق أوكرانيا، وتعهد بأن تعيد موسكو بناءها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال خوسنولين على «تلغرام»ك «لقد زرت أرتيموفسك»، مستخدماً الاسم الروسي لباخموت، مضيفاً: «المدينة متضررة، لكن يمكن إعادة بنائها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«سي آي إيه» تسعى لتجنيد مخبرين في الصين وإيران وكوريا الشمالية

المبنى الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في ولاية فيرجينيا (أرشيفية - رويترز)
المبنى الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في ولاية فيرجينيا (أرشيفية - رويترز)
TT

«سي آي إيه» تسعى لتجنيد مخبرين في الصين وإيران وكوريا الشمالية

المبنى الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في ولاية فيرجينيا (أرشيفية - رويترز)
المبنى الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في ولاية فيرجينيا (أرشيفية - رويترز)

دشنت وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، اليوم (الأربعاء)، مسعى جديداً لتجنيد مخبرين في الصين وإيران وكوريا الشمالية، لتضيف إلى ما تقول إنه جهد ناجح في تجنيد مواطنين روس.

وقال متحدث باسم الوكالة، في بيان، إن الوكالة نشرت إرشادات بلغة الماندرين الصينية والفارسية والكورية على حساباتها على منصات «إكس» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تلغرام» و«لينكد إن» والويب المظلم (دارك ويب) حول كيفية التواصل معها بصورة آمنة.

وأضاف المتحدث: «جهودنا في هذا الصدد نجحت في روسيا، ونريد التأكد من أن إبلاغ أفراد في أنظمة استبدادية أخرى أننا نتيح العمل»، لافتاً إلى أن الوكالة تتأقلم مع تزايد قمع الدول والمراقبة العالمية.

ووردت إرشادات مكتوبة في مقطع فيديو بلغة الماندرين على «يوتيوب» تنصح الأفراد بالتواصل مع «سي آي إيه» عبر موقعها الرسمي باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية أو شبكة تور المشفرة الموثوقة.

وقالت الوكالة: «أمنكم وسلامتكم هما اعتبارنا الأول».

وطلبت الوكالة من الأفراد أسماء ومواقع وبيانات تواصل غير مرتبطة بهوياتهم الحقيقية، بالإضافة إلى معلومات قد تكون محل اهتمام للوكالة، وحذرت من أن الردود غير مضمونة وقد تستغرق وقتاً.

ويتزايد طلب «سي آي إيه» للمعلومات المخابراتية في ظل توسيع الصين تعاونها مع روسيا وإيران واستعراض قدراتها العسكرية بالمنطقة.

وتُعرف روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية داخل مجتمع المخابرات الأميركي بأنها «أهداف صعبة»، وذلك لأنها دول يصعب اختراق حكوماتها.

وتواجه واشنطن أيضاً صعوبات في صراع إيران مع إسرائيل وكذلك برنامج طهران النووي وتزايد صلاتها بروسيا ودعمها لوكلاء مسلحين.

ولم ترد السفارتان الروسية والصينية في واشنطن وبعثة إيران لدى الأمم المتحدة بعد على طلبات للتعليق.