التوتر والغموض يسودان بوركينا فاسو غداة «الانقلاب»

ضباط شباب يعلنون السيطرة على الحكم... والرئيس يحتمي بالقوات الخاصة

ضباط يقرأون بيان الانقلاب على القناة الرسمية الجمعة (أ.ب)
ضباط يقرأون بيان الانقلاب على القناة الرسمية الجمعة (أ.ب)
TT

التوتر والغموض يسودان بوركينا فاسو غداة «الانقلاب»

ضباط يقرأون بيان الانقلاب على القناة الرسمية الجمعة (أ.ب)
ضباط يقرأون بيان الانقلاب على القناة الرسمية الجمعة (أ.ب)

الوضع في بوركينا فاسو لا يزال غامضاً ومتوتراً؛ إذ يبدو أن البلد الأفريقي الفقير دخل فجر الجمعة في منعطف جديد، ستكون سمته الغالبة صراع الأجنحة داخل المؤسسة العسكرية، فضباط الجيش الشباب الذين أعلنوا إقالة الرئيس الانتقالي العقيد بول هنري داميبا، مساء الجمعة، لا يبدو أن الوضع قد استتب لهم، فالعقيد الذي أطاحوه لا يزال محتمياً بالقوات الخاصة الموالية له، ويحظى بتأييد فصائل من القوات المسلحة.
وسط حالة الغموض حيال من يحكم البلاد بالفعل، سُمع ظهر السبت دوي إطلاق نار في وسط العاصمة، دون أن تُعرف ملابساته، بينما شوهدت مركبات عسكرية تجوب قلب العاصمة، وهي مدججة بالسلاح. وقال صحافي في عين المكان في اتصال مع «الشرق الأوسط» إنه سمع إطلاق نارٍ في منطقة تقع بين مقر التلفزيون الحكومي وملتقى طرق الأمم المتحدة، وهي منطقة حيوية توجد بها أكبر ثكنة عسكرية قريبة من القصر الرئاسي، وعديد من المباني الحكومية والسفارات الغربية والبنوك.
وقال الصحافي إن إطلاق النار أعقبته حركة «تدافع غير طبيعية» في محيط أحد البنوك الكبيرة في وسط المدينة. وأضاف أنه لاحظ أيضاً إغلاق المَحَالّ التجارية في «السوق الكبيرة»، بينما كان جنود مسلحون يواصلون وضع متاريس وحواجز لإغلاق عديد من الشوارع في قلب المدينة؛ بل إن الانتشار الأمني تعزز أكثر صباح السبت، بالمقارنة مع يوم الجمعة، على حد تعبير الصحافي الذي يعمل في إذاعة محلية تغطي الأحداث منذ بدايتها.
ونقلت الصحافة المحلية عن مصدر عسكري قوله إن «هناك مقاومة» للانقلاب الذي أعلنته مجموعة من العسكريين الشباب مساء الجمعة، وأغلبهم يحملون رتبة «نقيب» في الجيش، حين قرروا إقالة العقيد داميبا من رئاسة البلاد، وتعطيل الدستور وحل الحكومة وإغلاق الحدود، إلا أن المصدر العسكري أكد أن العقيد داميبا يوجد تحت حراسة القوات الخاصة.
وصل العقيد داميبا إلى الحكم أواخر شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أي قبل 8 أشهر فقط، إثر انقلاب عسكري قادته مجموعة من الضباط شكلت «الحركة الوطنية للحماية والاستعادة»، وهي لجنة عسكرية أطاحت بالرئيس المدني المنتخب، روش مارك كابوري، المتهم من طرف الشارع بالفشل في الحرب على الإرهاب الذي يضرب البلاد منذ 2015.
الضباط الذين أعلنوا إزاحة العقيد داميبا مساء الجمعة، أغلبهم أعضاء في اللجنة العسكرية الحاكمة منذ انقلاب يناير، وكانوا فاعلين في الانقلاب السابق، وبالتالي حافظوا على اللجنة العسكرية، وقرروا إخراج العقيد داميبا منها، معتبرين أنه فشل في المهمة الموكلة إليه، وهي الحرب على الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار، وبالتالي يرون أن قرارهم هو تصحيح للمسار.
وأعلن الضباط في بيان انقلابهم أنه «في مواجهة الوضع المتدهور، حاولنا عدة مرات إقناع داميبا بإعادة تركيز المرحلة الانتقالية على المسألة الأمنية» دون جدوى، قبل أن يؤكدوا أن «تصرفات داميبا أقنعتنا تدريجياً بأن طموحاته تحولت بعيداً عما شرعنا في القيام به. قررنا اليوم إزالة داميبا».
وقرر الضباط الشباب إسناد رئاسة البلاد إلى النقيب إبراهيم تراوري، البالغ من العمر 34 عاماً، الذي عينه داميبا في مارس (آذار) الماضي قائداً لكتيبة المدفعية، وهو الذي انخرط في الجيش عام 2006، وشارك في عملية عسكرية معقدة عام 2019 ضد تنظيم «داعش» في شمال شرقي البلاد، خرج منها بترقية إلى رتبة نقيب في الجيش، ولكنه يوصف بأنه محدود الخبرة الميدانية والتكوين العسكري.
على صعيد آخر، تضاربت الأنباء حول وضعية العقيد داميبا، وراجت شائعات تفيد بأنه تحت حماية الجيش الفرنسي المتمركز في العاصمة واغادوغو؛ لكن السفارة الفرنسية نفت بشكل «قاطع» أن يكون الجيش الفرنسي قد تدخل في الأحداث الجارية، كما نفت أن تكون القوات الفرنسية قد وفرت الحماية لأي طرف. وأضافت السفارة الفرنسية أنها تتابع عن كثب التطورات التي تعيشها بوركينا فاسو منذ فجر الجمعة الماضي، وخصوصاً ما يجري في العاصمة واغادوغو.
تجدر الإشارة إلى أن فرنسا لديها قاعدة عسكرية مهمة في العاصمة واغادوغو، تعد واحدة من أهم وأكبر القواعد العسكرية الفرنسية في غرب أفريقيا.
وفي ظل تضارب الأنباء وحالة الضبابية التي تسود المشهد في بوركينا فاسو، وردت ردود فعل إقليمية ودولية رافضة للانقلاب العسكري، من أبرزها البيان الذي أصدرته المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي «دانت» الانقلاب، وقالت إنه «سيقوض التقدم الذي تحقق عبر الدبلوماسية وعبر جهود (الإيكواس)»، من أجل العودة إلى الوضع الدستوري في أجل أقصاه أول يوليو (تموز) 2024».
ودعت المجموعة الإقليمية التي تعد بوركينا فاسو عضواً فيها، إلى احترام الجدول الذي أعلنت عنه السلطات العسكرية الانتقالية في البلاد، وحذرت أي مؤسسة أو مجموعة أشخاص أو قوة من العمل على عرقلة العودة إلى الوضع الدستوري في الوقت المحدد له.
أما الاتحاد الأفريقي، فقد أعلن على لسان رئيس مفوضيته موسى فقي محمد، رفضه للانقلاب العسكري، وقال في بيان صحافي: «ندعو الجيش للامتناع فوراً وبشكل كامل عن أي أعمال عنف أو تهديدات للسكان المدنيين والحريات المدنية وحقوق الإنسان»، وشدد الاتحاد الأفريقي على موقفه الداعم لجهود مجموعة «إيكواس» التي تعمل على إعادة النظام الدستوري في بوركينا فاسو بحلول يوليو 2024 كحد أقصى.
الولايات المتحدة أيضاً عبرت عن قلقها إزاء الأحداث الجارية في بوركينا فاسو، وطلبت من مواطنيها الموجودين في البلد الحد من تحركاتهم. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: «ندعو إلى عودة الهدوء وضبط النفس من قبل جميع الأطراف».
وتأتي حالة عدم الاستقرار السياسي لتعقد الوضع في بوركينا فاسو التي تواجه هجمات إرهابية متصاعدة منذ 2015؛ بل إن مناطق واسعة في الشمال والشرق أصبحت خارج سيطرة الدولة منذ عام 2018، وفر الملايين من منازلهم خوفاً من مزيد من العمليات التي يقوم بها مسلحون، كثيراً ما يستخدمون الدراجات النارية في مهاجمة المجتمعات الريفية، وقُتل آلاف في الهجمات.
وباتت الدولة الواقعة في غرب أفريقيا -وهي واحدة من أفقر دول العالم- بؤرة لأعمال العنف التي بدأت في مالي المجاورة عام 2012، وامتدت منذ ذلك الحين إلى منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى القاحلة.


مقالات ذات صلة

«مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

العالم «مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

«مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

بدأت بوركينا فاسو التحقيق في «مذبحة» وقعت في قرية الكرمة شمال البلاد، أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، على أيدي مسلحين يرتدون زي القوات المسلحة البوركينابية. وقُتل نحو 136 شخصاً في الهجوم، الذي وقع في 20 أبريل (نيسان) واتَّهم فيه مواطنون قوات الجيش بالمسؤولية عنه، لكنّ مسؤولين قالوا إن «مرتكبي المذبحة إرهابيون ارتدوا ملابس العسكريين»، في حين ندّدت الحكومة بالهجوم على القرية، في بيان صدر في 27 أبريل، دون ذكر تفاصيل عن الضحايا، قائلة إنها «تواكب عن كثب سير التحقيق الذي فتحه المدعي العام للمحكمة العليا في واهيغويا، لامين كابوري، من أجل توضيح الحقائق واستدعاء جميع الأشخاص المعنيين»

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم الحرب على الإرهاب في بوركينا فاسو... مقتل 33 جندياً و40 إرهابياً

الحرب على الإرهاب في بوركينا فاسو... مقتل 33 جندياً و40 إرهابياً

أعلن الجيش في بوركينا فاسو أن 33 من جنوده قتلوا في هجوم نفذته مجموعة إرهابية على موقع عسكري، يقع في شرق البلاد، وذلك في آخر تطورات الحرب الدائرة على الإرهاب بهذا البلد الأفريقي الذي يعاني من انعدام الأمن منذ 2015. وقال الجيش في بيان صحافي إن مجموعة من المسلحين هاجمت فجر الخميس موقعاً عسكرياً في منطقة أوجارو، شرق البلاد، على الحدود مع دولة النيجر، وحاصروا وحدة من الجيش كانت تتمركز في الموقع، لتقع اشتباكات عنيفة بين الطرفين. وأعلن الجيش أن الحصيلة تشير إلى مقتل 33 جندياً وإصابة 12 آخرين، لكنهم في المقابل قتلوا ما لا يقلُّ عن 40 من عناصر المجموعة الإرهابية التي ظلت تحاصرهم حتى وصلت تعزيزات فكت عن

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

على الرغم من إعلان المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو «تعبئة عامة» لمنح الدولة «الوسائل اللازمة» لمكافحة الإرهاب، تزايدت الجماعات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، والتي يتم تحميل مسؤوليتها عادة إلى مسلحين مرتبطين بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وتشهد بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، أعمال عنف ونشاطاً للجماعات المتطرفة منذ 2015 طالها من دولة مالي المجاورة. وقتل مسلحون يرتدون أزياء عسكرية في بوركينا فاسو نحو 60 شخصاً، بحسب مصدر قضائي، الاثنين، ذكر لوكالة «الصحافة الفرنسية»، نقلاً عن جهاز الشرطة، أن «الهجوم وقع (الخميس) في قرية كارما في شمال إقليم ياتنغا»، مضيفاً أن المسلحين «استولوا» على كميات من البضائع ا

العالم بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

على الرغم من إعلان المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو «تعبئة عامة» لمنح الدولة «الوسائل اللازمة» لمكافحة الإرهاب، تزايدت الهجمات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، التي يتم تحميل مسؤوليتها عادة إلى مسلحين مرتبطين بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وتشهد بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، أعمال عنف ونشاطاً للجماعات المتطرفة منذ 2015 طالاها من دولة مالي المجاورة. وقتل مسلحون يرتدون أزياء عسكرية في بوركينا فاسو نحو 60 شخصاً، حسب مصدر قضائي (الاثنين) ذكر لوكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن جهاز الشرطة، أن الهجوم وقع (الخميس) في قرية كارما شمال إقليم ياتنغا، مضيفاً أن المسلحين «استولوا» على كميات من البضائع المتنوعة خ

أفريقيا مقتل 60 مدنياً بهجوم في شمال بوركينا فاسو

مقتل 60 مدنياً بهجوم في شمال بوركينا فاسو

قال مسؤول من بلدة أواهيجويا في بوركينا فاسو، أمس الأحد، نقلاً عن معلومات من الشرطة إن نحو 60 مدنياً قُتلوا، يوم الجمعة، في شمال البلاد على أيدي أشخاص يرتدون زي القوات المسلحة البوركينية. وأضاف المدعي العام المحلي لامين كابوري أن تحقيقاً بدأ بعد الهجوم على قرية الكرمة في إقليم ياتنجا في المناطق الحدودية قرب مالي وهي منطقة اجتاحتها جماعات إسلامية مرتبطة بـ«القاعدة» وتنظيم «داعش» وتشن هجمات متكررة منذ سنوات. ولم يذكر البيان مزيداً من التفاصيل بشأن الهجوم، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء. وذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في مارس (آذار) أن هجمات الجماعات المسلحة على المدنيين تصاعدت منذ عام 2022 ب

«الشرق الأوسط» (واغادوغو)

التصعيد الإسرائيلي الإيراني يهيمن على قمة «السبع»

TT

التصعيد الإسرائيلي الإيراني يهيمن على قمة «السبع»

عَلَم مجموعة السبع 2025 كاناناسكيس وعَلَم كندا يرفرفان أمام قمة قادة مجموعة السبع بمنتجع كاناناسكيس في جبال روكي بألبرتا الكندية (رويترز)
عَلَم مجموعة السبع 2025 كاناناسكيس وعَلَم كندا يرفرفان أمام قمة قادة مجموعة السبع بمنتجع كاناناسكيس في جبال روكي بألبرتا الكندية (رويترز)

يبدأ قادة دول مجموعة السبع، بمن فيهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اجتماع قمة اليوم الاثنين في جبال روكي الكندية؛ بحثاً عن موقف مشترك بشأن قضايا عدة يتقدمها، في الوقت الراهن، التصعيد بين إيران وإسرائيل.

ويعيد الاجتماع، الذي يستمر ثلاثة أيام في مدينة كاناناسكيس الكندية، ترمب إلى جدول المواعيد الدبلوماسية الدولية، بعدما فاجأ حلفاء بلاده، منذ عودته إلى البيت الأبيض، بتغييرات واسعة في السياسة الخارجية، ورسوم جمركية باهظة على الشركاء والخصوم على السواء، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ووضع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أجندة تهدف إلى التقليل من الخلافات، خلال قمّة الدول الصناعية الكبرى؛ بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصل إلى كاناناسكيس لحضور قمة قادة مجموعة السبع بمطار كالجاري الدولي في كالجاري بألبرتا الكندية (رويترز)

ومع ذلك يتوقع ظهور انقسامات بين قادة هذه الدول، أثناء مناقشة الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، والتي بدأت عقب تنفيذ الدولة العبرية ضربات على مواقع نووية وعسكرية في الجمهورية الإسلامية، فجر الجمعة الماضي.

لكنْ، دبلوماسياً، قال كارني إن كندا تستطلع حالياً آراء الدول بشأن دعوة مشتركة لـ«خفض التصعيد» بين إسرائيل وإيران.

ويمكن لمجموعة السبع أن تدعو إلى خفض التصعيد، أو تكتفي بتكرار «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وتحميل طهران المسؤولية عن التصعيد الراهن، على خلفية برنامجها النووي.

وقبيل القمة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنها أبلغت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الدبلوماسية هي الخيار الأمثل بشأن إيران، دون أن تطالب بوقف فوري لإطلاق النار.

وقالت فون دير لاين، للصحافيين في مكان انعقاد قمة مجموعة السبع، إنها توافقت مع نتنياهو على أن «إيران ينبغي ألا تمتلك سلاحاً نووياً، دون أي شك»، مضيفة: «بالطبع، أعتقد أن حلاً تفاوضياً هو الأفضل، على المدى البعيد».

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تتحدث خلال مؤتمر صحافي بقمة قادة مجموعة السبع في كاناناسكيس بألبرتا الكندية (رويترز)

وأشاد ترمب بالضربات الإسرائيلية، مع دعوته البلدين إلى «إبرام تسوية».

من جهتها، حافظت الدول الأوروبية على موقف حذِر. ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ضبط النفس، لكنه حضّ طهران على استئناف المفاوضات مع واشنطن، متهماً إيران بتصعيد التوترات المرتبطة ببرنامجها النووي.

أما اليابان، التي طالما حافظت على علاقات ودية مع إيران، فاتخذت موقفاً مختلفاً عن الدول الغربية، عبر إدانتها الضربات الإسرائيلية ووصفِها بأنّها «غير مقبولة ومؤسفة للغاية».

رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا لدى وصوله إلى كالجاري بألبرتا (أ.ب)

«الولاية الحادية والخمسون»

ويزور ترمب كندا التي طالما ردد، في الآونة الأخيرة، أنها ستكون أفضل حالاً لو أصبحت «الولاية الحادية والخمسين» في الولايات المتحدة.

وزار ترمب كندا، للمرة الأخيرة، لحضور قمة مجموعة السبع في 2018، حيث وجّه انتقادات لرئيس الوزراء في حينه، جاستن ترودو، وأبدى تحفظات على البيان الختامي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس قبيلة تسوتينا الصغرى ستيفن كروتشايلد ممثلة معاهدة 7 يتصافحان لدى وصوله لحضور قمة قادة مجموعة السبع بمنتجع كاناناسكيس في جبال روكي بمطار كالجاري الدولي بكالجاري في ألبرتا الكندية (رويترز)

غير أنّ التوترات بين البلدين هدأت منذ تولّي مارك كارني رئاسة الحكومة في كندا، خلال مارس (آذار)، خلفاً لترودو الذي كان ترمب قد أبدى عدم إعجابه به.

لكن توتراتٍ حادة لا تزال قائمة.

وتعهّد ترمب، الذي يسعى لإحداث تحول جذري في النظام الاقتصادي العالمي القائم على التجارة الحرة، بفرض رسوم جمركية شاملة على أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها، ابتداءً من التاسع من يوليو (تموز) المقبل.

وأعربت فون دير لاين، التي تحدثت إلى ترمب هاتفياً، السبت، عن أملها في إحراز تقدّم بشأن المحادثات التجارية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله لحضور قمة قادة مجموعة السبع بمنتجع كاناناسكيس في جبال روكي بمطار كالجاري الدولي بكالجاري في ألبرتا الكندية (د.ب.أ)

وقالت: «دعونا نحافظ على التجارة بيننا عادلة ويمكن التنبؤ بها ومفتوحة»، مضيفة: «علينا جميعاً أن نتجنب الحمائية».

ربط إيران وأوكرانيا

ودعت فون دير لاين كذلك مجموعة السبع للربط بين النزاع الإيراني الإسرائيلي، والحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وقالت رئيسة المفوضية إن «المُسيّرات والصواريخ الباليستية المصمَّمة والمصنَّعة في إيران تقوم بضرب مدن في أوكرانيا وإسرائيل عشوائياً، لذا يجب مواجهة هذه التهديدات بالتوازي».

ودُعي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحضور القمة، حيث يأمل في التحدث مع ترمب.

كان الرئيس الأميركي قد تعهّد بالتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، خلال الأيام الأولى من وصوله إلى البيت الأبيض، كما تقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. غير أنّ هذا التقارب لم يلبث أن تحوَّل إلى غضب، بعدما رفض بوتين الدعوات الأميركية للتوصل إلى هدنة.

رئيس الوزراء الكندي مارك كارني يتحدث مع المستشار الألماني فريدريش ميرز قبل قمة قادة مجموعة السبع (رويترز)

وأجرى ترمب، السبت، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي، ناقشا خلاله النزاع بين إيران وإسرائيل والحرب في أوكرانيا، وأبدى ترمب «انفتاحاً» على أداء بوتين وساطة بين إسرائيل وإيران.

أما الرئيس الفرنسي فأعرب عن اعتقاده أن نظيره الروسي لا يمكن أن يؤدي مثل هذه الوساطة «بأي شكل من الأشكال».

ومن غير المتوقَّع إدراج أيٍّ من القضيتين في البيان المشترك لمجموعة السبع، في وقتٍ يسعى فيه كارني، بدلاً من ذلك، إلى إصدار بيانات تتعلّق بقضايا أقل إثارة للجدل، مثل تحسين سلاسل التوريد.

ويتوجّه ترمب إلى قمة مجموعة السبع بعد حضوره عرضاً عسكرياً غير عادي في واشنطن، تزامن مع عيد ميلاده، ومع احتجاجات شهدتها البلاد على سياساته.