لماذا أثار البُرص المصري في إسرائيل كل هذه الضجة؟

لماذا أثار البُرص المصري في إسرائيل كل هذه الضجة؟
TT

لماذا أثار البُرص المصري في إسرائيل كل هذه الضجة؟

لماذا أثار البُرص المصري في إسرائيل كل هذه الضجة؟

لا يخلو بيت من ذكرى مطاردة مع «بُرص» (أبو بريص)، ذلك الزاحف الذي يدخل البيوت في غموض ودون استئذان مُتسلقاً الجدران ومثيراً داخلها حالة من الذعر، مصحوبة عادة بمطاردات درامية، تستمر حتى التأكد من مغادرته ورحيله.
إلا أن «البُرص المصري» استطاع مزاحمة فضاء «الترند» مثيراً جدلاً واسعاً تجاوز حدود البيوت وجدرانها، بعد أن تم اتهامه بـ«العدوانية» وبأنه قادر على «تهديد النظام البيئي»، وهو اتهام ورد على لسان سلطات إسرائيلية متخصصة في الأمن البيئي، أعربت عن تخوفها من البرص المصري، لما وصفته بقدرته على «التسبب في أضرار جسيمة لأي نظام بيئي، وتشكيله خطراً محتمَلاً على أي شيء أصغر منه يعيش في موطنه».
وتحول البرص المصري بما سببه في «هلع» إسرائيلي إلى مادة للجدل المصحوب بسخرية تملأ مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، ففي واحد من «الكوميكس» على موقع «تويتر» يظهر «بُرص» وهو يمسك ببندقية ويرتدي خوذة مصحوباً بتعليق «على البُرص المصري ضبط النفس»، وفي تعليق آخر يتندر أحد الرواد بقوله «البُرص بتاعنا اللي بنضربه بالشبشب عامل ذعر»، وآخر كتب «ملحمة البُرص المصري»، في سيل من التعليقات التي تستدعي مفارقة «اعتياد» المصريين على غزو البُرص البيوت ومطاردته بالأحذية، وبين «الذعر» الذي تبثه وسائل الإعلام الإسرائيلية.
من ناحية أخرى، سادت وسائل الإعلام تعليقات ومداخلات من خبراء ومتخصصين من وزارة الزراعة في مصر، للوقوف على أسباب «الهلع» الإسرائيلي، منها مداخلة هاتفية، عبر قناة «إم بي سي مصر»، مع الدكتورة منى شلبي، رئيس قسم الحيوان الزراعي بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، التي أكدت أن «البُرص نوع من أنواع الزواحف الموجودة في الحدائق والحقول، ولا يتغذى إلا على الحشرات الضارة فقط كالصراصير والنمل». وأضافت: «لا تستطيع تلك الزواحف قطع مسافات طويلة بالسير إلى إسرائيل، فتلك المعلومات التي يتم تداولها غير دقيقة».
وذاع صيت «البُرص المصري» كتهديد يستوجب المطاردة بعد أن نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية تقريراً ذكرت فيه أن «سلطة الطبيعة والمتنزهات في إسرائيل تسعى للحصول على مساعدة من سكان وادي عربة في تحديد مكان البُرص المصري الذي بدأ في الانتشار بكثافة ويتكاثر بسرعة رهيبة ويلتهم المحاصيل الزراعية»، ونقل شاي ميري، أستاذ العلوم بجامعة تل أبيب، في التقرير، إنه «تم رصد البُرص المصري وهو يأكل الطيور الصغيرة»، ووصفه بأنه «عدواني للغاية»، حسب تعبيره.
«بشكل علمي، فإن البُرص من الزواحف التي تُحافظ على التوازن البيئي، ولا يضر بها لأن البرص موجود منذ القدم، فهو يأكل ديدان وطور اليرقة من كثير من الآفات الزراعية، لذلك فوجوده في حد ذاته من عوامل التوازن، ولم يثبت من قبل أن تلك الزواحف كان لها تأثير ضار على الزراعة»، حسبما يقول الدكتور أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية في مصر.
ويضيف كمال، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «الشيء الوحيد الذي له تأثير ضار على الزراعة ويسبب الخوف حقاً هو الجراد، ومُخصص له جهات وأجهزة رصد خاصة، أما الزواحف فلا خوف منها، وأعتقد أن ما أثير أخيراً هو مجرد دعاية سياسية».
ويُعد البُرص من أقدم الزواحف التي عرفت تاريخياً منذ قدماء المصريين، وهو منقوش على جدران المعابد، ومن المعروف أنه ينشط في أوقات الليل أكثر من النهار، ويُعرف البُرص المصري أيضاً باسم «أبو بريص الجدار»، و«أبو بريص الجدار الحلقي»، وموطنه الأصلي شمال أفريقيا، ويعيش بشكل رئيسي في وادي النيل وواحات الصحراء الشرقية والغربية في مصر.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

تبرَّأت «مفوضية العون الإنساني» التابعة للحكومة السودانية، من بيع المواد الإغاثية في الأسواق، مؤكدةً أنه «لا يوجد تسريب للمساعدات الإنسانية (من جهتها)، وأن تصرفات بعض المواطنين لا يمكن أن تُحسب عليها»

وتفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في الأسواق خلال الفترة الماضية، وأفاد سودانيون بأنهم شاهدوا في عدد من الولايات مواد غذائية مخصصة للمساعدات معروضة للبيع في الأسواق العامة، دون رقابة من السلطات.

لكنَّ مفوضة العون الإنساني، سلوى آدم بنيه، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «بيع مواطن لحصته من الإغاثة في السوق ليست مسؤوليتنا»، مشيرةً إلى أن «بعض المتلقين للمساعدات يضطرون إلى بيعها لشراء معونات أخرى يحتاجون إليها مثل دقيق حبوب الذرة والدخن».

وتَسبب الصراع الدائر بين الجيش و«قوات الدعم السريع» الذي تعدّه الأمم المتحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، في مقتل ما بين 20 ألفاً و150 ألف شخص، بالإضافة إلى إجبار نحو 11 مليون شخص على النزوح.

لجنة للمراجعة

وكشفت المسؤولة الحكومية عن «تشكيل لجنة مكونة من ممثلي عدد من المؤسسات ذات الصلة لمراجعة مخازن تابعة لبعض المنظمات لمعرفة ما يوجد بها من مواد إغاثة، ولماذا لم يتم توزيعها؟».

وأكدت أن «اللجنة ستقف على تنفيذ المشاريع الخاصة بالمنظمات، وسترفع تقريرها إلى المفوضية في غضون أسبوعين لاتخاذ الإجراءات تجاهها».

وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهراً من الحرب المدمرة.

جانب من مساعدات الإغاثة في السودان (الأمم المتحدة)

ووجهت الأمم المتحدة نداءً لجمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات لـ20.9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30.4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة فيما سمتها «أزمة إنسانية غير مسبوقة».

وفي سبتمبر (أيلول ) 2023 أصدر مجلس الوزراء قراراً بإقالة مفوض العون الإنساني، نجم الدين موسي، وكان ذلك بعد نشر تقارير إعلامية أشارت إلى «فساد كبير» في ملف الإغاثة.

وتفيد وسائل إعلام محلية سودانية برصد بيع مواد غذائية «بكميات كبيرة» في أسواق ولاية بورتسودان التي تعد العاصمة المؤقتة للبلاد، في حين يشكو ملايين النازحين في مراكز الإيواء بعدد من الولايات من نقص المساعدات.

ورغم وصول آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان أبريل (نيسان) 2023، فإن مئات الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء بالولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني لم يتلقوا المعونات، ويعتمدون على توفير معاشهم من إمكانات ذاتية.

تسريب مُسبق

وقال ناشطون ومتطوعون في مجال العمل الإنساني لـ«الشرق الأوسط» إن «تسريب المساعدات الإنسانية قد يحدث مسبقاً قبل وصولها إلى مراكز الإيواء».

وشرح بعضهم أن «المواد الغذائية لا تصل إلى كل المحتاجين إليها بسبب تسريبها إلى الأسواق»، ورجحوا «تورط مسؤولين» في عملية التسريب تلك، من دون أن يحددوا أسماء.

لكن الناشطين أنفسهم أكدوا كذلك أن «بعض المواطنين يبيعون الفائض عن حاجتهم من المواد الغذائية في الأسواق»، وأفادوا بأنهم رصدوا «بعض تلك المواد في منازل لمواطنين».

لاجئون سودانيون فروا من العنف يتلقون المساعدات بالقرب من الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)

وقال نشطاء آخرون في مدينة حلفا الجديدة شرق السودان، أنهم سألوا بعض أصحاب المحال التجارية عن مصدر البضائع (المصنَّفة مساعدات) التي تحصلوا عليها، لكنهم رفضوا الإفصاح عنها.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي وصلت أولى المساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وفي حين ترفض الحكومة السودانية الإقرار بحدوث مجاعة في البلاد، يشير أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إلى أن 24 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

ومنذ بداية الحرب، توجَّه اتهامات إلى طرفي الحرب بتعطيل المساعدات الإنسانية كجزء من استخدام «سلاح التجويع».