كتابة اليوميات على جدران المقابر تُثير جدلاً في مصر

بعد الاحتفاء برسائل سيدة لزوجها المتوفى

من الرسائل التي تركتها سيدة مصرية لزوجها على جدران مقبرته (مواقع التواصل الاجتماعي)
من الرسائل التي تركتها سيدة مصرية لزوجها على جدران مقبرته (مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

كتابة اليوميات على جدران المقابر تُثير جدلاً في مصر

من الرسائل التي تركتها سيدة مصرية لزوجها على جدران مقبرته (مواقع التواصل الاجتماعي)
من الرسائل التي تركتها سيدة مصرية لزوجها على جدران مقبرته (مواقع التواصل الاجتماعي)

تباينت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تجاه قصة حزينة بطلتها أرملة تواظب على كتابة رسائل لزوجها المتوفى على جدران المقبرة، فهناك من رأى في الواقعة «مثالاً مدهشاً لوفاء نادر من الصعب تكراره في هذا العصر القائم على الجحود»، فيما أبدى آخرون تحفظهم على هذا السلوك باعتباره «يخدش خصوصية العلاقة بين الطرفين ويطرحها على الملأ»، بينما عبر فريق ثالث عن تخوفه بسبب إحدى الرسائل التي تشير إلى «رغبة الأرملة في الانتحار حتى تلحق بزوجها».
وكانت سيدة تدعى مروة قد اعتادت على كتابة رسائل في شكل يوميات على جدران مقبرة زوجها بمقابر منطقة الفسطاط (جنوب القاهرة)، تطلعه فيها على تفاصيل حياتها اليومية، وتستأذنه قبل الذهاب لقضاء مصلحة ما هنا أو هناك، غير أن ما أثار القلق تلك الرسالة التي تعلن فيها عن تفكيرها جدياً في الانتحار، مؤكدة أنها طلبت فتوى حول هذا الأمر من أحد الشيوخ، فأخبرها أن «الانتحار ليس كفراً وإنما جزاؤه نفس جزاء قتل الغير».

اللافت أن الرسائل اتخذت من رحيل الزوج شكلاً جديداً من أشكال التأريخ، فنجدها مؤرخة بـ«اليوم الـ79 لغيابك» و«اليوم الـ78 لغيابك» وهكذا، رغم حرص الزوجة على وضع التاريخ المعتاد الذي يشير إلى كتابة عدد كبير من الرسائل في سبتمبر (أيلول) الجاري. تستهل مروة جميع رسائلها بكلمة واحدة وهي «السلام عليكم».
ويؤكد الدكتور مختار شحاتة، باحث أنثروبولوجي وكاتب روائي، أن «ما فعلته مروة ليس مستغرباً، وهو مرتبط بظاهرة قديمة تسمى (العديد)، أو (البكائيات) التي كانت تمارسها النساء حزناً على الأموات، وكثيراً ما كانت تتضمن رسائل محددة، أو شكوى بعينها، لكن ما يجمع بينها هو الحزن، والتعامل مع الفقيد على أنه لا يزال على قيد الحياة»، موضحاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قصة مروة تطرح تساؤلات حول النوع، ولماذا ترتبط مثل هذه الممارسات بالمرأة تحديداً، ولماذا لا نجد رجلاً في التراث الشعبي يقوم بالعكس ويرثي امرأته أو يبكيها».

واعتبر نشطاء على مواقع التواصل، الواقعة استعادة لزمن الحب الأسطوري الذي ظن الجميع أنه ولّى وانتهى على أرض الواقع، فيما عبر كثيرون عن حزنهم لطبيعة القصة التي «تدمي القلوب»، على حد تعبيرهم.
ويرى الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان، أن «الإنسان حين يفقد الحب والصداقة ولا يجد الأمان، يلجأ إلى إخراج ما بداخله سواء كان حزناً أو فرحاً في أماكن لا تخطر على البال بحثاً عن الراحة النفسية»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المقابر أو الأضرحة الخاصة بأولياء الله الصالحين تعد أبرز هذه الأماكن التي يقصدها الناس ليفرغوا ما بداخلهم»، لافتاً إلى أن «قلة من هؤلاء تبحث عن الشهرة ولفت الانتباه فتلجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يصل الأمر إلى حد الهوس على صعيد الرغبة المجنونة في صنع الترند».

وتعد الكتابة على جدران المعابد والمقابر إرثاً مصرياً قديماً يمتد لآلاف السنين؛ حيث نجد على سبيل المثال تلك العبارات الرقيقة التي كتبها أحد أشهر ملوك مصر القديمة رمسيس الثاني بحق زوجته نفرتاري، على جدران معبد أبو سمبل، واصفاً إياها بـ«ربة الفتنة والجمال وجميلة المحيا وسيدة الدلتا والصعيد».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.