تساقط الشعر... أحد تداعيات الإصابة بـ«كورونا»

ينجم عن تأثيرات الفيروس... والإجهاد البدني والنفسي يسببه

تساقط الشعر... أحد تداعيات الإصابة بـ«كورونا»
TT

تساقط الشعر... أحد تداعيات الإصابة بـ«كورونا»

تساقط الشعر... أحد تداعيات الإصابة بـ«كورونا»

مما يثير القلق لدى كثير من الناس تساقط الشعر المرتبط بالإصابة بفيروس «كورونا».
تُزعجنا للغاية رؤية خصلات الشعر المتجمعة في حوض الاستحمام، أو الملتصقة بفرشاة تصفيف الشعر، لكنك إذا كنت أُصبت بفيروس «كورونا» خلال الأشهر القليلة الماضية، فإن الفقدان المؤلم لخصلات الشعر لديك ليس من قبيل المصادفة.

تداعيات «كورونا»
لا تزال هذه الظاهرة - التي تمثل تداعيات مُضافة إلى أزمة الوباء العالمية - تُصيب المرضى، مفاجئة لهم على حين غرة، لكن خبراء «هارفارد» يلفتون الانتباه إلى الإحصاءات الوطنية التي تشير إلى فرط «السقوط الذاتي» للشعر بين نسبة كبيرة من المصابين بالفيروس.
يمكن أن تكون خصلات الشعر، التي أضحت خفيفة، من بقايا تأثير وباء «كوفيد»، أو علامة أقل شيوعاً على الإصابة الطويلة بالفيروس، إلى جانب أعراض أخرى، مثل التعب، والضباب الدماغي، وضيق التنفس.
تقول الدكتورة ديبورا سكوت، المديرة المشاركة لعيادة فقدان الشعر في مستشفى «بريغهام والنساء» التابع لجامعة «هارفارد»: «حتى مساعي التغلب على الضغط النفسي والعاطفي المستمر الذي يخلفه الوباء، تدفع بعض الناس إلى فقدان مزيد من خصلات الشعر بصورة واضحة».
وأضافت: «ذلك حرفياً يزيد البلاء سوءاً؛ أولاً أنت مريض بسبب فيروس (كورونا)، ثم تفقد شعرك! لقد زارني كثير من المرضى يشكون بحرقة بعد فقدانهم نحو 30 في المائة من شعرهم. وأعتقد أن معظمهم تفاجأوا عندما علموا أن الأمر مرتبط بفيروس (كورونا)».

شعر النساء
ألقت الأبحاث المنشورة خلال العامين الماضيين الضوء بشكل متزايد على فقدان الشعر المرتبط بفيروس «كورونا». وأشارت دراسة نشرتها مجلة «ذي لانسيت» عام 2021 إلى أن نحو 22 في المائة من المرضى الذين دخلوا المستشفى بسبب الفيروس، قد اشتكوا من الفقدان الزائد على الحد للشعر في غضون 6 أشهر بعد مغادرة المستشفى. وفي الوقت نفسه، أظهر مسح أُجري عام 2020 على نحو 1600 عضو في مجموعة من الناجين من الفيروس، أن أكثر من ربع أعضاء المجموعة قد عانوا من فقدان غير عادي للشعر بعد الشفاء.
يلاحظ النساء ذلك أكثر من الرجال بطبيعة الحال، ولو لمجرد أن خصلات شعورهن تميل إلى أن تكون أطول وأكمل من الرجال. تقول الدكتورة سكوت: «إذا كنت تفقد كثيراً من الشعر الطويل، فإن الأمر أكثر وضوحاً مما لو كنت تفقد كثيراً من الشعر القصير»، لكن «كوفيد» ليس منفرداً بوصفه سبباً وحيداً في ترقق خصلات الشعر، بل إنه أحدث سبب معروف لظاهرة طبية مسجلة منذ زمن طويل تحت اسم «تيلوجين إفلوفيوم telogen effluvium, TE (التساقط الكربيّ للشعر)»، وهي تحدث عندما تتعطل الدورة الطبيعية لنمو الشعر بسبب الإجهاد البدني أو العاطفي الشديد.
وتظهر تلك الحالة، عادة، بعد ما بين شهرين و4 أشهر من تعرض الجسم لصدمة قوية، مثل إجراء جراحة، أو حمى شديدة، أو تناول أدوية، أو إصابة بمرض. ومن شأن «التساقط الكربيّ للشعر» إنهاك فروة الرأس، وإضعاف خصلات الشعر لشهور طويلة.
تقول الدكتورة راشيل رينولدز، الرئيسة المؤقتة لقسم الأمراض الجلدية في مركز «بيت إسرائيل» الطبي، التابع لجامعة «هارفارد»: «لأسباب لا نستطيع تفسيرها، فإن الضغط البدني أو النفسي على الجسم يؤدي إلى دورة تساقط الشعر». في المعتاد، يفقد الجسد نحو 10 في المائة من الشعر في مرحلة التساقط (تيلوجين) في أي وقت، لكن بعد التعرض لأحد هذه الضغوط، يمكن للتساقط أن يتضاعف إلى 3 أو 4 أضعاف.

نصائح طبية
تبدأ إعادة نمو الشعر ببطء شديد، وعادة ما تستغرق من 6 أشهر إلى 12 شهراً لتبدو خصلات الشعر طبيعية مرة أخرى. تقول الدكتورة سكوت: «بمرور الوقت، سوف ينمو شعرك من جديد. هذا كل ما ينبغي لأغلب الناس معرفته في نهاية المطاف».
في الوقت نفسه، يشير خبراء «هارفارد» إلى الأساليب التالية للتعجيل بإعادة نمو الشعر ودعمه:
> جربي المنتجات غير الموصوفة طبياً؛ إذ يمكن لمستحضر «توبيكال مينوكسيديل (minoxidil) روجين (Rogaine)» تعزيز تدفق الدم إلى بصيلات الشعر.
> تجنبي عادات الشعر القاسية... لا تجذبي الشعر في صورة ذيل الحصان المشدود، أو تمشطيه بالفرشاة بقوة. على نحو مماثل، لا تستخدمي صبغة الشعر، ولا مركب «بيروكسيد» الكيميائي، ولا مستحضرات تقويم (تنعيم) الشعر الكيميائية. تقول الدكتورة سكوت: «الشعيرات الجديدة النامية هشة وضعيفة للغاية، وينبغي عليك التعامل معها بلطف وعناية فائقة».
> احصلي على قَصّة لشعرك. قد يبدو ذلك مخالفاً للمنطق، ولكن قص الشعر في طبقات تمزج بين الوفير القوي منه والضعيف المقصف، يمكن أن يزيد من رضاك، لا سيما مع تجدد الشعر وكثافته من جديد.
> تحققي من مستويات المغذيات... اطلبي من طبيبك قياس مستوى الغدة الدرقية، وفيتامين «دي»، والحديد؛ لأن أي نقص فيها يمكن أن يزيد من تساقط الشعر، إلا إذا وُجد أن لديك نقصاً معيناً، ومن ثم فإن تناول المكملات الغذائية لن يؤدي على الأرجح إلى وقف تساقط الشعر.
> زيادة تناول البروتينات... النظام الغذائي المتوازن الذي يشمل وجبات عدة من الأطعمة الغنية بالبروتين كل يوم، يمكن أن يعزز صحة الشعر.
> الابتعاد عن مكملات «نمو الشعر»... غالباً ما تزعم ملصقات «الكولاجين» و«البيوتين» (المكملات الحيوية)، أن هذه المنتجات يمكنها الإقلال من فقدان الشعر، أو أنها تعزز إعادة نمو الشعر من جديد، لكن الدكتورة سكوت تقول إن الأبحاث الطبية لا تؤيد هذه المزاعم؛ إذ يمكن للمستويات العالية للغاية من «البيوتين» التداخل مع بعض قراءات الاختبارات المعملية الأخرى.
* «رسالة هارفارد
مراقبة صحة المرأة»
خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

لمحاربة «اكتئاب ما بعد الولادة»... مارسي الرياضة لأكثر من ساعة أسبوعياً

صحتك الأمهات الجدد يمكنهن استئناف ممارسة الرياضة بالمشي «اللطيف» مع أطفالهن (رويترز)

لمحاربة «اكتئاب ما بعد الولادة»... مارسي الرياضة لأكثر من ساعة أسبوعياً

تشير أكبر دراسة تحليلية للأدلة إلى أن ممارسة أكثر من ساعة من التمارين الرياضية متوسطة الشدة كل أسبوع قد تقلل من شدة «اكتئاب ما بعد الولادة».

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
عالم الاعمال «فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

«فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

اختتمت مجموعة «فقيه» للرعاية الصحية، الأربعاء، أعمال مؤتمرها السنوي الثالث، الذي عقد بمشاركة نخبة من الخبراء السعوديين والدوليين المتخصصين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك النوم خلال اليوم قد يشير إلى أنك معرّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف (أرشيفية - رويترز)

النوم خلال اليوم قد يشير إلى ارتفاع خطر إصابتك بالخرف

إذا وجدت نفسك تشعر بالنعاس خلال اليوم، أثناء أداء أنشطتك اليومية، فقد يشير ذلك إلى أنك معرَّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف، وفقاً لدراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جانب من «مؤتمر الطبّ التجميلي» الذي استضافته الرياض (الشرق الأوسط)

جراحات التجميل للرجال في السعودية... إقبالٌ لافت لغايات صحّية

احتلّت السعودية عام 2023 المركز الثاني عربياً في عدد اختصاصيي التجميل، والـ29 عالمياً، في حين بلغ حجم قطاع الطبّ التجميلي فيها أكثر من 5 مليارات دولار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
صحتك بعض الأطعمة يسهم في تسريع عملية الشيخوخة (رويترز)

أطعمة تسرع عملية الشيخوخة... تعرف عليها

أكدت دراسة جديدة أن هناك بعض الأطعمة التي تسهم في تسريع عملية الشيخوخة لدى الأشخاص بشكل ملحوظ، داعية إلى تجنبها تماماً.

«الشرق الأوسط» (روما)

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء
TT

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة البيئة العالمية Environment International في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي لباحثين من فنلندا، عن تأثير عوامل الحياة المختلفة في تكوين البكتيريا المعوية المفيدة gut microflora أثناء فترة الطفولة المبكرة. وشملت هذه العوامل طريقة الولادة، والبيئة التي ينشأ فيها الطفل، ووجود أشقاء من عدمه، والتطعيمات المختلفة والمضادات الحيوية، وطريقة التغذية، وأيضاً عدد المساحات الخضراء المحيطة بالسكن.

ميكروبات الأمعاء

حدَّد الباحثون ثلاثة أهداف رئيسية للبحث الأول: معرفة إلى أي مدى يبلغ نضج ميكروبات الأمعاء أثناء مرحلة الرضاعة. والثاني: معرفة تأثير البيئة على تغيير مجتمع البكتيريا في الأمعاء في الرضاعة المبكرة والمتأخرة. والثالث: معرفة إلى أي مدى يوجد ارتباط بين مقاييس المساحات الخضراء السكنية وصحة ميكروبات أمعاء الرضع؛ لكي تكون نتائج الدراسة ملمة بكل الجوانب.

راجع الباحثون بيانات من دراسات طولية أُجريت في فنلندا لرصد خطوات النمو الصحي للأطفال (STEPS) من جوانب عدة. وضمت هذه الدراسات أمهات فنلنديات وسويديات ولدن أطفالهن بين عامي 2008 و2010 في مستشفى فنلندي معين (مستشفى جنوب غرب فنلنداHospital District of Southwest Finland).

كما شملت الدراسات أيضاً مجموعة فرعية من الرضع مشتقة من المجموعة الأصلية تمت متابعتهم بشكل دقيق جداً. وتم تقسيم الرضع المشاركين إلى مجموعات فرعية حسب فترات الرضاعة. وشملت المجموعة الأولى الرضاعة المبكرة التي تتراوح بين (0.5 و5 أشهر) والرضاعة المتأخرة التي تتراوح بين (11 و17 شهراً).

تضمنت البيانات كل ما يخص الرضع وأسرهم مثل حالة الأسرة الاجتماعية والاقتصادية والتركيبة السكانية للمنطقة التي تعيش فيها الأسرة (وجود أعراق عدة) بجانب السجلات الطبية والتاريخ المرضي للآباء وبشكل خاص الأمهات. وأيضاً تم جمع 1823 عينة براز من الرضع لتوصيف ميكروبات الأمعاء حسب تسلسلها وتم استخدام طرق حديثة في تحليل البراز لاستخراج الحمض النووي (دي إن إيه) لعائلات البكتيريا النافعة.

كما كانت هناك أيضاً بيانات إضافية عن جميع الظروف المحيطة بولادة الطفل، بداية من فترة الحمل وحتى انتهاء فترة الرضاعة من خلال البيانات الرسمية بجانب إجابة الآباء عن أسئلة عدة، مثل: هل تمت ولادة الطفل في الموعد المحدد لولادته؟ وهل كانت هناك مشاكل معينة في الحمل؟ وما هي الطريقة التي تمت بها الولادة... طبيعية أم قيصرية؟ وهل تم حجز الطفل في الحضانة بعد ولادته؟ ما هو وزن الطفل عند الولادة؟ طريقة الرضاعة وهل كانت طبيعية؟ في حالة استخدام اللبن الصناعي، ما هو نوع اللبن وهل كانت هناك حساسية من نوع معين؟ هل تناول الرضيع أي أدوية في مرحلة الرضاعة المبكرة؟ هل تناول الرضيع مضاداً حيوياً في الرضاعة المبكرة أو المتأخرة؟

وتم استخدام بيانات مركز تسجيل السكان في فنلندا لمعرفة الظروف البيئية لمسكن كل أسرة، بالإضافة إلى البيانات الخاصة بالمعلومات الجغرافية للمكان. وتقيم هذه المعلومات نسبة الغطاء النباتي السكني لكل أسرة مقارنة بعدد السكان ومساحة الأرض الكلية، وأيضاً معلومات عن المساحات الخضراء في منطقة الجوار لأسرة كل رضيع والأماكن المفتوحة المحيطة بمكان السكن.

عوامل تشكيل الميكروبات

وأظهرت التحليلات التي تناولت العوامل المؤثرة على تكوين أمعاء الرضع أن العمر هو العامل الرئيسي في تشكيل الميكروبات المعوية. وفي مرحلة الرضاعة المبكرة من عمر الطفل هناك نوع معين من البكتيريا Actinobacteriota يكون هو السائد بنسبة (54 في المائة)، أما في مرحلة الرضاعة المتأخرة فيسود نوع آخر من البكتيريا؛ ما يسلط الضوء على أن عامل العمر فقط كان مسؤولاً عن نحو 9 في المائة من تنوع واختلاف أنواع البكتيريا.

وقال الباحثون إن الدراسات السابقة تعاملت مع الفئة العمرية من عمر يوم وحتى ثلاث سنوات على أنها فئة عمرية واحدة. لكن حسب الدراسة الحالية، هناك فرق واضح بين الرضاعة المبكرة حتى عمر 5 أشهر والرضاعة المتأخرة حتى عمر عام ونصف العام. ولذلك؛ تجب على الأبحاث المستقبلية مراعاة الفئات العمرية في نماذج الدراسة التي تركز على الرضع.

أظهرت النتائج أن تجمعات الميكروبات المعوية لدى الرضع ارتبطت بشكل كبير بطريقة الولادة ووجود أشقاء وعمر الأم. وفي المقابل، كانت العوامل الأقل ارتباطاً بتنوع ميكروبات الأمعاء هي: دخل الأسرة والرضاعة الطبيعية وتعرُّض الأم للمضادات الحيوية في فترة ما قبل الولادة مباشرة بجانب الوقت الذي يقضيه الطفل في الهواء الطلق.

في مرحلة الرضاعة المبكرة كانت طريقة الولادة (سواء قيصرية أو طبيعية) مسؤولة عن 0.5 في المائة من التنوع في مجتمع ميكروبات الأمعاء وانخفضت تدريجياً إلى 0.3 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المتأخرة. واللافت للنظر أن عامل وجود الأشقاء أصبح أكثر أهمية من أي عامل آخر مع الوقت، حيث تزايدت نسبة تنوع الميكروبات المعوية من 0.5 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المبكرة إلى 0.7 في المائة في الرضاعة المتأخرة. وبشكل عام ارتبط وجود الأشقاء بزيادة اختلاف ميكروبات الأمعاء (ظاهرة صحية) في كلتا الفئتين العمريتين.

ولعبت المساحات الخضراء دوراً مهماً في تباين الميكروبات المعوية في مرحلة الرضاعة المتأخرة، بينما لعبت دوراً أقل أهمية في الفئة العمرية الأصغر، وربما يكون ذلك بسبب بقاء الرضع في المنازل المغلقة معظم الوقت في المراحل الأولى من الحياة بسبب الخوف عليهم نظراً لضعف مناعتهم ما يوضح الأهمية الكبيرة للتواجد بجوار المساحات الخضراء ليس على الجهاز التنفسي فقط، لكن أيضاً على أجهزة الجسم الداخلية ومنها ميكروبات الأمعاء.

* استشاري طب الأطفال