ألقى رئيس الوزراء اليمني الدكتور معين عبد الملك، اليوم (الخميس)، باللوم على الحوثيين في إشعال الحرب وإتاحة فرصة للتدخلات الإيرانية مما تسبب في تعقيد الحرب وانهيار الدولة، وتغيير الخريطة السياسية وتضخيم اقتصاد الحرب وتراجع التعليم.
وطالب الدكتور معين عبد الملك خلال ندوة أقامها مركز واشنطن للدراسات اليمنية، بتفعيل المبادرات وتمديد الهدنة التي تم تمديدها مرتين من قبل، وصمدت لمدة ستة أشهر، والتحرك نحو محادثات سلام شاملة بما تتطلب من إجراءات بناء الثقة التي تمكن من الانتقال إلى مناقشة الملفات المعقدة والصعبة في الأمن العسكري والاقتصاد ومؤسسات الدولة، مؤكداً موقف حكومته من تقديم الدعم الكامل لأي مبادرة سلام والشراكة مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإنجاح هذه العملية بما يمهد الطريق لمحادثات السلام الشاملة.
وأوضح في خطابه عبر دائرة تليفزيونية أن اليمن ينظر إليه من خلال عدسات الديناميكيات الإقليمية أو التهديدات الأمنية أو الأزمة الإنسانية لذا يتم فهم جوهر الحرب وتأثيرها على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، لافتاً إلى أنه بلد معقد من حيث النسيج الاجتماعي والطبيعة الجغرافية والتاريخ السياسي.
وألقى رئيس الوزراء باللوم على ما يمارسه الحوثيون من عرقلة للمحادثات، مشيرا إلى أن السماح لسفن الوقود بالدخول إلى ميناء الحديدة كان قضية يمكن حلها منذ سنوات إذا أوقف الحوثيون مناوراتهم.
مقترحات بجداول زمنية
واقترح عبد الملك وضع جداول زمنية محددة للتنفيذ تنبني على جهود بناء الثقة وقال «تتطلب نتائج أي مفاوضات سلام منصة لتنفيذها. وهذه المنصة هي مؤسسة حكومية». لذا يجب أن يكون دعم جهود الحكومة في بناء مؤسسات الدولة جزءًا لا يتجزأ من برنامج المجتمع الدولي الخاص باليمن. وأضاف «الحكومة تعمل بكامل طاقتها من العاصمة المؤقتة عدن، وبرنامجها الرئيسي هو تعزيز مؤسسات الدولة وتخفيف معاناة الشعب اليمني، ونحن نواجه تحديات معقدة تتمثل في الاضطرابات السياسية المتكررة في أراضينا، والتحديات الاقتصادية والأمنية، ومواردنا شحيحة والدعم الاقتصادي محدود، ومنذ الوديعة السعودية في 2018 لقطاع الكهرباء، لم تحصل الحكومة على دعم اقتصادي ملموس».
وثمّن الجهود السعودية والإماراتية في تقديم حزمة الدعم الاقتصادي التي تم الإعلان عنها في أبريل(نيسان) الماضي مؤكدا أن هذا الدعم الاقتصادي أدى إلى إحراز تقدم في مؤسسات الدولة وأن يتمكن البنك المركزي من أداء عمله وأن تتمكن الحكومة من توفر الحد الأدنى من الخدمات بما في ذلك الكهرباء والماء والصحة والتعليم وتوسيع الخطط الإصلاحية المختلفة في مختلف القطاعات الحيوية.
ويضيف رئيس الوزراء اليمني «لقد تمكنا من احتواء الاستهلاك باستخدام السياسات النقدية والمالية الصارمة التي اتبعتها الحكومة وسياسة نقدية صارمة واتخذنا قرارات لزيادة الإيرادات، وستؤدي الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى خفض عجز الموازنة من 54 في المائة عام 2020 إلى 35 في المائة عام 2021، ونخطط لتقليله بنسبة أقل من 20 في المائة. هذا العام».
حل النزاع سريعاً
وقال السفير اليمني لدى الولايات المتحدة محمد الحضرمي، إنه لولا التدخلات الإيرانية لما تمكن الحوثيون من إحداث هذه المشاكل والسلوك المزعزع للاستقرار في المنطقة وداخل اليمن، مضيفاً «لولا المساعدة الإيرانية، وتقديم طهران للخبرة والأسلحة للحوثيين، لم يكن ليتمكن الحوثيون من فعل ما يفعلونه الآن».
وطالب الحضرمي، المجتمع الدولي والولايات المتحدة والمشرعين في الكونغرس بمنع إيران من التدخل في شؤون اليمن مثمنا العمل الذي يقوم به الرئيس بايدن ووزير الخارجية بلينكن والمبعوث الأميركي تيموثي ليندركينغ والمبعوث الأممي هانز جروندربرغ. وشدد الحضرمي على أن الوضع الحالي كارثي في اليمن ولا يوجد حل عسكري.
وحذر السفير اليمني من إطالة أمد التوصل إلى حل للنزاع، قائلا إن الأمر معقد ويزداد تعقيدا بمرور الوقت وكلما انتظرنا زادت تكلفة حل الصراع. وطالب كل الأطراف بالعمل لإيجاد طرق لمتابعة حل عادل ومستدام للصراع اليمني حتى يتمكن اليمنيون مرة أخرى من أن يكونوا أحرارًا ويعيشوا من أجل التقدم والازدهار.
مخاوف أممية
ونقل المشاركون في الندوة مخاوفهم مما أثاره المبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبرغ من خطر عودة القتال مرة أخرى إذا لم يتم قبول تمديد هدنة وقف إطلاق النار بعد الثاني من أكتوبر. وكان غروندبرغ قد التقى بالحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء يوم الأربعاء، وقال في بيان إنه ناقش معهم مقترح الأمم المتحدة لتجديد الهدنة لفترة أطول لمنح اليمنيين الفرصة لإحراز تقدم في مجموعة أوسع من الأولويات، وقال في بيانه «نحن على مفترق طرق من حيث خطر العودة إلى الحرب وأحث كل الأطراف على إعطاء الأولوية لاحتياجات الشعب اليمني».
مقترحات أممية
وقدم المبعوث الأممي مقترحات تتضمن طرقًا لدفع رواتب الموظفين المدنيين في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون وإعادة فتح الطرق في المدن المحاصرة، بما في ذلك تعز. وخلال فترة الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في أوائل أبريل (نيسان) وتم تمديدها مرتين، حتى 2 أكتوبر (تشرين الأول) نصت الهدنة على إعادة فتح مطار صنعاء جزئيًا أمام الرحلات الجوية التجارية، وسمحت لسفن الوقود في ميناء الحديدة، لكن أبلغ الجانبان عن انتهاكات متكررة لوقف إطلاق النار، إلا أن وقف إطلاق النار قد خفف من وطأة اليمنيين الذين عانوا من عقد من الاضطرابات السياسية والصراع العسكري.
مطالب بتدخل دولي حاسم
من جانبه، طالب عبد الصمد الفقيه رئيس مركز واشنطن للدراسات اليمنية بموقف أميركي ودولي أقوى، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تستطيع أن تلعب دورا أكثر نفوذا وتأثيرا لكن الملاحظ أنها تتحرك لتمديد الهدنة وايصال المساعدات الإنسانية وليس لإيقاف الحرب.
وأضاف الفقيه «في ظل الوضع الراهن لا يوجد طرف يمني يمكن أن يفرض السلام، ولابد من تدخل أميركي وأممي إيجابي لفرض السلام وإيقاف الحرب ونحث الولايات المتحدة على القيام بهذا الجهد»، حاثاً المجتمع الدولي على تفعيل القرارات الصادرة من الأمم المتحدة مثل قرار 2216 الذي يقضي بعودة الدولة ويفرض حظرا للسلاح ويدعو الحوثيين للخروج من المناطق التي استولوا عليها بما فيها العاصمة صنعاء.
وانتقد الفقيه صمت المجتمع الدولي تجاه استمرار المعاناة اليمنية، مشيرا إلى أنه يتعامل بهدوء مع مشكلة الناقلة صافر التي يمكن أن تسفر عن كارثة، حيث إن «الجهود الحالية تقتصر على التدخل لتمديد الهدنة وإيصال المساعدات ولا تمتد إلى جهود لإيقاف نزف الدم ولا إلى وقف الحرب والتوصل إلى سلام حقيقي»، محذراً من «اشتعال الحرب مرة أخرى ما لم يكن هناك موقف دولي حاسم وعقوبات حقيقية تجاه الطرف المتعنت في المفاوضات».