بينما أعلنت «جبهة الخلاص الوطني»، الائتلاف التونسي المعارض، مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لم تعلن قيادات حركة «النهضة» رفضها المشاركة في المحطة الانتخابية المقبلة بصفة نهائية. وتشير مصادر مقربة من الحركة الى وجود اتجاهين على موقفها من الانتخابات: اتجاه يطالب بعدم المشاركة في الانتخابات التشريعية، وعدم الاعتراف بكل المسار السياسي والانتخابي الذي يقوده الرئيس قيس سعيد. أما الاتجاه الثاني، الذي تمثله بعض القيادات السياسية البارزة، فيدعو إلى «ضرورة تغيير طريقة التعامل مع متطلبات المرحلة الراهنة، والاستعداد الجيد لكل الاستحقاقات الانتخابية، على اعتبار أنها أصبحت أمرا واقعا بعد تمرير دستور 2022». ويرى أصحاب هذا الرأي أن المشاركة غير المباشرة قد تكون أحد الحلول لتجاوز المأزق السياسي الحالي، الذي وقعت فيه كل الأحزاب السياسية الكبرى، إثر اقرار التصويت الأفراد بدل القوائم الانتخابية.
في هذا السياق، أكد المتحدث باسم حركة «النهضة» عماد الخميري، أن الحزب غير معني بالإنتخابات البرلمانية المقررة نهاية السنة الحالية، وسيقاطع هذا الاستحقاق في إطار الالتزام بالخيار، الذي اتخذته «جبهة الخلاص الوطني» التي تساندها حركة «النهضة». أما محمد القوماني، عضو المكتب التنفيذي لـ«النهضة» وأحد قادنها الفاعلين، فصرح أن الحركة باتت بعد التطورات السياسية المتسارعة مطالبة بالتعامل الإيجابي مع هذه التطورات، بما في ذلك الانتخابات البرلمانية، وهو موقف لم تتم بلورته بشكل نهائي.
ويرى مراقبون أن القرار المتعلق بالمشاركة أو المقاطعة، بيد رئيس الحركة راشد الغنوشي، وهو من يهيئ قواعد الحزب لتقبل الموقف الذي ستصدره الهياكل المنتخبة في الحركة، وعلى رأسها مجلس الشورى، مشيرين إلى أنه بصدد الإعداد لأرضية توافق داخلي بشأن دخول الحركة السباق الانتخابي.
في السياق ذاته، أكد متابعون للشأن السياسي المحلي أن حركة «النهضة» لن ترضى بالبقاء خارج الهيئات المنتخبة حتى وإن كانت ذات طابع شكلي، ورأوا أنها لن تراهن على غياب كلي عن المشهد البرلماني، بل ستسعى بكل الطرق للعودة إلى السلطة التشريعية، بهدف امتلاك شرعية انتخابية، قد تكون الى جانبها في مقارعة مشروع سعيد السياسي تحت قبة البرلمان الجديد.
وفي هذا الصدد، أكد العجمي الوريمي، القيادي في حركة «النهضة»، في تصريح أن القانون الانتخابي الجديد الذي صاغه سعيد، «أنهى ترشح الأحزاب السياسية عبر القوائم الانتخابية، وكرس في المقابل التنافس بين الأفراد في دوائر انتخابية صغرى، وهو ما جعل ترشح الأحزاب غير ممكن من الناحية العملية»، على حد تعبيره.
وقال العجيمي إن القانون الانتخابي الجديد «لا يمنع المنتمين الى الأحزاب من الترشح، كما أنه لا يمنع الأحزاب السياسية من تبني المرشحين أو دعمهم، لكن النتيجة واحدة، وهي تهميش الأحزاب، وإنهاء أي ولاية لها على العملية الانتخابية، سواء على مستوى الترشح أو المنافسة، أو الكتل البرلمانية، وهو ما يجعل البرلمان المقبل فاقدا لمجمل صلاحياته»، على حد قوله.
في المقابل، نفى فوزي الدعاس، العضو السابق في الحملة الانتخابية للرئيس قيس سعيد، إقصاء الأحزاب السياسية من المشهد، مؤكدا أن القانون الانتخابي الجديد لم يمنع الأحزاب من الترشح للبرلمان عن طريق مرشحيها في الدوائر الانتخابية الجديدة.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الداخلية توقيف 12 تونسيا بشبهة التحريض على الشغب، وتوزيع الأموال على المحتجين خلال أحداث الشغب التي جرت في منطقة مرناق، جنوب العاصمة التونسية، بعد انتحار بائع متجول إثر تدخل الشرطة لمصادرة معداته. وأكدت اعتراف عدد من الموقوفين بأن شخصا معروفا بانتمائه إلى أحد الأحزاب سلم مجموعة أشخاص مبلغا ماليا لإحداث الشغب، وتأجيج الأوضاع ضد السلطة القائمة.
غموض حول مشاركة «النهضة» في الانتخابات البرلمانية التونسية
غموض حول مشاركة «النهضة» في الانتخابات البرلمانية التونسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة