دعوة بري لجلسة انتخاب الرئيس تدخل في سباق مع تعويم الحكومة

TT

دعوة بري لجلسة انتخاب الرئيس تدخل في سباق مع تعويم الحكومة

فاجأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري النواب على مختلف انتماءاتهم السياسية بدعوتهم لعقد جلسة قبل ظهر غدٍ الخميس لانتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما يطرح علامة استفهام حول مصير الاتصالات الجارية لتعويم حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي برغم أنها اصطدمت برزمة من الشروط التي طرحها رئيس الجمهورية ميشال عون بخلاف الأجواء التي سادت لقاءه الأخير بميقاتي قبل أن يغادر إلى نيويورك على رأس الوفد اللبناني لتمثيل لبنان في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة الذي تم فيه الاتفاق على استبدال وزيري الاقتصاد أمين سلام والمهجرين عصام شرف الدين، إلا إذا أراد عون استبدال عدد قليل من الوزراء المحسوبين على فريقه السياسي.
فالرئيس بري بدعوته لعقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية أصاب أكثر من عصفورين بحجر واحد، ليس لأنه أراد الرد على مداخلات النواب في الجلسة النيابية الأخيرة التي خُصصت لإقرار الموازنة، وإنما توخى بموجب صلاحياته تحريك ملف الاستحقاق الرئاسي من الجمود والضغط على المرشحين للرئاسة للخروج من الكواليس وإعلان ترشحهم، مع أن لا شيء يمنعهم من الاحتفاظ بحقهم في هذا الخصوص، وبالتالي الإفصاح عن رغبتهم في الترشح في جلسة الانتخاب.
كما أن الرئيس بري أراد أن يحشر النواب ومن خلالهم القيادات السياسية والروحية التي استغربت في مواقفها الأخيرة عدم توجيه الدعوة لعقد الجلسة، إضافة إلى أنه يتطلع لتحريك المجتمع الدولي وتحديداً الدول المعنية بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري التي ما زالت في مرحلة التقصي عن أسماء المرشحين مكتفية بتحديد المواصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس العتيد.
لذلك يمسك الرئيس بري بزمام المبادرة بتحديد موعد الجلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، وقام بواجباته الدستورية على أكمل وجه بافتتاحه لجلسات الانتخاب في حال تعذر انتخاب الرئيس في الجلسة الأولى، على أن يحدد الموعد اللاحق لالتئام البرلمان في جلسات مفتوحة تُخصص لانتخابه قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي في 31 تشرين الأول المقبل.
فتحديده لجلسة الانتخاب قبل يومين وشهر من انتهاء ولاية عون سيضع الأكثريات المعارضة التي لم تتوحد حتى الساعة حول مرشح معين تخوض على أساسه المعركة الرئاسية أمام مسؤولياتها، فهل تقبل التحدي وتبادر إلى توحيد صفوفها واضعة بذلك حداً لانقساماتها وتوزعها على كتل نيابية ومجموعة من النواب المستقلين؟
والسؤال نفسه ينسحب على النواب المنتمين إلى محور الممانعة بقيادة «حزب الله» والآخرين الذين يدورون في فلك رئيس البرلمان، وهل يتمكن «حزب الله» من ردم الهوة السياسية القائمة حالياً بين المرشح الأبرز لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية وبين رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي لا يترك مناسبة إلا ويعلن فيها معارضته لتأييد حليفه اللدود زعيم تيار المردة؟
لكن كل هذه الأسئلة لن تحجب الأنظار عن تعويم حكومة تصريف الأعمال لتصبح حكومة كاملة الأوصاف لقطع الطريق على إقحام البلد في فوضى دستورية إذا تعذر انتخاب الرئيس في موعده الدستوري وعهد إليها بأن تدير الشغور الرئاسي، مع أن المحاولات الرامية إلى تعويمها تدخل الآن في سباق مع انتخاب الرئيس.
وفي هذا السياق، يرى أكثر من خبير دستوري أن التئام البرلمان في جلسته الأولى بتأمين النصاب القانوني المطلوب بمشاركة أكثرية ثلثي النواب في الجلسة يقطع الطريق على تعويم الحكومة، لأن البرلمان يتحول حُكماً إلى هيئة ناخبة إلى حين انتخاب الرئيس، حتى لو تعذر انتخابه في الجلسة الأولى بحصول المرشح على تأييد أكثرية الثلثين أي 86 نائباً من أصل 128 نائباً يتشكل منهم البرلمان.
أما إذا تعذر انتخاب الرئيس في الجلسة الأولى بعدم تأمين حضور أكثرية ثلثي النواب كشرط لانعقادها، فإن فقدان النصاب القانوني المطلوب يمكن أن يفتح الباب أمام تعويم حكومة تصريف الأعمال.
وعليه، فإن الرئيس بري بدعوته لعقد الجلسة سيدفع باتجاه قلب الطاولة في وجه الكتل النيابية على اختلاف انتماءاتها، ويمكن أن يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق لمصلحة البحث عن اسم مرشح توافقي، وهذا ما كان لمح إليه في أولى الجلسات التي خُصصت لمناقشة الموازنة وإقرارها، ولا يعني التوافق من وجهة نظره انتخاب الرئيس بإجماع نيابي.
كما أن تعذر انتخاب الرئيس في موعده الدستوري قد يؤدي إلى تبدل في موازين القوى، لأنه بحالته الراهنة تتساوى الموالاة والأكثريات المعارضة في تعطيل جلسات الانتخاب من دون أن يتمكن أي فريق من حسم المعركة الرئاسية لمصلحته لافتقاده إلى تأمين النصاب لانعقاد جلسة الانتخاب الأولى، وللأكثرية النيابية في الجلسات اللاحقة المشروطة بحضور ثلثي أعضاء البرلمان إذا ما تعطل انعقاد الجلسة الأولى.
فرئيس البرلمان بدعوته لانتخاب الرئيس رفع عنه المسؤولية ورماها في حضن الكتل النيابية التي يطالبها المجتمع الدولي بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، وهذا ما ركز عليه البيان الصادر عن وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية من دون أن يعني تخليه عن دوره بدءاً بدعوته للتوافق على الرئيس الذي يمكن أن يفتح ثغرة في الجدار السياسي بحثاً عن رئيس يتوافق عليه أكثرية النواب شرط أن يكون من خارج المرشحين الطبيعيين للرئاسة.
وبالنسبة إلى تعويم الحكومة لا بد من الإشارة إلى أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يقف حالياً أمام مهمة صعبة يتطلع من خلالها إلى تعبيد الطريق لتصبح سالكة سياسيا لتسهيل تعويمها.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن اللواء إبراهيم انطلق في وساطته بمباركة من ميقاتي وعون، لكنه فوجئ بأن للأخير رزمة من الشروط ما اضطره أثناء وجوده في بعبدا للقاء عون للاتصال بباسيل والاجتماع به لاحقاً لتذليل العقبات التي تؤخر تعويمها، وهذا ما أدى إلى مبادرة «حزب الله» لإقناع باسيل بسحب شروطه التي لا يوافق عليها ميقاتي لأنها لم تكن مُدرجة على جدول اجتماعه الأخير بعون.
وهكذا يكون بري قد خطا خطوة نحو استدراج الكتل النيابية إلى ملعبه لدفعها إلى كشف أوراقها قبل الأوان، إلا إذا اضطرت للرد على دعوته باللجوء إلى مناوراتٍ لاعتقادها بأن الظروف ليست ناضجة حتى الساعة للمضي قدماً إلى الأمام لانتخاب الرئيس، وإن كانت أعلنت الاستنفار العام ومعها العدد الأكبر من النواب المستقلين بدءاً من عصر أمس للبحث في الخطوات المطلوبة للتعاطي مع دعوته، خصوصاً أن عدم حضور الجلسة سيشكل إحراجاً لمن يغيب عنها لأنه لن يكون لديه مبرر لعدم الاستجابة لدعوته.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».