عبد الله الغبين: معرض الرياض ساهم في إنقاذ النشر العربي من الكساد

مدير دار «أثر» يرى أن الناشرين العرب ما زالوا متأخرين في الترجمة

عبد الله الغبين - جانب من معرض الرياض - دورة عام 2021
عبد الله الغبين - جانب من معرض الرياض - دورة عام 2021
TT

عبد الله الغبين: معرض الرياض ساهم في إنقاذ النشر العربي من الكساد

عبد الله الغبين - جانب من معرض الرياض - دورة عام 2021
عبد الله الغبين - جانب من معرض الرياض - دورة عام 2021

دار «أثر» هي دار سعودية أسسها الكاتب عبد الله الغبين بمدينة الدمام عام 2010 كـ«دار ثقافية داعمة للأدب الجاد رفيع المستوى، مع بحثها الدؤوب عن الجواهر الثقافية العالمية وتقديمها إلى اللغة العربية للمرة الأولى». وكانت الدار قد فازت العام الماضي بجائزة النشر ضمن الجوائز الثقافية الوطنية التي تقدمها وزارة الثقافة السعودية.
ويسند الغبين أسباب هذا النجاح إلى كون الدار «عمدت منذ بدايتها إلى طرق أبواب ثقافات مُغيبة ومناطق غير مكتشفة، فقدمت لأول مرة روائيين عظماء من صربيا وبلغاريا ودول أخرى، من المعتاد ألا يذهب إليها معظم الناشرين العرب، ممن يركّزون بشكل أكبر على الكُتاب العالميين مثل دوستويفسكي وتولستوي، باعتبار أن مبيعات كتبهم مضمونة.
منذ البداية، أخذنا على عاتقنا مهمة إثراء المحتوى العربي وسوق النشر العربي». ويشير الغبين إلى أنه في عالم ترجمة الكتب لا توجد منافسة، مُرجعاً ذلك لاتساع حجم السوق الكبير، لكنه يرى أن الناشرين العرب ما زالوا متأخرين في الترجمة بالمقارنة مع الدول الغربية ذات الباع الطويل في هذا الجانب.
ونسأله: هل الدار قادرة على المزاوجة ما بين تقديم كُتاب عالميين والحصول على حقوق ترجمة كتبهم وما بين اكتشاف المواهب الشابة الجديدة، حيث يندر أن تجمع دار نشر بين هذين الاتجاهين، يجيب «دار النشر لا بد أن يكون لها دور تنويري، بحيث تحمل على عاتقها تسويق الأدب والكتابة الجديدة في البلد الذي تنشأ به»، ويشير إلى وجود حركة نشطة من الكتابة الجميلة والمتطورة وأحياناً المتجاوزة، كما يصفها. في السنوات الأخيرة، - مع الأسف - فإن الكِتاب المترجم هو الأكثر رواجاً، وعلى الرغم من أني ممن يعملون على الكتب المترجمة، فإن ذلك بات يؤثر على تسويق الكتاب المحلي، وكثير من الكُتاب السعوديين والعرب حين أسألهم عن قراءاتهم أجدهم مهتمين بالكتب المترجمة، وأعتقد أن هناك نوعاً من الاستلاب الثقافي حتى في القراءة؛ لأن الكتب المترجمة لا تعبّر عنا، بل نحن من خلالها نقرأ عن ثقافات أخرى، لكن ماذا عن ثقافتنا؟».
وبسؤاله إن كان الحصول على حقوق ترجمة كبار الكُتاب أصعب أم اكتشاف الكتاب الجيدين، يقول «الخيار الثاني بالطبع؛ لأن الكتاب المترجم عادة ما يكون قد حقق شهرة وبسببها وصل إلينا، لكن عند البحث عن مسودة أو كتاب محلي جيد، فإن الأمر يتطلب ربما قراءة عشرات الكتب إلى حين اختيار كتاب واحد».
ويرى مدير دار «أثر»، أن من أبرز التحديات التي تعيشها حالياً دور النشر العربية هي عملية التوزيع. لكن الأزمات الاقتصادية التي تعيشها عدد من البلدان العربية أثرت على هذه العملية؛ الأمر الذي دفع القرّاء نحو قرصنة الكتب. رغم ذلك، فإن دار النشر التي تنتج كتباً جيدة وتتمكن من سد الفراغات المعرفية في الوطن العربي ستكون قادرة على تحقيق النجاح. وعن الخلطة السرية لتحقيق ذلك، يؤمن عبد الله الغبين بضرورة أن يكون لدى أي دار نشر فريق استشاري ينكبّ على متابعة توجهات الحراك الثقافي عموماً، وليس النشر فقط، بما يساعد الدار على النجاح وكسب ثقة القارئ.
ورغم أن عمل دور النشر هو ثقافي وتجاري في آن واحد، فإن الغبين يقول «إنه لا بد من الموازنة ما بين الاثنين، وألا يطغى جانب على حساب الآخر». بسؤاله عن صعوبة ذلك، يشير إلى «وجود عدد من الإشكالات التي تجعل الأمر ليس بالهين، منها غياب الملاحق الثقافية المتخصصة بمرجعات الكتب، والتي تسهم في دفع حركة الإصدارات الجديدة في الدول الغربية، فحين تصدر رواية جديدة، تكتب عنها مقالات عدة في الصحف والملاحق الأدبية،، ويتناولها مراجعو الكتب في الصحف العالمية، حيث تسبق الحركة التسويقية صدور الكتاب ووصوله للقارئ». وهما يُبدى الغبين تأسفه من واقع الملاحق الثقافية العربية التي يرى، أن «الكثير منها في طريقه للانهيار والإغلاق؛ الأمر الذي يضعف من تسويق الكتب. إننا نحتاج إلى ملاحق أو مواقع متخصصة بمراجعات الكتب، سواء الكتاب المحلي أو المترَجم»، بالإضافة إلى أن الساحة الثقافية تفتقد حركة النقد الحقيقية، مشيراً إلى أن «الكثير من المثقفين استبدلوا الكتاب بتزجية الوقت في شبكات التواصل الاجتماعي؛ مما يعني توقف قراءاتهم عند زمن بعيد جداً».
ويسترجع الغبين الدور الذي لعبته المنتديات الإلكترونية مطلع الألفية في هذا الاتجاه، قائلاً «كان فيها مساحة كبيرة للمناقشات والجدل حول الكتب؛ ولهذا فإن كثيراً من الكتب حققت انتشاراً وبقاءً راسخاً في الذاكرة أكثر من تلك المتداولة في شبكات التواصل الاجتماعي».

معرض الرياض

وعن أهمية معرض الرياض، الذي ينطلق بعد يومين، ومشاركة الدار فيه، يقول الغبين «معرض الرياض هو أهم داعم لسوق النشر العربي، وحين توقف المعرض بسبب الجائحة لمدة عام ونصف العام، رأينا كيف أن دور النشر العربية وقعت في أزمة تسويق، وبعضها دخل في نفق مظلم. إن كثيراً من الناشرين العرب باتوا ينشرون الكتب التي يعتقدون أن تلائم مزاج القارئ السعودي. القارئ السعودي هو قارئ خطير جداً ومثقف حقيقي؛ لذا يعد رقماً صعباً في الثقافة العربية. أما عن مشاركتنا في المعرض، فنحن سنشارك بكتب فازت بأهم ثلاث جوائز أدبية في العالم، وهي (غونكور) و(بوكر) و(نوبل)، وهو أمر لأول مرة يحدث في دار نشر عربية مشاركة، حيث سنأتي إلى الرياض بصحبة أفضل الجوائز العالمية».
ومن هذه الروايات، كما يذكر، رواية نشرتها في مايو (أيار) الماضي دار «غاليمار» الفرنسية وهي «حرب»، للكاتب الفرنسي لويس فردينياند سيلين، وهي رواية لم تُنشر من قبل بعدما بقيت مخطوطات هذه القصة التي تتناول الحرب العالمية الأولى مفقودة عشرات السنوات؛ إذ سُرقت من منزله مع مخطوطات أخرى. وقد حصلت دار «أثر» على حقوق نشرها في اللغة العربية.
وعن المشاريع الأخرى، أشار الغبين إلى ترجمة دار «أثر» لأعمال الكاتب التنزاني الفائز بجائزة نوبل 2021 عبد الرزاق قرنح، إلى جانب ترجمة رواية جون ويليامز «أغسطس»، الفائزة بجائزة «بولترز» عام 1973.

قصة التأسيس

ربما لا يعرف الكثيرون أن تأسيس دار «أثر» جاء بناءً على تجربة شخصية لعبد الله الغبين، حيث واجه في بداياته صعوبات في النشر، وكانت له تجربة سيئة عند إصدار ديوانه الأول والوحيد، من دار نشر خارج السعودية. وفي تلك السنوات كانت هناك فورة سعودية في الكتابة والنشر، كما يصفها، وظهر جيل جديد «كان يرغب في التعبير عن آرائه، ومعظمه كان ممن يتجه إلى دور النشر العربية، لعدم وجود دور سعودية شابة، فقد كانت - آنذاك - غالبية دور النشر المحلية، إما شركات كبيرة أو دور مهتمة بالكتاب التراثي... ومن هنا جاءت فكرة تأسيس دار (أثر). وأستطيع القول بكل ثقة إن دار أثر أصبحت ضمن أهم 10 دور نشر عربية».
وذكر الغبين، أن إصدارات الدار قد تجاوزت الـ500 كتاب، وتتجه قريباً لافتتاح فرعها في القاهرة، وإنشاء مكتبة، من المقرر أن تفتتح في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بعد انتهاء معرض الرياض الدولي للكتاب، وأنها، كما يضيف «لن تقتصر على إصدارات دار (أثر) فقط، بل تعرض أيضاً إصدارات دور نشر سعودية وعربية؛ لأن مصر من أهم أسواق الكتاب في العالم العربي».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
TT

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)

حظي الفنان المصري نبيل الحلفاوي باهتمام واسع على «السوشيال ميديا» إثر مرضه، وانتقاله للعلاج بأحد مستشفيات القاهرة، وتصدر اسم الفنان «الترند» على «إكس» في مصر، الجمعة، بعد تعليقات كثيرة من أصدقائه ومتابعيه على منصة «إكس»، داعين له بالسلامة، ومتمنين له سرعة الشفاء والعودة لكتابة «التغريدات».

صورة للفنان نبيل الحلفاوي (متداولة على إكس)

واشتهر الحلفاوي بنشاط تفاعلي على منصة «إكس»، معلقاً على العديد من القضايا؛ سواء العامة أو السياسية أو الفنية، أو الرياضية بالتحديد، بوصفه واحداً من أبرز مشجعي النادي الأهلي المصري.

وكتب عدد من الفنانين داعين للحلفاوي بالسلامة والتعافي من الوعكة الصحية التي أصابته والعودة لـ«التغريد»؛ من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي كتب على صفحته على «إكس»: «تويتر X ما لوش طعم من غيرك يا بلبل»، داعياً الله أن يشفيه.

وكتب العديد من المتابعين دعوات بالشفاء للفنان المصري.

وكان بعض المتابعين قد كتبوا أن أسرة الفنان نبيل الحلفاوي تطلب من محبيه ومتابعيه الدعاء له، بعد إصابته بأزمة صحية ونقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

ويعد نبيل الحلفاوي، المولود في القاهرة عام 1947، من الفنانين المصريين أصحاب الأعمال المميزة؛ إذ قدم أدواراً تركت بصمتها في السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أعماله السينمائية الشهيرة: «الطريق إلى إيلات»، و«العميل رقم 13»، ومن أعماله التلفزيونية: «رأفت الهجان»، و«لا إله إلا الله»، و«الزيني بركات»، و«غوايش»، وفق موقع «السينما دوت كوم». كما قدم في المسرح: «الزير سالم»، و«عفريت لكل مواطن»، و«أنطونيو وكليوباترا».

نبيل الحلفاوي وعبد الله غيث في لقطة من مسلسل «لا إله إلا الله» (يوتيوب)

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «نبيل الحلفاوي نجم كبير، وله بطولات مميزة، وهو ممثل مهم لكن معظم بطولاته كانت في قطاع الإنتاج»، مستدركاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكنه في الفترة الأخيرة لم يكن يعمل كثيراً، شارك فقط مع يحيى الفخراني الذي قدّر موهبته وقيمته، كما شارك مع نيللي كريم في أحد المسلسلات، فهو ممثل من طراز فريد إلا أنه للأسف ليس اجتماعياً، وليس متاحاً كثيراً على (السوشيال ميديا). هو يحب أن يشارك بالتغريد فقط، ولكن لا يتفاعل كثيراً مع المغردين أو مع الصحافيين. وفي الوقت نفسه، حين مر بأزمة صحية، وطلب المخرج عمرو عرفة من الناس أن تدعو له بالشفاء، ظهرت مدى محبة الناس له من أصدقائه ومن الجمهور العام، وهذا يمكن أن يكون فرصة لمعرفة قدر محبة الناس للفنان نبيل الحلفاوي».