أوقفت السلطات الأمنية التونسية، اليوم (الاثنين)، رئيس بلدية مدينة مرناق القريبة من العاصمة، على خلفية انتحار البائع محمد أمين الدريدي (25 عاماً)، مساء يوم السبت في مقر سكنه، مباشرة بعد تدخل قوات الشرطة، ومنعه من عرض سلعه من الفاكهة، وهي الحادثة التي أثارت احتجاجات وصدامات ليلية في المدينة، بعد أن اتهمت عائلة الضحية شرطة البلدية بمنع أمين من العمل، ومصادرة آلة ميزان خاصة به، ودفعه إلى البطالة القسرية.
وتتواتر مثل هذه الحوادث المأسوية في تونس بين قوات الشرطة والباعة العشوائيين في بلد يمثل فيه الاقتصاد الموازي نسبة أعلى من 50 في المائة. وشهدت مدينة المرناق ليلة أمس احتجاجات وصدامات في الشوارع بين محتجين من الشباب وقوات الأمن، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. واحتج رئيس جامعة (اتحاد) البلديات، عدنان بوعصيدة، في تصريحه لوسائل الإعلام المحلية اليوم، ضد إيقاف رئيس بلدية المرناق للتحقيق، وقال، إن قرار الإيقاف «ليس مبرراً بعد أن تم إنفاذ القانون ضد المخالفين من الباعة العشوائيين، وضبط آلة الوزن الخاصة بالباعة العشوائيين». في حين قالت وزارة الداخلية في بيان لها، إنها بدأت تحقيقاً مع النيابة العامة في ملابسات وفاة أمين، مضيفة، أن التحقيقات الأولية تشير إلى خلافات عائلية حادة دفعته إلى الانتحار، لكن عائلته نفت هذه الرواية.
وفي حي دوار هيشر الفقير بالعاصمة تونس، خرج متظاهرون إلى الشارع احتجاجاً على الفقر، وارتفاع الأسعار، واختفاء سلع غذائية من المتاجر، رافعين قطعاً من الخبز. كما أحرق شبان غاضبون إطارات سيارات، في تصعيد جديد للضغط على السلطات التي تواجه أزمة اقتصادية وسياسية حادة. وتكافح تونس لإنعاش ماليتها العامة مع تزايد الاستياء من التضخم، الذي بلغ 8.6 في المائة، ونقص العديد من المواد الغذائية في المتاجر، مع عدم قدرة البلد على تحمل تكاليف ما يكفي من بعض الواردات الحيوية.
ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه البلاد أيضاً أزمة سياسية حادة، منذ أن سيطر الرئيس قيس سعيّد على السلطة التنفيذية العام الماضي، وحل البرلمان في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب، بينما قال سعيّد، إنها «خطوة قانونية لإنهاء سنوات من الفوضى والفساد المستشري».
وفي ضاحية مرناق قرب العاصمة، احتج أيضاً شبان على انتحار أمين، وأحرقوا إطارات سيارات. لكن قوات مكافحة الشغب أطلقت قنابل الغاز لتفريق المحتجين، الذين رفعوا شعارات ضد الشرطة ورشقوها بالحجارة. مرددين شعار «شغل حرية وكرامة وطنية»، و«عار... الأسعار شعلت نار»، بينما هتف آخرون «أين السكر؟». ويتفاقم نقص الغذاء في تونس مع وجود رفوف فارغة في المتجر والمخابز؛ مما يزيد من السخط الشعبي من ارتفاع الأسعار لدى العديد من التونسيين، الذين يقضون ساعات في البحث عن السكر والحليب والزبدة والأرز والزيت. وقد أظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي عشرات المواطنين وهم يتدافعون للفوز بكيلوغرام واحد من السكر في متاجر عبر البلاد.
ولتجاوز هذه الأزمة المستعصية، تسعى الحكومة التي تواجه أسوأ أزمة مالية لها للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لإنقاذ المالية العامة من الانهيار. وقد رفعت هذا الشهر سعر أسطوانات غاز الطهي 14 في المائة لأول مرة منذ 12 عاماً. كما رفعت أسعار الوقود للمرة الرابعة هذا العام كجزء من خطة لخفض دعم الطاقة، وهو إصلاح رئيسي يطالب به صندوق النقد الدولي.
توقيف رئيس بلدية إثر انتحار بائع أشعلت وفاته احتجاجات في تونس
المتظاهرون عبّروا عن غضبهم من ارتفاع الأسعار واختفاء سلع غذائية
توقيف رئيس بلدية إثر انتحار بائع أشعلت وفاته احتجاجات في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة