كيف تستعد أوروبا لمواجهة «زلزال» إيطاليا السياسي؟

توقعات بأن تقود ميلوني أول حكومة يمينية متطرفة منذ عقود

برلوسكوني يغادر مكتب اقتراع في ميلانو أمس (إ.ب.أ)
برلوسكوني يغادر مكتب اقتراع في ميلانو أمس (إ.ب.أ)
TT

كيف تستعد أوروبا لمواجهة «زلزال» إيطاليا السياسي؟

برلوسكوني يغادر مكتب اقتراع في ميلانو أمس (إ.ب.أ)
برلوسكوني يغادر مكتب اقتراع في ميلانو أمس (إ.ب.أ)

تقف إيطاليا اليوم على أعتاب أكبر تحول سياسي في تاريخها الحديث، حيث يتوقع أن يحصد تحالف الأحزاب اليمينية المتطرفة انتصاراً كاسحاً في الانتخابات العامة، بقيادة حزب اليمين المتطرف «إخوان إيطاليا» الذي ينتظر أن تكلف زعيمته جيورجيا ميلوني بتشكيل الحكومة الجديدة لتصبح أول امرأة تصعد إلى قمة السلطة في التاريخ الإيطالي، وترأس أول حكومة يمينية متطرفة في أوروبا الغربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
تستعد المؤسسات والعواصم الأوروبية الكبرى منذ أسابيع لمثل هذا الزلزال السياسي، ولعلاقة مع روما تنذر كل المؤشرات بأنها لن تكون سهلة، مع احتمال فتحها ثغرة أخرى في جدار المشروع الأوروبي الذي يجهد لاحتواء الأطراف المتمردة والحفاظ على وحدة الصف في مواجهة التحدي الروسي. كشفت التصريحات الأخيرة التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين، أنه إذا جنحت العلاقة في الاتجاه الصعب فإن المؤسسات الأوروبية تتمتع بالأدوات اللازمة للمواجهة، التوتر وراء هذا الانتقال السياسي في إيطاليا، وبددت سراب الحرص الذي حاولت المؤسسات والعواصم الأوروبية الكبرى إظهاره في متابعتها الرسمية للحملة الانتخابية الإيطالية. وتفيد المعلومات بأن تنسيقاً يجري منذ فترة بين بروكسل وباريس وبرلين، استعداداً لمرحلة طويلة من العلاقات المتأزمة مع روما يصعب التكهن بمسارها.
يكفي استعراض التصريحات التي صدرت عن قادة أحزاب التحالف اليميني الإيطالي، والبرامج الانتخابية، والعقيدة السياسية التي تنطلق منها، ليتبين أن جبهات الصدام المحتملة مع بروكسل مفتوحة على مصاريعها: من الحرب في أوكرانيا، إلى الهجرة، وتوزيع الموارد المالية الأوروبية وما يرتبط بها من إصلاحات وشروط، والتعديلات المطروحة على النظام المالي وقواعد العمل واتخاذ القرار في مؤسسات الاتحاد.

                                                            ميلوني خلال تجمع انتخابي في روما الخميس (أ.ب)
لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن المواجهة واقعة حتماً، وليس مستبعداً أن تبحر سفينة الحكومة الإيطالية الجديدة في مياه يضبط إيقاعها صمامان يحولان دون اضطرابها بشدة. الأول على الصعيد الأوروبي، حيث تمسك المفوضية بقرار الإفراج عن الموارد المالية الضخمة التي تنتظر روما الحصول عليها وتحتاجها بشدة، واستعداد المصرف المركزي الأوروبي للتدخل إذا تعرضت سوق الدين الإيطالي العام للاهتزاز. والثاني على الصعيد الداخلي، بفضل النفوذ الوازن لرئيس الجمهورية وللمحكمة الدستورية، والتأثير العميق لمراكز الصناعة والمال التي لا تحبذ ركوب المخاطر والمجازفات.
ويلفت أن الاهتمام الخارجي بالانتخابات الإيطالية لا يوازيه اهتمام على الصعيد الداخلي من المواطنين الذين، أياً كانت ميولهم السياسية، لا يتوقعون تغييرات جذرية مع الحكومة الجديدة التي ستكون الثامنة بعد الستين التي تتعاقب على إيطاليا في العقود السبعة المنصرمة. ويتساءل العديد من المحللين كيف أن الناخب الإيطالي، الذي أحجم عن المشاركة أو الذي أعطى صوته لليمين المتطرف لأنه سئم من المكائد والبهلوانيات السياسية وفقد الأمل من أي إصلاح على يد الأحزاب التقليدية، لم يدرك أن هذه الانتخابات سوف تحدد الهوية السياسية لبلاده، وبالتالي موقعها في المحيط الأوروبي والغربي.
وفيما يركز المراقبون الخارجيون على المتاعب التي يمكن أن يجرها وصول الحكومة الإيطالية الجديدة على المشهد الأوروبي والحرب في أوكرانيا، ينبه بعض المحللين من أبعاد التصريحات التي كانت قد صدرت عن ميلوني خلال الحملة الانتخابية، حيث شددت على أنها في حال الحصول على الأغلبية الكافية في البرلمان، ستقترح تعديل الدستور لتغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي على غرار الولايات المتحدة أو فرنسا. ويشير هؤلاء إلى خطورة النظام الرئاسي في بلد مثل إيطاليا، مردها إلى ضعف الثقافة الديمقراطية والتجارب السابقة التي أثمرت وصول مؤسس الحركة الفاشية بنيتو موسوليني إلى السلطة.
ورغم أن برنامج الحكم الذي وضعه حزب «إخوان إيطاليا» يكتفي بالإشارة إلى تعديل الدستور لاعتماد نظام انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب وليس من البرلمان، فإن ميلوني كررت خلال الحملة الانتخابية رغبتها في إقامة نظام رئاسي، بموافقة الحزب الرئيسي في المعارضة أو من دونها.
ويقتضي مثل هذا التعديل الدستوري موافقة الأغلبية المطلقة في مجلسي الشيوخ والنواب، وتثبيته لاحقاً في استفتاء شعبي، أو موافقة بأغلبية الثلثين من غير استفتاء.


مقالات ذات صلة

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن الدول واستقرارها

شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن الدول واستقرارها

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن الدول واستقرارها

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن الدول واستقرارها». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

قال الاتحاد الأوروبي إنه «يدين بشدة» قرار القضاء الإيراني فرض عقوبة الإعدام بحق المواطن الألماني - الإيراني السجين جمشيد شارمهد، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وأيدت المحكمة العليا الإيرانية يوم الأربعاء حكم الإعدام الصادر بحق شارمهد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم أوروبا تسجّل في 2022 أعلى إنفاق عسكري منذ الحرب الباردة

أوروبا تسجّل في 2022 أعلى إنفاق عسكري منذ الحرب الباردة

سجّل الإنفاق العسكري في أوروبا عام 2022 ارتفاعاً بوتيرة سريعة غير مسبوقة، حيث وصل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا إلى مستويات لم تشهدها القارة منذ الحرب الباردة، وفق ما أفاد باحثون في مجال الأمن العالمي. وأوردت دراسة لـ«معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام» أن ارتفاع الإنفاق الأوروبي على الجيوش ساهم بتسجيل الإنفاق العسكري العالمي رقماً قياسياً للمرة الثامنة توالياً حيث بلغ 2.24 تريليون دولار، أو 2.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وعززت أوروبا انفاقها على جيوشها عام 2022 بنسبة 13 في المائة أكثر مقارنة بالأشهر الـ12 السابقة، في عام طغى عليه الغزو الروسي لأوكرانيا. وهذه الزيادة هي الأكبر م

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.