تبادل اتهامات بشأن ضربات في الجنوب الأوكراني

موسكو تتعهد توفير «حماية» لمناطق الضم... وتواصل الاستفتاءات

رجل يسير أمام دبابة روسية مدمرة قرب كييف أمس (أ.ب)
رجل يسير أمام دبابة روسية مدمرة قرب كييف أمس (أ.ب)
TT

تبادل اتهامات بشأن ضربات في الجنوب الأوكراني

رجل يسير أمام دبابة روسية مدمرة قرب كييف أمس (أ.ب)
رجل يسير أمام دبابة روسية مدمرة قرب كييف أمس (أ.ب)

تبادلت أوكرانيا وروسيا أمس الأحد الاتهامات بشأن هجمات على مدنيين في جنوب أوكرانيا، بينما سعت موسكو للدفاع عن موقفها في الحرب الدائرة منذ سبعة أشهر رغم تحركها صوب تصعيد الصراع.
وأكدت كييف أمس الأحد أن مدينة أوديسا الساحلية (جنوب) تعرضت ليلا لهجوم بطائرات مسيرة إيرانية الصنع، بعد يومين من هجوم روسي بطائرة مسيرة مماثلة أدى إلى مقتل مدنيين اثنين. وقالت القيادة العملياتية للجيش الأوكراني في جنوب البلاد إن «أوديسا هوجمت مجددا بطائرات مسيرة انتحارية»، مضيفة في منشور عبر «فيسبوك» أن «العدو استهدف المبنى الإداري في وسط المدينة ثلاث مرات»، وقد «أسقطت الدفاعات الجوية (الأوكرانية) طائرة مسيرة. ولم تسجل إصابات». وأكدت المتحدثة باسم القيادة العسكرية الأوكرانية في الجنوب ناتاليا غومنيوك لوكالة الصحافة الفرنسية أن الهجوم جرى بواسطة «طائرات إيرانية مسيرة».
بدورها، اتهمت السلطات الموالية لروسيا في جنوب أوكرانيا قوات كييف بإطلاق صاروخ أمس الأحد على فندق في مدينة خيرسون التي تحتلها القوات الروسية، ما تسبب بسقوط قتيلين أحدهما نائب سابق. ولم يكن من الممكن التثبت من هذه المعلومات من مصدر مستقل على الفور.
وجاءت هذه التطورات تزامنا مع سعي موسكو لتنفيذ ضم محتمل في الشرق والجنوب للمناطق التي سيطرت عليها قواتها. وتقول أوكرانيا والدول الغربية إن الاستفتاءات على ضم تلك المناطق لروسيا باطلة وتهدف لتبرير الضم وتصعيد العمليات القتالية بعد قرار باستدعاء جزئي لقوات الاحتياط إثر خسائر تكبدتها موسكو مؤخرا في أرض المعركة.
وألقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ووسائل الإعلام العالمية السبت وصور المعارضة للهجوم الروسي على أوكرانيا على أنها مقتصرة على الولايات المتحدة والدول التي تدور في فلكها. لكن ما يقرب من ثلاثة أرباع الدول في الجمعية العامة صوتت لتوبيخ روسيا ومطالبتها بسحب قواتها بعد فترة وجيزة من بدء الغزو في 24 فبراير (شباط).
وتم ترتيب إجراء استفتاءات على الانضمام لروسيا على عجل بعد أن استعادت أوكرانيا السيطرة على مناطق واسعة في شمال شرقي البلاد في هجوم مضاد هذا الشهر. وقال مسؤولون أوكرانيون إن سكان بعض المناطق المحتلة منعوا من الخروج منها لحين انتهاء التصويت على مدى أربعة أيام وأضافوا أن جماعات مسلحة تدخل للمنازل وتم تهديد موظفين بالفصل إذا لم يشاركوا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن تلك الاستفتاءات ستلقى ما وصفها بأنها «إدانة صريحة» من العالم، هي والتعبئة التي بدأتها روسيا هذا الأسبوع بما في ذلك في شبه جزيرة القرم والمناطق الأخرى من أوكرانيا التي تحتلها روسيا. وتصر موسكو على أن الاستفتاءات تقدم فرصة لسكان تلك المناطق للتعبير عن رأيهم.
وقال وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحافي بعد خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن المناطق التي تجري فيها استفتاءات بأوكرانيا ستصبح تحت «الحماية الكاملة» لروسيا في حال ضمها. وردا على سؤال عما إذا كان لدى روسيا مبررات لاستخدام الأسلحة النووية للدفاع عن المناطق التي ضمتها من أوكرانيا، قال لافروف إن الأراضي الروسية، بما في ذلك الأراضي «التي سترد لاحقا» في الدستور الروسي، «تخضع لحماية الدولة بشكل كامل». وأضاف أن «جميع قوانين ومبادئ ومفاهيم واستراتيجيات روسيا الاتحادية تسري على جميع أراضيها» مشيرا أيضا على وجه التحديد إلى مبدأ روسيا بشأن استخدام الأسلحة النووية. وقالت مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى إنها لن تعترف بنتائج التصويت. وذكر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في ساعة مبكرة من صباح أمس الأحد أن تصريحات الكرملين بشأن احتمال استخدام الأسلحة النووية «غير مقبولة على الإطلاق» وإن كييف لن تستسلم لها. وقال كوليبا: «نحن ندعو جميع القوى النووية للتحدث علنا الآن وأن توضح لروسيا أن مثل هذه اللهجة تعرض العالم للخطر ولن يتم التغاضي عنها».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية أوليج نيكولينكو على تويتر إن «كييف طلبت عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي بشأن الاستفتاءات»، واتهم روسيا بانتهاك ميثاق الأمم المتحدة من خلال محاولة تغيير الحدود الأوكرانية.
وأمر بوتين يوم الأربعاء بأول تعبئة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية مما دفع بعض الروس إلى محاولة الخروج من البلاد عبر الحدود والمعابر. ولدى سؤال لافروف عن ذلك أشار إلى أن حق الحرية في التنقل مكفول.
وذكرت المخابرات العسكرية البريطانية أن سياسيين قوميين من روسيا دعوا إلى تعزيز قوات الحرس الوطني بموجب أمر التعبئة فيما بدا أنه مؤشر جديد على الضغوط التي تواجهها القوات الروسية. وقالت المخابرات العسكرية البريطانية في إفادة: «نظرا لضرورة قمع المعارضة الداخلية المتنامية في روسيا، إضافة لمهام العمليات في أوكرانيا، من المرجح بشدة أن تتعرض روسجفارديا لضغوط كبيرة» في إشارة لقوة الحرس الوطني التي تتلقى أوامرها مباشرة من بوتين وتشكلت عام 2016 لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».