القاهرة على خط «أزمة الأمن الغذائي» وتداعيات الجائحة الاقتصادية

دعت لمبادلة الديون وعرضت إنشاء مركز دولي لتوريد الحبوب

وزير الخارجية المصري خلال إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (وزارة الخارجية المصرية)
TT

القاهرة على خط «أزمة الأمن الغذائي» وتداعيات الجائحة الاقتصادية

وزير الخارجية المصري خلال إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (وزارة الخارجية المصرية)

دخلت مصر على خط أزمة الأمن الغذائي، والتداعيات الاقتصادية لجائحة «كوفيد - 19» والحرب الروسية - الأوكرانية، وطالبت من داخل أروقة الأمم المتحدة بإطلاق مبادرة عالمية لمبادلة الديون، كما عرضت التعاون في إنشاء مركز دولي لتخزين وتجارة الحبوب على أرضها.
المقترحات المصرية جاءت عبر كلمة ألقاها وزير الخارجية سامح شكري، في اجتماع الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة (مساء السبت)، قال فيها إن «الأزمة الروسية - الأوكرانية، فاقمت من حدة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم منذ اندلاع جائحة كوفيد - 19»، مضيفاً أن «استمرار الآثار السلبية للجائحة، والتطورات الجيوسياسية المتلاحقة، يزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الدول النامية، لا سيما ما يتعلق بالديون السيادية وتفاقم العجز في الموازنات العامة»، مؤكداً «ضرورة أن تتجاوب الدول المتقدمة مع مطلب إطلاق مبادرة عالمية بين الدول الدائنة والمدينة، تهدف إلى مبادلة الديون، وتحويل الجزء الأكبر منها إلى مشروعات استثمارية مشتركة، تخلق المزيد من فرص العمل وتسهم في تحقيق نمو إيجابي للاقتصاد».
وأطلقت «الإسكوا»، (واحدة من اللجان الإقليمية الخمس الخاضعة لولاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة)، نهاية عام 2020 مبادرة «مبادلة الديون بتدابير مناخية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية»، بعد سلسلة من المنشورات والاجتماعات امتدت على مدار 3 سنوات، تم خلالها تحديد «تحديات الدول العربية في تحمّل ديونها»، حسب بيان رسمي في حينه، قال إن «مبادلة الديون فرصة ملموسة للدول العربية لتمويل التنمية المستدامة والعمل المناخي، كما إنها آلية لتوفير حلول مربحة للمدينين والدائنين والمانحين الذين يمكنهم الاستفادة من مدفوعات خدمة الديون لتحقيق الأهداف الإنمائية الوطنية المعنيّة بالمناخ بما يتماشى مع أهداف التنمية العالمية».
ويقدَّر حجم الدين العالمي بـ226 تريليون دولار، حسب إحصائيات صندوق النقد الدولي، الذي يشير إلى أن «الدين العام يمثل نحو 40 في المائة من مجموع الدين العالمي، وهي أكبر نسبة منذ أواسط الستينات، ويُعزى الجانب الأكبر من تراكم الدين العام منذ عام 2007 إلى أزمتين اقتصاديتين رئيستين: الأزمة المالية العالمية، ثم جائحة (كوفيد – 19)».
ولفت وزير الخارجية المصري إلى «التأثيرات المضاعفة» لما وصفه بـ«تعدد الأزمات في الواقع الدولي وتشابكها»، والتي يأتي على رأسها «الأمن الغذائي»، الناتجة عن «إخفاق المجتمع الدولي لسنوات طويلة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والقضاء على الجوع وتحقيق أمن الغذاء، فضلاً عن تفاقم الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية الأخيرة»، على حد تعبيره.
واستشهد شكري بما وصفه بـ«الواقع المؤسف في أفريقيا»، وقال إن «واحداً من كل خمسة أشخاص يواجهون خطر الجوع في أفريقيا، التي تستورد الغذاء بتكلفة سنوية قدرها 43 مليار دولار».
ولمواجهة أزمة الغذاء طالب وزير الخارجية المصري بـ«طرح استراتيجية متكاملة تستهدف أسبابها الجذرية، عبر تطوير نظم الزراعة المستدامة، وتلبية احتياجات الدول النامية، وضمان مشاركة منتجاتها في سلاسل الإمداد دون عوائق، فضلاً عن دعم أنظمة الإنذار المبكر حول الأمن الغذائي، وتعزيز إمكانات تخزين وتوريد الحبوب».
وفي هذا السياق أعلن شكري عن «استعداد بلاده للتعاون مع المجتمع الدولي من أجل إنشاء مركز دولي لتوريد وتخزين وتجارة الحبوب في مصر إسهاماً في صون الأمن الغذائي، اعتماداً على موقعها الجغرافي الفريد».
وأطلقت مصر عام 2015 «المشروع القومي للصوامع» للحفاظ على الغذاء وتأمين المخزون الاستراتيجي منه، ويتضمن إنشاء نحو 50 صومعة، بسعة تخزينية تقدر بنحو 1.5 مليون طن، حسب الهيئة المصرية العامة للاستعلامات.
وتطرقت كلمة وزير الخارجية المصري إلى أزمة التغيرات المناخية، ومؤتمر المناخ «كوب 27» المزمع عقده في شرم الشيخ، في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وطالب شكري بوضع التعهدات والالتزامات الدولية في هذا الصدد «موضع التنفيذ»، ودعم الدول النامية والأقل نمواً في جهودها لمواجهة الآثار المدمرة لتغير المناخ، فهي «الأكثر استحقاقاً واحتياجاً لذلك»، على حد تعبيره، معرباً عن أمله في أن «يؤدي المؤتمر إلى رفع طموح تمويل المناخ والعمل على تنفيذ تعهد مضاعفة التمويل الموجه إلى التكيف وتوفير 100 مليار دولار سنوياً، وكذلك الانتقال العادل إلى الطاقة المتجددة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.