نساء تونس يخشين الإقصاء من المشهد البرلماني المقبل

بعد تراجع القانون الانتخابي عن مبدأ المناصفة في الترشح بين الرجل والمرأة

مطالبة نسائية بالمزيد من الحقوق والمكاسب (أ.ف.ب)
مطالبة نسائية بالمزيد من الحقوق والمكاسب (أ.ف.ب)
TT

نساء تونس يخشين الإقصاء من المشهد البرلماني المقبل

مطالبة نسائية بالمزيد من الحقوق والمكاسب (أ.ف.ب)
مطالبة نسائية بالمزيد من الحقوق والمكاسب (أ.ف.ب)

عبرت مجموعة من المنظمات الحقوقية النسائية عن خشيتها وتخوفها، مما سيفرزه القانون الانتخابي الجديد الذي سيعتمد في الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، من نتائج تقلل من حظوظ المرأة التونسية في دخول البرلمان الجديد، وذلك على خلفية تراجع هذا القانون عن مبدأ المناصفة، الذي يكفله الدستور التونسي، بين الرجال والنساء في القوائم الانتخابية المرشحة.
وتوقع أكثر من طرف سياسي وحقوقي في تصريحات إعلامية، محدودية نجاح المرأة التونسية في دخول البرلمان المقبل، نظرا إلى شرط جمع التزكيات بالمناصفة بين الرجال والنساء، وهو ما اعتبر بمثابة «عقوبة ضد النساء» وفق تعبير سلوى الحمروني رئيسة «الجمعية التونسية للقانون الدستوري»، في ضوء صعوبة دخول النساء إلى الفضاء العام للحصول على 400 تزكية كشرط لقبول الترشح.
وفي هذا السياق، أكد ائتلاف «الديناميكية النسوية» المكون من 10 منظمات نسوية تونسية، أن «اعتماد نظام الاقتراع على الأفراد من دون ضبط ضمانات تتيح للنساء مشاركةً واسعةً وفعلية، يعد خرقاً جسيماً لأحكام الفصل 51 من دستور 2022».
وحذرت تلك المنظمات، من «فتح الباب أمام إقصاء النساء من الترشح في مقابل تعزيز فرص أصحاب الوجاهة والمال المبني على علاقات القرابة وغيرها، مع إقرار القانون بحذف التمويل العمومي للحملات الانتخابية»، كما كان سائدا خلال المحطات الانتخابية السابقة في سنوات 2011 و2014 و2019، علاوة على الانتخابات البلدية التي أجريت سنة 2018.
وفي هذا الشأن، توقعت تركية بن خذر نائبة رئيسة رابطة «ناخبات»، أن يضعف «القانون الانتخابي الحالي مشاركة المرأة، لأن المرأة في الاقتراع على القائمات كانت محمية، وتم تحفيزها بالمناصفة، ولكن الانتخاب على الأفراد سيضعف مشاركتها السياسية» على حد قولها.
ومن ناحيتها، اعتبرت بشرى بالحاج حميدة، النائبة السابقة في البرلمان، أن «القانون الانتخابي الجديد نسف كل المكاسب السابقة». وأكدت أن هذا القانون «سيقصي الفئات الهشة والنساء والشباب والشابات. كما سيمكن أصحاب الأموال فقط من الصعود إلى البرلمان».
وبلورت أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية، مجموعة من الانتقادات للقانون الانتخابي الجديد. من ذلك ما أكدته عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، خلال مؤتمر وطني تحت شعار «الحقوق المكتسبة للمرأة خط أحمر»، من وجود «تراجع متعمد على مستوى حقوق النساء وحضورهن في جميع المجالات، وبخاصة المجال السياسي». وكشفت عن استعداد حزبها وأنصارها «لتنظيم وقفة احتجاجية في الأول من الشهر المقبل للتنديد بالنيل من حقوق النساء التونسيات في القانون الانتخابي الجديد». كما أشارت موسي إلى وجود «إرادة ممنهجة لتقزيم دور المرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية». وانتقدت «معاناة المرأة التونسية داخل المجتمع وعدم تثمين دورها، في ظل تنامي العنف وما يرتكب من جرائم دولة ضد النساء، من خلال تزكية هذه الظاهرة من قبل الحكومات المتعاقبة».
وأضافت «أن القانون الانتخابي الأخير جاء لنسف حقوق النساء، وهو ما يؤكد أن هناك تراجعا عن النموذج المجتمعي البورقيبي».
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، أجرى تعديلات على القانون الانتخابي التونسي الصادر سنة 2014 باعتماد طريقة الاقتراع على الأفراد عوضاً عن القوائم الانتخابية، واعتماد مبدأ سحب الوكالة والتقليص من عدد النواب من 217 في البرلمان المنحل، إلى 161 في البرلمان المرتقب، منهم 10 نواب يمثلون التونسيين المقيمين في الخارج.
يذكر أن الانتخابات البرلمانية التي أجريت سنة 2014 أفرزت فوز67 امرأة، أي بنسبة 34 في المائة من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 217 نائبا. وتراجع هذا العدد في انتخابات 2019 ليستقر في حدود 56 نائبة برلمانية أي بنسبة 26 في المائة.

على صعيد متصل، أعلنت هيئة الانتخابات التونسية عن انطلاق الفترة الانتخابية التشريعية منتصف الليلة الماضية، وذلك تبعا للفصل الثاني من قرار الهيئة المتعلق بروزنامة الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية السنة. وذكرت الهيئة أنه يحظر خلال كامل الفترة الانتخابية الإشهار السياسي، كما بث ونشر نتائج استطلاعات الرأي التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والدراسات والتعاليق الصحافية المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الإعلام. ويمنع الإعلان عن تخصيص رقم هاتف مجاني في وسائل الإعلام، أو موزع صوتي، أو مركز نداء لفائدة مرشح، أو حزب سياسي، عملا بالفصلين 58 و152 من القانون الانتخابي.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.