ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط»: «إخوان السودان» على مقربة من استعادة السلطة

القيادي في {الحرية والتغيير} دعا القوى الإقليمية إلى الانتباه وقال إن أنصار البشير يسعون لخلق فتنة بين القوات المسلحة و«الدعم السريع»

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
TT

ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط»: «إخوان السودان» على مقربة من استعادة السلطة

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)

(حوار سياسي)
وجَّه عضو المجلس المركزي لتحالف «الحرية والتغيير» في السودان، ياسر عرمان، عدة تحذيرات للمجتمعَين الإقليمي والدولي، من مخاطر وشيكة تتهدد البلاد، بسبب اقتراب أنصار النظام السابق الإسلاميين من استعادة السلطة التي فقدوها مع سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019 بفعل ثورة شعبية. كما حذر عرمان من محاولات يبذلها الإسلاميون لخلق فتنة بين القوات المسلحة وقوات «الدعم السريع»، على أمل إضعافهما والتسلل إلى داخلهما للسيطرة على الدولة؛ مشيراً إلى أن حدوث ذلك قد يهدد الأمن الإقليمي.
وقال عرمان الذي شغل منصب المستشار السياسي لرئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إن أنصار البشير يحاولون امتطاء القوات المسلحة كـ«حصان طروادة لاستعادة فردوسهم المفقود».
وبشأن العملية السياسية ومصير القيادة العسكرية الحالية، أوضح عرمان الذي يترأس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» –التيار الثوري الديمقراطي– أن لدى العسكر مخاوف ومطالب ومطامع، وأن معالجة «المصالح والمخاوف» ضرورية من أجل انتقال ديمقراطي مدني: «أما المطامع فلا سبيل لمعالجتها، والشعب حر في اختيار نظام حكمه».
وقال عرمان، إن الثورة حررت القوات المسلحة مثلما حررت المدنيين من قبضة تنظيم «الإخوان المسلمين» ونظام البشير المتسلط؛ مشيراً إلى أن «السودان الآن أصبح شبه دولة، مؤسساتها منهارة، وتعاني اختلالات اجتماعية وسياسية، وتواجه صراعات عابرة للحدود».

ياسر عرمان مستشار رئيس الوزراء السابق في السودان (الشرق الأوسط)

> هناك عودة ملحوظة لأنصار نظام الإسلاميين في كل مرافق الدولة، ويتردد أن القيادة العسكرية استغلت انقسامات قوى الثورة لإعادتهم مجدداً كحاضنة سياسية لها؟
- يحاول النظام البائد استخدام القوات المسلحة كدرع سياسي واقٍ، والتسلق على ظهرها لاستعادة فردوسه المفقود، وهذه قضية يجب توضيحها؛ لأن الصراع ليس بالشكل الذي يحاول البعض تصويره كصراع بين المدنيين والعسكريين؛ بل هو صراع بين نظام الحركة الإسلامية والشعب السوداني. فالإسلاميون يريدون استخدام القوات المسلحة ضد رغبات الشعب.
هناك أكثر من 35 ألفاً من منسوبي النظام السابق في أعلى سلم الخدمة المدنية وأجهزة الأمن وغيرها، هم يريدون الاحتفاظ بهذا «التمكين»، وأكثر ما يزعج مضاجعهم إنهاء تمكين هذا العدد الذي سيطروا به على الدولة، واختطفوا به القوات المسلحة، بعد أن حررها الشعب من قبضة قيادات الإسلاميين، مثل نافع وعوض الجاز.
هذا التشويش الكبير الذي تقوم به فلول نظام البشير، باتهام الآخرين بأنهم يريدون تفكيك القوات المسلحة، القصد منه العودة للحكم والاستيلاء عليه، وهذا هراء وكذب. لا أحد يرغب في تفكيك القوات المسلحة. نظام «المؤتمر الوطني» (حزب الحركة الإسلامية) المباد، يسعى لخلق فتنة بين «الدعم السريع» والجيش، ليحقق من طريقها أهدافه. أما موقفنا، فنحن مع إصلاح وبناء القوات المسلحة والقطاع الأمني، والاستفادة من هذه الجيوش في بناء قوات مسلحة، وفقاً للبرامج المعتمدة دولياً، وإنفاذ الترتيبات الأمنية وفقاً لعمليات نزع السلاح، والتسريح وإعادة الدمج، وخروج الإسلاميين من القوات النظامية، فهم أكبر شر حاق بهذا البلد والقوات النظامية.
وعلى القوى الإقليمية أن تعلم أن إسلاميي حزب «المؤتمر الوطني» أصبحوا الآن في أقرب نقطة من الاستيلاء على السلطة مرة أخرى، ولن تكون عودتهم على حساب الشعب السوداني وحده؛ بل على حساب الإقليم والمجتمع الدولي أيضاً، وتعيد سيرة البشير القديمة. هذه معركة الشعب السوداني؛ لكن لها ذيولاً وتأثيرات إقليمية ودولية، يستغل فيها الإسلاميون صلاتهم الإقليمية والدولية.
الشعب يريد استعادة قواته النظامية لتدعم بناء سودان جديد مستقل، تنتهي فيه نهائياً سيطرة حزب «المؤتمر الوطني». فحزب «المؤتمر الوطني» يعتبر القوات المسلحة جناحاً عسكرياً له، بينما يجب أن يكون الجيش ملكاً للشعب السوداني. وفي تقديري، فإن أهم مورد لإعادة بناء القوات المسلحة هم الشباب الشجعان الأقوياء الموجودون في الشوارع، والذين يمكن أن يسهموا في إصلاحها ودعمها بموارد بشرية شجاعة ووطنية.
> إلى أين وصلت المبادرة الرباعية، وهل تلقيتم دعوة للاجتماع؟
- لم نتلقَّ دعوة بعد؛ لكن الجديد أن الإمارات انضمت للولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا، لتصبح الآن «الرباعية». وربما تحتاج إلى تطوير وإدخال أطراف إقليمية ودولية تدعم الانتقال والعملية السياسية، لتكون ذات مصداقية وليست صفقة. فالصفقة غير مطلوبة، وأي عملية سياسية لا يوافق عليها الشارع محكوم عليها بالفشل.
> حال التسوية السياسية، ما مصير قيادة الجيش الحالية؟ هل ستبقى أم ستأتي قيادة جديدة؟ وكيف سيتم التعامل مع قضايا العدالة؟
- أنا لا أتحدث عن تسوية؛ لأن أي حل أو عملية سياسية تتجاهل قضايا عدم الإفلات من العقاب ورضا أُسر الضحايا، في وثيقة دستورية أو انتقال كامل، لن تنجح. يجب أن يكون هناك رضا كامل عن قضية العدالة، عمّا حدث في دارفور وفي النيل الأزرق وجبال النوبة وكجبار، وفي ساحة الحرية في بورتسودان، وشهداء انتفاضة سبتمبر (أيلول) 2013، وشهداء ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018.
يجب أن تؤخذ هذه القضايا بوضوح لبناء مجتمع جديد، يخرجنا نهائياً من موضوع الإبادة الجماعية، والقضايا التي أدت إلى انفصال جنوب السودان، وإعادة تعريف المشروع الوطني الجديد، بعد أن شهد السودان أكبر حدثين: انفصال الجنوب، والإبادة الجماعية وجرائم الحرب.
> هل يمكن التفاوض على ابتعاد القيادات الحالية للجيش؟
- لا أتكلم عن تفاوض؛ بل عن انتقال سلمي إلى سلطة مدنية ديمقراطية يرضى عنها الشارع، وفق عملية مصممة بمصداقية، وليس في الغرف المغلقة أو صفقات النخب. ويجب ألا يفاجأ الشعب غداً برئيس وزراء تم اعتماده من قبل الجيش؛ بل أن تتم العملية بمشاركة شعبية حقيقية، مستفيدة من تجارب عديد من البلدان التي شهدت انتقالاً إلى سلطة مدنية ديمقراطية حقيقية.
> مشاركة رئيس مجلس السيادة في تشييع ملكة بريطانيا، وإلقاء خطاب السودان في الأمم المتحدة، يعدهما البعض توجهاً جديداً للمجتمع الدولي، وأنه بدأ يرجِّح معادلة الاستقرار على احتمالات حدوث الفوضى؟
- لا أستطيع الحديث نيابة عن المجتمع الدولي؛ لكن ما أعرفه أن المجتمع الدولي لن يقبلك ما لم يقبلك شعبك، وأن القضية الرئيسية داخل البلاد وليست عند المجتمع الدولي. لن تنفع المسكنات الخارجية في إنهاء أزمة الانقلاب، فقد حدث هذا مع نميري ومع البشير دون جدوى.
وجَّهنا رسائل لجهات كثيرة لمعرفة ما يدور بالضبط؛ لكن الشعب السوداني سيُسقط الانقلاب، ولن تفيده فتات الزيارات هنا وهناك، ولن تؤدي لتغيير استراتيجي في نظرة المجتمع الدولي له، وستظل الأزمة تنشب بأظافرها وتنهش فيه، لا سيما أن أزمته تفاقمت بالتناقض داخل المكون العسكري.
> التناقضات التي أشرت إليها داخل المنظومة العسكرية تتضمن معضلة «الدعم السريع»، فكيف يمكن التعامل معه؟ وماذا عن أحاديث التقارب بينه وبين تحالف «الحرية والتغيير» على حساب الجيش؟
- لا يمكن أن يتم أي تقارب على حساب القوات المسلحة أو على حساب الدعم السريع، فكلا الخيارين خاطئ، وستظل القوات المسلحة القالب الرئيسي الذي يجب أن يتم على أساسه إصلاح القطاع العسكري والأمني. نحن لا نريد فتنة بين القوات المسلحة والدعم السريع. صحيح هناك مخاوف ومطالب ومطامع من الجهتين، وتجب معالجة المصالح والمخاوف، أما المطامع فلا سبيل لمعالجتها؛ لأن الشعب الحر هو الذي سيختار نظام حكمه.
ومحاولة تلبيس تحالف «الحرية والتغيير» تهمة الوقوف مع «الدعم السريع» ضد القوات المسلحة غير صحيحة. «الدعم السريع» أعلن فشل الانقلاب، وأبدى رغبته في العودة إلى الثكنات، ولو كانت هناك مصداقية في هذا الحديث فليست هناك مشكلة إذن. وأتمنى من كامل قلبي الوقوف ضد أي دعوة للفتنة بين القوات المسلحة و«الدعم السريع»، وحل قضية «الدعم السريع» في إطار بناء جيش مهني واحد. لن يكون «الدعم السريع» جيشاً موازياً للقوات المسلحة؛ لكن في الوقت نفسه قضية دمج «الدعم السريع» تحتاج لتفاهمات حقيقية.
يريد حزب «المؤتمر الوطني» امتطاء الخلافات بين «الدعم السريع» والقوات المسلحة ليعود للسلطة، لذلك على الشعب التمسك برجوع كل القوات النظامية إلى الثكنات، وإصلاح المنظومة الأمنية. لا نريد فتناً؛ بل نريد لبلادنا الاستقرار، لذلك لا نسعى لتفكيك القوات المسلحة، فهذه كذبة كبيرة. الثورة حررت القوات المسلحة مثلما حررتنا جميعاً، ومن يقولون بذلك هم من يقفون ضد القوات المسلحة؛ لأنهم يريدون إدخالها في فتنة ربما تؤدي إلى انهيار السودان كله.
> هل يمكن تجاوز تحالف «الحرية والتغيير» إلى تحالف جديد؟
- قد تخلق مفردة «تجاوز» بعض الإشكاليات؛ لكن يمكن تطوير «الحرية والتغيير» لتحالف أوسع وأشمل. سعينا ليكون لدينا ربط تنظيمي مع لجان المقاومة الشعبية وحركات النساء والشباب والحركات المطلبية من مجموعات قوى ثورة ديسمبر، وهذا قد يؤدي إلى تطور جديد؛ بل يمكن أن يتم تغيير الاسم بالكامل وبقيادة مختلفة. نحن لا ندخل التحالفات لنعبدها؛ بل هي أدوات لإنجاز مهام ثورة ديسمبر، فإذا وجدنا آلية أقوى من «الحرية والتغيير» سننتقل إليها جميعاً، أو بالأشكال التي يرضاها الآخرون.
> قوى كانت محسوبة على النظام السابق، بدأت تقترب من «الحرية والتغيير»، مثل حزب «المؤتمر الشعبي» و«الاتحادي الديمقراطي الأصل»، فما رؤيتكم لهذا الاقتراب؟
- يجب أن نحدد بشكل قاطع الفرق بين أجندة قوى الثورة والعملية السياسية لإسقاط الانقلاب، وعدم الخلط بين قوى الثورة وقوى الانتقال. هناك قوى مهمة، ويمكن أن تكون راغبة في الانتقال الديمقراطي، فالتعامل معها بحاجة لآليات وتصور مختلف، وما لم يحدث ذلك فإن قوى الثورة قد تدفع ثمن الخلط بينها وقوى الانتقال الديمقراطي. لا نسعى للعزل أو الإقصاء؛ لكن لا يعني ذلك التنازل عن أجندة الثورة. لذا فتحديد الأطراف بدقة من أهم قضايا اليوم، ويجب عدم إغراق العملية السياسية للوصول إلى رئيس وزراء ضعيف يحقق مطلب الانقلاب.
برنامج تحالف «الحرية والتغيير» مختلف، والحزب «الاتحادي الأصل»، و«المؤتمر الشعبي»، يمكن الالتقاء معهما في قضايا الانتقال الديمقراطي العريض؛ لكن برنامج «الحرية والتغيير» أعمق ويلتقي مع قوى الثورة، لذلك يجب عدم الخلط بين القضيتين. لا نحتكر مساحة العمل السياسي، ونطلب من الآخرين الوقوف ضد هذا الانقلاب. وإذا وقفوا ضده فيمكن الوصول إلى تفاهمات؛ لكنها لن تحل بديلاً عن قوى الثورة.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

توافق مصري - أوغندي على «التشاور وعدم الإضرار» في قضايا مياه النيل

جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري ووزير العلاقات الدولية الأوغندي (الخارجية المصرية)
جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري ووزير العلاقات الدولية الأوغندي (الخارجية المصرية)
TT

توافق مصري - أوغندي على «التشاور وعدم الإضرار» في قضايا مياه النيل

جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري ووزير العلاقات الدولية الأوغندي (الخارجية المصرية)
جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري ووزير العلاقات الدولية الأوغندي (الخارجية المصرية)

توافقت مصر وأوغندا على «ضرورة حوكمة التعاون العابر للحدود في نهر النيل وفقاً لقواعد القانون الدولي، لا سيما الإخطار المسبق والتشاور والتوافق وعدم الإضرار، وفقاً للالتزامات والممارسات المستقرة دولياً».

وتناولت محادثات جرت بين وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، ووزير العلاقات الدولية الأوغندي، هنري أوكيلو أوريبم، في القاهرة، الأربعاء، ملف الأمن المائي ونهر النيل، وأكدت أن مصر «لطالما كانت داعمة للتنمية في دول حوض النيل بما فيها المشروعات المائية في أوغندا ومنها سد أوين».

وزار وزير الخارجية والهجرة المصري، أوغندا، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبحث مع الرئيس يوري موسيفيني، وعدد من المسؤولين «التعاون المائي مع دول حوض النيل». وشدد حينها على أن أمن مصر المائي «قضية وجودية»، وجدد تأكيد بلاده على «رفض الإجراءات الأحادية في التعامل مع الأنهار الدولية».

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

ويزور وزير العلاقات الدولية الأوغندي، القاهرة، لعقد الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين مصر وأوغندا والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية والهجرة المصرية، تميم خلاف، فإن الوزير عبد العاطي أكد خلال لقاء أوريبم «على عمق العلاقات التاريخية التي تربط بين مصر وأوغندا والتي ترتكز على الروابط الأخوية والمصالح المشتركة في العديد من المجالات»، مشدداً على أهمية «تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتنمية والتجارة والاستثمار بما يخدم مصالح الشعبين».

واستعرض عبد العاطي النشاط الواسع للشركات المصرية بأفريقيا في مجالات البناء والتشييد والطاقة، مؤكداً «ضرورة تحديث وتفعيل آليات التعاون والتنسيق المُشترك للارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين إلى الشراكة الاستراتيجية».

الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني خلال استقبال وزير الخارجية والهجرة المصري في أكتوبر الماضي (الخارجية المصرية)

وبحسب متحدث وزارة الخارجية والهجرة المصري، تطرق الجانبان إلى الأوضاع في منطقتي البحيرات العظمى وحوض بحيرة تشاد والساحل والقرن الأفريقي، وضرورة استمرار الجهود الهادفة لـ«مكافحة الإرهاب» من خلال تبني استراتيجية شاملة تتناول الأبعاد الأمنية والتنموية والفكرية لظاهرة الإرهاب، ودعم الأزهر في تدريب الأئمة بأوغندا، وكذلك القضاء على الجريمة المنظمة التي تهدد أمن وسلامة المجتمعات الأفريقية.

وتعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

كما ناقش عبد العاطي وأوريبم، التنسيق في جهود إصلاح وتطوير الاتحاد الأفريقي، والعمل المشترك بين الدول الأفريقية ودول الجنوب في مواجهة التحديات الجسيمة في مجالات السلم والأمن والتنمية المستدامة. وتم الاتفاق على «تبادل التأييد في الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية».

عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أوريبم في القاهرة (الخارجية المصرية)

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية والهجرة المصري أنه اتفق والوزير الأوغندي على «ضرورة تعزيز العلاقات على الصعيد التجاري والاستثماري والوصول بحجم التبادل التجاري إلى آفاق جديدة تليق بالعلاقات السياسية المتميزة بين البلدين».

وأضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أوريبم أن البلدين بصدد إطلاق مجلس لرجال الأعمال بين مصر وأوغندا؛ ليسهم في المزيد من دفع العلاقات بين البلدين، لافتاً إلى أنه أحاط الوزير الأوغندي علماً بالآليات القائمة لدفع التعاون مع أوغندا ومنطقة حوض النيل، مشيراً إلى الآلية الخاصة بتمويل مشروعات تنموية في دول حوض النيل الجنوبي برأسمال نحو 100 مليون دولار من الموازنة المصرية (الدولار يساوي 49.8 جنيهاً في البنوك المصرية).

كما تحدث عبد العاطي عن آلية أخرى، وهي الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمارات المصرية في منطقة حوض النيل برأسمال يتجاوز 600 مليون دولار. وتضم دول حوض النيل الجنوبي، «بوروندي، والكونغو، وكينيا، ورواندا، وجنوب السودان، وتنزانيا، وأوغندا»، وتعد من دول «المنابع» للنهر، وتشكل مع دول النيل الشرقي «إثيوبيا والسودان ومصر وإريتريا» إقليم حوض نهر النيل.