أنقرة ودمشق تخفضان التوقعات ببدء اتصالات دبلوماسية لتطبيع العلاقات

اعتبرتا «مسار أستانة» هو الإطار الأمثل للتسوية في سوريا

وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسوري فيصل المقداد خلال لقاء جمعهما في نيويورك أول من أمس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (وزارة الخارجية الروسية - رويترز)
وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسوري فيصل المقداد خلال لقاء جمعهما في نيويورك أول من أمس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (وزارة الخارجية الروسية - رويترز)
TT

أنقرة ودمشق تخفضان التوقعات ببدء اتصالات دبلوماسية لتطبيع العلاقات

وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسوري فيصل المقداد خلال لقاء جمعهما في نيويورك أول من أمس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (وزارة الخارجية الروسية - رويترز)
وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسوري فيصل المقداد خلال لقاء جمعهما في نيويورك أول من أمس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (وزارة الخارجية الروسية - رويترز)

حسمت أنقرة ودمشق الجدل المتصاعد بشأن احتمال الإقدام على خطوات واسعة لتطبيع العلاقات وإعادتها إلى مسارها الذي كانت عليه قبل عام 2011، ونفت العاصمتان التركية والسورية وجود اتصالات على المستوى الدبلوماسي أو عقد لقاءات بين وزيري الخارجية قريباً لبحث تطبيع العلاقات. لكنهما أكدتا في الوقت ذاته أن مسار أستانة يشكل الإطار الأمثل لبحث الحل السياسي للأزمة السورية حالياً.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، إنه لا توجد حالياً أي خطط لإجراء اتصالات على المستوى السياسي أو الدبلوماسي مع النظام السوري، لافتاً إلى أن أجهزة المخابرات في البلدين تجري الاتصالات فيما بينهما.
وشهدت الفترة الأخيرة عدداً من اللقاءات بين رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان ورئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك، في موسكو ودمشق. وأفادت تقارير بأن اللقاءات بحثت الشروط التي يقدمها كل من الجانبين وكانت بمثابة محاولة لوضع «خريطة طريق للعودة الآمنة للسوريين في تركيا إلى بلادهم»، مشيرة إلى أنه تمت مناقشة القضايا ذات الأولوية للطرفين وهوامش المرونة والبنود الرئيسية لخريطة الطريق التي يجب اتباعها من الآن فصاعداً.
وذكرت صحيفة «صباح»، القريبة من الحكومة التركية، أن مسؤولي المخابرات الأتراك عرضوا في دمشق قضايا تخص العودة الآمنة لجميع طالبي اللجوء، وإعادة العقارات لأصحابها، وتهيئة ظروف العمل والتوظيف، وضمان عدم إصدار أحكام بحقهم. وأضافت أن الجانب التركي طالب أيضاً بضرورة إلغاء القانون رقم 10 الذي أصدرته الحكومة السورية في 2 أبريل (نيسان) عام 2018، الذي يقضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر في المناطق التي دمرتها الحرب، إلا أنه ينص على سحب ملكية العقار من المواطن خارج البلاد الذي لا يقدم إثباتات الملكية خلال 30 يوماً، وهو ما فسّره حقوقيون وناشطون بأنه عقاب جماعي للسوريين في دول اللجوء.
وبشأن ما طرحه الجانب السوري خلال لقاء فيدان ومملوك، ذكرت الصحيفة أن النظام طالب بانسحاب القوات التركية من كامل سوريا، وكان رد الوفد التركي أن أنقرة ملتزمة بوحدة الأراضي السورية، لكن يمكن تقييم هذه المطالب لاحقاً، بشرط استكمال العملية الدستورية وإجراء انتخابات حرة وتجديد اتفاقية أضنة لمكافحة الإرهاب الموقعة بين تركيا وسوريا عام 1998.
وأكدت الصحيفة، نقلاً عن مصادر مطلعة لم تحددها، أنه ليس من المتوقع أن تكون هناك لقاءات في المدى القريب على مستوى الوزراء من الجانبين التركي والسوري أو لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس السوري بشار الأسد.
وتصاعد الحديث عن احتمال أن تقدم أنقرة ودمشق على خطوات سريعة لتطبيع العلاقات بعد تصريحات كشف فيها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن لقاء سريع جمعه بنظيره السوري فيصل المقداد في بلغراد العام الماضي، وتصريح الرئيس إردوغان بأنه يجب تصعيد الاتصالات مع النظام السوري إلى أعلى المستويات، وما نقله عنه الكاتب، في صحيفة «حرييت»، المقرب من الحكومة، عبد القادر سيلفي عن أن إردوغان أكد أنه كان يتمنى لقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد لو شارك في قمة شنغهاي التي عقدت في سمرقند الأسبوع الماضي، ليبلغه وجهاً لوجه أنه لم يستمع إلى نصائحه السابقة، وأنه أراد الحفاظ على الأراضي الواقعة تحت سيطرته دون أن تكون لديه القدرة للحفاظ على كامل الأراضي السورية، وأنه لم يستمع إلى التحذيرات بأن الولايات المتحدة وروسيا ستدخلان إلى سوريا.
وأكد كالين أن موقف تركيا من النظام السوري واضح، مشدداً على دعم تركيا لمسار أستانة، ومفاوضات اللجنة الدستورية السورية.
وجاءت تصريحات كالين بعد ساعات من نفي وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وجود أي اتصالات مع الخارجية التركية بخصوص تطبيع العلاقات بين البلدين.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية، الجمعة، عن المقداد أنه «ليست هناك مفاوضات حالياً حول تطبيع العلاقات مع تركيا، وأن عدم التزام تركيا يعد عقبة تعوق الوصول إلى تسوية في إطار مسار أستانة. وأضاف المقداد أن مسار أستانة هو الإطار الوحيد القابل للتطبيق لحل النزاع السوري.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».