الاحتجاجات الإيرانية تدخل أسبوعها الثاني... والسلطات تحرك مظاهرات مضادة

ارتفاع عدد الضحايا إلى 50 والجيش يتوعد قطع الإنترنت و30 مليون تغريدة لاسم مهسا أميني

جانب من احتجاجات مناهضة للنظام (تويتر)
جانب من احتجاجات مناهضة للنظام (تويتر)
TT

الاحتجاجات الإيرانية تدخل أسبوعها الثاني... والسلطات تحرك مظاهرات مضادة

جانب من احتجاجات مناهضة للنظام (تويتر)
جانب من احتجاجات مناهضة للنظام (تويتر)

وسط اشتداد الاحتجاجات المناهضة للمرشد علي خامنئي، إثر الغضب العام على موت الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها بدعوى «سوء الحجاب»، نظمت السلطات الإيرانية مسيرات في مواجهة المحتجين في وقت ارتفع عدد الضحايا إلى 50 شخصاً وفقا لمنظمات حقوقية.
وتجددت الاحتجاجات وسط حضور نسائي بارز في عدة مناطق من العاصمة طهران ومدن إيرانية مساء الجمعة، بعد ساعات قليلة على خروج مسيرات نظمتها السلطات الإيرانية في عدة مدن بالبلاد، وطالب المشاركون في المسيرات المؤيدة للحكام بإعدام المحتجين.
وأظهرت تسجيلات الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي عودة حشود المحتجين إلى ميدان ولي عصر ومنطقة تجريش في شمال طهران، في وقت حاولت السلطات منع تدفق الأخبار عبر تقييد الإنترنت.

وتحولت مناطق تجمهر المحتجين في طهران والعديد من المدن الإيرانية، إلى ساحة معركة، بعدما حاولت قوات الأمن الإيرانية تفريق حشود المحتجين باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات والذخائر الحية. وأحرق المحتجون مركبات ودراجات للشرطة، ولافتات تحمل صورة المرشد على خامنئي، على وقع الهتاف بـ«الموت للديكتاتور». وذلك وسط غياب أي مؤشرات على تراجع حدة الغضب بشأن وفاة أميني.
ونددت منظمات غير حكومية تنشط من خارج إيران بقمع عنيف للمحتجين، بينما تشهد شبكة الإنترنت في كل أنحاء البلاد اضطرابات وانقطاعات.
وأكدت منظمة «حقوق الإنسان لإيران، غير الحكومية ومقرها في أوسلو، مقتل ما لا يقل عن 50 شخصاً في حملة تشنها قوات الأمن الإيرانية لقمع الاحتجاجات.

مناوشات بين الشرطة ومتظاهرين في ميدان ولي عصر وسط طهران (تويتر)

وقالت إن ارتفاع الحصيلة جاء بعد مقتل ستة أشخاص بنيران قوات الأمن في بلدة ريزفانشهر في محافظة غيلان (شمال) مساء الخميس، مع تسجيل وفيات أخرى في بابل وآمل (شمال). وأضافت أن الاحتجاجات شملت نحو 80 مدينة منذ بدء التظاهرات قبل أسبوع.
كذلك، أشارت منظمات حقوقية إلى سقوط قتلى في محافظة كردستان (شمال) التي تنحدر منها أميني.
وقال مدير المنظمة محمود أميري مقدم لوكالة الصحافة الفرنسية إن «ما لا يقل عن 50 شخصاً قتلوا حتى الآن وما زال الناس يحتجون من أجل حقوقهم الأساسية وكرامتهم». وأضاف أن «المجتمع الدولي يجب أن يقف إلى جانب الشعب الإيراني في مواجهة أحد أكثر الأنظمة قمعية».
وقال الصحافي جواد حيدريان على تويتر إن خمسة قتلى سقطوا الخميس في مدينة دهدشت بمحافظة بوير أحمد، وكتب «حدث جريمة بمعنى الكلمة في مدينة دهدشت مساء الخميس؛ خمسة قتلى وأكثر من 30 جريحاً بعضهم في حالة حرجة».
وأفادت رويترز وسائل الإعلام الإيرانية باعتقال 288 من «مثيري الشغب» أمس الخميس.

مسيرات مؤيدة للمؤسسة الحاكمة في طهران أمس (أ.ف.ب)

وجاءت ذلك، في وقت خرجت مسيرات مؤيدة للنظام في أعقاب تحذيرات شديدة اللهجة من قوات «الحرس الثوري» ووزارة الاستخبارات. وانضم إليها الجيش النظامي الذي قال في بيان إن «سيتصدى للأعداء» الذين يقفون وراء الاحتجاجات، في تحرك قد يشير إلى القمع الذي سحق احتجاجات في الماضي.
وقال الجيش في بيانه إن «هذه الأعمال اليائسة جزء من استراتيجية خبيثة للعدو هدفها إضعاف النظام». وأضاف أنه «سيتصدى لمؤامرات الأعداء المختلفة بهدف ضمان الأمن والسلام لأولئك الذي يتعرضون للاعتداء ظلماً».
وأظهرت التغطية الحية للتلفزيون الرسمي المشاركين في المسيرات وهم ينددون بالمحتجين المناهضين للحكومة ويصفونهم بأنهم «جنود إسرائيل». كما رددوا هتافات تقول: «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل»، وهي هتافات معتادة يستخدمها رجال الدين الإيرانيون لحشد الدعم للسلطات.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن التلفزيون الإيراني الرسمي بث مشاهد من طهران وتبريز وقم وهمدان وأصفهان والأحواز وغيرها بدت فيها أعداد ضخمة من المتظاهرين تسير في الشوارع، وقد حمل كثيرون منهم أعلاماً إيرانية وصور خامنئي. وأضافت الوكالة في نفس السياق، ورفع المتظاهرون لافتات شكروا فيها قوات الأمن «العمود الفقري للبلاد»، وحملوا على النساء اللواتي أحرقن حجابهن خلال تظاهرات احتجاجية في الأيام الماضية. وهتفوا: «الدعوة إلى إلغاء الحجاب تنفيذ لسياسة الأميركيين»، و«الموت للمتآمرين».

وحمل «الحرس الثوري» الإيراني الخميس بدوره على المتظاهرين وندد بـ«عملية نفسية وحرب إعلامية مفرطة» بدأت «بذريعة وفاة مواطنة»، معرباً عن تأييده بـ«جهود وتضحيات الشرطة»، وواصفاً ما يحصل بأنه «مؤامرة جديدة سيكون مصيرها الفشل».
لكن وزير السياحة الإيراني عزت الله ضرغامي دعا أمس إلى إعادة النظر في القوانين غير الفعالة، وقال على تويتر إن إعادة النظر «لا تؤدي إلى سقوط النظام كقطع الدومينو».
على نقيض ذلك، وزير الاستخبارات إسماعيل خطيب من وصف بـ«المحرضين» من أن «حلمهم بهدم القيم الدينية لن يتحقق مطلقاً». كما أعلنت أجهزة الاستخبارات في بيان أن «كل مشاركة في تظاهرات غير قانونية ستُعاقب أمام القضاء».
وعشية عودته إلى طهران، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال مؤتمر صحافي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، «اطمئنوا، سيتم بالتأكيد فتح تحقيق»، موضحاً أن تقرير الطبيب الشرعي لم يشر إلى انتهاكات ارتكبتها الشرطة.
وأضاف رئيسي: «لكنني لا أريد التسرع في استخلاص استنتاجات». وتابع: «إذا كان هناك طرف مذنب، فلا بد من التحقيق في الأمر بالتأكيد. لقد اتصلت بأسرة الراحلة في أول فرصة وأكدت لها شخصياً أننا سنواصل التحقيق بثبات في الحادثة» وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعا رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي الخميس المدعي العام والقضاء إلى التحرك «للحفاظ على الأمن وسلامة المواطنين في كل البلاد ومواجهة العناصر المخربة والمشاغبين المحترفين». وقال: «الأشخاص الذين ألحقوا ضرراً بالممتلكات العامة وخالفوا أوامر الشرطة والمرتبطون بأجهزة تجسس خارجية يجب أن يعاملوا وفق القانون، من دون أي رحمة». وخلال الأيام الماضية، أصرت مسؤولون في الشرطة الإيرانية ونواب برلمان على أن مهسا أميني كانت تعاني من مشكلات صحية، الأمر الذي نفاه والدها أمجد أميني بشدة.

وأثار موت أميني الشابة التي تنحدر من أصول كردية الغضب بشأن قضايا من بينها القيود المفروضة على الحريات الشخصية في إيران، بما في ذلك إلزام النساء بارتداء الحجاب، فضلاً عن الاقتصاد الذي يترنح تحت تأثير العقوبات.
وقالت جماعة «هه نغاو» الحقوقية إن عدة بلدات في شمال غربي البلاد حيث يعيش العديد من الأكراد، الذين يصل عددهم إلى عشرة ملايين نسمة، شهدت إضراباً عاماً الجمعة. وقال مرصد نتبلوكس لمراقبة انقطاعات الإنترنت على تويتر إنه تم قطع الإنترنت عن الهواتف المحمولة في إيران للمرة الثالثة. وأضاف: «تظهر القياسات الحية انقطاعاً للاتصال على مستوى الدولة في شركة الاتصالات الإيرانية مشغل الهواتف المحمولة الرئيسي». وعادت خدمة الإنترنت بالهواتف المحمولة جزئياً الليلة الماضية.
وعبرت حسابات على تويتر مرتبطة بحساب «نشطاء التسلل» المجهول عن دعمها للاحتجاجات. وقالت إنها هاجمت مائة موقع إيراني من بينها العديد من المواقع التابعة للحكومة.
وتعطلت المواقع الإلكترونية للبنك المركزي والمرشد الإيراني والعديد من وكالات الأنباء التابعة للدولة في الأيام الأخيرة. وهاجمت أمس مواقع وزارة الخارجية.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن وزارة الخارجية استدعت القائم بالأعمال السويدي في طهران للاحتجاج على مظاهرة عند سفارة طهران في ستوكهولم. وظهر محتجون في صور نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يكتبون شعارات عند بوابة السفارة.
كما خرجت احتجاجات على وفاة أميني في كندا وهولندا واليونان وبريطانيا الخميس.
وتخطى وسم مهسا أميني باللغتين الفارسية والإنجليزية حاجزاً ثلاثين مليون تغريدة على تويتر، في رقم قياسي لجميع التغريدات المتعلقة بإيران.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة، تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي، وسط تفاؤل حذر من إمكان أن تسفر المحادثات عن اتفاق، في ظل عقبات رئيسية، مثل البقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي مع غزة ومصر.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنه من المهم أن يتعامل المقترح المرتقب مع العقبات الرئيسية بحلول قابلة للتنفيذ، حتى لا يذهب أدراج الرياح. وحذروا من تقديم المقترح بصفته حزمة واحدة للقبول أو الرفض، على اعتبار أن نجاح هذه المفاوضات يحتاج إلى مرونة وتقديم تنازلات وتفاهمات حقيقية لتنجح في التطبيق على أرض الواقع دون خروقات.

ومقابل أجواء قتال شديدة في الضفة الغربية بين حركات فلسطينية مسلحة والجيش الإسرائيلي، تراوح محادثات الهدنة الدائرة بين القاهرة والدوحة مكانها. ووسط هذه الأجواء، أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي بأن «القضايا محل الخلاف ستترك للنهاية، ومن ثم تقدم الولايات المتحدة على الأرجح اقتراحاً نهائياً محدثاً لطرفي النزاع من أجل اتخاذ قرار»، دون تحديد موعد.

وسبق أن نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول أميركي، لم تسمّه، قوله، الخميس، إن «الوفد الأميركي يستعد لعقد جلسة مفاوضات قمة أخرى هذا الأسبوع، يطرح فيها صيغة نهائية، تشمل اقتراحات عينية لجسر الهوة بين الطرفين في كل القضايا»، لافتاً إلى أن هذا المقترح سيكون على طريقة «خذه أو اتركه»، لكي يضع الطرفين في موقف جاد.

وكانت المحادثات التي جرت في الدوحة «مفصلة وبناءة مع استمرار المشاورات، والتركيز حالياً على تفاصيل تنفيذ الصفقة لضمان نجاحها»، وفق «أكسيوس»، الذي نقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: «إن الولايات المتحدة، بالتعاون مع الوسطاء القطريين والمصريين، تحاول التوصل إلى اتفاق حول أكبر قدر ممكن من التفاصيل العملية، واستكمال النقاط الناقصة حول الصفقة الشاملة وتقديمها لإسرائيل و(حماس) مرة أخرى بصفتها حزمة واحدة».

ووفق الموقع فإن «القضايا الشائكة، بما في ذلك مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على الحدود بين مصر وغزة ومراقبة حركة الفلسطينيين من جنوب غزة إلى الشمال، ومطلب زعيم (حماس)، يحيى السنوار أن تؤدي الصفقة إلى إنهاء الحرب، ستؤجل إلى المرحلة الأخيرة من المحادثات».

الدخان يتصاعد بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي أنشأه الجيش الإسرائيلي خلال احتلاله قطاع غزة بين عامي 1967 و2005، يبلغ عرضه في بعض الأجزاء 100 متر، ويمتد لمسافة 14 كيلومتراً على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة. ويعدّ منطقة عازلة بموجب اتفاقية «كامب ديفيد» الموقّعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، قد ذكر في مؤتمر صحافي، الخميس، أن «المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن بأسرى فلسطينيين تحرز تقدماً».

الأكاديمية المصرية في العلاقات الدولية، نورهان الشيخ، ترى أنه ليست هناك مؤشرات تقول إن ذلك المقترح المحتمل الجديد سيقود لاتفاق، خصوصاً أن نتنياهو لا يبدي أي تراجع، بل فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، وتعدّ الحديث الأميركي المستمر عن التقدم بالمفاوضات، ما هو إلا «حديثاً استهلاكياً للداخل الانتخابي في واشنطن قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة»، مؤكدة أن «نتنياهو هو العقبة الرئيسية» في إبرام أي اتفاق، ويعمل على إفشال أي خطة تفاوض للحفاظ على منصبه، والمقترح الأميركي قد يواجه المصير ذاته، إلا إذا كانت هناك ضغوط عليه للتراجع.

ويرجح السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أنه إذا لم يكن المقترح المحتمل قادراً على تقديم حلول لإسرائيل و«حماس» سيفشل، وسندور في حلقة مفرغة، لافتاً إلى أن نتنياهو يريد البقاء في قطاع غزة، خصوصاً في محوري فيلادلفيا ونتساريم، وهذا يخالف رغبة «حماس».

ويعتقد أن أهم العقبات التي قد تفشل المقترح الأميركي، عدم الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم والنص على الوقت الدائم للقتال، محذراً من أنه حال عدم التوصل لتفاهمات حقيقية في المقترح الأميركي فقد يقود ذلك لخروقات في التنفيذ واتفاق هش.

وخلال الأيام الأخيرة، تصاعد خلاف «غير مسبوق» أدى إلى «صراخ بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت» خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني، الخميس، وفق ما كشف موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، على خلفية خرائط انتشار الجيش الإسرائيلي بـ«محور فيلادلفيا».

وغالانت الذي رفض تلك الخرائط في الاجتماع، يرى أنه يجب اختيار مسار الاتفاق لتقليل التوترات أو اختيار «التورط في غزة والوصول لحرب إقليمية»، قبل أن يحدث تصويت، وتقر الخرائط بدعم من نتنياهو و7 وزراء آخرين، وتليها احتجاجات من أهالي الرهائن أمام منزل نتنياهو، للمطالبة بعقد صفقة تبادل.

رجل فلسطيني عاد لفترة وجيزة إلى شرق دير البلح وسط غزة لتفقد منزله يشرب الماء وهو جالس فوق بعض الأشياء التي تم انتشالها (أ.ف.ب)

ولا يزال التوصل لاتفاق بغزة، وتهدئة بالضفة والمنطقة، مطلباً ملحاً عربياً وأوروبياً. وجدد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، شارل ميشال، التأكيد خلال اجتماع بأبوظبي، الجمعة، على «أهمية التوصل إلى اتفاق بشأن وقف عاجل لإطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة العمل على خفض التوتر في الضفة الغربية».

وباعتقاد نورهان الشيخ فإن الخلاف بين نتنياهو وغالانت أو الضغوط الإسرائيلية الداخلية باتا غير مؤثرين في مسار المفاوضات، مؤكدة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن قادر على أن يسيطر على توجهات السياسة في إسرائيل، ونتيجة التصويت على الخرائط كانت لصالحه.

وعدّت أن الضغوط العربية والأوروبية، قد تكون داعمة لمسار جهود الوسطاء، مطالبة بضغوط أميركية حقيقية على نتنياهو لتجاوز العقبات.

بينما أضاف بركات الفرا سبباً آخر لتعنت نتنياهو، وهو «طمأنة إسرائيل» من عدم وجود رد فعال من «حزب الله»، وتراجع ضغوط الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في طهران، مؤكداً أنه لا يمكن توقع محادثات جادة والتوصل لنتائج إيجابية إلا لو حدثت ضغوط جادة وحقيقية من المجتمع الدولي وواشنطن.