سيرة هشام سليم تبقيه «حياً» في حوارات المصريين

وُصف بـ«المُتمرد» وصاحب «الكاريزما»

هشام سليم (أرشيفية - أ.ف.ب)
هشام سليم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

سيرة هشام سليم تبقيه «حياً» في حوارات المصريين

هشام سليم (أرشيفية - أ.ف.ب)
هشام سليم (أرشيفية - أ.ف.ب)

رغم رحيله الوديع، لا تزال أصداء وفاة الفنان المصري هشام سليم تُخيم على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين تداول واسع لفصول حياته الفنية والشخصية، ونبرة يسودها التعاطف والتأثر البالغ بوفاته، وتداول واسع لصوره في أيامه الأخيرة وهو يتأمل البحر بخفة ووداع أخير.
ورغم أن الفنان الراحل هشام سليم، مواليد 1958 لم يحظَ بأدوار النجومية المطلقة على مدار مسيرته الفنية، فإنه من النجوم الذين استطاعوا حفر شخصياتهم الدرامية في الذاكرة، لعل أبرزها دور «عادل البدري» في مسلسل «ليالي الحلمية»، وحسب الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن فإن عدم وصول هشام سليم لنجوم الصف الأول لم يجعله يشعر بالغبن، على حد تعبيره، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «نجوم الصف الأول لهم مواصفاتهم لدى صناع الدراما، لكن هشام سليم لم يغب عن الشاشة كما حدث مع كثير من نجوم التسعينات، وله أدوار لافتة في السينما لها طابع شديد التأثير مثل دوره في فيلم (الناظر) الكوميدي، وفيلم (الأراجوز)، وحتى أعماله في المواسم الأخيرة في رمضان كما في مسلسل (هجمة مرتدة)، ولعب دور البطولة في مسلسل (المصراوية)، علاوة على عمله المسرحي البارز في مسرحية (شارع محمد علي) الذي ظهر فيها بلياقة بدنية وتمثيلية ما زالت محفورة في الأذهان مع النجمة شيريهان».

هشام سليم مع والده صالح سليم

ويعتبر عبد الرحمن أنه رغم ارتباط هشام سليم بأدوار الرجل الوسيم والراقي، فإنه قدم تنويعات فنية مثل «دور الشيخ الأزهري، ورجل الأعمال في مسلسل (بين عالمين)»، ويعتبر الناقد الفني أن «هشام سليم كانت له كاريزما تجعل الناس تحب رؤيته على الشاشة، ولعل حالة الحزن الشديدة المستمرة على وفاته تعكس المكانة التي صنعها سليم بين الجمهور، حتى البرامج الحوارية التي كان يظهر فيها كضيف كانت تجذب الناس لها بسبب صدقه، وبسبب أنه لم يكن يوماً يستغل أي شيء للتجارة أو لصناعة نجوميته، فهو لم يتاجر بأنه ابن نجم النادي الأهلي صالح سليم، ولم يتاجر بأموره العائلية، لم يكن يوماً من الفنانين الذين يسعون وراء الترندات». على حد تعبيره.
ومع التداول الواسع لصور الفنان هشام سليم في أفلامه، لعل أبرزها صوره في فيلم «عودة الابن الضال» للراحل يوسف شاهين، يستعيد الكُتاب والجمهور تلك اللغة الخاصة التي اتسم بها أداء هشام سليم، فكتب حسام الدين سيد، على (فيسبوك): «كان هشام سليم يقدم بلغة الجسد مع نبرة الصوت أذكى من تقديم شخوصه التمردية بالانفعال السهل، تمرد الشاب هنا في كل أدواره يظهر على ملامحه وتمثيله ليس في صورة العنف بل الانفصال التام غير المُكترث بكل السرديات الأبوية المطروحة عليه».
ويضيف «كانت طريقة تمثيل هشام سليم هادئة بعيدة عن التورط الشديد بالمشاعر في الافتعال والميلودراما، وذكاء في تجسيد تلك التركيبة المُعقدة التي تُجسد ما يشعر به كل جيل جديد إزاء تركة الجيل السابق ومسؤولية رسم الخطوة التالية للأجيال القادمة».

ولخص متابعون مشوار سليم في كلمات وجمل قصيرة، ووصفوه بأنه «متمرد» وصاحب «كاريزما» و«أخلاق رفيعة».
وغيب الموت الفنان هشام سليم، الخميس، بعد معاناة مع مرض السرطان لمدة عامين، وبدأ هشام سليم مشواره الفني مع فيلم «إمبراطورية ميم» عام 1972 أمام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وتلاه فيلم «أريد حلاً» عام 1975 وفيلم «عودة الابن الضال» 1976، ثم بدأ مسيرته التلفزيونية في ثمانينات القرن الماضي، وصار أحد أبرز نجوم دراما التسعينات بظهوره في عدد من الأعمال اللافتة في تلك الفترة وما تلاها منها «الراية البيضا»، و«ليالي الحلمية»، «أرابيسك»، «هوانم جاردن سيتي»، و«أماكن في القلب»، و«لقاء على الهواء».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».