ابحث عن مسؤولية «القطب الثالث» في فيضانات باكستان وجفاف الصين

سرعة ذوبان ثلوج «حزام» الهيمالايا تهدد سلامة البيئة والاستقرار السياسي بجنوب آسيا

ابحث عن مسؤولية «القطب الثالث» في فيضانات باكستان وجفاف الصين
TT

ابحث عن مسؤولية «القطب الثالث» في فيضانات باكستان وجفاف الصين

ابحث عن مسؤولية «القطب الثالث» في فيضانات باكستان وجفاف الصين

يرزح العالم اليوم تحت وطأة الآثار السلبية لتغير المناخ. ولقد واجهت الصين أسوأ موجة حر في تاريخها منذ 60 سنة، بينما تعرضت باكستان لأسوأ فيضانات في الذاكرة الحديثة. وبعدما عانت أوروبا هي الأخرى من موجة حر شديد، تقف اليوم الكثير من البلدان في جميع أنحاء العالم عرضة للدمار بسبب التغييرات المناخية.
ووفق المراقبين، تؤدي التغييرات المناخية إلى إحداث اضطرابات في النظام الجيو - سياسي، يخرج منها رابحون وخاسرون جدد. ولقد أثار الانهيار الأخير لمباحثات «مجموعة العشرين» بشأن المناخ في بالي (في إندونيسيا) مخاوف من «التراجع» عن تعهدات المناخ، ما يعد بمثابة مؤشر واضح على دور الجغرافيا السياسية في المناخ.
الحكومات العشرون المشاركة في المباحثات لم تتمكن من الاتفاق على بيان مشترك بشأن التغييرات المناخية. وكشفت تقارير إعلامية، عن أن وزراء المناخ والطاقة اشتبكوا حول أوكرانيا وتمويل الجهود المعنية بالمناخ والميثان والشحن ورسوم الكربون، وما إذا كان يجب أن تكون 1.5 درجة مئوية أو درجتين الحد الأقصى لارتفاع درجات الحرارة في العالم. كما طالبت دول كثيرة، خاصة الصين، بتفسير «دقيق» بالاتفاقات السابقة المعنية بالمناخ. وفي سياق متصل، تنتج موجات الحر والجفاف الشديدة التي اجتاحت الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خلال الصيفين الماضيين صوراً مروعة ومثيرة للقلق.
لدى التطرق إلى الخلافات الدولية في موضوع المناخ، تقول آنا بريادارشيني، محررة الشؤون الخارجية في مجموعة «إنديا توداي» الإعلامية الهندية، إن «سياسة القوة تواصل إعاقة التعاون المناخي. ويبدو أن مفاوضات المناخ مسألة خلاف جيو - سياسي أكثر من كونها مشكلة تتعلق بالمنفعة المشتركة». وتوضح، أن «التغييرات المناخية أكثر عن مجرد أزمة بيئية... إنها أزمة منهجية تعمل على تغيير المشهد الجيو - سياسي، وستكون عواقبها عميقة على منطقة المحيطين الهندي والهادي، التي هي بالفعل أكثر مناطق العالم تعرضاً لمخاطر التغييرات المناخية وموطناً لأسرع نمو سكاني في العالم، والاقتصادات والتنافسات الجيوسياسية. وإذا نظرت إلى خريطة البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات التغييرات المناخ، وقارنتها بخريطة الصراعات النشطة، ستبدو الخارطتان متطابقتين تقريباً».
في الصين، بسبب تداعيات التغييرات المناخية تظهر التماثيل البوذية المدفونة منذ فترة طويلة على ضفاف نهر اليانغتسي، في حين تنكشف سفن حربية نازية في مياه نهر الدانوب المنحسرة في أوروبا، وتطفو جثث ضحايا جرائم قتل الغوغاء في الطين الجاف الذي يشكل قاع بحيرة ميد سابقاً في ولاية نيفادا. بيد أن الأمر يتجاوز مجرد ظهور بقايا مثيرة للفضول من الماضي، وإنما تخلق هذه الأوضاع شعوراً بحدوث تغييرات بائسة غير مسبوقة.
- فيضانات باكستان... والوضع في آسيا
في آسيا، يبدو الوضع أسوأ من غيرها. وبعد الموجة الأخيرة من الكوارث، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منطقة جنوب آسيا بأنها «نقطة ساخنة لأزمة المناخ»، وقال، إنها منطقة معرّضة للمخاطر «ترتفع فيها احتمالات أن يموت المرء جراء التغييرات المناخية بمقدار 15 ضِعفاً». وشرح الدكتور روكسي ماثيو كول، عالم المناخ في المعهد الهندي للأرصاد الجوية المدارية، بأنه «كان موقعها الجغرافي المحاط بالمياه الاستوائية من طرف وجبال الهيمالايا في الطرف الآخر بمثابة نقطة القوة التي تنعم بها المنطقة، لكن ليس بعد الآن. اليوم، ترتفع درجات حرارة المحيط الهندي بأسرع معدلات، في وقت تذوب ثلوج جبال الهيمالايا بسرعة».
وأمام أسوأ كارثة فيضانات في تاريخها، بدأت باكستان في المطالبة بتعويضات من الدول الغنية المسؤولة بشكل أساسي عن التغييرات المناخية. وفي تصريحات عامة متكررة، قالت شيري رحمن، وزيرة شؤون التغييرات المناخية الباكستانية، إنه في حين أن بلادها لا تلعب أي دور يذكر في ظاهرة الانحباس الحراري، فإنها كانت من بين الأكثر عرضة للتغييرات المناخية.
وأشارت رحمن إلى أنه قتل أكثر عن 1300 شخص ونزح ما يقرب من مليون آخرين، وأثرت الفيضانات الأخيرة على حياة أكثر عن 30 مليون شخص، بعدما غمرت ثلث البلاد تحت الماء. جرى تقدير الخسائر في مجملها بأكثر عن 15 مليار دولار أميركي. وبالإضافة إلى ما سبق، تعرّض 4 ملايين فدان من المحاصيل للدمار ونفق 800.000 من رؤوس الماشية. ما يتوقع أن يؤدي حتماً إلى تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد؛ ما سيخلف تداعيات كبرى على الاقتصاد. وللعلم، أدى تدمير أكثر عن مليون منزل في باكستان إلى تشريد العائلات وإجبارها على العيش في ظروف صعبة. وفي تعليق على الكارثة، قال أنجال براكاش، مدير شؤون الأبحاث في معهد بهارتي للسياسة العامة في الهند، إن «الفيضانات الأخيرة في باكستان واقعياً جاءت نتيجة لكارثة المناخ... التي كانت تلوح في الأفق على نحو واضح».
من ناحية أخرى، تسببت الفيضانات أيضاً بدمار واسع النطاق لأفغانستان المجاورة، خاصة الولايات الأفغانية الوسطى والشرقية. هذا، ومرت غالبية أفغانستان بفترة جفاف خطيرة، في حين لا يزال الناس هناك يتعافون من الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في يونيو (حزيران) والذي أودى بحياة أكثر عن 1000 شخص. وفي سياق متصل، تبقى المرتفعات المتنازع عليها في «حزام» سلاسل جبال الهيمالايا والكاراكورام والهندوكوش الممتد عبر أقاليم لاداخ وأكساي تشين وجامو وكشمير وغيلغيت - بالتستان، منطقة شديدة التأثر بالتغييرات المناخية. وتعد هذه الكتلة الجبلية الضخمة بمثابة «القطب الثالث» للكرة الأرضية؛ إذ تحتوي على ثلوج في أنهارها الجليدية أكثر عن أي مكان آخر خارج القارة القطبية الجنوبية والقطب الشمالي. وطبقاً لما ذكره بعض الخبراء، فإن ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا قد ساهم بشكل كبير في فيضانات باكستان وكذلك الجفاف في الصين.
- مياه «القطب الثالث»
وحول هذا الجانب، صرّحت ريتويك دوتا، المحامية البيئية ومؤسس المبادرة القانونية للغابات والبيئة، بأن «سلاسل الجبال وأحواض الأنهار والتغييرات المناخية لا تلتزم الحدود الدولية. ومع ذلك، فإن تحدي الجغرافيا، حين تستخدم «الدول القومية» السيادة الإقليمية للمطالبة بالموارد الطبيعية داخل حدودها، يؤدي إلى احتمال نشوب صراع بين الدول على الموارد الطبيعية بينما تتفاقم ظاهرة الانحباس الحراري والكوارث المناخية».
ثم أردفت «يمكن أن تؤدي كتلة أو (حزام) الهيمالايا والكاراكورام والهندوكوش إلى وقوع أزمة وجودية في المنطقة خلال السنوات المقبلة. وفيما يخص آسيا بالذات، فإن ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا يعد خبراً سيئاً؛ لأنه سيكون له تأثير شديد على دول جنوب شرقي آسيا، مثل الهند وباكستان وبوتان وبنغلاديش والصين وميانمار وغيرها، وسيأتي في شكل فيضانات مدمرة، وتزايد الانهيارات الأرضية، والطوفانات الساحلية، وفيضانات المدن، مثل تلك التي تواجهها الهند بالفعل، لكن على نطاقات أكبر بكثير». وهنا يعدّ خبراء البنك الدولي، أن الكوارث المرتبطة بالمناخ على ما يقرب من 700 مليون شخص في جميع أنحاء جنوب آسيا خلال العقد الماضي - أي ما يقرب من نصف سكان المنطقة.
في الهند، مثلاً، السؤال المطروح جدياً هو عن مدى تأثير ذوبان الأنهار الجليدية في كتلة جبال الهيمالايا على البلاد. وفي هذا الصدد، حذرت دوتا من أن «الهند ليست بمنأى عن هذا الأمر، وقد زعزع تأثير الذوبان الجليدي في جبال الهيمالايا - وهو أكثر بكثير مما قدر العلماء حتى الآن - استقرار النظام البيئي الهش الضروري للحفاظ على الغلاف الجوي للأرض، ويؤثر على دورات المياه القائمة منذ آلاف السنين».
- تأثر الجغرافيا السياسية
في هذه الأثناء، يتبادل الاتحاد الأوروبي والصين التشكيك في مدى التزام الطرف الآخر بمكافحة التغييرات المناخية، بعد فشل مباحثات المناخ خلال لقاء «مجموعة العشرين». ولقد اتهم فرانس تيمرمانز، المنسق الأوروبي المعني بالتغييرات المناخية، «أكبر جهة انبعاثات على هذا الكوكب»، في إشارة إلى الصين، بمحاولة التراجع عن اتفاقية غلاسغو للمناخ، التي توجت أسبوعين من مفاوضات الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. وأضاف «يحاول بعض كبار اللاعبين الكبار على هذا الكوكب التراجع عما اتفقوا عليه في غلاسغو». ثم تابع ساخراً، أن البعض منهم، حتى أكبر مصادر الانبعاثات على هذا الكوكب، يحاول «الاختباء وراء البلدان النامية باستخدام الحجج التي أعتقد، في مرحلة ما، أنها لم تعد صالحة للاستخدام».
وحول هذا الموضوع، قالت الناشطة المعنية بالدفاع عن البيئة، فيريل ديساي «المباحثات بين أكبر بلدين (اقتصادياً) في العالم حول انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الانحباس الحراري، تحمل أهمية كبيرة لتعزيز العمل العالمي بشأن التغييرات المناخية. كما يمكن أن يهدد الخلاف الذي طال أمده بين الاثنين نجاح المناقشات في الجولة التالية من مباحثات المناخ العالمية التي تستضيفها مصر في نوفمبر المقبل».
ما يستحق الذكر هنا، أنه في أغسطس (آب)، تلقّى التعاون بين الولايات المتحدة والصين بشأن ظاهرة الانحباس الحراري ضربة قوية بعدما علّقت بكين مباحثات المناخ مع واشنطن. وجاء القرار الصيني رداً على زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي لتايوان، وهي خطوة اعتبرتها بكين انتهاكاً للسيادة الصينية. وفي تحوّل رئيسي آخر عن المسار السابق، فإن الصين الآن، وليس الولايات المتحدة، هي التي تقف في قلب الجغرافيا السياسية الجديدة للتغييرات المناخية. وكانت كل فترة سابقة من الأمل بمجال العمل المناخي الطموح قائمة على استعداد واشنطن لدعم التعاون الدولي بشأن التغييرات المناخية، ونظام تنظيمي قوي لدعمه، لكن الوضع يبدو مختلفاً تماماً هذه المرة.
- جنوب شرقي آسيا بين واشنطن وبكين
كما سبقت الإشارة، فإن دول جنوب شرقي آسيا معرّضة بشكل خاص لبعض أخطر تداعيات التغييرات المناخية. وتشهد المنطقة بالفعل أنماطاً مناخية غير طبيعية، كما كشفت الفيضانات المدمرة في ماليزيا والفلبين. ثم إن المنطقة تقع في قلب التحديين الجيو - سياسيين الرئيسيين للقرن الواحد والعشرين: التغييرات المناخية وصعود الصين.
وبالفعل، تعيش المنطقة زيادة متكررة وشديدة في الفيضانات وموجات الجفاف والحرارة والأعاصير الناتجة من التغييرات المناخية. وتبعاً لـ«مركز مراقبة النزوح الداخلي»، نزح أكثر عن 32 مليون شخص في جنوب شرقي آسيا بسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بالطقس بين عامي 2015 و2019. ووفقاً لتقرير حديث صادر عن معهد ماكينزي العالمي، سيشهد عام 2050، كذلك، أن يعيش نحو 48 مليون شخص تحت رحمة فيضانات جراء ارتفاع المد.
وفي هذا الصدد، قالت شارون سيه، زميلة ومنسقة برنامج التغييرات المناخية في جنوب شرقي آسيا بمعهد جنوب شرقي آسيا للدراسات، إن «المخاوف المناخية تتزايد كل عام مع استمرار المنطقة في التعامل مع عواقب الطقس القاسي، لكن الحكومات والشركات وأصحاب المصلحة الآخرين غالباً ما يجري النظر إليهم باعتبارهم بطيئين وغير فاعلين في ردودهم».
وهنا يوضح أنجال براكاش، أنه «حددت العديد من البلدان في جنوب شرقي آسيا التخفيف من آثار التغييرات المناخية والتكيف معه باعتبارها أولويات قصوى، لكن هذه الجهود تبقى مقيدة بسبب سوء الإدارة والموارد المحدودة والأولويات الأخرى. ومع صعوبة أن تتولى كل دولة معالجة هذه التحديات بمفردها، تزداد هذه التحديات تعقيداً بسبب الجغرافيا السياسية المعقدة والصعبة في المنطقة».
في أي حال، تبرز منطقة جنوب شرقي آسيا اليوم كمنطقة مركزية للتنافس بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ، ومن المرجح أن يجري سحب العمل المناخي إلى نطاق تلك الديناميكية الأوسع. وتبدو دول جنوب شرقي آسيا حسّاسة بشكل خاص لمصير العلاقات بين واشنطن وبكين، مع شعور الكثير من دول المنطقة بالقلق سواءً كانت العلاقات بين العاصمتين تبدو متقاربة بشكل مفرط أو عدائية بشكل مفرط.
وأخيراً، يبقى القول، إنه داخل جنوب شرقي آسيا، تعد إندونيسيا - الغنية بالوقود الأحفوري - البلد الذي يحتاج إلى النظر في القضية بعمق. إذ يلعب الفحم دوراً مزدوجاً في الاقتصاد الإندونيسي... خاصة أن استهلاكه محلياً ويمثل أكثر عن 60 في المائة من طاقتها. واعتباراً من ديسمبر (كانون الأول) 2021، صارت إندونيسيا أكبر مصدر للفحم في العالم. وسيظل الفحم مصدراً رئيسياً للإيرادات، وكذلك مصدر للأهمية الجيو – سياسية؛ ذلك أنه لدى القوى الكبرى مثل الصين والهند سبب أكبر بكثير لتطوير علاقات ودية مع إندونيسيا لضمان الوصول إلى هذا المورد الاستراتيجي.

- إضاءة على تقرير «توقعات المناخ في جنوب شرقي آسيا»
> تقرير «توقعات المناخ في جنوب شرقي آسيا: تقرير مسح 2022»، الذي يأتي على خلفية فيضانات باكستان المدمرة - التي تركت ثلث البلاد تحت الماء - وأشد موجات الحرارة في الصين على الإطلاق، يسلط الضوء على التهديد الوجودي الذي تشكله التغييرات المناخية.
على سبيل المثال، ألزمت «اتفاقية باريس» لعام 2015 البلدان الغنية التي تتحمل انبعاثاتها مسؤولية كبيرة عن الانحباس الحراري بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بوتيرة أسرع مع دعم البلدان النامية في أن تحذو حذوها. وبموجب اتفاق باريس، يجري تعريف الصين باعتبارها دولة نامية. لكن امتناع الدول الغنية عن تقديم تمويل المناخ الموعود أدى إلى تفاقم التوترات في مفاوضات المناخ العالمية. وللعلم، يعدّ الاتحاد الأوروبي المكوّن من 27 دولة أكبر ممول للجهود المعنية بالمناخ، تبعاً للبيانات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
غير أنه، حتى لو بدأت البلدان في تنفيذ التزامات «اتفاقية باريس» بجدية، سيظل العالم يشهد زيادة في درجة الحرارة بمقدار 3.2 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن. أما البلدان التي ستعاني من وطأة التغييرات المناخية، فتتصدرها الدول الجزيرية الصغيرة والبلدان ذات الكثافة السكانية العالية.
ثاني أكسيد الكربون هو أكبر غازات الاحتباس الحراري التي ينتجها الإنسان، وهو يمثل نحو 80 في المائة من الانبعاثات الكربونية، ومن ثم هو العامل الرئيس الذي يساهم في التغييرات المناخية والبيئية في جميع أنحاء العالم.
ما يحدث ببساطة أن انبعاثات الكربون تحبس الطاقة الشمسية داخل الغلاف الجوي؛ ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية. وتتمثل العواقب الأبرز لانبعاثات الكربون في زيادة احتمالية حدوث ظواهر الطقس المتطرفة ونقص الغذاء والماء وانعدام الأمن بسبب ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر. وتكشف الإحصاءات عن زيادة الكوارث المرتبطة بالفيضانات بنسبة 134 في المائة منذ عام 2000، مقارنة بالعقدين السابقين، وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
راهناً، تنتج معظم دول العالم كمية من الانبعاثات الكربونية أكثر مما تستطيع امتصاصه، ما يشكل خطراً كبيراً على التغييرات المناخية العالمية. وتبعاً للتقديرات، كانت الدول الخمس الأولى التي انبعثت من الغازات المسببة للانحباس الحراري عام 2020 هي: الصين (31 في المائة من الانبعاثات العالمية)، فالولايات المتحدة (14 في المائة)، فالهند (7 في المائة) وروسيا (5 في المائة) واليابان (3 في المائة).
في المقابل، تعد مملكة بوتان، الدولة الصغيرة الواقعة في جبال الهيمالايا، أول دولة «سالبة» للكربون في العالم. وبفضل غاباتها الواسعة التي تغطي 70 في المائة من مساحتها، فإن المملكة قادرة على امتصاص كمية أكبر من ثاني أكسيد الكربون مما تنتجه. ولقد سهّلت الجهود الصارمة على صعيد حماية البيئة على بوتان التحكم في مستوى الانبعاثات الكربونية في البلاد. وبالمناسبة، ينص دستور بوتان على وجوب أن تظل نسبة 60 في المائة على الأقل من مساحة المملكة مغطاة بالغابات. وحقاً، تغطي «الغابات الوطنية» المحمية و«المحميات الطبيعية» ومناطق «حماية الحياة البرية» أكثر من نصف مساحتها. كذلك تخلق الحكومة البوتانية ظروفاً جيدة للأشخاص الذين يعيشون في المناطق المحمية؛ وذلك لحماية الغابات وحظر الصيد ومنع التعدين وتلوث الغابات، بجانب أن برامج حماية الموارد الوطنية، مثل «بهوتان النظيفة» و«بهوتان الخضراء» نشطة للغاية.


مقالات ذات صلة

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون» (رويترز)

جيف بيزوس يهنئ ترمب على «العودة غير العادية... والنصر الحاسم»

هنأ جيف بيزوس، مؤسس شركة «أمازون»، دونالد ترمب على «العودة السياسية غير العادية والنصر الحاسم» بعد فوز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص خلال مشاركة «أمازون» في مؤتمر «ليب 24» وإعلانها عن استثمارات ضخمة في السعودية (الشرق الأوسط)

خاص «أمازون»: السعودية والإمارات الأسرع نمواً في التجارة الإلكترونية

كشف مسؤول في شركة «أمازون» أن المنطقة تشهد تطورات مهمة فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية، مؤكداً أن السعودية والإمارات هما أسرع الأسواق نمواً.

عبير حمدي (الرياض)
خاص كاميرا «بان تيلت» أول كاميرا داخلية من «أمازون» تدور بزاوية 360 درجة وتميل بزاوية 169 درجة (أمازون)

خاص الكاميرات الذكية أمْ «سي سي تي في»... كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي معايير الأمان المنزلي؟

لا تُعد الكاميرات الذكية مجرد موضة عابرة، بل ضرورة في المنازل الحديثة.

نسيم رمضان (دبي)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».