ابحث عن مسؤولية «القطب الثالث» في فيضانات باكستان وجفاف الصين

سرعة ذوبان ثلوج «حزام» الهيمالايا تهدد سلامة البيئة والاستقرار السياسي بجنوب آسيا

ابحث عن مسؤولية «القطب الثالث» في فيضانات باكستان وجفاف الصين
TT

ابحث عن مسؤولية «القطب الثالث» في فيضانات باكستان وجفاف الصين

ابحث عن مسؤولية «القطب الثالث» في فيضانات باكستان وجفاف الصين

يرزح العالم اليوم تحت وطأة الآثار السلبية لتغير المناخ. ولقد واجهت الصين أسوأ موجة حر في تاريخها منذ 60 سنة، بينما تعرضت باكستان لأسوأ فيضانات في الذاكرة الحديثة. وبعدما عانت أوروبا هي الأخرى من موجة حر شديد، تقف اليوم الكثير من البلدان في جميع أنحاء العالم عرضة للدمار بسبب التغييرات المناخية.
ووفق المراقبين، تؤدي التغييرات المناخية إلى إحداث اضطرابات في النظام الجيو - سياسي، يخرج منها رابحون وخاسرون جدد. ولقد أثار الانهيار الأخير لمباحثات «مجموعة العشرين» بشأن المناخ في بالي (في إندونيسيا) مخاوف من «التراجع» عن تعهدات المناخ، ما يعد بمثابة مؤشر واضح على دور الجغرافيا السياسية في المناخ.
الحكومات العشرون المشاركة في المباحثات لم تتمكن من الاتفاق على بيان مشترك بشأن التغييرات المناخية. وكشفت تقارير إعلامية، عن أن وزراء المناخ والطاقة اشتبكوا حول أوكرانيا وتمويل الجهود المعنية بالمناخ والميثان والشحن ورسوم الكربون، وما إذا كان يجب أن تكون 1.5 درجة مئوية أو درجتين الحد الأقصى لارتفاع درجات الحرارة في العالم. كما طالبت دول كثيرة، خاصة الصين، بتفسير «دقيق» بالاتفاقات السابقة المعنية بالمناخ. وفي سياق متصل، تنتج موجات الحر والجفاف الشديدة التي اجتاحت الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خلال الصيفين الماضيين صوراً مروعة ومثيرة للقلق.
لدى التطرق إلى الخلافات الدولية في موضوع المناخ، تقول آنا بريادارشيني، محررة الشؤون الخارجية في مجموعة «إنديا توداي» الإعلامية الهندية، إن «سياسة القوة تواصل إعاقة التعاون المناخي. ويبدو أن مفاوضات المناخ مسألة خلاف جيو - سياسي أكثر من كونها مشكلة تتعلق بالمنفعة المشتركة». وتوضح، أن «التغييرات المناخية أكثر عن مجرد أزمة بيئية... إنها أزمة منهجية تعمل على تغيير المشهد الجيو - سياسي، وستكون عواقبها عميقة على منطقة المحيطين الهندي والهادي، التي هي بالفعل أكثر مناطق العالم تعرضاً لمخاطر التغييرات المناخية وموطناً لأسرع نمو سكاني في العالم، والاقتصادات والتنافسات الجيوسياسية. وإذا نظرت إلى خريطة البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات التغييرات المناخ، وقارنتها بخريطة الصراعات النشطة، ستبدو الخارطتان متطابقتين تقريباً».
في الصين، بسبب تداعيات التغييرات المناخية تظهر التماثيل البوذية المدفونة منذ فترة طويلة على ضفاف نهر اليانغتسي، في حين تنكشف سفن حربية نازية في مياه نهر الدانوب المنحسرة في أوروبا، وتطفو جثث ضحايا جرائم قتل الغوغاء في الطين الجاف الذي يشكل قاع بحيرة ميد سابقاً في ولاية نيفادا. بيد أن الأمر يتجاوز مجرد ظهور بقايا مثيرة للفضول من الماضي، وإنما تخلق هذه الأوضاع شعوراً بحدوث تغييرات بائسة غير مسبوقة.
- فيضانات باكستان... والوضع في آسيا
في آسيا، يبدو الوضع أسوأ من غيرها. وبعد الموجة الأخيرة من الكوارث، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منطقة جنوب آسيا بأنها «نقطة ساخنة لأزمة المناخ»، وقال، إنها منطقة معرّضة للمخاطر «ترتفع فيها احتمالات أن يموت المرء جراء التغييرات المناخية بمقدار 15 ضِعفاً». وشرح الدكتور روكسي ماثيو كول، عالم المناخ في المعهد الهندي للأرصاد الجوية المدارية، بأنه «كان موقعها الجغرافي المحاط بالمياه الاستوائية من طرف وجبال الهيمالايا في الطرف الآخر بمثابة نقطة القوة التي تنعم بها المنطقة، لكن ليس بعد الآن. اليوم، ترتفع درجات حرارة المحيط الهندي بأسرع معدلات، في وقت تذوب ثلوج جبال الهيمالايا بسرعة».
وأمام أسوأ كارثة فيضانات في تاريخها، بدأت باكستان في المطالبة بتعويضات من الدول الغنية المسؤولة بشكل أساسي عن التغييرات المناخية. وفي تصريحات عامة متكررة، قالت شيري رحمن، وزيرة شؤون التغييرات المناخية الباكستانية، إنه في حين أن بلادها لا تلعب أي دور يذكر في ظاهرة الانحباس الحراري، فإنها كانت من بين الأكثر عرضة للتغييرات المناخية.
وأشارت رحمن إلى أنه قتل أكثر عن 1300 شخص ونزح ما يقرب من مليون آخرين، وأثرت الفيضانات الأخيرة على حياة أكثر عن 30 مليون شخص، بعدما غمرت ثلث البلاد تحت الماء. جرى تقدير الخسائر في مجملها بأكثر عن 15 مليار دولار أميركي. وبالإضافة إلى ما سبق، تعرّض 4 ملايين فدان من المحاصيل للدمار ونفق 800.000 من رؤوس الماشية. ما يتوقع أن يؤدي حتماً إلى تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد؛ ما سيخلف تداعيات كبرى على الاقتصاد. وللعلم، أدى تدمير أكثر عن مليون منزل في باكستان إلى تشريد العائلات وإجبارها على العيش في ظروف صعبة. وفي تعليق على الكارثة، قال أنجال براكاش، مدير شؤون الأبحاث في معهد بهارتي للسياسة العامة في الهند، إن «الفيضانات الأخيرة في باكستان واقعياً جاءت نتيجة لكارثة المناخ... التي كانت تلوح في الأفق على نحو واضح».
من ناحية أخرى، تسببت الفيضانات أيضاً بدمار واسع النطاق لأفغانستان المجاورة، خاصة الولايات الأفغانية الوسطى والشرقية. هذا، ومرت غالبية أفغانستان بفترة جفاف خطيرة، في حين لا يزال الناس هناك يتعافون من الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في يونيو (حزيران) والذي أودى بحياة أكثر عن 1000 شخص. وفي سياق متصل، تبقى المرتفعات المتنازع عليها في «حزام» سلاسل جبال الهيمالايا والكاراكورام والهندوكوش الممتد عبر أقاليم لاداخ وأكساي تشين وجامو وكشمير وغيلغيت - بالتستان، منطقة شديدة التأثر بالتغييرات المناخية. وتعد هذه الكتلة الجبلية الضخمة بمثابة «القطب الثالث» للكرة الأرضية؛ إذ تحتوي على ثلوج في أنهارها الجليدية أكثر عن أي مكان آخر خارج القارة القطبية الجنوبية والقطب الشمالي. وطبقاً لما ذكره بعض الخبراء، فإن ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا قد ساهم بشكل كبير في فيضانات باكستان وكذلك الجفاف في الصين.
- مياه «القطب الثالث»
وحول هذا الجانب، صرّحت ريتويك دوتا، المحامية البيئية ومؤسس المبادرة القانونية للغابات والبيئة، بأن «سلاسل الجبال وأحواض الأنهار والتغييرات المناخية لا تلتزم الحدود الدولية. ومع ذلك، فإن تحدي الجغرافيا، حين تستخدم «الدول القومية» السيادة الإقليمية للمطالبة بالموارد الطبيعية داخل حدودها، يؤدي إلى احتمال نشوب صراع بين الدول على الموارد الطبيعية بينما تتفاقم ظاهرة الانحباس الحراري والكوارث المناخية».
ثم أردفت «يمكن أن تؤدي كتلة أو (حزام) الهيمالايا والكاراكورام والهندوكوش إلى وقوع أزمة وجودية في المنطقة خلال السنوات المقبلة. وفيما يخص آسيا بالذات، فإن ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا يعد خبراً سيئاً؛ لأنه سيكون له تأثير شديد على دول جنوب شرقي آسيا، مثل الهند وباكستان وبوتان وبنغلاديش والصين وميانمار وغيرها، وسيأتي في شكل فيضانات مدمرة، وتزايد الانهيارات الأرضية، والطوفانات الساحلية، وفيضانات المدن، مثل تلك التي تواجهها الهند بالفعل، لكن على نطاقات أكبر بكثير». وهنا يعدّ خبراء البنك الدولي، أن الكوارث المرتبطة بالمناخ على ما يقرب من 700 مليون شخص في جميع أنحاء جنوب آسيا خلال العقد الماضي - أي ما يقرب من نصف سكان المنطقة.
في الهند، مثلاً، السؤال المطروح جدياً هو عن مدى تأثير ذوبان الأنهار الجليدية في كتلة جبال الهيمالايا على البلاد. وفي هذا الصدد، حذرت دوتا من أن «الهند ليست بمنأى عن هذا الأمر، وقد زعزع تأثير الذوبان الجليدي في جبال الهيمالايا - وهو أكثر بكثير مما قدر العلماء حتى الآن - استقرار النظام البيئي الهش الضروري للحفاظ على الغلاف الجوي للأرض، ويؤثر على دورات المياه القائمة منذ آلاف السنين».
- تأثر الجغرافيا السياسية
في هذه الأثناء، يتبادل الاتحاد الأوروبي والصين التشكيك في مدى التزام الطرف الآخر بمكافحة التغييرات المناخية، بعد فشل مباحثات المناخ خلال لقاء «مجموعة العشرين». ولقد اتهم فرانس تيمرمانز، المنسق الأوروبي المعني بالتغييرات المناخية، «أكبر جهة انبعاثات على هذا الكوكب»، في إشارة إلى الصين، بمحاولة التراجع عن اتفاقية غلاسغو للمناخ، التي توجت أسبوعين من مفاوضات الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. وأضاف «يحاول بعض كبار اللاعبين الكبار على هذا الكوكب التراجع عما اتفقوا عليه في غلاسغو». ثم تابع ساخراً، أن البعض منهم، حتى أكبر مصادر الانبعاثات على هذا الكوكب، يحاول «الاختباء وراء البلدان النامية باستخدام الحجج التي أعتقد، في مرحلة ما، أنها لم تعد صالحة للاستخدام».
وحول هذا الموضوع، قالت الناشطة المعنية بالدفاع عن البيئة، فيريل ديساي «المباحثات بين أكبر بلدين (اقتصادياً) في العالم حول انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الانحباس الحراري، تحمل أهمية كبيرة لتعزيز العمل العالمي بشأن التغييرات المناخية. كما يمكن أن يهدد الخلاف الذي طال أمده بين الاثنين نجاح المناقشات في الجولة التالية من مباحثات المناخ العالمية التي تستضيفها مصر في نوفمبر المقبل».
ما يستحق الذكر هنا، أنه في أغسطس (آب)، تلقّى التعاون بين الولايات المتحدة والصين بشأن ظاهرة الانحباس الحراري ضربة قوية بعدما علّقت بكين مباحثات المناخ مع واشنطن. وجاء القرار الصيني رداً على زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي لتايوان، وهي خطوة اعتبرتها بكين انتهاكاً للسيادة الصينية. وفي تحوّل رئيسي آخر عن المسار السابق، فإن الصين الآن، وليس الولايات المتحدة، هي التي تقف في قلب الجغرافيا السياسية الجديدة للتغييرات المناخية. وكانت كل فترة سابقة من الأمل بمجال العمل المناخي الطموح قائمة على استعداد واشنطن لدعم التعاون الدولي بشأن التغييرات المناخية، ونظام تنظيمي قوي لدعمه، لكن الوضع يبدو مختلفاً تماماً هذه المرة.
- جنوب شرقي آسيا بين واشنطن وبكين
كما سبقت الإشارة، فإن دول جنوب شرقي آسيا معرّضة بشكل خاص لبعض أخطر تداعيات التغييرات المناخية. وتشهد المنطقة بالفعل أنماطاً مناخية غير طبيعية، كما كشفت الفيضانات المدمرة في ماليزيا والفلبين. ثم إن المنطقة تقع في قلب التحديين الجيو - سياسيين الرئيسيين للقرن الواحد والعشرين: التغييرات المناخية وصعود الصين.
وبالفعل، تعيش المنطقة زيادة متكررة وشديدة في الفيضانات وموجات الجفاف والحرارة والأعاصير الناتجة من التغييرات المناخية. وتبعاً لـ«مركز مراقبة النزوح الداخلي»، نزح أكثر عن 32 مليون شخص في جنوب شرقي آسيا بسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بالطقس بين عامي 2015 و2019. ووفقاً لتقرير حديث صادر عن معهد ماكينزي العالمي، سيشهد عام 2050، كذلك، أن يعيش نحو 48 مليون شخص تحت رحمة فيضانات جراء ارتفاع المد.
وفي هذا الصدد، قالت شارون سيه، زميلة ومنسقة برنامج التغييرات المناخية في جنوب شرقي آسيا بمعهد جنوب شرقي آسيا للدراسات، إن «المخاوف المناخية تتزايد كل عام مع استمرار المنطقة في التعامل مع عواقب الطقس القاسي، لكن الحكومات والشركات وأصحاب المصلحة الآخرين غالباً ما يجري النظر إليهم باعتبارهم بطيئين وغير فاعلين في ردودهم».
وهنا يوضح أنجال براكاش، أنه «حددت العديد من البلدان في جنوب شرقي آسيا التخفيف من آثار التغييرات المناخية والتكيف معه باعتبارها أولويات قصوى، لكن هذه الجهود تبقى مقيدة بسبب سوء الإدارة والموارد المحدودة والأولويات الأخرى. ومع صعوبة أن تتولى كل دولة معالجة هذه التحديات بمفردها، تزداد هذه التحديات تعقيداً بسبب الجغرافيا السياسية المعقدة والصعبة في المنطقة».
في أي حال، تبرز منطقة جنوب شرقي آسيا اليوم كمنطقة مركزية للتنافس بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ، ومن المرجح أن يجري سحب العمل المناخي إلى نطاق تلك الديناميكية الأوسع. وتبدو دول جنوب شرقي آسيا حسّاسة بشكل خاص لمصير العلاقات بين واشنطن وبكين، مع شعور الكثير من دول المنطقة بالقلق سواءً كانت العلاقات بين العاصمتين تبدو متقاربة بشكل مفرط أو عدائية بشكل مفرط.
وأخيراً، يبقى القول، إنه داخل جنوب شرقي آسيا، تعد إندونيسيا - الغنية بالوقود الأحفوري - البلد الذي يحتاج إلى النظر في القضية بعمق. إذ يلعب الفحم دوراً مزدوجاً في الاقتصاد الإندونيسي... خاصة أن استهلاكه محلياً ويمثل أكثر عن 60 في المائة من طاقتها. واعتباراً من ديسمبر (كانون الأول) 2021، صارت إندونيسيا أكبر مصدر للفحم في العالم. وسيظل الفحم مصدراً رئيسياً للإيرادات، وكذلك مصدر للأهمية الجيو – سياسية؛ ذلك أنه لدى القوى الكبرى مثل الصين والهند سبب أكبر بكثير لتطوير علاقات ودية مع إندونيسيا لضمان الوصول إلى هذا المورد الاستراتيجي.

- إضاءة على تقرير «توقعات المناخ في جنوب شرقي آسيا»
> تقرير «توقعات المناخ في جنوب شرقي آسيا: تقرير مسح 2022»، الذي يأتي على خلفية فيضانات باكستان المدمرة - التي تركت ثلث البلاد تحت الماء - وأشد موجات الحرارة في الصين على الإطلاق، يسلط الضوء على التهديد الوجودي الذي تشكله التغييرات المناخية.
على سبيل المثال، ألزمت «اتفاقية باريس» لعام 2015 البلدان الغنية التي تتحمل انبعاثاتها مسؤولية كبيرة عن الانحباس الحراري بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بوتيرة أسرع مع دعم البلدان النامية في أن تحذو حذوها. وبموجب اتفاق باريس، يجري تعريف الصين باعتبارها دولة نامية. لكن امتناع الدول الغنية عن تقديم تمويل المناخ الموعود أدى إلى تفاقم التوترات في مفاوضات المناخ العالمية. وللعلم، يعدّ الاتحاد الأوروبي المكوّن من 27 دولة أكبر ممول للجهود المعنية بالمناخ، تبعاً للبيانات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
غير أنه، حتى لو بدأت البلدان في تنفيذ التزامات «اتفاقية باريس» بجدية، سيظل العالم يشهد زيادة في درجة الحرارة بمقدار 3.2 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن. أما البلدان التي ستعاني من وطأة التغييرات المناخية، فتتصدرها الدول الجزيرية الصغيرة والبلدان ذات الكثافة السكانية العالية.
ثاني أكسيد الكربون هو أكبر غازات الاحتباس الحراري التي ينتجها الإنسان، وهو يمثل نحو 80 في المائة من الانبعاثات الكربونية، ومن ثم هو العامل الرئيس الذي يساهم في التغييرات المناخية والبيئية في جميع أنحاء العالم.
ما يحدث ببساطة أن انبعاثات الكربون تحبس الطاقة الشمسية داخل الغلاف الجوي؛ ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية. وتتمثل العواقب الأبرز لانبعاثات الكربون في زيادة احتمالية حدوث ظواهر الطقس المتطرفة ونقص الغذاء والماء وانعدام الأمن بسبب ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر. وتكشف الإحصاءات عن زيادة الكوارث المرتبطة بالفيضانات بنسبة 134 في المائة منذ عام 2000، مقارنة بالعقدين السابقين، وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
راهناً، تنتج معظم دول العالم كمية من الانبعاثات الكربونية أكثر مما تستطيع امتصاصه، ما يشكل خطراً كبيراً على التغييرات المناخية العالمية. وتبعاً للتقديرات، كانت الدول الخمس الأولى التي انبعثت من الغازات المسببة للانحباس الحراري عام 2020 هي: الصين (31 في المائة من الانبعاثات العالمية)، فالولايات المتحدة (14 في المائة)، فالهند (7 في المائة) وروسيا (5 في المائة) واليابان (3 في المائة).
في المقابل، تعد مملكة بوتان، الدولة الصغيرة الواقعة في جبال الهيمالايا، أول دولة «سالبة» للكربون في العالم. وبفضل غاباتها الواسعة التي تغطي 70 في المائة من مساحتها، فإن المملكة قادرة على امتصاص كمية أكبر من ثاني أكسيد الكربون مما تنتجه. ولقد سهّلت الجهود الصارمة على صعيد حماية البيئة على بوتان التحكم في مستوى الانبعاثات الكربونية في البلاد. وبالمناسبة، ينص دستور بوتان على وجوب أن تظل نسبة 60 في المائة على الأقل من مساحة المملكة مغطاة بالغابات. وحقاً، تغطي «الغابات الوطنية» المحمية و«المحميات الطبيعية» ومناطق «حماية الحياة البرية» أكثر من نصف مساحتها. كذلك تخلق الحكومة البوتانية ظروفاً جيدة للأشخاص الذين يعيشون في المناطق المحمية؛ وذلك لحماية الغابات وحظر الصيد ومنع التعدين وتلوث الغابات، بجانب أن برامج حماية الموارد الوطنية، مثل «بهوتان النظيفة» و«بهوتان الخضراء» نشطة للغاية.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد تسرب نفطي ناتج عن تمزق في خط أنابيب في الأمازون (أرشيفية - رويترز)

الإكوادور تكشف عن تسرب جديد للوقود في الأمازون

أعلنت الإكوادور رصد تسرب جديد للوقود، من خط أنابيب يمر في منطقة الأمازون، بعد أيام من تسرب آخر كان له تأثير على حياة مئات الآلاف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ غلاف كتاب «كيرلس بيبول» Careless People (أناس مهمِلون) لسارة وين وليامز (أ.ب)

كتاب مثير للجدل لموظفة سابقة في «ميتا» يتصدر المبيعات في أميركا

تصدّر كتاب لموظفة سابقة في شركة «ميتا» يتناول بطريقة سلبية عدداً كبيراً من المسؤولين في المجموعة الأميركية بينهم مارك زوكربيرغ ، المبيعات في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مؤسس «أمازون» جيف بيزوس والرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

برنامج تلفزيوني عن ترمب يلقى إقبالاً واسعاً من المشاهدين

خدمة البث «أمازون برايم فيديو» تبدأ إعادة عرض برنامج تلفزيون الواقع «ذي أبرنتيس (المتدرب)» حول دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
تكنولوجيا شعار «أليكسا+» من «أمازون» (رويترز)

«أفضل صديق لك»... «أمازون» تُطلق نسخة محدثة من مساعدها الصوتي

عرضت «أمازون»، اليوم (الأربعاء)، نسخة محدثة من مساعدها الصوتي «أليكسا (Alexa)»، سمّتها «أليكسا+»، تقوم على التقدم الكبير الذي تحقَقَ خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

باكستان في مواجهة أخطار التمرد المسلح من جديد

من آثار هجمات المتمردين في إقليم بلوشستان (آ ب)
من آثار هجمات المتمردين في إقليم بلوشستان (آ ب)
TT

باكستان في مواجهة أخطار التمرد المسلح من جديد

من آثار هجمات المتمردين في إقليم بلوشستان (آ ب)
من آثار هجمات المتمردين في إقليم بلوشستان (آ ب)

تواجه باكستان تصاعداً حاداً في حركة التمرد داخلها مع شن جماعات مسلحة سلسلة من الهجمات العنيفة استهدفت بشكل رئيس قوات الأمن ما أثار اضطرابات سياسية غير مسبوقة وألحق أضراراً بالاستقرار الاقتصادي بالبلاد. والواقع أن التداعيات لا تقتصر على الصعيد الداخلي وحده، بل قد يكون لهذه الأحداث تأثيرات محتملة عبر جنوب آسيا، ما يؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية وإعاقة التعاون بين دول المنطقة.

عبر الأسبوع الماضي، لقي العشرات حتفهم، من جراء هجمات عنيفة شنّها متمردو البلوش وحركة «طالبان» الباكستانية، الذين يتحدّون بشكل مباشر سلطة حكومة إسلام آباد داخل إقليمي بلوشستان وبشتونخوا في البلاد.

جغرافياً تشكل بلوشستان الواقعة في جنوب غربي باكستان، أكبر أقاليم البلاد. إلا أنها رغم تغطيتها 44 في المائة من مساحة باكستان، فإنها تظلّ الأقل كثافة من حيث السكان، إذ يقدر عدد سكانها بـ14.8 مليون نسمة فقط، من أصل 240 مليون نسمة. ثم إنها رغم مواردها الطبيعية الغنية وموقعها الاستراتيجي، لا تزال من أكثر أقاليم باكستان افتقاراً إلى التنمية، وعرضة للتقلبات. بل لطالما كانت بلوشستان محور توترات بين الحكومة الفيدرالية والحركات القومية البلوشية.

ومن وقت إلى آخر، تتصاعد هذه التوترات لتتحول إلى مواجهات مسلحة. وبالفعل اكتسبت حركة التمرد الراهنة زخماً كبيراً، وشهدت مهاجمة مسلحين للقطارات وقوافل الجيش الباكستاني.

ميناء غوادار الباكستاني ... ذو اهمية خاصة للصين (آ ب)

البلوش والبشتون

من جهة أخرى، فإن وجود الصين ونفوذها، بعدّها قوة عظمى وحليفاً وثيقاً لباكستان، يعنيان أنها تملك القدرة على تخفيف أو تصعيد حدة الصراعات الداخلية والخارجية المختلفة بالمنطقة. ويذكر هنا أن بلوشستان، ذات المساحة الشاسعة، تقع على حدود أفغانستان وإيران، وتتوزّع بين البلدان الثلاثة العرقية البلوشية التي تتهم إسلام آباد باستغلال ثروات المقاطعة الطبيعية.

في الوقت نفسه، يُشير مصطلح «أزمة بشتونخوا» (أو بختونخوا) إلى الصراع المسلح المستمر وحالة غياب الاستقرار السياسي في إقليم خيبر بختونخوا الباكستاني ذي الغالبية البشتونية (الباثان/الأفغان)، الناجم في المقام الأول عن جماعة إسلامية مسلحة تضم تحت لوائها العديد من الجماعات الأخرى، ويشار إليها باسم «طالبان باكستان». وتشن هذه الجماعة حرباً على الدولة في محاولةٍ للإطاحة بالنظام.

«طالبان باكستان» تسعى إلى حكم باكستان بوصفها «دولةٍ إسلامية» وفق تفسيرها المتشدد للإسلام. وتنسجم هذه الجماعة آيديولوجياً مع «طالبان» الأفغانية، التي استولت على السلطة في أفغانستان المجاورة عام 2021، بينما كانت القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في المراحل الأخيرة من الانسحاب من البلاد بعد 20 سنة من الحرب.

في غضون ذلك، حمّلت باكستان كلاً من الهند وأفغانستان مسؤولية أنشطة المتمردين الأخيرة على أراضيها. وقال الجنرال الباكستاني أحمد شريف شودري، خلال مؤتمر صحافي في إسلام آباد: «كان الإرهابيون يتواصلون مع مُوَجِّهين لهم في أفغانستان، بينما لعبت الهند دور العقل المدبر وراء ذلك».

بيد أن وزارة الخارجية الهندية ردت التهم، وأعلنت نيودلهي أن على إسلام آباد أن «تنظر إلى نفسها أولاً، بدلاً من توجيه أصابع الاتهام وإلقاء اللوم على الآخرين فيما يتعلق بمشكلاتها الداخلية وإخفاقاتها». كذلك رفضت السلطات الأفغانية الاتهامات الباكستانية.

في هذا الصدد، علق الجنرال الهندي السابق سيد عطا حسنين بقوله: «لدى باكستان خبرة في التعامل مع الحركات المسلحة الانفصالية والإرهاب. ومع ذلك، فإنها لم تنجح قط في تحييد هذه الحركات بشكل كامل. والمثال الأبرز على ذلك باكستان الشرقية سابقاً (بنغلاديش حالياً)... ولطالما غرقت قيادة الجيش الباكستاني في ثقافة التسلط، معتقدةً أن استخدام قوة أكبر من الخصم سيحل جميع المشاكل».

وأضاف أن «تصاعد العنف في بلوشستان يهدد بعرقلة الاستثمارات الصينية بالمنطقة، التي تُعدّ أساسيةً لـ(مبادرة الحزام والطريق) العالمية التي أطلقتها بكين». في الوقت ذاته، يعمل آلاف المواطنين الصينيين داخل باكستان، التي تضم كذلك مشروع «الممر الاقتصادي الصيني ـ الباكستاني»، الذي تقدر قيمته بـ60 مليار دولار، والذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من «مبادرة الحزام والطريق».

استهداف المصالح الصينية

يستهدف تنظيم «جيش تحرير بلوشستان» وجماعات بلوشية أخرى، الجيش الباكستاني والمنشآت الحكومية والعمال الصينيين. ويشكل ميناء غوادار في إقليم بلوشستان محور «مبادرة الحزام والطريق» الطموح للرئيس الصيني شي جينبينغ، باستثمارات تقدر بـ65 مليار دولار، في إطار مشاريع «الممر الاقتصادي الصيني ـ الباكستاني».

كذلك لبكين مصالح تتصل بمناجم النحاس، إذ تتعاون الصين وباكستان في مشروع ساينداك للنحاس والذهب في بلوشستان، ويتولى مئات المهندسين والمشرفين الصينيين الإشراف على مواقع البناء داخل المقاطعة.

وتكشف إحصاءات الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب بباكستان، عن أنه منذ عام 2021، لقي 20 مواطناً صينياً حتفهم، وجُرح 34 آخرون داخل المقاطعة. ومع تكثيف المتمردين البلوش تمرّدهم داخل باكستان، واستهدافهم الجيش الباكستاني والمصالح الصينية، يساور إسلام آباد قلقاً بالغاً إزاء التداعيات المحتملة لهذه الهجمات على «الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني». كما تعرّض عشرات الصينيين لهجمات بمختلف أرجاء باكستان على يد متمردين.

وحقاً، يشكّل أمن العمال الصينيين قضيةً مقلقة ومُستمرة، خاصة في ظل تعرضهم لهجماتٍ مُتعددة عبر السنوات الأخيرة. وأثار هذا التهديد المُستمر تقارير استخباراتية، تُشير إلى احتمالية أن تنشر بكين قوات لها قريباً في باكستان، وهذه خطوةٌ من شأنها أن تشكل تحولاً هائلاً في الوجود الأمني لبكين بالمنطقة.

ووفق الصحافي الباكستاني آرزو كاظمي، الذي يُدير قناةً عبر موقع «يوتيوب»، فإن «الصين تُؤمن بفكرة الاستثمارات الآمنة، أي أنها لا تُحبّذ الصراعات حول مشروعاتها. وعليه، يشعر الصينيون بإحباط شديد بسبب عجز الحكومة الباكستانية عن توفير الأمن، لدرجة أنهم قرروا تجنب ضخ استثمارات في مشاريع أخرى».

آفاق تعاون أمني

وفي هذا الإطار، اقترحت الصين بناء شركة أمنية بالتعاون مع باكستان، لتوفير حماية أكبر لعمالها في مشاريع «الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني». وعلاوة على ذلك، دأبت بكين على حثّ إسلام آباد على توقيع اتفاقية تعاون لمكافحة الإرهاب، من شأنها أن تمهد الطريق أمام وجود عسكري صيني رسمي بالبلاد.

هذا، وإلى جانب مطالبة المتمردين البلوش بالاستقلال عن باكستان، فإنهم أبدوا معارضتهم الصريحة للمشاريع الصينية في المنطقة. وهم يتهمون الآن بكين باستغلال الموارد الطبيعية الغنية في بلوشستان – مثل الغاز الطبيعي والفحم والنحاس ومعادن أخرى - بالتعاون مع سلطات إسلام آباد، ما أدى إلى تهميش السكان المحليين. وجاءت الهجمات الأخيرة ضد الموظفين الصينيين العاملين في البنية التحتية لمشروع «الممر الاقتصادي الصيني ـ الباكستاني»، في إطار استراتيجية المتمردين الأوسع للرد على ما يعدونه استغلالاً اقتصادياً مجحفاً.

يشكّل أمن العمال الصينيين قضيةً مقلقة ومُستمرة، خاصة في ظل تعرضهم لهجماتٍ مُتعددة عبر السنوات الأخيرة

التوتر بين باكستان و«جيرانها»

التوترات المتصاعدة بين باكستان وأفغانستان تثير بلا شك مخاوف حول احتمال اشتعال صراع بين البلدين، قد يخلّف تداعيات كبرى على جنوب شرقي آسيا بل وسط آسيا أيضاً. ويأتي هذا التطور بعد شنّ باكستان غارة جوية داخل أفغانستان، العام الماضي، وفي المقابل، هاجمت «طالبان» مواقع عدة في باكستان، بينما تراقب الهند تزايد التوتر بين «جارتيها»، لأن اشتعال الحرب بينهما سيثير القلق على أمن نيودلهي على جبهات عدة، مثل أزمة اللاجئين وتصاعد الإرهاب.

وفي تطور مهم، انخرطت الهند في مناقشات متعددة مع «طالبان» خلال العام الماضي، الأمر الذي أثار استياء باكستان. وبجانب ذلك، سمحت الهند لممثل «طالبان» بالعمل من داخل القنصلية الأفغانية في مومباي، في حين التزمت كابل بضمان ألا يصار إلى استخدام أراضيها في شن أنشطة ضد الهند. ولكن في الوقت ذاته، عزّز وجود حكومة «طالبان» في أفغانستان طموح «طالبان باكستان» في بناء «دولة إسلامية» طالبانية في إسلام آباد.

وما يجدر ذكره في هذا السياق أن سلطات إسلام آباد تقول إن الكثير من الأسلحة والأجهزة المتطورة التي تستخدمها الجماعات المتمردة تأتي من أفغانستان، التي تركتها واشنطن وراءها قبل انسحابها من أفغانستان.

وعلى جانب آخر، تتفاقم الأمور بالنسبة للعلاقات بين باكستان وإيران إثر شنّ الجانبين غارات جوية ضد بعضهما، العام الماضي. وقد استخدمت إيران صواريخ وطائرات مسيّرة من دون طيار لقصف غرب باكستان. وفي المقابل، شن سلاح الجو الباكستاني غارات جوية على جنوب شرقي إيران، ويزعم كل من الجانبين أن الأراضي المستهدفة استُخدمت لشن أنشطة تمردية داخل أراضيه.

النظام العالمي الانتقائي والغرب

تحدَّت الهند الدور الحالي للأمم المتحدة تحدياً مباشراً أمام عدد من القوى العالمية الكبرى. ودافع وزير الخارجية الهندي إس. جايشانكار عن إنشاء أمم متحدة «قوية وعادلة»، مشدداً على ضرورة تطبيق المعايير والقواعد العالمية على الجميع بالعدل. وأضاف: «إننا نحتاج إلى أمم متحدة قوية، لكن الأمم المتحدة القوية تتطلب أمماً متحدة عادلة. ويجب أن يتسم النظام العالمي القوي ببعض الاتساق الأساسي في المعايير». ودعا الوزير الهندي من ثمَّ إلى مراجعة النظام العالمي القائم، بقوله: «أعتقد أنه من المهم مراجعة مسيرة العالم على مدى العقود الثمانية الماضية، وأن نكون صادقين بشأن ذلك، وأن نفهم اليوم أن التوازنات، وتقسيم الحصص في العالم قد تغير... نحن الآن بحاجة إلى حوار مختلف. بصراحة، نحن بحاجة إلى نظام مختلف». من جهة ثانية، انتقد جايشانكار الغرب بصورة مباشرة في سياق التطرق إلى موضوع التدخل السياسي فقال: «عندما يتدخل الغرب في دول أخرى، يبدو الأمر كأنه يسعى إلى تحقيق مبادئ الديمقراطية. وعندما تتدخل دول أخرى في الغرب، يبدو كأن لديها مصلحة خبيثة للغاية... أعتقد أنه يجب أن نتحلى بالإنصاف». ومن ثم، أثار الوزير الهندي، طبعاً من زاوية بلاده، قضية كشمير، فقال: «عندما أحالت الهند القضية عام 1947، إلى الأمم المتحدة بعد غزو باكستان للإقليم، حوّلت القوى المتورّطة آنذاك -بريطانيا والولايات المتحدة وبلجيكا وكندا وأستراليا- الأمر إلى نزاع بين نيودلهي وإسلام آباد»! جاء كلام جايشانكار خلال حلقة نقاشية بعنوان «العروش والأشواك: الدفاع عن سلامة الأمم»، كان بين المشاركين فيها رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلت، ووزير خارجية ليختنشتاين دومينيك هاسلر، ووزير الخارجية السلوفاكي يوراي بلانار. ثم تساءل جايشانكار عن تطبيق القواعد العالمية على «طالبان» في أفغانستان، خصوصاً المعايير المختلفة التي اعتمدتها الدول الغربية في المفاوضات مع الجماعة عبر فترات مختلفة، وقال إن مزايا النظام القديم «مبالغ فيها». وعبَّر الوزير عن اعتقاده فيما يخص الوضع في أفغانستان بأنه «إذا كان ذلك يناسب مصلحتك، سواءً كان أحدهم صالحاً أو رديئاً، فسوف تُقرر ما تراه مناسباً وتُطبق ذات المعايير على البلد نفسه، وعلى القضايا نفسها بشكل مختلف». وضرب مثالاً على ذلك بـ«طالبان»، إذ قال «تخيل أفغانستان، (طالبان) نفسها، التي كانت حالة شاذة، جرى الترحيب بها في عملية الدوحة، وفي أوسلو، وكان الناس راضين عنها. لكن، اليوم، يعودون ويقولون إن (طالبان) تُسيء التصرف... وبذا يتضح أنه عندما يناسبك التعامل مع (طالبان)، يكون الأمر مقبولاً، وعندما لا يناسبك يصبح الأمر غير مقبول».