توفيت هيلاري مانتل، المؤلفة البريطانية لروايات «وولف هول»، و«برينغ أب ذي بوديز»، و«ذي ميرور آند ذي لايت»، الثلاثية المستمدة من حياة توماس كرومويل، في مستشفى بمدينة إكستر الإنجليزية عن عمر يناهز 70 عاماً.
وقد أكد بيل هاميلتون، وكيلها الأدبي لفترة طويلة، نبأ وفاتها بالسكتة الدماغية. وقال «كان أمامها الكثير من الروايات العظيمة»، وأضاف أن مانتل كانت تعمل على واحدة منها وقت وفاتها، مضيفاً أن رحيلها يُعد «خسارة فادحة للأدب».
كانت مانتل من أكثر الروائيين المتميزين في بريطانيا. وفازت مرتين بجائزة «بوكر»، الجائزة الأدبية المرموقة في البلاد، عن روايتي «وولف هول» و«برينج أب ذي بوديز»، اللتين حققتا ملايين النسخ مبيعاً. وفي عام 2020، أُدرجت أيضاً لفترة طويلة للحصول على الجائزة نفسها عن رواية «ذي ميرور آند ذي لايت».
كتبت بارول سيغال، ناقدة الكتب السابقة لدى صحيفة «نيويورك تايمز»، في مقالة نقدية عام 2020 عن رواية «ذي ميرور آند ذي لايت»، أن كتابات مانتل تحيط القارئ باكتساح غني بالغزو، والتآمر، وعلم النفس البشري المُربك. وقالت السيدة سيغال إن السيدة مانتل لم تكن مجرد قاصة للروايات التاريخية، وإنما كانت خبيرة في إظهار «ما تكشفه القوة وتخفيه في الشخصية الإنسانية».
ولدت مانتل باسم «هيلاري ماري طومسون»، ونشأت في عائلة كاثوليكية آيرلندية في هادفيلد، قرية في مقاطعة داربيشير الإنجليزية. وعند بلوغها 18 عاماً، انتقلت إلى لندن لدراسة القانون في كلية لندن للاقتصاد، لكنها لم تستطع تحمل تكلفة إنهاء الدراسة. وبعد زواجها من الجيولوجي جيرالد ماكوين، أصبحت مدرّسة وشرعت في التأليف كهواية جانبية.
أنهت روايتها الأولى عام 1979، وكانت بعنوان «بليس أوف غريتر سيفتي»، الجارية أحداثها إبان الثورة الفرنسية. ورفضها الناشرون - لأنها مؤلفة غير معروفة، وكانت الرواية التاريخية طويلة للغاية، إذ تجاوزت أكثر من 700 صفحة. لكن كتابها الثاني، وهي رواية معاصرة نُشرت عام 1985، حقق نجاحاً جيداً، وشكل طائفة من المحبين والمعجبين بأعمال السيدة مانتل على مدى العقود التالية.
مع ذلك، لم تحقق مانتل نجاحاً كبيراً حتى عام 2009، حين حققت رواية «وولف هول»، الأولى في ثلاثية روائية عن كرومويل، ابن الحداد الذي صار في نهاية المطاف أحد أكثر مساعدي الملك هنري الثامن نفوذاً. بدأت تلك الرواية بمشهد صادم، إذ يرقد الفتى المراهق كرومويل في بركة من القيء بعد أن ضربه والده ضرباً مبرحاً. وسرعان ما يقرر كرومويل أن يتخذ لنفسه حياة مختلفة تماماً، ويشرع في السير على طريقه صوب السلطة.
في مراجعة لصحيفة «نيويورك تايمز»، أطلقت جانيت ماسلين على هذه الرواية صفة «الرواية الرائدة والأنيقة والغنية بالتفاصيل لسيرة ذاتية».
وأضافت ماسلين تقول: «لقد قدمت الشخصيات الرئيسية في روايتها بطريقة بارعة للغاية. وصورت مكائدهم ذات الحبكات الحادة بحرفية لا تتوقف في كتاب يمكن أن يقلص ثروة من الحدة والصرامة إلى كلمات قليلة مختارة بعناية».
في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2020، قالت مانتل إنها صارت مفتونة بشخصية كرومويل بعد أن علمت في المدرسة الثانوية عن دوره في حل الأديرة البريطانية. لكن عندما قرأت الروايات عنه، أحست بأنه كان يُقدم للناس في صورة نمطية بالغة البُغض. وقالت: «أدركت أن هذا الرجل يستحق عملاً روائياً يليق بتاريخه».
ومن ثم، صار كرومويل الشخصية المهيمنة في الثلاثية، وهو الذي تحول إلى واحدة من أقوى الشخصيات في بريطانيا، إلا أنه خسر بعد ذلك رضا الملك ورأسه. قالت مانتل في مقابلة عام 2020، «لن أقابل شخصاً آخر يُدعى توماس كرومويل، إذا فكرت كم من الوقت بقي محتلاً وعيي وضميري».
لم تكتف السيدة مانتل بإعادة تنبيه القراء إلى حياة كرومويل في رواياتها، بل ساعدت أيضاً في إخراجه إلى خشبة المسرح في سلسلة من المسرحيات الحائزة جوائز، وكذلك في مسلسل تلفزيوني بثته هيئة الإذاعة البريطانية.
عانت مانتل من الآلام المزمنة خلال معظم حياتها. وأدركت في العشرينات من عمرها أنها تعاني من الورم البطاني الرحمي، وهي حالة تنمو فيها الأنسجة الشبيهة بتلك المُبطنة للرحم في مكان آخر. وفي سن 27، بعد أن تأكد التشخيص الطبي، خضعت لجراحة لاستئصال رحمها والمبايض، لكن ذلك لم يوقف الألم.
في مقابلة أجريت معها عام 2020، قالت إن المضاعفات الناجمة عن مرضها جعلت من العمل اليومي العادي أمراً مستحيلاً، وقالت: «لقد ضيق ذلك من خياراتي في الحياة، وانتهى الأمر باستطاعتي الكتابة فقط».
* خدمة «نيويورك تايمز»