قلق الأكراد من «تغير كل شيء» إذا تصالحت سوريا وتركيا

بعد إجراء رئيس المخابرات التركية محادثات سرّية في دمشق هذا الشهر

نقطة تفتيش لعناصر من قوة الأمن الداخلي الكردية في القامشلي 10 سبتمبر (رويترز)
نقطة تفتيش لعناصر من قوة الأمن الداخلي الكردية في القامشلي 10 سبتمبر (رويترز)
TT

قلق الأكراد من «تغير كل شيء» إذا تصالحت سوريا وتركيا

نقطة تفتيش لعناصر من قوة الأمن الداخلي الكردية في القامشلي 10 سبتمبر (رويترز)
نقطة تفتيش لعناصر من قوة الأمن الداخلي الكردية في القامشلي 10 سبتمبر (رويترز)

بعد أن ظلوا على مدى عقد من الزمن يتمتعون بالحكم الذاتي، يخشى أكراد سوريا من أن يتسبب التقارب الواضح بين دمشق وخصمهم الحكومة التركية في فقدان نمط حياتهم الذي اكتسبوه بشق الأنفس.
وقبل اندلاع الصراع في سوريا، لم يكن مسموحاً للأكراد البالغ عددهم نحو مليوني شخص بتعلم اللغة الكردية في المدارس أو الاحتفال بمناسباتهم الثقافية. وبعد عام من اندلاع الانتفاضة السورية في عام 2011 انسحبت القوات الحكومية من مناطق في الشمال مما مهّد الطريق أمام «الإدارة الذاتية» التي يقودها الأكراد للتحكم في مؤسساتها الخاصة، ومنها مدارس يتم فيها تعلم اللغة الكردية.
لكنّ الكثيرين فيما تسمى «الإدارة الذاتية» يقولون إنهم قد يفقدون حقوقهم الجديدة إذا تصالحت الحكومة السورية مع تركيا، التي دعمت المعارضة في مواجهة الرئيس بشار الأسد منذ عام 2011 وتهاجم المناطق السورية التي يديرها الأكراد، والتي تعدها أنقرة تهديداً للأمن القومي.
قال سليمان أبو بكر (55 عاماً)، أحد سكان منطقة الإدارة الذاتية: «إذا حدث هذا الاتفاق، فسيكون ذلك ضربة قاضية للإدارة الذاتية التي تأسست على نظام المساواة والديمقراطية والحرية». وقالت أربعة مصادر لـ«رويترز»، الأسبوع الماضي، إن هذه المخاوف ناتجة عن تحسن واضح في العلاقات بين دمشق وأنقرة بمباركة موسكو.
ومن شأن أي تطبيع بين أنقرة ودمشق أن يعيد تشكيل الحرب السورية المستمرة منذ عقد من الزمن. وأجرى رئيس المخابرات التركية محادثات سرّية في دمشق هذا الشهر. وشجع وزير الخارجية التركي أيضاً المصالحة بين المسلحين المعارضين والحكومة. وقال الرئيس رجب طيب إردوغان إنه كان يودّ لقاء الأسد لو حضر الأخير قمة انعقدت الأسبوع الماضي في سمرقند.

«اللغة الأم» في خطر
من المرجح أن تدور أي مناقشات بين تركيا وسوريا حول 3.6 مليون لاجئ سوري ما زالوا يقيمون في تركيا. ويرغب إردوغان في عودتهم إلى بلادهم قبل الاستعداد لإعادة انتخابه العام المقبل، ولكن المناقشات قد تتناول أيضاً اتفاقيات حول الأمن والحكم في الشمال.
بالنسبة للمُعلمة دلال محمد (45 عاماً)، فإن اللغة الكردية يمكن أن تتعرض للمحو، إذ تعارض كل من أنقرة ودمشق تدريسها في المدارس. وقالت: «نخشى أن يؤدي التقارب بين تركيا وسوريا إلى اضطهاد بعض سكان هذه المنطقة، بما في ذلك محو الثقافة واللغة الأم الكردية بعد كل ما أنجزناه خلال السنوات العشر الماضية».
وفي حين أن تركيا هي عدو معلن للإدارة الذاتية، فقد انخرط أكراد سوريا في حوار مشوب بالتوتر مع دمشق بينما حافظوا على علاقات جيدة مع موسكو والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يقاتل المتطرفين في سوريا. وقال صالح مسلم، أحد رؤساء حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الحزب الرئيسي في منطقة الإدارة الذاتية، إن روسيا ربما انقلبت أيضاً على الأكراد الآن. وأضاف أن كل هذا يأتي بدعوة من روسيا التي تشجع هذا التقارب.
وبالنسبة لديلفين، وهي صاحبة متجر، فإن أي اتفاق بين الخصمين يعني أن ابنتها لن تنعم بالعيش تحت الحكم الذاتي قصير الأجل الذي عاشته هي في مدينة كوباني شمال سوريا. وقالت لـ«رويترز»، إن هذا سوف يؤدي إلى التخلص من الإدارة الذاتية، وفي هذه الحالة سيتغير كل شيء بالنسبة للأكراد.
وأضافت أن التغيير سيشمل «الطريقة التي نعمل بها واللغة التي يتم تدريسها لأبنائنا والعملة. نعتقد أن كل جهود تركيا تهدف إلى التخلص من الإدارة الذاتية، لا أكثر ولا أقل».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.