اللواء الثامن المدعوم من الروس يشكل مجموعات جديدة في ريف درعا

اللواء الثامن كان فصيلاً معارضاً بارزاً يسمى قوات «شباب السنة» قبل اتفاق التسوية في درعا عام 2018 (الشرق الأوسط)
اللواء الثامن كان فصيلاً معارضاً بارزاً يسمى قوات «شباب السنة» قبل اتفاق التسوية في درعا عام 2018 (الشرق الأوسط)
TT

اللواء الثامن المدعوم من الروس يشكل مجموعات جديدة في ريف درعا

اللواء الثامن كان فصيلاً معارضاً بارزاً يسمى قوات «شباب السنة» قبل اتفاق التسوية في درعا عام 2018 (الشرق الأوسط)
اللواء الثامن كان فصيلاً معارضاً بارزاً يسمى قوات «شباب السنة» قبل اتفاق التسوية في درعا عام 2018 (الشرق الأوسط)

شكل اللواء الثامن في درعا بجنوب سوريا والمدعوم من قاعدة حميميم الروسية، مجموعات جديدة تابعة له، منها واحدة في بلدة النعيمة التي تعد من أكبر بلدات ريف درعا الشرقي.
وأعلنت المجموعات التابعة للواء، وفق بيان صادر عنها، أن تشكيلها يهدف إلى الحفاظ على أمن المنطقة بعد انتشار الفلتان الأمني فيها. وحددت قوانين جديدة تهدف إلى «حفظ الأمن والأمان» في المنطقة بعد تصاعد عمليات القتل والاغتيالات والسرقة والاتجار بالمخدرات، مشيرة إلى منع دخول الملثمين تحت أي ظرف كان إلى المنطقة، ومنع اقتراب الدراجات النارية من المدراس أو السير بسرعة عالية، ومنع الأفراد تحت سن 15 سنة من قيادة الدراجة النارية دون وجود أحد من ذويه معه. كذلك شددت على أنها ستقوم بملاحقة السارقين وتجار المخدرات ومروجيها ومحاسبتهم «ضمن القانون». وطالبت المجتمع المحلي بضرورة الإبلاغ عن الحوادث والمتهمين بعمليات قتل وسرقة وتجارة المخدرات، ومساعدة المجموعات المحلية في تنفيذ مهامها بالمنطقة.
وقال أحد عناصر اللواء الثامن بدرعا، إن الدافع لتشكيل هذه المجموعات هو الحد من عمليات الفلتان الأمني الذي تعيشه محافظة درعا، المتمثل بعمليات قتل واغتيال وسطو مسلح وسرقة وانتشار المخدرات، لا سيما بعد غياب دور الجهات المسؤولة عن كبح هذه الظاهرة، معتبراً أنه واجب على أبناء المنطقة عدم تركها بشكل غير آمن ومستقر، أو لأشخاص «ينفذون أجندات خارجية بقصد تخريب المنطقة». وأكد تبعيتهم لقيادة اللواء الثامن في مدينة بصرى الشام، المعقل الرئيسي للواء الثامن المشكل من «فصائل التسويات» في المنطقة، في إشارة إلى جماعات معارضة سابقة عقدت تسوية مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، برعاية روسية.
ويعد اللواء الثامن من أكبر تشكيلات فصائل التسويات والمجموعات المحلية المسلحة في الجنوب السوري، وكان قبل اتفاق التسوية في درعا فصيلاً معارضاً بارزاً يسمى قوات «شباب السنة». وما زال الفصيل يرفع راية قوات «شباب السنة» في مقراته ونقاطه العسكرية حتى بعد خضوعه للتسويات، وأجرى في يوليو (تموز) 2020 تخريج دورة عسكرية في ساحة المدرج الروماني في مدينة بصرى الشام شرق درعا، بحضور روسي وشعبي. ورُفع في حفلة التخريج آنذاك العلم السوري وراية كُتب عليها «الجيش السوري». ولكن بعد ذلك حصلت احتجاجات هتف فيها عناصر من اللواء الثامن بسقوط «رأس النظام» في سوريا، ورفعوا لافتات تطالب بالإفراج عن المعتقلين.
وكانت للواء الثامن مهام عسكرية خارج محافظة درعا منذ تحويله من تشكيل معارض إلى تشكيل عسكري مدعوم من حميميم، إذ شارك في عمليات بريف سلمى باللاذقية والبادية السورية، بأوامر روسية. وتوقف هذا الدور العسكري مع تغير تبعية اللواء قبل عام إلى شعبة المخابرات العسكرية السورية، إذ أصرت قيادة اللواء على عدم المشاركة بأعمال عسكرية خارج محافظة درعا.
وكان اللواء الثامن يتدخل بدعم روسي في أي أحداث عسكرية تشهدها مناطق التسويات في عموم محافظة درعا بعد أن دخلت المنطقة ضمن اتفاق التسوية والمصالحة مع النظام السوري برعاية روسية، وبعد تفاهمات روسية إقليمية جنوب سوريا في عام 2018، وكان اللواء يشارك في عمليات التفاوض، ويقف ضد عمليات التصعيد العسكري التي تتعرض لها مناطق التسويات، ولكن عقب مغادرة قائد التشكيل أحمد العودة قبل عام إلى الأردن، وظهوره لاحقاً في العاصمة الروسية موسكو، طرأت على التشكيل عدة تغيرات، منها قطع التحويلات المالية عن جميع أفراده (بعدما كانوا يتقاضون مرتباً شهرياً قدره 200 دولار أميركي). ومع خضوع المنطقة لتسويات جديدة في عام 2021، أصبح التشكيل تابعاً لشعبة المخابرات العسكرية بإشراف روسي بعد أن كانت تبعيته للفيلق الخامس في الجيش السوري الذي تشرف عليه روسيا. وبات يتقاضى عناصره مرتبات تتراوح بين 400 - 500 ألف ليرة سورية شهرياً، وغاب أي حضور أو تدخل لهم عن الأحداث العسكرية التي تشهدها مناطق التسويات.
اللافت أن الإعلان عن تشكيلات جديدة تابعة للواء الثامن في محافظة درعا جاء بعد زيارة أجراها مؤخراً القيادي أحمد العودة وهو القائد العام للواء الثامن، إلى معقل قواته في مدينة بصرى الشام، وعاد بعدها إلى الأردن. ورجح مراقبون أن زيارته كانت بمثابة تأكيد لاستمرار وجوده كقوة موالية لروسيا، بعد الحديث عن تراجع دورها في سوريا نتيجة حرب أوكرانيا. ولا ترغب روسيا، في الوقت ذاته، بترك ساحة جنوب سوريا فارغة لإيران، وهي تستغل رفض أبناء المنطقة للوجود الإيراني لتجنيد مواطنين ضمن مجموعات تابعة لها.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.


مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.


خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.