زعماء العالم يتقاطرون إلى أوسع حشد أممي في نيويورك

قضايا المناخ والتعليم وأوكرانيا تتصدر نقاشات الجمعية العمومية

غوتيريش يتحدث خلال اجتماع «لحظة أهداف التنمية المستدامة 2022» في نيويورك أمس (أ.ب)
غوتيريش يتحدث خلال اجتماع «لحظة أهداف التنمية المستدامة 2022» في نيويورك أمس (أ.ب)
TT

زعماء العالم يتقاطرون إلى أوسع حشد أممي في نيويورك

غوتيريش يتحدث خلال اجتماع «لحظة أهداف التنمية المستدامة 2022» في نيويورك أمس (أ.ب)
غوتيريش يتحدث خلال اجتماع «لحظة أهداف التنمية المستدامة 2022» في نيويورك أمس (أ.ب)

شهدت أروقة المقر الرئيسي للأمم المتحدة أمس (الاثنين)، تقاطر ما يصل إلى 85 من رؤساء الدول واثنين من نواب الرؤساء و51 من رؤساء الحكومات والمئات من كبار المسؤولين من كل أنحاء العالم، للمشاركة في افتتاح الاجتماعات رفيعة المستوى للدورة السنوية الـ77 للجمعية العامة للمنظمة الدولية في نيويورك، وانضم كثيرون بينهم إلى أوسع حشد للدبلوماسية الدولية على الإطلاق، بعدما تأخروا بسبب مشاركتهم في المراسم الجنائزية العظمى التي أقيمت في لندن وداعاً للملكة إليزابيث الثانية، متجاوزين أيضاً القيود المشددة التي فرضت خلال الدورات الثلاث الماضية بسبب تفشي جائحة «كوفيد - 19»، للبحث عن حلول للتهديدات والتحديات العالمية المتزايدة.
وفيما أدت مراسم جنازة الملكة إليزابيث إلى إرجاء غير معتاد لكلمة الرئيس الأميركي جو بايدن، بدا واضحاً غياب زعماء مؤثرين للغاية عن الدورة الجديدة للجمعية العامة، وأبرزهم على الإطلاق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين الذي أمر جيوشه بغزو أوكرانيا فيما يسميه «عملية عسكرية خاصة» بدأت قبل أكثر من ستة أشهر، والصيني شي جينبينغ الذي يتقاسم مع زعيم الكرملين هواجس المواجهة المتصاعدة سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً مع الغرب بزعامة الولايات المتحدة والدول الرئيسية في أوروبا، ما أضفى «مزاجاً كئيباً»، بسبب العقوبات الخطيرة لغزو أوكرانيا، وإمكان أن يثير ذلك شهية بكين على استعادة تايوان إلى الأرض الأم تحت شعار صون «الصين الواحدة»، واستمرار التوتر المتعلق بالملفات النووية الأخرى، وأشدها خطورة في كوريا الشمالية وإيران. وسيغيب أيضاً رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي يقود واحدة من كبرى الديمقراطيات وأكثرها تنوعاً.
- وقت خطر
وإذا كان الزعماء المجتمعون سيركزون على التحديات المستجدة ودفع العالم نحو استقطابات جديدة في النظام العالمي بطرق لا نظير لها منذ الحرب الباردة، فإن التأثير المتواصل للحرب في أوكرانيا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية في كل أنحاء العالم يأخذ حيزاً واسعاً من الاهتمام، بالإضافة إلى استمرار التركيز على أزمة الطاقة التي تعكر صفو الاقتصاد العالمي، والمخاوف بشأن الاضطرابات المناخية مثل الفيضانات المدمرة في باكستان، فضلاً عن الهواجس الكبرى المتعلقة بتحسين التعليم ومحو الأمية والتغلب على التحديات المناخية وموجات الهجرة والسعي إلى إرساء السلام والقضاء على الفقر.
وعلى هامش الاجتماعات، ستعقد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي مؤتمراً مشتركاً بشأن انعدام الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار الثلاثاء، علماً بأن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سيستضيف اجتماعاً منفصلاً مع زعماء العالم الأربعاء، لمناقشة التحديات الرئيسية الثلاثة للحرب: ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والاقتصادات المتدهورة.
وأقر غوتيريش بأن الجمعية العامة «تجتمع في وقت خطر كبير»، لأن «عالمنا مليء بالحرب، وتضربه فوضى المناخ، وندوب الكراهية، ويخيبه الفقر والجوع وعدم المساواة».
ومن المتوقع أن تستخدم الدول الغربية منصة الجمعية العامة لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، باعتباره هجوماً على النظام العالمي والقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر العدوان على دولة مستقلة وذات سيادة.
- القيادة الأميركية
ويتوقع أن تحدد كلمة بايدن الأربعاء، مسار الدورة السنوية هذه بالتركيز على أوكرانيا وتغير المناخ ودور الأمم المتحدة. ويرجح أن يخاطب الحشد الدولي الذي تغير بشكل كبير منذ العام الماضي، عندما ألقى أول خطاب رئاسي له في الأمم المتحدة وسعى إلى إعادة تأكيد القيادة الأميركية العالمية بعد سنوات «أميركا أولاً» خلال عهد سلفه الرئيس السابق دونالد ترمب.
وخلال العام الماضي، دافع بايدن عن قراره سحب القوات الأميركية من أفغانستان وسعى إلى تعزيز الديمقراطية في وقت تتصاعد فيه المشاعر الاستبدادية بجميع أنحاء العالم. وصور أميركا وحلفاءها الغربيين كشركاء حيويين، قائلاً إن «أمننا وازدهارنا وحرياتنا مترابطة (…) كما لم يكن من قبل». ويتوقع أن يؤكد على أهمية هذا التحالف هذا العام أيضاً، مواصلاً دعوته إلى الوحدة لدعم أوكرانيا في سعيها إلى صد الغزو الروسي، مع حض زعماء العالم على مواصلة الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، والعمل سوية لمواجهة الصعود الاقتصادي والعسكري للصين.
- المناخ والإدمان على الوقود
ورغم أهمية هذه القضايا، سيشير إلى مواصلة جهوده لإقناع الحلفاء بأن الولايات المتحدة عادت إلى دورها القيادي في القضايا الدولية الحاسمة للحرب والحوكمة وحماية البيئة. وستتيح له الجمعية العامة فرصته الأولى للترويج لتوقيعه الشهر الماضي، على قانون يعد أهم خطوة في التاريخ الأميركي نحو الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تدفع إلى تغير المناخ.
وسيكون للكلام عن المناخ وقع طيب عند غوتيريش الذي رأى خلال اجتماع مجلس إدارة الاتفاق العالمي للأمم المتحدة مساء الأحد، أن تحقيق انتقال عادل ومنصف للطاقة يمثل «أحد أكبر التحديات التي تواجه عالمنا». وقال إن الكوارث المناخية والارتفاع الهائل في أسعار الوقود أوضحا بجلاء الحاجة إلى «إنهاء إدماننا العالمي للوقود الأحفوري»، مشدداً على أهمية الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وبناء القدرة على الصمود، وتوسيع نطاق التكيف. وأضاف: «لو استثمرنا بشكل كبير في الطاقة المتجددة بالماضي، لما كنا في خضم حالة طوارئ مناخية الآن». ورأى أن مصادر الطاقة المتجددة هي «المسار الوحيد الموثوق» في سبيل تحقيق أمن حقيقي واستقرار الأسعار في مجال الطاقة وفرص العمل المستدامة. ودعا إلى زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء العالمية من نحو 30 في المائة اليوم، إلى أكثر من 60 في المائة عام 2030، و90 في المائة عام 2050.
وعرض خطته للطاقة المكونة من خمس نقاط للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة: أولاً، التعامل مع التقنيات باعتبارها «منافع عامة عالمية» متاحة مجاناً. وثانياً، سلط الضوء على الحاجة إلى تأمين وزيادة وتنويع سلاسل التوريد لتقنيات الطاقة المتجددة. وثالثاً، تكافؤ الفرص بالنسبة لمصادر الطاقة المتجددة. ورابعاً، تحويل الدعم من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، حيث أشار إلى أن الحكومات تنفق كل عام نحو نصف تريليون دولار لخفض سعر الوقود الأحفوري بشكل مصطنع «أكثر من ثلاثة أضعاف ما تحصل عليه مصادر الطاقة المتجددة». وخامساً، أهمية مضاعفة الاستثمارات العامة والخاصة في مصادر الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أضعاف إلى 4 تريليونات دولار سنوياً على الأقل.
- قمة كبرى للتعليم
واختتمت الاثنين، قمة كبرى عن «تحويل التعليم» استمرت ثلاثة أيام وكانت افتتحتها نائبة الأمين العام أمينة محمد، التي جددت التأكيد على الحاجة إلى التحول التعليمي، بما يؤدي إلى الإنصاف والشمول وإعادة التفكير في المناهج والابتكار في التدريس، مشددة على الحاجة إلى تمويل أكثر وأفضل. ووصفت التعليم بأنه «نظام بيئي ضخم» يدعم كثيراً من الأهداف السامية الأخرى ودعت إلى التحلي «بالشعور بالإلحاح» في توسيع نطاق المشاريع.
- فرصة ضئيلة مع إيران
وسيضع اجتماع الأمم المتحدة هذا الأسبوع إيران والولايات المتحدة وأطرافاً أخرى تحت سقف واحد بعد خمسة أشهر من المفاوضات غير المثمرة لإعادة الاتفاق النووي الموقع عام 2015 مع إيران. لكن فرصة عقد اجتماع رسمي مشترك على هامش الجمعية العامة لإعادة إطلاق المفاوضات ضئيلة، وفقاً لمسؤولين أميركيين ودبلوماسيين أوروبيين. ويخطط كل من إيران والغرب لتقديم حجة للعالم في نيويورك مفادها أن الطرف الآخر هو المسؤول. وتجادل إدارة بايدن بأن طهران هي المسؤولة عن الجمود في المحادثات لاحتواء برنامجها النووي، وتقول إنها تقدم مطالب جديدة تتجاوز نطاق الاتفاق.
وكانت الدورة السنوية الـ74 للجمعية العامة عام 2019 هي آخر مرة التقى فيها الأعضاء شخصياً قبل الوباء.
وقال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: «نحن سعداء للغاية بعودة أسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة شخصياً بعد عامين», مضيفاً أن «الدبلوماسية الشخصية أمر محوري لما يدور حوله الاجتماع».
وعام 2020، عُقد التجمع السنوي افتراضياً مع إلقاء القادة خطابات مسجلة مسبقاً. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الأمم المتحدة البالغ 75 عاماً التي تم فيها إلغاء الحضور الشخصي. وخلال العام الماضي، اعتمدت الأمم المتحدة مزيجاً من الحضور الشخصي والخطب المسجلة مسبقاً اعتماداً على ما تفضله كل دولة.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.