خلافات السياسة الليبية تعطل أعمال لجنة «5+5»

خبراء يعولون على المبعوث الأممي الجديد جمع شملها

اجتماع سابق للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في القاهرة (البعثة الأممية)
اجتماع سابق للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في القاهرة (البعثة الأممية)
TT

خلافات السياسة الليبية تعطل أعمال لجنة «5+5»

اجتماع سابق للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في القاهرة (البعثة الأممية)
اجتماع سابق للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في القاهرة (البعثة الأممية)

تعطلت أعمال اللجنة العسكرية المشتركة في ليبيا «5+5» بشكل ملحوظ على خلفية تصاعد الخلافات السياسية بين جبهتي غرب ليبيا وشرقها، ما دفع سياسيين ومتابعين إلى التساؤل: هل توقُّف أعمال اللجنة مؤقت، أم أنه تجميد دائم؟
بداية، أقر رئيس وفد القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» في اللجنة الفريق مراجع العمامي، بأن «الخلافات السياسية بالفعل عطلت مخرجات وخطط اللجنة العسكرية خلال الفترة الأخيرة».
وقال العمامي لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الخلافات أعاقت تنفيذ خططنا كلجنة عسكرية، إذ إن أي مقترح نقدمه في أي ملف أو قضية كان يتطلب قراراً سياسياً في نهاية المطاف للمساعدة في تنفيذه على أرض الواقع، وذلك لكون العسكريين لا يتدخلون في الأمور السياسية». وأعرب العمامي عن تطلعه «لاستكمال عمل اللجنة في أقرب وقت انطلاقاً من استمرار تواصل أعضائها بشكل دائم».
بالمقابل، قال عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، إن عمل اللجنة توقف قبل اندلاع الصراع على السلطة التنفيذية، لافتاً إلى أنه «تركز على المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، ثم فتح الطريق الساحلي بين شرق البلاد وغربها نهاية يوليو (تموز) عام 2021، وتابع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «باستثناء تنفيذ تلك المهام المحددة، كانت اجتماعات اللجنة العسكرية اعتيادية، بالإضافة إلى عقد لقاءات مع أطراف دولية تنقل للإعلام في إطار حرص تلك الأطراف الدولية على إظهار اهتمامها بالقضية الليبية».
وأرجع نصية أسباب انحصار عمل اللجنة لعدة أسباب من بينها، «استمرار أعضائها في تمثيل أطراف الصراع، وذلك بدلاً من بحثهم عن الحلول ومحاولة إحداث التوافق بين الجهات التي يمثلونها»، ورأى أن «هذا الأمر تعمق لعدم وجود وزير دفاع، في ظل خلافات حول هذه المسألة، ثم جاء الانقسام والصراع حول ترأس الحكومة».
ويرى نصية، أن اللجنة العسكرية، «أهملت توظيف واستثمار أجواء التقارب التي سادت بين الأطراف والقوى الليبية بأعقاب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، في تطوير مهامها باتجاه توحيد المؤسسة العسكرية، أو وضع خطة وطنية لمعالجة قضية السلاح»، معتبراً أن هذا «التطوير هو السبيل الوحيد لعودتها للمسار الصحيح».
ولم يبتعد جلال حرشاوي، الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف» عن الطرح السابق، وقال إن «ضعف اللجنة تعمق وبات أكثر وضوحاً مع بروز واحتدام الصراع على السلطة».
وأضاف حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المجموعات المسلحة في عموم ليبيا لم تلتفت يوماً لما يصدر عن تلك اللجنة من قرارات، وبالتالي لم يكن لها تأثير أو سلطة، لذا كان من المستبعد من البداية أن يكون لها دور، ولم تحاول التدخل في اشتباكات العاصمة طرابلس نهاية أغسطس (آب) الماضي».
وتحفظ حرشاوي، على ما يطرحه المدافعون عن أن اللجنة العسكرية حققت خطوات في ملف إخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من ليبيا، وقال: «اللجنة تعهدت منذ توقيع وقف إطلاق النار أكتوبر (تشرين الأول) 2020 بترحيل المرتزقة والقوات الأجنبية، لكن ذلك لم يحدث لأسباب عدة، وربما يتم الاكتفاء فقط بترحيل بعض المرتزقة السوريين في الفترة المقبلة».
وكانت اللجنة قد عقدت اجتماعات في القاهرة وتونس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مع ممثلي دول السودان وتشاد والنيجر لتبادل قواعد البيانات المتاحة حول العناصر المنتمية لبلدانهم وتمتهن الارتزاق بالسلاح داخل الأراضي الليبية تمهيداً لتسوية أوضاعهم وعودتهم.
ويرى حرشاوي أن «واشنطن تميل لتأييد عمل اللجنة العسكرية لأنها تريد إعطاء انطباع بأن قطاع الأمن الليبي يتم إصلاحه ونشر الوهم بأن المرتزقة يرحلون».
وقال أحمد عليبة، رئيس وحدة التسلح بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن التعويل الرئيسي لاستئناف نشاط اللجنة العسكرية يتوقف على المساعي التي قد يبذلها المبعوث الأممي الجديد عبد الله باتيلي لحلحلة التحديات التي فرضتها الصراعات الحادة حول السلطة خلال الفترة الأخيرة على عمل اللجنة.
وأضاف عليبة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد اشتباكات طرابلس نهاية أغسطس، تعمقت الخلافات وتعزز وضع المجموعات المسلحة الموالية للدبيبة في طرابلس، وباتت رئاسة أركان المنطقة الغربية هي المشرفة على غرف عملياتهم، وهذا يعني أن اللجنة العسكرية ستواجه عراقيل مضاعفة إذا ما استأنفت أعمالها، ومباشرة مهام حصر وتفكيك المجموعات المسلحة التي كانت تعد له منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار».
وتوقع عليبة، أنه في ظل الاهتمام الأميركي والأوروبي باللجنة العسكرية، فقد يستهل باتيلي نشاطه ولقاءاته في الساحة الليبية بتوجيه الدعوة لوفدي اللجنة العسكرية ما يدفع لاحتمالية استئناف نشاطها المتوقف فيما يخص ترحيل «المرتزقة» وتفكيك الميليشيات.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تونس: إضراب آلاف المعلمين للمطالبة بصرف أجورهم

من وقفة سابقة نظمها عدد من رجال التعليم وسط العاصمة (الشرق الأوسط)
من وقفة سابقة نظمها عدد من رجال التعليم وسط العاصمة (الشرق الأوسط)
TT

تونس: إضراب آلاف المعلمين للمطالبة بصرف أجورهم

من وقفة سابقة نظمها عدد من رجال التعليم وسط العاصمة (الشرق الأوسط)
من وقفة سابقة نظمها عدد من رجال التعليم وسط العاصمة (الشرق الأوسط)

أضرب الآلاف من الأساتذة والمعلمين الوقتيين في مدارس ومعاهد تونس، الثلاثاء، لليوم الثاني على التوالي مطالبين بتسوية وضعياتهم وصرف أجورهم المتأخرة. ويعمل أكثر من 20 ألفاً من الأساتذة والمعلمين «النواب»، كما يطلق عليهم في تونس، منذ سنوات من دون عقود رسمية. وقاطع معظمهم الدروس، منذ الاثنين، للمطالبة بإدماجهم رسمياً في الوظيفة العمومية بقطاع التربية والتعليم. كما يأتي الإضراب احتجاجاً على تأخُّر صرف أجورهم منذ بداية الموسم الدراسي الحالي. ويبلغ متوسط أجر المدرسين والأساتذة النواب نحو 250 دولاراً شهرياً. وكانت الوزارة قد تعهدت بمضاعفتها مع بداية الموسم الدراسي الجديد. بينما تشكو المؤسسات التعليمية في تونس من نقص في الكادر التدريسي على خلفية قرار الحكومة بوقف التوظيف منذ عام 2017، بسبب أزمة المالية العمومية.

وخلال اجتماع للرئيس قيس سعيد في 17 من يوليو (تموز) الماضي في قصر قرطاج بالعاصمة، بكلّ من المنصف بوكثير، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والمكّلف تسيير وزارة الثقافة، وسلوى العباسي، وزيرة التربية (السابقة) تَطَرَّق الرئيس التونسي إلى وضع المعلمين والأساتذة المتعاقدين. وأشار آنذاك إلى أن «الأوضاع التي مرّ بها عدد غير قليل منهم، من عدم صرف أجورهم، تمّ تجاوُزه، ويجب ألا يتكرّر»، مؤكداً ضرورة «البحث عن حلول آنية حتى يتمّ غلق هذه الملف نهائياً، في إطار يحفظ حقوق المعلمين والأساتذة والناشئة على حدّ سواء»، وفق بيان لرئاسة الجمهورية.

ووفق أرقام رسمية للعام الدراسي 2023 - 2024، فقد بَلَغَ عدد التلاميذ في تونس مليونين و356 ألفاً و630 في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية. بينما بلغ عدد المدرسين القارين (رسميين) والمتعاقدين في تونس 156 ألفاً و234 مدرساً للمراحل جميعها، يتوزعون على 6 آلاف و139 مؤسسة تربوية في البلاد.