عادت قضية خزان النفط اليمني المتهالك في البحر الأحمر (صافر) إلى واجهة الاهتمام الدولي، وسط المساعي الأممية لجمع التمويل اللازم من أجل تفريغ أكثر من مليون برميل من النفط الخام إلى خزان بديل تمهيداً لصيانة الأول، ضمن خطة على مرحلتين، في الوقت الذي تتصاعد فيه المخاوف من احتمالية انفجار الخزان المتهالك، وهو ما يهدد بكارثة بيئية واقتصادية ستستمر تداعياتها لعقود.
في هذا السياق احتضنت مدينة عدن اليمنية اجتماعاً ثلاثياً لمناقشة القضية ضم رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، ووزيرة التجارة الخارجية والتعاون الدولي الهولندية ليسجي شرينماخر، ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لدى اليمن ديفيد غريسلي، إلى جانب وزراء يمنيين ومختصين وفنيين.
كانت الميليشيات الحوثية عرقلت على مدار السنوات الماضية منذ انقلابها على الشرعية في اليمن كل المساعي الرامية لتفريغ الخزان من النفط، كما حالت أكثر من مرة دون تنفيذ صيانة عاجلة له من قبل الأمم المتحدة، قبل أن تتمكن الأخيرة من إقناع قادة الجماعة بخطتها الأحدث التي تلتزم في مرحلتها الأولى نحو 80 مليون دولار لبدء عملية الإنقاذ.
في المقابل كانت الحكومة اليمنية عرضت أكثر من مرة تفريغ الخزان وبيع الخام وتسخير عائداته لدعم القطاع الصحي في المناطق الخاضعة للحوثيين، وهو ما رفضته الجماعة الانقلابية، التي تقول الحكومة إنها حولت الخزان إلى أداة لابتزاز المجتمع الدولي وتهديد الملاحة في البحر الأحمر.
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن الاجتماع الثلاثي للحكومة اليمنية والأمم المتحدة وهولندا، ناقش وضع خزان صافر النفطي، والجهود المبذولة للشروع في تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الأمم المتحدة لتفريغه وصيانته لتفادي كارثة بيئية عالمية.
وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ»، تناول الاجتماع الخطوات العملية لحل المشكلة الخاصة بخزان صافر النفطي، والتنسيق المشترك لحشد الجهود الدولية لتغطية الفجوة التمويلية للخطة الأممية لصيانة وتفريغ الخزان، بما من شأنه بدء تنفيذها وفق خطة زمنية عاجلة، لتفادي المخاطر البيئية والبحرية والإنسانية الكارثية التي يشكلها الخزان في حالة تعرضه للانهيار.
ونقلت الوكالة عن رئيس الوزراء معين عبد الملك، أنه أكد في الاجتماع، أن قضية الخزان النفطي صافر من أهم القضايا، وتمثل خطراً حقيقياً يهدد بيئة البحر الأحمر، وحياة ومصادر عيش ملايين اليمنيين وفي الدول المشاطئة للبحر الأحمر.
وقال عبد الملك، «نحن أمام قنبلة موقوتة، فالخزان الذي يعمل منذ ٤٥ عاماً، ويحمل أكثر من مليون برميل من النفط الخام، بلغ وضعه مرحلة كبيرة من التدهور، حيث توقفت عمليات الصيانة منذ بداية الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي الانقلابية».
ونبه رئيس الحكومة اليمنية إلى أن «أي انهيار أو انفجار للخزان سيكون كارثياً، ويتجاوز أي كارثة بيئية في تاريخ البشرية، وسيؤثر على الحياة البيئية في البحر الأحمر والدول المشاطئة، وسيؤثر على مصادر المياه العذبة والبيئة الزراعية في مناطق واسعة، مما يعني الضرر المباشر والكبير على دخل ومصادر عيش ملايين اليمنيين، وفي الدول المجاورة في القرن الأفريقي والسعودية، وصولاً إلى مصر، كما أنه سيؤثر على ممرات الملاحة الدولية في خليج عدن ومضيق باب المندب وصولاً إلى قناة السويس».
وحذر عبد الملك من أن كلفة معالجة الأضرار البيئية في حال انفجار الخزان، وتسرب النفط، ستكون بعشرات المليارات من الدولارات وستأخذ عقوداً طويلة.
وأوضح بالقول: «منذ البداية كان موقفنا في الحكومة واضحاً في رفض تسييس قضية الخزان صافر، أو إدراجه في أي نقاشات سياسية بصفته أولوية إنسانية وبيئية واقتصادية، وطالبنا مراراً بالسماح لخبراء الأمم المتحدة بالوصول إلى الخزان لتقييمه وتفريغه، ودعينا لعقد جلسة لمجلس الأمن، في فبراير (شباط) 2020 لكن للأسف رفضت ميليشيا الحوثي هذا الأمر لسنوات، واستمرت باستخدام الملف للابتزاز السياسي داخلياً، وأمام المجتمع الدولي».
وحسب المصادر الرسمية نفسها، قدم رئيس الحكومة اليمنية الشكر لمملكة هولندا وقيادتها وجهود المجتمع الدولي في معالجة الخزان النفطي صافر، وتبنيها لمسار يحيد خطر الخزان باستبدال ناقلة أخرى به، وكذا استضافتها لمؤتمر للمانحين لتمويل الخطة، وكذا جهود السفير الهولندي في الوصول إلى اتفاق لتنفيذ الخطة.
وأعرب عبد الملك عن «أمله في أن يتم تغطية فجوة التمويل للمرحلة الأولى، وأن تبدأ الأمم المتحدة بتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة في القريب العاجل، قبل دخول موسم الرياح والأعاصير، الذي سيؤثر على عمل الشركة المنفذة»، وقال إنه يأمل «ألا تواجه الخطة الأممية بتعنت جديد من قبل ميليشيا الحوثي، كما يحدث منذ سنوات».
في السياق نفسه، نسبت المصادر الرسمية اليمنية إلى وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الدولي الهولندية، أنها «أكدت اهتمام بلادها بقضية خزان صافر النفطي استشعاراً بالمخاطر الكارثية لحدوث أي تسرب أو انفجار للخزان، وأن هولندا تشاطر الحكومة اليمنية مخاوفها من انعكاسات ذلك، ليس على اليمن فحسب بل على المنطقة».
كما أكدت الوزيرة الهولندية «استمرار بلادها في حشد الجهود لتمويل كامل الخطة، وتفريغ وصيانة الخزان النفطي، وفق الخطة المعدة من الأمم المتحدة».
قضية خزان «صافر» تهيمن على نقاش يمني ـ أممي ـ هولندي في عدن
معين عبد الملك: نحن أمام «قنبلة موقوتة» يجب الإسراع في تفاديها
قضية خزان «صافر» تهيمن على نقاش يمني ـ أممي ـ هولندي في عدن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة