اتفاق بين البرهان وحميدتي على رئاسة مدنية لـ«السيادي» و«الوزراء»

«الرباعية الدولية» تكثف جهودها لحل الأزمة في السودان

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 13 سبتمبر (رويترز)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 13 سبتمبر (رويترز)
TT

اتفاق بين البرهان وحميدتي على رئاسة مدنية لـ«السيادي» و«الوزراء»

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 13 سبتمبر (رويترز)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني في 13 سبتمبر (رويترز)

أعلن نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أمس، أنه اتفق مع رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان على اختيار مدنيين لرئاسة مجلسي «السيادة» و«الوزراء»، مؤكداً التزامه بـ«التعاون» مع الأطراف المدنية كافة لإكمال الفترة الانتقالية. وقد تزامن هذا التصريح مع تحركات حثيثة تقوم بها «الوساطة الرباعية» - التي تضم الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا والإمارات - للوصول إلى توافق ينهي الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد منذ نحو العام. وقالت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» إن البرهان جدد التزامه بالتعاون مع جميع الأطراف المدنية لإكمال الفترة الانتقالية. وتناقلت تقارير صحافية أنباء اجتماع عقدته «الوساطة الرباعية»، مساء الخميس، في منزل السفير السعودي بالخرطوم، علي بن حسن جعفر، لتنسيق رؤية لدفع الحوار بين العسكريين والمدنيين للوصول إلى تسوية تنهي الأزمة. من جانبه، جدد حميدتي، في نشرة صحافية أمس، التزامه الصارم بتعهداته بخروج الجيش من المشهد السيادي، قائلاً إنه والبرهان أكدا التزامهما بالخروج من السلطة وترك أمر الحكم للمدنيين.
وكشف حميدتي عن عقد اجتماع بينهما، مساء الخميس، أقرا فيه «بشكل قاطع، بأن يتولى المدنيون اختيار رئيسي مجلسي السيادة والوزراء»، داعياً إلى تشكيل حكومة مدنية تتوافق عليها قوى الثورة، وتستكمل مهام الانتقال وتؤسس لتحول ديمقراطي حقيقي.
ودخل السودان في أزمة سياسية خانقة إثر قرارات القائد العام للجيش الفريق البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، التي أعلن بموجبها حالة الطوارئ وحل حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ومجلس السيادة الانتقالي، وحكومات الولايات، وتعهد بتكوين حكومة «كفاءات مستقلة» تقود البلاد نحو الانتقال إلى الانتخابات. وأعلن البرهان في قراراته تلك، التي وصفها بـ«التصحيحية لمسار الثورة»، إكمال مؤسسات الانتقال، بما في ذلك مفوضيتا الدستور والانتخابات، وتشكيل مجلسي القضاء العالي والنائب العام والمحكمة الدستورية خلال شهر، وإقامة برلمان «ثوري» من الشباب.
بيد أن تلك القرارات وجدت رفضاً شعبياً ومقاومة مدنية كبيرة واعتبرها الكثيرون «انقلاباً عسكرياً» على الحكومة الانتقالية المدنية وخرجوا في مواكب احتجاجية متكررة، فيما واجهتها القوات الأمنية والعسكرية بعنف مفرط نتج عنه مقتل 117 متظاهراً سلمياً وإصابة المئات، من دون أن تفلح السلطات الأمنية في وقف الاحتجاجات شبه اليومية، ما حال دون إنفاذ تعهدات البرهان بتعيين رئيس وزراء وتشكيل حكومة، وتُركت البلاد تعيش فراغاً دستورياً لأكثر من 10 أشهر.
ونقلت صحيفة «الشرق» أن السفيرين السعودي والأميركي، يجريان اتصالات منفصلة مع المكون العسكري وتحالف «الحرية والتغيير» تهدف لإنهاء الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد. ودخلت الرباعية الدولية على خط الأزمة السودانية، عقب فشل «الآلية الثلاثية» المكونة من بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة «إيغاد»، في تيسير التفاوض بين المدنيين والعسكريين.
وفي 10 يونيو (حزيران) الماضي، أفلحت مبادرة قادتها السفارتان الأميركية والسعودية في جمع المدنيين والعسكريين للمرة الأولى منذ أكتوبر 2021، وذلك بحضور مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية «مولي فيي» والقائمة بأعمال السفارة وقتها «لوسي تاملين» بمنزل السفير السعودي علي بن حسن جعفر، توصلا خلالها لتكوين آلية تواصل بين العسكريين والمدنيين.
لكن جهود الوساطة الثنائية انقطعت في 4 يوليو (تموز) الماضي، إثر إعلان البرهان عدم مشاركة الجيش في المفاوضات مع المدنيين، وإفساح المجال للقوى السياسية والثورية لتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تكمل الفترة الانتقالية، وتكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة ينتقل إليه العسكريون. وبعيد وصول السفير الأميركي جون غوديفري كأول سفير لبلاده في الخرطوم منذ 25 عاماً، سعى لإحياء المبادرة السعودية الأميركية، وعقد اجتماعاً ضمه والسفير السعودي ونظيره البريطاني، لتتحول المبادرة إلى «ثلاثية»، قبل أن يتسرب أن دولة الإمارات انضمت لاحقاً لها لتتحول إلى «الرباعية الدولية».
ويؤمل كثير من المراقبين على جهود «الوساطة الرباعية» في تفكيك الأزمة الطاحنة التي تعيشها البلاد. وكانت قوى المعارضة المدنية قد وصفت إعلان الجيش الخروج من العملية السياسية، بأنه مجرد «حيلة»، يأخذ معها الجيش كل الصلاحيات والسلطات إلى «القيادة العامة» للجيش، ويترك خلفه حكومة مدنية لا تتعدى كونها «مكتب سكرتارية» خاضعة له.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مستشار حميدتي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم حكومة «موازية» عاصمتها الخرطوم

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
TT

مستشار حميدتي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم حكومة «موازية» عاصمتها الخرطوم

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

حسم مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، إبراهيم مخير، الجدل حول موقفهم بشأن المشاورات التي تجريها بعض الأطراف السياسية والمدنية لتشكيل حكومة «موازية» في السودان، عاصمتها الخرطوم، مؤكداً أنها «ستجد كامل الدعم والحماية» منهم، في مقابل السلطة التي يتزعمها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في مدينة بورتسودان شرق البلاد.

وجرت مشاورات مطولة الأسابيع الماضية في العاصمة الكينية نيروبي بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت تشكيل «حكومة سلام» على الأرض داخل السودان، في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في غرب السودان ووسطه.

وقال مخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «توصلنا إلى قناعة بالطرح المقدم من السياسيين المدنيين ونياتهم الحقيقية تجاه تحقيق السلام في البلاد». وأضاف أن «أهم الأسباب التي تدفعنا لدعم تكوين حكومة في البلاد، هو فشل كل المؤسسات القائمة في النظر إلى السودانيين كشعب واحد متساوٍ في المواطنة والحقوق والواجبات».

ترقب لإعلان الحكومة

ويسود جوّ من الترقب لإعلان الحكومة في الأيام المقبلة، بمشاركة بعض الفصائل من «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) التي ترفض بشدة هذه الخطوة، باعتبارها تكرس الانقسام في البلاد. كما تهدد الخطوة بحدوث انقسام في أكبر تحالف سياسي مناهض للحرب في البلاد.

وقال مستشار «حميدتي» إن «البلاد تمضي بشكل متسارع نحو التقسيم، في ظل الممارسات الانفصالية التي تنتهجها حكومة بورتسودان بإصدار عملة جديدة، وتنظيم امتحانات الشهادة الثانوية، وحرمان المواطنين في مناطق سيطرة (الدعم السريع) من هذه الحقوق». وأضاف: «أمام كل ذلك لا خيار أمامنا سوى دعم قيام حكومة شرعية قومية تمارس سلطاتها على أراضي البلاد كافة، والقيام بدورها في حماية المدنيين وتقديم العون لهم، فضلاً عن فتح الأبواب أمام كل الجهود الدولية والإقليمية التي تهدف لوقف الحرب وتحقيق السلام».

إبراهيم مخير (الثالث من اليمين) مع أعضاء وفد «الدعم السريع» إلى محادثات جنيف الأخيرة (موقع الدعم السريع)

وفي وقت سابق هدد قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بإعلان سلطة مستقلة في مناطق سيطرته، عاصمتها الخرطوم، حال أقدم قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، على تشكيل حكومة في مدينة بورتسودان شرق البلاد.

وجرت في العاصمة الكينية نيروبي خلال الأسابيع الماضية نقاشات مكثفة بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت نزع الشرعية من حكومة بورتسودان، وتشكيل حكومة على الأرض داخل السودان.

وأكد رئيس الجبهة الثورية، العضو السابق في «مجلس السيادة»، الهادي إدريس، في تصريحات الخميس الماضي، أن قرار تشكيل الحكومة لا رجعة فيه، مشدداً على أنهم لن يتخلوا عن تشكيل الحكومة إلّا إذا قرر طرفا الحرب الذهاب إلى المفاوضات لإنهاء القتال.

نزع الشرعية من بورتسودان

وقال إدريس، وهو نائب رئيس تحالف «تقدم» المدني الذي يرأسه عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق، إن الهدف من تشكيل «حكومة مدنية موازية هو نزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، وقطع الطريق أمام خطط أنصار نظام الإسلاميين (النظام البائد بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير) الرامية لتقسيم البلاد، وأيضاً لعدم ترك صوت السودان للجبهة الإسلامية لتتحدث باسمه، وأخيراً لإجبار الطرف الآخر (الجيش) على القبول بمفاوضات لوقف الحرب». وأشار إدريس في الوقت ذاته إلى تمسكه بوحدة الصف المدني.

وترى المجموعة الداعية إلى تشكيل الحكومة الموازية أهمية التشاور مع «قوات الدعم السريع» حول الأمر، والاتفاق على ميثاق سياسي يكون مرجعية للحكم، متوقعة أن تجد هذه الخطوة اعترافاً من بعض الدول.

وشهد مؤتمر «تقدم» التأسيسي الذي عُقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في مايو (أيار) الماضي، تداول فكرة تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان التي يترأسها البرهان، لكن المقترح لم يحظَ بالقبول الكافي، ثم أعيد طرحه مجدداً في اجتماع الهيئة القيادية لـ«تقدم» في مدينة عنتيبي الأوغندية مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وأحيل إلى لجنة سياسية لمزيد من التشاور.

وترفض العديد من القوى السياسية في «تنسيقية تقدم» مثل حزب الأمة القومي، وحزب المؤتمر السوداني، ومكونات مدنية مهنية ونقابية، بشدة، فكرة تشكيل حكومة «موازية»، خوفاً من تكريس الانقسام في البلاد.