القانون الانتخابي الجديد في تونس يخلّف جدلاً سياسياً حاداً

قلّص عدد النواب ومنع عناصر الجيش والأمن من المشاركة في التصويت واشترط تزكية 400 ناخب لكل مرشح

جانب من إعلان نتائج الاستفتاء على الدستور الجديد في تونس في يوليو الماضي (إ.ب.أ)
جانب من إعلان نتائج الاستفتاء على الدستور الجديد في تونس في يوليو الماضي (إ.ب.أ)
TT

القانون الانتخابي الجديد في تونس يخلّف جدلاً سياسياً حاداً

جانب من إعلان نتائج الاستفتاء على الدستور الجديد في تونس في يوليو الماضي (إ.ب.أ)
جانب من إعلان نتائج الاستفتاء على الدستور الجديد في تونس في يوليو الماضي (إ.ب.أ)

قوبل القانون الانتخابي الجديد المعلن عنه في تونس بردود فعل متباينة بلورتها مواقف لشخصيات سياسية معارضة وأخرى داعمة للمسار السياسي الذي ينهجه الرئيس قيس سعيد. ففي حين اعتبر بعض الأطراف أن القانون الجديد سيؤسس لمشهد سياسي مختلف عن السائد وسيطوي صفحة الأحزاب السياسية بمفهومها التقليدي، أكدت أطراف أخرى أن هذا النظام الانتخابي يقوي «شوكة الأفراد» نظراً لأن الاقتراع سيكون على أفراد وليس على قوائم انتخابية كما كان الحال في المحطات الانتخابية السابقة في تونس منذ سنة 2011.
وقلص القانون الانتخابي الجديد عدد أعضاء البرلمان الذي سينبثق عن الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل من 217 نائباً إلى 161 نائباً، ورفع عدد الدوائر الانتخابية إلى 161 دائرة موزعة بين 151 داخل تونس و10 دوائر خارجها، بعدما كان العدد سابقاً في حدود 33 دائرة انتخابية من بينها ست دوائر انتخابية في الخارج.
كما تضمن هذا القانون عدداً من شروط الترشح من أهمها شرط تزكية 400 ناخب لكل مرشح، واستخراج بطاقة السوابق العدلية، والقيام بالواجب الجبائي، إلى جانب استثناء العاملين في عدد من القطاعات المهنية من الترشح إلا بعد سنة من مغادرتهم لنشاطهم المهني. وقد منع المرسوم الجديد العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي من التسجيل في سجل الناخبين والتصويت.
ولا يحق، وفق القانون الانتخابي الجديد، لأعضاء الحكومة ورؤساء الدواوين، والقضاة، ورؤساء البعثات والمراكز الدبلوماسية والقنصلية، والولاة، والمعتمدين الأول، والكتاب العامين للولايات (المحافظات)، والمعتمدين والعمد (وهم ممثلو الحكومة في المناطق المحلية)، والأئمة، ورؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية، الترشح لعضوية البرلمان الجديد إلا بعد مرور سنة من انتهاء وظائفهم.
وفي هذا الشأن، قال المنجي الحرباوي، القيادي في «حركة نداء تونس» التي أسسها الباجي قائد السبسي، إن القانون الانتخابي الجديد يؤكد النهج الذي سار عليه الرئيس سعيد في تعامله مع المشهد السياسي حيث تم «إفراغ الساحة من الساسة والسياسيين والقضاء على كل الأجسام الوسيطة، رغم أن هذا الأمر لم يكن من مطالب 25 يوليو (تموز) 2021»، في إشارة إلى الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها رئيس الجمهورية في ذلك التاريخ وجمد فيها عمل البرلمان (قبل حله لاحقاً) وأقال الحكومة السابقة وعين مكانها أخرى جديدة.
واعتبر الحرباوي أن القانون الانتخابي الجديد «أحبط كل الأطراف السياسية التي أيدت ووقفت إلى جانب مسار التصحيح» الذي أعلنه الرئيس قيس سعيد قبل نحو سنة، وعبر عن خشيته من «عودة المنظومة السياسية القديمة» ممثلة في حركة «النهضة» ومؤيديها، علاوة على استعمال «المال الفاسد» للوصول إلى عضوية البرلمان الجديد.
وفي السياق ذاته، اعتبر زهير حمدي رئيس حزب «التيار الشعبي» المؤيد لـ«مسار 25 يوليو»، في تصريح إعلامي، أن القانون الانتخابي الجديد «إيجابي في عمومه، فنظام الاقتراع على الأفراد في دورتين سيمكن أوسع قاعدة شعبية ممكنة من الوصول إلى مراكز القرار ويتجنب هدر الأصوات ويؤمن كتلاً برلمانية قادرة على الحكم وأخرى على المعارضة». لكنه كشف، في الوقت ذاته، عن عدد من الإشكاليات التي سيطرحها القانون الجديد وهي تتمثل في طريقة تقسيم بعض الدوائر الانتخابية وتخفيض عدد نواب بعض الولايات، إضافة إلى صعوبة الحصول على 400 تزكية من أشخاص يمكن معرفة إمضائهم، على رغم أن هذا الشرط «يضمن جدية الترشح».
وينص القانون الانتخابي على أن يكون نصف المزكين للمرشحين للبرلمان التونسي الجديد من الإناث والنصف الثاني من الذكور، على ألا يقل عدد المزكين من الشباب دون سن الـ35 عن 25 في المائة، كما لا يجوز للناخب أن يزكي أكثر من مرشح واحد.
وتوعد الفصل 161 من المرسوم الرئاسي للانتخابات بعقوبات متعددة ضد كل من يقدم عطايا للناخبين سواء أكانت عطايا نقدية أو عينية من أجل التأثير عليهم. وأقر تغريم من يقوم بذلك بمبلغ يتراوح بين ألفين وخمسة آلاف دينار تونسي، والسجن بين سنتين وخمس سنوات. وتسري العقوبة على كل من حمل الناخبين على الامتناع عن التصويت سواء كان ذلك قبل الاقتراع أو أثناءه أو بعده. وبإمكان المحكمة أن تقضي بفقدان المرشح المخالف لحق الترشح لعضوية البرلمان مدى الحياة وحرمان الناخب المستفيد من العطايا من المشاركة في الانتخابات طيلة 10 سنوات.
أما سالم لبيض، القيادي في «حركة الشعب» المؤيدة لـ«مسار 25 يوليو»، فقد انتقد القانون الانتخابي الجديد، مؤكداً أنه ألغى 56 مقعداً برلمانياً في «غفلة صريحة عن التطورات الديمغرافية» في تونس، مشيراً إلى أن النائب البرلماني الواحد كان يمثل نحو 60 ألف ساكن وبات الآن يمثل 75 ألف ساكن، معتبراً أن الهدف من القانون الجديد هو تشكيل برلمان تونسي «خالٍ من السياسة والسياسيين والأحزاب والمتحزبين ومن كل أشكال التعددية السياسية والمنافسة بين الأحزاب والبرامج». ورأى لبيض أن مطالبة كل مرشح ببرنامج عمل وتزكية من 400 شخص تمثل «عبثاً مقنناً» سيعيد إحياء النعرات القبلية والعودة إلى العروش العائلية للحصول على التزكيات المطلوبة.
من ناحيته، قال محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم هيئة الانتخابات، إنها تلقت أول من أمس (الخميس) مشروع المرسوم الرئاسي المنظم للانتخابات، وهي بصدد درسه باعتبارها جهة استشارية يفرض القانون الأساسي المنظم لعمل الهيئة استشارتها، مؤكداً المحافظة على المواعيد الانتخابية المعلنة بدون تغيير. ولفت إلى أن الهيئة الانتخابية ستقدم قبل نهاية هذا الأسبوع إلى رئاسة الجمهورية كافة المقترحات القانونية والفنية والتقنية الخاصة بمشروع المرسوم الرئاسي المنظم للانتخابات التشريعية. وكشف عن برمجة جزء جديد للقانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء يتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الجهات والأقاليم (سيضم نحو 80 نائباً) ووضع نص قانوني ينظم العلاقات بين المجلسين، إذ إن النظام البرلماني الذي سيعتمد في تونس سيكون نظام الغرفتين.
وكان الرئيس قيس سعيد قد شدد، لدى إشرافه على اجتماع لمجلس الوزراء، على أهمية القانون الانتخابي التي لا تقل عن أهمية الدستور. وقال سعيد: «يجب أن يكون النائب مسؤولاً أمام ناخبيه، لذلك تم التنصيص في الدستور ومشروع المرسوم على إمكانية سحب الثقة منه بطرق محددة».
ونفى رئيس الجمهورية أن يكون القانون الانتخابي الجديد «إقصائياً»، قائلاً: «الاقتراع على الأفراد ليس فيه إقصاء لأحد كما يدعي المدعون، وهو أمر موجود ومعمول به في عدة دول. يُقال إنه وضع للإقصاء... لن يكون هناك إقصاء لأي فرد كان إذا توافرت فيه الشروط الموضوعية التي ينص عليها القانون الانتخابي».
وبشأن دعوة عدد من الأحزاب السياسية، خصوصاً منها المنتمية إلى منظومة الحكم القديمة ومن بينها حركة «النهضة» ومجموعة من الأحزاب اليسارية، إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، قال سعيد: «إن من يتحدث عن نيته في المقاطعة، فهو حر في أن يشارك وهو حر في أن لا يشارك، وإن كان هناك إقصاء فهو من الشعب والاقتراع هو الفيصل». واعتبر سعيد أن «ما يروج حول إقصاء عدد من الأحزاب هو محض ادعاء ومحض افتراء».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

«قمة فلسطين» بالقاهرة تعتمد خطة عربية «جامعة» لإعمار غزة

القادة خلال القمة (الرئاسة المصرية)
القادة خلال القمة (الرئاسة المصرية)
TT

«قمة فلسطين» بالقاهرة تعتمد خطة عربية «جامعة» لإعمار غزة

القادة خلال القمة (الرئاسة المصرية)
القادة خلال القمة (الرئاسة المصرية)

أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اعتماد «قمة فلسطين» الطارئة بالقاهرة، الثلاثاء، خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، ومشروع البيان الختامي للقمة العربية غير العادية بشأن مستجدات القضية الفلسطينية.

وانطلقت القمة، عصر أمس، بجلسة مفتوحة، تضمنت كلمات عدد من الزعماء، أعقبتها استراحة ومأدبة إفطار، قبل أن تعود القمة لاستكمال فعالياتها في جلسة مفتوحة أخرى، أدلى فيها عدد من القادة بكلماتهم، ليختتم اليوم بإعلان اعتماد البيان الختامي والخطة المصرية لإعمار غزة.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن «القمة عقدت للتأكيد على الموقف العربي الرافض للتهجير تحت أي صورة وأي مسمى». وقال، في مؤتمر صحافي في ختام أعمال القمة: «لا يوجد تهجير قسري أو طوعي... التهجير هو تهجير».

وأضاف أن «القمة قدّمت بديلاً واضحاً وعملياً وواقعياً لمقترح إخراج الفلسطينيين من أراضيهم، مبنياً على خطة أعدتها مصر بالتعاون مع السلطة الفلسطينية»، وتابع: «باعتماد القمة للخطة المصرية أصبحت خطة عربية مؤيدة بالكامل».

وأوضح أن «الخطة العربية تستهدف إعادة إعمار قطاع غزة وفق مراحل محددة، ووسائل لحشد التمويل العربي والدولي في إطار يحافظ على الوضع القانوني لغزة كجزء من دولة فلسطين»، مشيراً إلى أن الخطة «ليست فنية فقط، بل ترسم مساراً لسياق أمني وسياسي جديد في غزة».

ولفت أن «السياق الأمني يتم من خلال تشكيل لجنة تكنوقراط غير فصائلية، تتولى إدارة القطاع لمدة 6 أشهر تحت إشراف السلطة الفلسطينية بهدف الحفاظ على غزة تحت سلطة واحدة».

وتابع أبو الغيط أن «الخطة مرنة وقابلة للتطوير حسب مقتضيات الواقع»، ولفت إلى أن البيان الختامي للقمة أكد أن «السلام هو خيار العرب الاستراتيجي، وهو مبني على مفهوم حلّ الدولتين، كما أكد البيان الختامي على أولوية استكمال اتفاق وقف إطلاق النار في غزة».

وأشار إلى أنه «سيتم التنسيق مع اللجنة الوزارية العربية برئاسة السعودية لإجراء اتصالات وزيارات لشرح الخطة العربية». وقال: «نحن في المحطة الأولى من مسار طويل، أتمنى ألا يكون شاقاً». ولفت إلى دعوة البيان الختامي للقمة مجلس الأمن الدولي لنشر قوات لحفظ السلام في الضفة والقطاع.

بدوره، أكد رئيس وزراء فلسطين، في المؤتمر الصحافي، أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة كسب مزيد من الدعم للخطة العربية، موضحاً أن الخطة ستعرض على اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، ثم بعد ذلك تعرض على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان.

وبشأن تكلفة إعادة الإعمار، قال إن «مصر ستعقد مؤتمراً دولياً لإعادة الإعمار لحشد الدعم المالي والسياسي للخطة»، مشيراً إلى أن «تكلفة إعادة الإعمار البالغة 53 مليار دولار ستقسم على مراحل، المرحلة الأولى 3 سنوات، وتبلغ تكلفتها 20 مليار دولار».

وتضمن البيان الختامي للقمة 23 بنداً، وأكد أن «خيارنا الاستراتيجي هو تحقيق السلام العادل والشامل الذي يلبي جميع حقوق الشعب الفلسطيني، والرفض الدائم لجميع أشكال العنف والتطرف والإرهاب، التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار».

ودعا البيان الختامي إلى «تكثيف التعاون مع القوى الدولية والإقليمية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة الأميركية، من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية».

وأكدت القمة «الموقف العربي الواضح، الذي تم التشديد عليه مراراً، بما في ذلك إعلان البحرين الصادر في 16 مايو (أيار) 2024، بالرفض القاطع لأي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه أو داخلها، وتحت أي مسمى أو ظرف أو مبرر أو دعاوي».

رحّب البيان الختامي بالقرار الفلسطيني بتشكيل لجنة إدارة غزة (الرئاسة المصرية)

وأكد البيان الختامي على «الأولوية القصوى لاستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لمرحلتيه الثانية والثالثة، وأهمية التزام كل طرف بتعهداته، وخاصة الطرف الإسرائيلي، وبما يؤدي إلى وقف دائم للعدوان على غزة وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، بما في ذلك من «محور فيلادلفيا)».

وأدان البيان «القرار الصادر مؤخراً عن الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وغلق المعابر المستخدمة في أعمال الإغاثة، مؤكداً على أن تلك الإجراءات تعد انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

وحذّر من «أن أي محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني أو محاولات لضم أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، سيكون من شأنها إدخال المنطقة في مرحلة جديدة من الصراعات، وتقويض فرص الاستقرار، وتوسيع رقعة الصراع ليمتد إلى دول أخرى بالمنطقة، وبما يعدّ تهديداً واضحاً لأسس السلام في الشرق الأوسط».

واعتمد البيان الخطة المصرية، التي تمت بالتنسيق الكامل مع دولة فلسطين والدول العربية واستناداً إلى الدراسات التي أجريت من قبل البنك الدولي والصندوق الإنمائي للأمم المتحدة بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة باعتبارها خطة عربية جامعة».

ورحّب البيان الختامي «بعقد مؤتمر دولي في القاهرة، في أقرب وقت، للتعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة، وحث المجتمع الدولي على المشاركة فيه للتسريع في تأهيل قطاع غزة وإعادة إعماره».

وأشار البيان إلى «التنسيق في إطار اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة لإجراء الاتصالات والقيام بالزيارات اللازمة للعواصم الدولية من أجل شرح الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، والتعبير عن الموقف المتمسك بحق الشعب الفلسطيني بالبقاء على أرضه وحقه في تقرير مصيره».

دعا البيان الختامي مجلس الأمن إلى نشر قوات دولية لحفظ السلام (الرئاسة المصرية)

ورحّب البيان الختامي بالقرار الفلسطيني بتشكيل لجنة إدارة غزة تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، التي تتشكل من كفاءات من أبناء القطاع، لفترة انتقالية، بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الوطنية للعودة إلى غزة.

ودعا مجلس الأمن إلى نشر قوات دولية لحفظ السلام تسهم في تحقيق الأمن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن يكون ذلك في سياق تعزيز الأفق السياسي لتجسيد الدولة الفلسطينية.

كما رحّب البيان الختامي «بجهود دولة فلسطين المستمرة في إطار الإصلاح الشامل وعلى جميع المستويات، والعمل على بناء مؤسسات قوية ومستدامة قادرة على تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني، وسعيها لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، في أسرع وقت ممكن، عندما تتهيأ الظروف».

وطالب «بوقف العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية، بما في ذلك الاستيطان والفصل العنصري وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتدمير البنى التحتية، والاقتحامات العسكرية للمدن الفلسطينية، وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة، وتأكيد الرفض الكامل، والإدانة لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين داخلياً».

ودعا «مع حلول شهر رمضان المبارك، إلى خفض التصعيد في كافة أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك عبر وضع حد للخطابات والممارسات التي تُحرض على الكراهية والعنف، والتي تدينها بشدة».

وأكد البيان «دعم جهود التحالف الدولي لتنفيذ حلّ الدولتين برئاسة المملكة العربية السعودية، باعتبارها رئيساً للجنة العربية الإسلامية المشتركة بشأن غزة، والاتحاد الأوروبي، والنرويج؛ والمشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، المقرر عقده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل».

وأكد البيان على «الدور الحيوي الذي لا بديل عنه لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)». كما أكد على ضرورة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بجميع بنوده والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701. وأدان الاعتداءات الإسرائيلية على الجمهورية العربية السورية والتوغل داخل أراضيها.