من يقود «القاعدة» و«داعش»؟

انقسامات حول «خليفة» الظواهري... وغموض بشأن القرشي

صورة سابقة لجنود أتراك أثناء اقتحام منزل يؤوي عناصر من «داعش» في إسطنبول (الداخلية التركية)
صورة سابقة لجنود أتراك أثناء اقتحام منزل يؤوي عناصر من «داعش» في إسطنبول (الداخلية التركية)
TT

من يقود «القاعدة» و«داعش»؟

صورة سابقة لجنود أتراك أثناء اقتحام منزل يؤوي عناصر من «داعش» في إسطنبول (الداخلية التركية)
صورة سابقة لجنود أتراك أثناء اقتحام منزل يؤوي عناصر من «داعش» في إسطنبول (الداخلية التركية)

رسم ما تردد أخيراً بشأن توقيف قيادي بـ«داعش» يعتقد أنه زعيم التنظيم أبو الحسن الهاشمي القرشي، ومن قبلها مقتل أيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة»، تقديرات تشير إلى «فراغ داخل التنظيمين، بسبب (عدم تسمية خليفة الظواهري)، و(الغموض الذي يحيط بالهاشمي القرشي)». فضلاً عن تساؤلات بشأن هذا السيناريو الذي قد يحدث لأول مرة للتنظيمين المتناحرين، ومن يقود التنظيمين؟
ودائماً ما ينظر إلى (داعش) و(القاعدة) باعتبارهما تنظيمين منافسين على المشهد الجهادي، إذ يشير تقدم أحد التنظيمين على صعيد الإرهاب العالمي، إلى خسارة أكيدة لدى الطرف الآخر، وهو الأمر الذي تكرر مع صعود (داعش) من قبل على حساب (القاعدة) عندما ضعف التنظيم، وفر كثير من عناصره.
ووفق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مطلع سبتمبر (أيلول) الجاري، فإن «القوات التركية ألقت القبض على القيادي الملقب بأبو زيد واسمه بشار خطاب غزال الصميدعي، ويعتقد أنه زعيم التنظيم». وذكرت وسائل إعلام تركية أن «عدداً من الأدلة تشير إلى أن الصميدعي قد يكون في الواقع هو أبو الحسن الهاشمي القرشي زعيم (داعش)». وسبق الإعلان التركي، أنباء ترددت نهاية مايو (أيار) الماضي عن توقيف زعيم «داعش» أبو الحسن الهاشمي القرشي، أو ما يطلق عليه زيد العراقي، وقيل حينها أيضاً إن اسمه جمعة عوض البدري، وذلك في عملية أمنية نفذت بإسطنبول.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن مطلع الشهر الماضي، مقتل الظواهري في غارة بطائرة مسيرة في العاصمة الأفغانية، وقتل الظواهري عندما خرج إلى شرفة منزله الآمن بعد إصابته بصواريخ «Hellfire» من طائرة أميركية بدون طيار.
ويرجح الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي أحمد زغلول، «عدم وجود قيادة معلنة للتنظيمين حالياً»، لافتاً «يبدو أن هناك فراغاً، وهذا لم يحدث من قبل في التنظيمين». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «ما تردد حول توقيف الهاشمي القرشي يثير احتمالات كثيرة حول عدم وجوده على رأس تنظيم (داعش) الآن»، موضحاً أن «الإعلان عن توقيفه قد يكون (حقيقة) في ظل معركة الدول مع الإرهاب».
زغلول أرجع «سبب اختفاء الهاشمي القرشي، ربما لإصابته في عملية أمنية أو مقتله». وتابع: «قد يكون (داعش) اختار زعيما جديدا؛ لكن لم يتم الإعلان عنه». ودلل على «ذلك أن (داعش) دائماً فور الإعلان عن استهداف قائده، يعلن تولي آخر».
وكان المتحدث الرسمي لـ«داعش» أبو عمر المهاجر، قد تحدث في كلمة صوتية جديدة بثتها مؤسسة «الفرقان» (الخميس) «ولم يتحدث عن بيعة جديدة، إنما تحدث عن العراق وأفريقيا وسجناء التنظيم».
ويرى زغلول أنه «بالنسبة لـ(القاعدة) صحيح أن التنظيم لم يعلن حتى الآن عن زعيمه الجديد؛ لكن قد يكون أمر اختيار (خليفة) الظواهري محسوما فعلياً، وقد يكون التنظيم اختار الزعيم الجديد ولم يعلن، نظراً لوجود خلافات وخوفاً من الانقسامات».
وبحسب الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي عمرو عبد المنعم، فإن «ترجيح عدم وجود زعيمين للتنظيمين، قد يلمح لدلالات، أولها الهاجس الأمني والخوف من تصفية الزعيم الجديد حال إعلان اسمه، وثانيها الخلافات بشأن اختيار الشخصيات البديلة، ووجود انقسامات (حادة) في التنظيمين، وعدم حسم الأفكار بخصوص من يتولى، ومدى شرعيته ونجاحه».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيمين يعانيان الآن من عدم وجود شخصية بديلة للشخصيات القيادية التاريخية التي كانت لها تأثير في الماضي»... و«الكل يسعى داخل التنظيمين ليكون بديلاً للزعيم، وهذا غير متوفر الآن، لأن قيادات الصف الأول في كلا التنظيمين رحلت، والبديل الموجود الآن يفتقد لـ(القدرة على القيادة)».
وتولى أبو الحسن الهاشمي القرشي قيادة «داعش» بعد مقتل زعيمه السابق أبو إبراهيم القرشي خلال غارة ‏جوية على شمال إدلب غرب سوريا في 3 فبراير (شباط) الماضي... وكان «أبو إبراهيم» قد خلف الزعيم الأسبق أبو بكر البغدادي، الذي قتل بضربة أميركية في إدلب شمال غربي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019».
البعض يشير إلى أن أبو الحسن الهاشمي القرشي أو زيد العراقي أو الصميدعي أو جمعة عوض البدري، كان يتولى إمارة ديوان التعليم في التنظيم وقت سابق. وقيل عنه أيضاً إنه كان رئيساً لمجلس «شورى» التنظيم، وكان معروفاً أنه مرافق شخصي للبغدادي ومستشاره في المسائل الشرعية... وهزم تنظيم «داعش» في العراق عام 2017، ثم في سوريا بعد ذلك بعامين، لكن «الخلايا النائمة» للتنظيم ما زالت تشن هجمات في كلا البلدين».
وعادة ما يعرف زعماء «داعش» بأكثر من كنية؛ فأبو بكر البغدادي هو نفسه إبراهيم عواد البدري وأبو دعاء السامرائي. كما أن أبو إبراهيم القرشي هو نفسه حجي عبد الله قرادش وأبو عمر قرادش».
ووفق عبد المنعم فإن «هذه أول مرة تحدث، بألا يكون هناك مرجعية شرعية قيادية (واضحة) تعلو تنظيم (القاعدة)، أما (داعش) فالأمر مختلف، لأن هناك قيادات؛ لكن هي ليست بنفس الكفاءة التي كان عليها الجيل الأول».
مراقبون أشاروا إلى أن «(القاعدة) خسر خلال السنوات الماضية عدداً من القيادات البارزة، من بينهم، أبو فراس السوري، وأبو خلاد المهندس، وأبو خديجة الأردني، وأبو أحمد الجزائري، وسياف التونسي، وحسام عبد الرؤوف المعروف بأبو محسن المصري، وأبو الخير المصري». عبد المنعم يرى في هذا الصدد أن «أجهزة الأمن والاستخبارات العالمية تدرك أهمية عدم وجود شخصيات قيادية مؤثرة في (القاعدة) و(داعش)، لذا تسعى بشكل دائم إلى تصفيتها.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».