انتشار ظاهرة شركات زواج الأثرياء في الهند

العثور على الشريك المناسب من بين طبقة النخبة وتنظيم حفلات الزفاف ورحلات شهر العسل

انتشار ظاهرة شركات زواج الأثرياء في الهند
TT

انتشار ظاهرة شركات زواج الأثرياء في الهند

انتشار ظاهرة شركات زواج الأثرياء في الهند

ظل تاجر الماس الذي يتخذ من مدينة دلهي مقرا له يبحث عن زوج لكريمته البالغة (22 عاما) من عمرها والمتعلمة في الخارج، وكان هناك شيء واضح للغاية، يتعين على العريس الجديد أن يكون من عائلة غنية مثلها تماما.
وقد تقدم لابنته فتى عرضته عليها إحدى الشركات المتخصصة في زيجات الأثرياء. والتقى الشابان في بيئة فاخرة من فندق خمس نجوم، وبعد زيارات متكررة بين العريس والعروس المرتقبين وبين عائلاتهم، تم الزواج وعقد حفل في قاعة ضخمة للأفراح الهندية تتخذ من ماليزيا مقرا لها، حيث بلغت تكاليف الحفل الباهر 100 مليون روبية هندية.
بالنسبة للهنود الأثرياء غير المتزوجين، تشهد الهند حاليا ظاهرة جديدة وهي سماسرة الزواج بين الأثرياء ومهمتهم الأساسية هي العثور على شريك الحياة المناسب من بين أصحاب المؤسسات، والمشاهير، والسياسيين البارزين، وكبار رجال الأعمال، وأصحاب الملايين، من كافة مناحي الحياة. والعاملين على خدمات الزواج الخاصة فقط بالأثرياء والمشاهير من الهنود هم من المحترفين في مجالهم، الذين ينظمون كل شيء بدءا من الزيارات المنزلية للتثبت من أذواق أصحاب الملايين. فهم بمثابة المتجر الشامل الذي يوفر خدمات الزفاف المتكاملة - انطلاقا من اختيار الشريك حتى تنظيم حفل الزفاف الضخم، وترتيب شهر العسل للزوجين الجديدين، وحتى ميعاد الذكرى السنوية الأولى لذلك اليوم العظيم. ومع إبرام الصفقة، فإنهم يفعلون ذلك مقابل مكافآت مالية سخية.

* لماذا يحتاج أولئك الأغنياء إلى مواقع للزواج؟
* إنهم غارقون في العمل وليس لديهم متسع من الوقت، كما أن علاقاتهم الاجتماعية متشعبة، وهناك عدد قليل للغاية من وسائل التعارف على أشخاص جدد يشبهونهم، بالإضافة إلى الأمتعة الثقافية، والكثير من التوقعات. علاوة على ذلك، لا تزال تقاليد الزيجات المرتبة مستمرة في الهند. ولا يزال الشباب الهندي يتواعد فتيانه مع فتياته كما أن هناك قصص حب ناجحة تحولت إلى الزواج ولكن من الوسط الاجتماعي والموقف المالي المناسب لكلا الطرفين.
إن مفهوم الوساطة للزواج في سيناريو الزيجات المدبرة الهندي هو من المفاهيم العتيقة، ولكنه صار أكثر انتشارا الآن وأصبح من مجالات الأعمال المربحة.
تقدم فرحان زاريوالا، وهو نجل أحد كبار رجال صناعة النسيج في الهند، إلى إحدى السيدات، عبر مكتب لوساطة الزواج، لكي تكون زوجته، وذلك فور عودته من لندن عقب تخرجه في كلية لندن لإدارة الأعمال. وبعد مرور الكثير من السنوات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وبعد مواعدة الكثير من النساء، هل كان فرحان مرتاحا بعروسه الجديدة التي اختارتها له العائلة؟
يقول فرحان: «إن نوع الزوجة التي اختارها لا تختلف عن نوع الزوجة التي تفضلها لي عائلتي. لذلك، فالأمر لا يشكل لي أي مشكلة على الإطلاق. كذلك فإن الالتقاء بالفتيات عبر مختلف مراحل حياتك يجعل من تلك الحياة أسهل كثيرا. ولا أهمية للمال إلا من جانب أنها تيسر السبيل للعثور على إنسان يحمل نفس الخلفية ودرجة الانفتاح المجتمعي التي لدي، ولكن الأمر برمته لا يدور حول المال بكل تأكيد».

* ما الذي يتطلبه الأمر لكي تكون وسيط زواج للأثرياء؟
* يقول سوراب غوسوامي، وهو وسيط زواج حصري لكبار الشخصيات الهندية أو الأشخاص من أصول هندية ويعيشون في الخارج: «بالنسبة للمبتدئين، علينا التفكير والإحساس مثل المليونير. وإلا كيف سندرك ونتفهم نفسية العميل».
لقد أنشأ سوراب غوسوامي شركة «ألترا ريتش ويدينغز الخاصة المحدودة» في عام 2011 عقب ملاحظته لوجود فجوة واسعة ومتزايدة في سوق الزواج الهندي، حيث يسعى غالبية أصحاب الملايين إلى شركاء ينتمون إلى عائلات ذات تاريخ طويل من الثراء. كما أن الأغنياء الجدد من الشخصيات والعائلات ليست لهم الأفضلية أيضًا.
يمكن للوسيط المحترف مساعدة العائلات في تجنب المواقف الحساسة أو المحرجة، حيث يقول غوسوامي: «يمكن للعائلات أن تتقابل مرتين أو ثلاثا، ثم يقرر طرف من الأطراف بأنهم لا يبغون مواصلة الأمر مع الطرف الثاني، ولكنهم لا يعرفون طريقة مهذبة للرفض». ويضيف غوسوامي أنه كطرف محايد في مثل تلك الحالات، فإن من ضمانات الخدمة الجيدة عدم شعور أي طرف بالإهانة.
تعمل خدمات وسائط زواج الأثرياء على غرار بنوك الاستثمار الفعالة، حيث يمتلكون الكثير من الفرق المكلفة بمختلف المهام، والمؤهلين بمهارات رائعة لكتابة السير الذاتية للأشخاص، وتحري قواعد البيانات الحاسوبية، والبحث عبر القارات. وهناك فريق داخلي متخصص في علم النجوم يعمل على مطابقة الأبراج. كما أنهم لديهم أيضا فريقا من المحققين يعمل على إجراء استقصاء لخلفيات الشخصيات المتقدمة لطلب الزواج. ولكن خدماتهم تتمتع بقدر كبير من (الشخصنة) عند مقارنتها بخدمات أخرى، وهي تتضمن إجراء الزيارات للعملاء لضمان الخصوصية والسرية، وإجراء استقصاء إلى الخلفيات والمقابلات المنظمة في الفنادق الفاخرة.
يقول موروغافيل جاناكيرامان، وهو مؤسس شركة «خدمات زواج الصفوة»: «إن العملاء من الأغنياء والأثرياء الذين لا يريدون الإفصاح عن بياناتهم الشخصية للجميع يقصدون شركات بعينها. والأعمال تنمو وتلقى رواجا بنسبة 50 - 60 في المائة بالعام، حيث يحتاج الأثرياء إلى خدمات خاصة ودفع الأموال مقابل الخدمات المتخصصة لن يكون قيدا عليهم. بل في الواقع، يقول بعض الأشخاص أننا نتلقى منهم مقابلا ماديا بسيطا». وخدمات زواج الأثرياء لا تستهدف إلا أصحاب الملايين ممن تتجاوز ثرواتهم 500 مليون روبية وتتراوح نفقات الخدمات ما بين 50 ألف و200 ألف روبية لفترة ثلاثة إلى ستة شهور من الخدمة.
يفخر جاناكيرامان بقدرته على توفير «الخدمات المتكاملة». وتشتمل على إيصال الرسائل لكلا الطرفين، والتفاوض بشأن ميزانيات الزفاف، والتأكد من الالتزام بالوعود المبرمة، والوجود في كافة مراحل الزفاف حتى النهاية – منذ الخطوبة وحتى حفل الزفاف. ويضيف جاناكيرامان قائلا: «يبدو الأمر أكثر بساطة للعائلات للعمل من خلال وسيط. فمن الصعوبة المطالبة بالأشياء من العائلة الأخرى بصورة مباشرة إذا ما كانوا لا يعلمون عنها شيئا. إن وجود وسيط مثلي في المسألة وهو صديق للطرفين بطبيعة الحال يجعل الأمور أكثر سهولة». لكن طول الإجراءات يختلف باختلاف كل حالة على حدة.
هناك قدر كبير من التأكيد على مسألة السرية، حيث إن بعض العملاء من الشخصيات المشهورة. ويقول جاناكيرامان حول ذلك: «إننا نحقق إذا كانت العائلة هي من عائلات الصفوة فعلا، ثم نفتح لهم ملفا عندنا». تحاول الشركات فعليا إجراء استقصاء حول خلفيات العائلات والعملاء، مشيرا إلى حادثة وقعت، حيث كان لديهم عريس لكريمة أحد كبار صناع الملابس في مدينة أحمد آباد، والعريس من ذوي التعليم الراقي ومن عائلة غنية وحسن المظهر ويعيش في دلهي. ولقد اكتشفنا أنه في حين أن منزلهم يبدو جميلا من الخارج، إلا أن المفروشات والأثاث والديكورات الداخلية لم تكن على درجة راقية من الذوق والأناقة، وبالتالي لم تستمر إجراءات الوساطة في تلك المسألة. يضيف جاناكيرامان فيقول: «يخبرنا منزلك بالكثير عن شخصيتك».
مع وصول حجم سوق الزفاف الهندي إلى مبلغ 38 مليار روبية ومستمر في الارتفاع بوتيرة 20 - 25 في المائة سنويا، فإن زفاف الأثرياء يشكل نسبة أكبر من ذلك بكثير. فهو حدث اجتماعي مهم وتجمع لرجال الأعمال. وثمن فستان الزفاف على نفس قدر أهمية وضع اللمسات الأخيرة للصفقات التي تتجاوز ملايين الروبيات. كما أن خط سير أحداث الزفاف تتطلب وجود الكثير من المنظمين والمخططين بما يلائم نخبة رجال الأعمال.
كانت إحدى عائلات الأعمال من مومباي تبحث منذ ستة شهور عن زوج مناسب لكريمتهم البالغة من العمر (20 عاما). يمتلك والد الفتاة مصنعا للنسيج وشركة في السنة العاشرة من عمرها في سوق الأعمال وقد تحولت إلى أكبر مؤسسة في مجال صادرات الملابس الجاهزة. ويقول مستشار الزواج عن ذلك: «على غرار كل العائلات، أرادوا لابنتهم الزواج من علية القوم في المجتمع، ولكن الناس من نفس المستوى الثري لم يكونوا مقتنعين بما فيه الكفاية بوضعيتهم الجديدة لما حاولوا التواصل معهم برغبات الزواج. فما كان منهم إلا أن تواصلوا معنا». وبعد نقل العرض المذكور إلى بعض من كبار رجال الأعمال، تمكن المستشار من الوصول إلى أحد أصحاب المشاريع الفندقية في مدينة دلهي كان قد ورث الأعمال والتجارة عن عائلته.
يتابع مستشار الزواج، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، فيقول: «كان الأمر وكأنني أساعدهم على إبرام صفقة تجارية». وفي حالة حديثه: «أراد كلا الطرفين معرفة القيمة الصافية لثروة الطرف الآخر، وأفاق الأعمال والتجارة، والتخطيط للخلافة على الشركات، وأمور أخرى كثيرة».

* ما الذي يبحث عنه الناس في المتقدم؟
* من خلال الوسطاء، كانت الإجابة بالإجماع، حيث إن أهم المعايير قاطبة للأهلية في سوق زواج الأثرياء هي الثروة. فكل عائلة تبحث عن شريك الحياة من حيث الحساب البنكي، وفي حالات نادرة للغاية ما يكونون مستعدين لتقديم تنازلات حول تلك المسألة تحديدا.
ووفقا إلى بانكاج شاستري، وهو يدير شركة ناجحة للغاية في مجال وساطة الزواج للأثرياء الهنود، فإنه يقول: «تبحث عائلات رجال الأعمال عن تحالفات اقتصادية من خلال الزيجات الثرية، حيث يمكن للأمر أن يرجع بفائدة على كلا الطرفين إذا ما كانت هناك مصالح تجارية متبادلة. وبالنسبة للكثيرين، وخصوصا النخبة فائقة الثراء، تعد تلك النقطة من أولى الأولويات». خلال الكثير من السنوات يعمل وسيط الزواج على تشكيل نوع جديد من الدمج التجاري والاستحواذ الاقتصادي، حيث لا يكون الحب أبدا هو الأساس، بل الثروة.
ويتحدث شاستري بفخر عن نجاحاته الأخيرة في مجال وساطة زيجات الأثرياء، حيث تزوج نجل قطب من أقطاب صناعة الصلب بكريمة صاحب مجموعة عقارية ضخمة. ويستطرد فيقول: «إنه تحالف تجاري ممتاز للغاية لكلا العائلتين، حيث يعتبر الصلب من المكونات المهمة في أعمال التشييد والبناء. لقد كان أول زفاف بتكلفة 1.5 مليار روبية أعمل على تنظيمه. ولقد جرت فعاليات الزفاف في تركيا، ولقد تلقى ترحاب يليق بوضعية العائلتين الكبيرتين».
ويقول شاستري إن مجال تخصصه هو «نخبة أصحاب المليارات».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».