مؤتمر كازاخستان لقادة الأديان يدعو لمواجهة «الكراهية»

شيخ الأزهر يؤكد دور السعودية الريادي في نشر التسامح وتعزيز ثقافة الحوار

صورة جامعة للمشاركين في مؤتمر كازاخستان لقادة الأديان  (وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية)
صورة جامعة للمشاركين في مؤتمر كازاخستان لقادة الأديان (وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية)
TT

مؤتمر كازاخستان لقادة الأديان يدعو لمواجهة «الكراهية»

صورة جامعة للمشاركين في مؤتمر كازاخستان لقادة الأديان  (وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية)
صورة جامعة للمشاركين في مؤتمر كازاخستان لقادة الأديان (وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية)

انطلقت أمس الأربعاء في العاصمة الكازاخية نور سلطان، أعمال «المؤتمر السابع لزعماء الأديان»، الذي يشارك فيه 100 وفد من 60 دولة، تحت عنوان «دور قادة الأديان العالمية والتقليدية في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية في فترة ما بعد وباء (كوفيد - 19)». ومؤتمر «قادة الأديان» يعقد كل ثلاث سنوات لدعم «مبادرات السلام والتسامح والحوار بين قادة وأتباع الأديان».
وأكد الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، خلال كلمته في افتتاح المؤتمر، أن «الأزمات التي يواجهها العالم في مختلف المجالات، سواء أزمات الطاقة أو الأزمات البيئية أو التغير المناخي، كانت لها تداعيات خطيرة على العلاقات الدولية»، مشدداً على «ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار لتجاوز أزمة الثقة التي تعصف بالعالم، والعودة إلى القيم الإنسانية والأفكار السامية التي لطالما دافعت عنها الأديان، في حماية حقوق الإنسان وتحقيق المساواة بين الناس».
- البابا فرنسيس
ورأى البابا فرنسيس أن «الساعة قد حانت لترك الأحاديث التي طالت عدم الثقة بالدين، فالدين ليس المشكلة؛ بل على العكس من ذلك، الدين يعزز العيش المتناغم في المجتمع ويروي تعطشنا للسلام»، مشيراً إلى «أهمية القيم الدينية في خلق مجتمعات إنسانية قويمة، يسودها التعاون والمحبة والمساواة، وهي حاجة برزت مع ما نتج عن أزمة (كورونا) من عدم المساواة بين الشعوب وحتى المجتمع الواحد».
وقال فرنسيس إن «الأزمات الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، في هذه الآونة، تختبر العديد من المؤسسات والديمقراطيات». واعتبر أن هذه الأزمات «تعرض الأمن والوئام بين الشعوب للخطر».
وقال فرنسيس وفق وكالة «الأنباء الألمانية» (الأربعاء) إن «أديان العالم كانت تجري حواراً منذ عقود، ورغم ذلك فإنها لا تزال تعاني من ويلات الحرب، ومناخ العداء والمواجهة، وعدم القدرة على التراجع ومد يدها للآخر في الوقت الراهن»، موضحاً أن «العالم يحتاج إلى تحقيق قفزة إلى الأمام، ويجب أن تأتي هذه القفزة منا».
يشار إلى أن وفداً من الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية بقيادة ثاني كبار مسؤوليها، المتروبوليتان أنتوني، شارك في مؤتمر «زعماء الأديان».
والتقى المتروبوليتان أنتوني البابا فرنسيس أمس وقال للصحافيين وفق وكالة «الأنباء الألمانية» إن «اجتماعه مع البابا فرنسيس كان ودياً للغاية، وإن البابا أخبره أنه يريد عقد اجتماع ثان مع البطريرك كيريل» بعد اللقاء الأول في كوبا عام 2016.
- شيخ الأزهر
وفي كلمته خلال افتتاح المؤتمر، دعا شيخ الأزهر أحمد الطيب إلى «انعقاد لقاء خاص برموز الأديان يتدارسون فيه، بصراحة ووضوح، ما عليهم وما على غيرهم من قادة العالم والسياسيين وكبار الاقتصاديين، من واجبات ومسؤوليات، حيال الكوارث الأخلاقية والطبيعية التي باتت تهدد مستقبل البشرية بأكملها». وقال شيخ الأزهر إن «البشرية أصبحت تعاني من رعب وخوف بسبب التغير الفجائي في ظواهر الطبيعة والمناخ»، مشيراً إلى أن «ما حاق بالإنسانية في الآونة الأخيرة من ممارسات سياسية استعلائية هزت أركان الاقتصاد الدولي، وأصابت الدول الغنية والفقيرة، فضلاً عن ترويع الآمنين وقتلهم وتهجيرهم وإجلائهم عن ديارهم وأوطانهم».
وحذر شيخ الأزهر من «انتشار حملات مدروسة وممولة تدعو لهدم الأسرة». ونبه أن «التقدم العلمي والفلسفي، والتطور التقني والاجتماعي لم يعد مؤهلاً ولا قادراً على وقف التدهور الخلقي والإنساني»، موضحاً أن «الخطر الداهم الآن، لا يأتي من اختلاف الأديان، بقدر ما يأتي من الإلحاد وما يتولد عنه من فلسفات تقدس المادة وتستهين بالأديان».
وأشار إلى تجربة وثيقة «الأخوة الإنسانية» التي وقعها الأزهر والفاتيكان في أبوظبي، وقال إنه رغم اختلافه والبابا فرنسيس، ديناً وعرقاً وتاريخاً ووطناً «ورغم أن آراء متشددة هنا وهناك حاولت أن تعرقل وما زالت، بل حرمت أحياناً، مجرد التقاء شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية، فإنهما حين اجتمعا، ومنذ اللقاء الأول، بنية صادقة، شعر كل منهما بأنه يعرف صاحبه منذ سنين عدة، ثم ما لبثت القلوب أن التقت على المودة المتبادلة وعلى الصداقة والإخلاص».
وشدد شيخ الأزهر على أن «السلام بين الشعوب، هو فرع عن السلام بين الأديان، وأن الأخوة الدينية هي باعثة أخوة الإنسانية العالمية وصانعتها»، لافتاً إلى أن «البداية الصحيحة هي بعث هذه الأخوة بين علماء الأديان ورجالها؛ بحسب أنهم أقدر الناس على تشخيص العلل والأمراض الخلقية والاجتماعية وكيفية علاج الأديان لها».
- غوتيريش
في السياق، شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة عبر تقنية الفيديو، على «دور الزعامات الدينية والروحية في تصويب مسار العلاقات الدولية، والحد من الصراعات والحروب ومسبباتها، إضافة إلى دورها بما تحمله من قيم ومبادئ أخلاقية وإنسانية، في الحد من تأثيرات الأزمات الصحية والبيئية والمناخية، على المجتمعات البشرية، من خلال التعاون ومحبة الآخر واحترام كرامته وحقوقه».
- وزير الشؤون الإسلامية السعودي
أكد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، أن «دور القيادات الدينية في العالم يزداد أهمية وأثراً في حياة الناس في وقت الأزمات والشدائد والفتن، من خلال تعزيز الثقة بالله، وبناء جسور التواصل والتعارف بين جميع فئات المجتمع، سواء كان ذلك في نطاق المجتمع الواحد بين أبنائه المختلفين في العقائد والمذاهب، أو في نطاق المجتمعات المختلفة».
وقال آل الشيخ خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية إن «أزمة (كورونا) وتداعياتها، التي لا تزال تهدد العالم اليوم، أظهرت أن المجتمعات البشرية في سفينة واحدة، وأن على أبنائها أن يتعاونوا فيما بينهم للمحافظة عليها، في ظل المشكلات والتهديدات العالمية العديدة التي تواجه المجتمعات»، مشدداً على أن «هذه المناسبة التاريخية تدعو للتفاؤل بالمستقبل الذي يحمل فرصاً للسلام، وبناء الجسور، وضرورة أن تبذل القيادات الدينية والروحية ما في وسعها؛ لتنمية الإنسان وبناء الأوطان».
وأشار الوزير آل الشيخ وفق موقع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية (الأربعاء) إلى «جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الأفكار المتطرفة، وتعاونها المثمر في دعم وبناء القدرات الدولية لمحاربة ظاهرة التطرف واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في نشر (الأفكار المتشددة)»، مؤكداً «أهمية تعزيز قيم التعايش بين الأديان والحضارات والشعوب بمكوناتها المختلفة التي تضمن حالة الاستقرار والسلام والوئام للعالم أجمع».
على هامش فعاليات المؤتمر. التقى الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، الدكتور أحمد الطيب. وتناول اللقاء الذي حضره الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين محمد عبد السلام، بحث ومناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك لا سيما ما يتصل بالتنسيق في المجالات الإسلامية ونشر الوسطية والاعتدال وتبادل الخبرات.
وأثنى شيخ الأزهر خلال اللقاء على «الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة وقيادتها الرشيدة في خدمة المسلمين بالعالم، والعناية بالحرمين الشريفين، ونشر التسامح، وتعزيز ثقافة الحوار والتعايش السلمي»، منوهاً بتميز مشاركة المملكة في مؤتمر زعماء الأديان بكازاخستان بقيادة الوزير آل الشيخ، والتي وصفها بأنها «الرؤية المستنيرة والرسالة السامية في نشر التسامح وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».