مخاوف من انتشار السموم في طرابلس بعد حريق بمكب للنفايات

TT

مخاوف من انتشار السموم في طرابلس بعد حريق بمكب للنفايات

مخاوف كبيرة عاشتها مدينة طرابلس (شمال لبنان) بدءاً من ظهر أمس، جراء اندلاع حريق كبير في مطمر للنفايات، يقدر ارتفاعه بما لا يقل عن 40 متراً، ومساحته 67 ألف متر مربع. وأعاد الحريق إلى الأذهان مأساة انفجار مرفأ بيروت، عند بدء الحديث عن الغازات المحتقنة والمتجمعة في داخل جبل النفايات، ويمكن أن يتسبب انفجارها في كارثة جديدة.
لكن مأساة الجبل الذي يقع بالمصادفة قريباً من مرفأ طرابلس، قد يكون خطرها على السكان أبشع بكثير من مرفأ بيروت. فما يزيد عن 600 ألف نسمة في طرابلس كانوا يتنشقون بالأمس بسبب الحريق «غازات مسرطنة وغاية في الخطورة» وفقاً للأستاذ الجامعي وعضو بلدية طرابلس الدكتور باسم بخاش، المتابع من كثب لمأساة المكب.
ومع أن الدكتور بخاش يستبعد بشكل كبير فرضية الانفجار؛ لأن الغاز يتسرب تلقائياً وباستمرار من المكب، ويبث سمومه دون توقف، وعلى هذا ليس هناك احتقان كبير في باطن الجبل الهائل الذي يرتفع بنفاياته؛ فإن بخاش يؤكد في الوقت نفسه «أن الخطر دائم، وأن حالات السرطان في طرابلس تفوق بقية المدن اللبنانية، بسبب الغازات المنبعثة»، ويحمل المسؤولية بشكل مباشر على مجلس الإنماء والإعمار «الذي لا يعبأ بالشكاوى، ولا ينسق مع اتحاد بلديات الفيحاء المسؤولة عن موضوع النفايات».
ويتحدث مصباح الساكت -وهو مواطن طرابلسي معني منذ سنوات بمتابعة هذه القضية البيئية- عن أن «المضخات التي يفترض أن تفرغ الغاز لا تعمل من سنوات، وأن وجود أطنان من إطارات الكاوتشوك بقربه تزيد من الخطر بشكل كبير. وأن اتحاد بلديات الفيحاء المسؤول عن قضية النفايات، لا يقوم بدوره، إن لم يكن شريكاً فيما يحدث».
وأقيم مطمر النفايات الذي لم يراعِ الشروط الصحية منذ الثمانينات، والأسوأ أنه بدل معالجة الأمر، عمد مجلس الإنماء والإعمار منذ ثلاث سنوات إلى إقامة مكب آخر إلى جانبه، بحيث بات ثمة جبل صغير آخر يتشكل ويكبر.
ويقول دكتور بخاش: «تم دفع ملايين الدولارات لإنشاء المكب الجديد الذي هو أسوأ من الذي قبله. وكنت من الذين قدموا شكوى لدى عدة جهات لمنع هذه الكارثة. وأصدر وزير البيئة أمراً على الأثر، منذ ما يقارب السنوات الثلاث بمنع إقامة هذا المطمر؛ لكن مجلس الإنماء والإعمار لم يعبأ بأهل طرابلس ولا بلديتها، ولا وزير البيئة، وأسس لكارثة جديدة لا نعرف كيف ستنتهي».
وحتى مساء أمس، كانت النيران لا تزال تشتعل في المكب، والدخان الأسود السام ينبعث بكثافة من مكان الحريق، على مدى ساعات، بينما تحاول طوافات الجيش إطفاء النار التي تخمد قليلاً، ثم تعود للتوهج، وسط مخاوف -على الرغم من التطمينات- من أن يكون إطفاء الحريق أصعب مما يتصور البعض.
وجدير بالذكر أن هذا المكب يقع في منطقة حساسة، قريباً من المنطقة الحرة، وسوق الخضراوات الجديدة التي ستفتتح قريباً، ويفترض أنها ستوزع المأكولات في المدينة، وهي على هذه المقربة من السموم.
وبعد اندلاع الحريق، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالاً بوزير الداخلية والبلديات بسام المولوي، للقيام بالمعالجات المطلوبة لوقف الحريق. وشدد ميقاتي على ضرورة إعطاء التوجيهات لفرق الإطفاء والدفاع المدني لاتخاذ كل التدابير التي من شأنها تطويق هذا الحريق بشكل سريع، حرصاً على سلامة أبناء طرابلس والبيئة في المدينة. كما أجرى وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي اتصالاً بقائد الجيش العماد جوزيف عون، لإرسال طوافات عسكرية للمساعدة في إطفاء الحريق المندلع، وبحث مع وزير البيئة ناصر ياسين في آلية الإطفاء، ومدى خطورة الوضع.
وتحدث شهود عيان، أمس، عن أن مناورات للجيش بالذخيرة الحية كانت تجري بالقرب من المكب، ما يعتقد أنها أشعلت الشرارة الأولى.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
TT

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)

قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اليوم الاثنين، إن مبعوث الكتلة إلى سوريا سيزور دمشق، للتحدث مع القيادة الجديدة للبلاد، في حين تكثف القوى الغربية انخراطها، بعد الإطاحة ببشار الأسد.

وأضافت كالاس، في مؤتمر صحافي، قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: «سيذهب ممثّلنا في سوريا إلى دمشق، اليوم»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشارت كالاس إلى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون في بروكسل «طريقة التعامل مع القيادة الجديدة في سوريا وإلى أي مستوى ستصل علاقتنا معها». وأكدت «بالنسبة إلينا، لا يتعلق الأمر بالأقوال فقط بل بالأفعال التي تسير في الاتجاه الصحيح».

وعقب سقوط بشار الأسد، أعربت الجهات الدولية الفاعلة عن تفاؤل حذر مع تعهد الإدارة الجديدة في سوريا حماية الأقليات وتشكيل حكومة تشمل جميع الأطراف.
في سياق متصل، بحث المبعوث الأممي لسوريا، جير بيدرسون، وقائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع أمس، ضرورة إعادة النظر في القرار الأممي 2254 بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، في الثامن من الشهر الحالي.

وأفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» بأنه «خلال لقاء قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع مع المبعوث الأممي لسوريا جير بيدرسون، جرى بحث ومناقشة ضرورة إعادة النظر في القرار 2254 نظراً للتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي، مما يجعل من الضروري تحديث القرار ليتلاءم مع الواقع الجديد».

وأكد الشرع «أهمية التعاون السريع والفعال لمعالجة قضايا السوريين، وضرورة التركيز على وحدة أراضي سوريا، وإعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية».

وأضاف: «تحدّث عن ضرورة التعامل بحذر ودقة في مراحل الانتقال، وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوي وفعال، بالإضافة إلى ذلك جرى تأكيد أهمية توفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين، وتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لذلك».

وأشار الشرع إلى «ضرورة تنفيذ هذه الخطوات بحرص شديد ودقة عالية، دون عجلة، وبإشراف فِرق متخصصة؛ حتى تتحقق بأفضل شكل ممكن».

ووصل بيدرسون إلى دمشق، أمس الأحد، في أول زيارة له بعد إسقاط نظام الأسد، مُعرباً عن أمله في رؤية «نهاية سريعة للعقوبات». بينما قالت كالاس إن اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين، المقرر عقده في بروكسل، اليوم الاثنين، الذي يتضمن سوريا على جدول أعماله، لن يتناول مسألة زيادة الدعم المالي المقدم لدمشق، بخلاف ما قدَّمه الاتحاد الأوروبي بالفعل عبر وكالات الأمم المتحدة.