مخاوف أممية من تصاعد القتال إلى مستوياته السابقة في سوريا

رشدي تتحدث عن «تحديات جوهرية» أمام «الدستورية» ولا ترى تقدماً مع العنف

متمردون يطلقون صواريخ من جبل التركمان باتجاه مواقع النظام والقوات الروسية الجمعة الماضية رداً على ضربات روسية (أ.ف.ب)
متمردون يطلقون صواريخ من جبل التركمان باتجاه مواقع النظام والقوات الروسية الجمعة الماضية رداً على ضربات روسية (أ.ف.ب)
TT

مخاوف أممية من تصاعد القتال إلى مستوياته السابقة في سوريا

متمردون يطلقون صواريخ من جبل التركمان باتجاه مواقع النظام والقوات الروسية الجمعة الماضية رداً على ضربات روسية (أ.ف.ب)
متمردون يطلقون صواريخ من جبل التركمان باتجاه مواقع النظام والقوات الروسية الجمعة الماضية رداً على ضربات روسية (أ.ف.ب)

أقرت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا نجاة رشدي، بأن العملية السياسية المرجوة وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254 «لن تتقدم بشكل حقيقي أو مستدام ما لم يتراجع العنف وصولاً إلى إنهائه بشكل كامل» في كل أنحاء سوريا، فيما حذر تقرير جديد للجنة التحقيق الدولية المستقلة من احتمال تفجر الأوضاع على نطاق واسع والعودة إلى المستويات السابقة من الحرب في البلاد، التي شهدت اشتعال جبهات كثيرة خلال الأشهر الأخيرة.
وفي إحاطة هي الأولى لها أمام أعضاء مجلس الأمن بصفتها الجديدة، قالت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا نجاة رشدي، إن المبعوث الدولي غير بيدرسن لا يزال يركز على «التحديات الجوهرية» التي تواجه اللجنة الدستورية حتى يتسنى لها الاجتماع «في أقرب وقت ممكن في جنيف»، علماً بأنه «يواصل مشاوراته للمضيّ في عملية أوسع لبناء الثقة خطوة مقابل خطوة». وأوضحت أن العمل ينصبّ على وضع مجموعة من القضايا «في صدارة أي عملية سياسية»، وهي «سلامة المدنيين وأمنهم ووقف نار شامل»، بالإضافة إلى «المعاناة الإنسانية للشعب السوري وتفاقمها من جراء الانهيار الاقتصادي للبلاد»، فضلاً عن «عشرات الآلاف من المعتقلين والمختطفين والمخفيين قسراً والمفقودين»، علاوة على «الأوجه المختلفة لتأثير النزاع على النساء والفتيات وجهودنا الهادفة إلى تأمين مشاركة المرأة السورية، بالتشارك وعلى قدم المساواة مع الرجل في حله».
ولفتت رشدي إلى أن «المدنيين السوريين لا يزالون يتعرضون للقتل والتشويه والاعتقال والتشريد، ولا يزالون غير قادرين على العودة إلى ديارهم بأمان». وإذ أشارت إلى استمرار العمليات العسكرية، ومنها الضربات الجوية الإسرائيلية التي أدت إلى تعطيل مطار حلب، أقرت بأن «العملية السياسية لن تتقدم بشكل حقيقي أو مستدام ما لم يتراجع العنف وصولاً إلى إنهائه بشكل كامل»، مضيفةً أن «وقف النار على المستوى الوطني يظل هدفاً أساسياً لهذه العملية». ودعت إلى «استخدام كل الوسائل المتاحة لضمان تنفيذ كل جوانب القرار 2642 بكل الطرق، سواء عبر الحدود أو عبر الجبهات، مع زيادة الدعم للمساعدات المنقذة للحياة والتعافي المبكر».
وفي جنيف، قال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة باولو سيرجيو بينييرو، الذي أطلق التقرير المؤلف من 50 صفحة عن حالة حقوق الإنسان في سوريا، ويغطي الفترة من الأول من يناير (كانون الثاني) إلى 30 يونيو (حزيران) إن السوريين «يواجهون اليوم صعوبات متزايدة لا تطاق، ويعيشون بين أنقاض هذا الصراع الطويل»، موضحاً أن «الملايين يعانون ويموتون في مخيمات النازحين، بينما تزداد ندرة الموارد ويزداد إجهاد المانحين». وأضاف: «لا تستطيع سوريا تحمل العودة إلى القتال على نطاق أوسع لكنّ هذا هو ما قد تكون في طريقها إليه».
وخفّت حدة القتال في السنوات الأخيرة بعدما ساعدت إيران وروسيا قوات الرئيس السوري بشار الأسد على استعادة 70 في المائة من الأراضي، رغم استمرار دعم الولايات المتحدة للمقاتلين الأكراد الذين هزموا تنظيم «داعش»، في حين أقامت تركيا منطقة عازلة قرب حدودها. لكنّ الأمم المتحدة أكدت أن الوضع على خطوط المواجهة بين مناطق متعددة بدأ في الاشتعال مجدداً.
وقال بينييرو: «كان لدينا اعتقاد في وقت ما أن الحرب انتهت تماماً في سوريا» لكن الانتهاكات الموثقة في التقرير تثبت عكس ذلك.
ويشير التقرير الذي سيُنشَر كاملاً الأسبوع المقبل، إلى التهديد بعملية برية تركية أخرى، في ظل استمرار القتال بين القوات المدعومة من تركيا وتلك التي يقودها الأكراد في الشمال، بالإضافة إلى الهجمات التي وقعت في شمال حلب وأدت إلى مقتل وإصابة ما لا يقل عن 92 مدنياً ودمرت منازل ومدارس ومساجد ومنشآت طبية ومباني إدارية، فضلاً عن الكثير من الحوادث التي وقعت أخيراً، بما في ذلك قصف أغسطس (آب) لسوق مزدحمة في مدينة الباب مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 16 مدنياً، بينهم خمسة أطفال، وإصابة 36 آخرين على الأقل.
وحذرت المفوضة لين ولشمان، من «أننا نرى أيضاً عمليات مستمرة من إسرائيل، وكذلك القوات الأميركية والتركية والقوات المدعومة من إيران، في هذا النزاع الذي طال أمده»، علماً بأن روسيا لا تزال تدعم الحكومة السورية، لا سيما فيما يتعلق بالغارات الجوية التي أدت الأسبوع الماضي إلى سقوط المزيد من القتلى والجرحى في محافظة إدلب.
كما وثّقت اللجنة أكثر من 12 غارة إسرائيلية في أنحاء سوريا في الأشهر الستة الأولى من عام 2022، منها هجوم على مطار دمشق الدولي أدى إلى توقفه عن العمل لمدة أسبوعين تقريباً. وذكرت الأمم المتحدة (الأربعاء) أنها لم تتمكن من إرسال مساعدات إنسانية إلى سوريا جواً خلال تلك الفترة.
ويلفت التقرير إلى أنه في الشمال الشرقي، يزداد الوضع الأمني سوءاً في مخيم «الهول»، حيث تم الإبلاغ عن 34 جريمة قتل بين 1 يناير و31 أغسطس، بالإضافة إلى الاشتباكات الدامية بين قوات الأمن الداخلي وسكان المخيم. وأشاد بينييرو بإعادة مئات الأطفال العراقيين هذا العام من معسكرات الاعتقال في شمال شرقي سوريا إلى العراق، مضيفاً أن «اللجنة تثني على الدول التي أعادت رعاياها من النساء والأطفال الأجانب المحتجزين في المخيم منذ بداية العام وتحض على مواصلة الجهود لضمان إطلاق سراح جميع الأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي في هذه المعسكرات».
ومما يثير القلق أن «تحقيقات اللجنة الأخيرة تؤكد استمرار أنماط الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة التي تُرتكب في الحجز الحكومي حتى يومنا هذا، والتي أدت أيضاً إلى وفاة المعتقلين. كما تم توثيق جرائم الحرب والوفيات في أثناء الاحتجاز في مرافق الاحتجاز التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة».


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


قائد «قسد» يؤكد الالتزام باتفاق 10 مارس مع الحكومة السورية

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)
قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)
TT

قائد «قسد» يؤكد الالتزام باتفاق 10 مارس مع الحكومة السورية

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)
قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

أكد قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي اليوم (الأحد)، التزام القوات باتفاق 10 مارس (آذار)، بوصفه أساساً لبناء دولة سورية ديمقراطية لا مركزية، تتمتع بالحرية والعدالة والمساواة.

وأضاف عبدي عبر منصة «إكس» بمناسبة مرور عام على سقوط نظام الأسد، أن المرحلة الراهنة تفرض على الجميع مسؤولية مشتركة تضع مصلحة السوريين فوق كل اعتبار.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية قالت في الشهر الماضي، إن لجنة عسكرية تابعة لها استقبلت وفداً من الحكومة السورية في مدينة الطبقة بمحافظة الرقة شمال سوريا.

وأكدت «قسد» في بيان، أنها قامت بتسليم عدد من المعتقلين من عناصر قوات الحكومة السورية الذين تم إلقاء القبض عليهم في أماكن مختلفة خلال الفترة الماضية، وذلك «في بادرة حسن نية».


خطة إعادة إعمار غزة إلى مزيد من الضغوط والغموض

TT

خطة إعادة إعمار غزة إلى مزيد من الضغوط والغموض

فلسطينيون يقفون يوم السبت أمام الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يقفون يوم السبت أمام الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)

عاد الغموض ليكتنف مصير خطة إعادة إعمار غزة، وسط عقبات عديدة بشأن تعثر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، مع حديث قطري على أنها «لن تمول ما دمره آخرون».

ذلك الموقف الذي لوّح به رئيس وزراء قطر وزير الخارجية، الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، في جلسة بمنتدى الدوحة الأحد، ينضم إلى إشارات أخرى، منها عدم تحديد موعد جديد لانعقاد مؤتمر إعادة الإعمار، الذي كان مقرراً أن تستضيفه القاهرة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والإعلان عن خطط أميركية لتنفيذ جزئي للإعمار في رفح.

تلك التطورات يراها خبراء، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، خطوة لزيادة الضغوط على إسرائيل، لكنها تضفي مزيداً من الغموض بشأن مصير ذلك البند الرئيسي في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي أقرت اتفاقاً لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين «حماس» وإسرائيل، في ظل تعثر الانتقال للمرحلة الثانية حالياً.

وقال رئيس وزراء قطر، في جلسة بمنتدى الدوحة، الأحد: «إننا سنواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكننا لن نمول إعادة إعمار ما دمره الآخرون»، مؤكداً أن بقاء القوات الإسرائيلية داخل القطاع واستمرار الانتهاكات قد يؤديان إلى تصاعد النزاع مجدداً، خاصة أن المنطقة لا يمكن أن تبقى «رهينة لأجندة المتطرفين، التي تسعى للتطهير العرقي للفلسطينيين».

مسلحون ملثمون من حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية يبحثون عن جثث في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني يوهان فاديفول: «نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

وفي 25 نوفمبر الماضي، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر «لن ينعقد في موعده (نهاية نوفمبر) وسيتأجل». وأرجع ذلك إلى التصعيد الحالي بالقطاع، وسعي القاهرة إلى توفر ظروف وأوضاع أفضل على الأرض من أجل تحقيق أهدافه.

وفي نهاية نوفمبر الماضي، أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». وقال: «تتطلع مصر لعقد المؤتمر، بما يضمن تحقيق أكبر قدرة من الفاعلية والاستفادة»، وذلك في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وذلك وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار. ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

محاولات لفرض الشروط

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور، أنه مع تصاعد مساعي تنفيذ المرحلة الثانية، يحاول كل طرف أن يفرض شروطه، خاصة الجانب العربي الذي يطالب بمشاركة جادة بالإعمار، مشروطة بانسحاب إسرائيلي وألا يتكرر التدمير، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول أن تراوغ وتناور في تنفيذ الالتزامات التي يقرّها اتفاق غزة.

كذلك يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن «الموقف القطري محاولة لمزيد من الضغوط لفرض موقفها أمام رفض إسرائيلي يتصاعد بشأن عدم مشاركة الدوحة في قوات الاستقرار بغزة. وبالتالي، فلا معنى لتمويل قطر شيئاً لن تشارك فيه، وقد تدمره إسرائيل مجدداً»، مشيراً إلى أن هذه الرسالة قد تقرأها واشنطن وتدفعها لممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل لإنهاء تلك العقبات في ظل تلك المرحلة.

آثار الدمار في مدينة غزة نتيجة الحرب (أ.ب)

ورأى رئيس الوزراء القطري أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بمرحلة حرجة. وأضاف، خلال جلسة نقاش أخرى ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، السبت: «نحن الآن في اللحظة الحاسمة... لا يمكننا أن نعدّ أن هناك وقفاً لإطلاق النار، وقف إطلاق النار لا يكتمل إلا بانسحاب إسرائيلي كامل وعودة الاستقرار إلى غزة».

كما دعا وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، إلى الإسراع في نشر قوة استقرار دولية نصّت عليها المرحلة الثانية من اتفاق السلام في قطاع غزة، لمراقبة وقف إطلاق النار.

وقال عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة: «فيما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، فإننا بحاجة إلى نشر هذه القوة بأسرع وقت ممكن على الأرض؛ لأن أحد الأطراف - وهو إسرائيل - ينتهك وقف إطلاق النار يومياً... لذا نحن بحاجة إلى مراقبين».

ويتوقع أنور أن «العدّ التنازلي نحو المرحلة الثانية بدأ، وكل العقبات تتوالى، لكن الوسيطين المصري والقطري في المقابل يضغطان للدفع بتعجيلها»، مشيراً إلى أن واشنطن عليها دور كبير في إنهاء عراقيل إسرائيلية.

وأكّد الرقب أن الانتقال للمرحلة الثانية يواجه عقبات عديدة، وليست الأزمة في الإعمار فقط، مشيراً إلى أن قضايا تشكيل لجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار وغيرها تعيقها إسرائيل للاستمرار في القطاع واستكمال التدمير.


ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
TT

ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)

تعيش العاصمة دمشق والمدن والبلدات السورية حيويةً استثنائيةً احتفالاً بالذكرى الأولى لإطاحة نظام بشار الأسد. ولأول مرة منذ تسلم «حزب البعث» السلطة في سوريا قبل أكثر من 6 عقود، تجتمع الجهات الرسمية وجهات أهلية وشعبية في احتفالات واحدة، سواء المنظَّم منها والعفوي، فيما دعا رئيس «المجلس العلوي»، الشيخ غزال غزال، العلويين إلى عدم المشاركة في الاحتفال والإضراب لمدة 5 أيام، كما منعت «الإدارة الذاتية» التجمعات في مناطقها؛ «خشية هجمات (داعش)».

من احتفالات «ساحة العباسيين» بدمشق (صفحة العباسيين - نبض العاصمة)

ومنذ أسبوع، تشهد الساحات السورية تجمعات يومية ومواكب سيارة تحتفي بـ«سوريا من دون الأسد»، وسط تأهب أمني استثنائي، استعداداً للحفل المركزي في العاصمة دمشق، الاثنين، الذي سيكون على مدار ساعات اليوم، بدءاً من صلاة الفجر، مع إطلاق تكبيرات النصر، ومواكب سيارات مع مكبرات صوت تعيد ترداد العبارات الأولى التي أطلقها السوريون إثر سقوط النظام. وتتواصل النشاطات حتى المساء بعد إلقاء الرئيس السوري خطاباً بالمناسبة.

سورية تتفقد مدفعاً رشاشاً في «المعرض العسكري للثورة السورية» بدمشق في سوريا يوم 6 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

هذا، وسُمع، الأحد، دوي انفجار في محيط فندق «فورسيزونز» وسط دمشق تبين أنه ناجم عن قنبلة صوتية؛ مما رفع حالة التأهب. وضمن استعدادها لتأمين التجمعات، أصدرت وزارة الداخلية تعليمات مشددة بمنع إطلاق الرصاص ووضعه تحت طائلة المساءلة، ضمن حملة على مُعَرّفاتها الرسمية في شبكة الإنترنت، محذرة من المآسي التي قد يخلفها الاستخدام الطائش للسلاح.

بدورها، أصدرت محافظة دمشق قائمة توجيهات دعت فيها إلى منع إطلاق هتافات وشعارات طائفية، وعدم تمجيد الأشخاص، وإلى رفع الأعلام الوطنية، وإنشاد أغاني الثورة الجامعة لكل السوريين.

ماراثون يقطع المحافظات السورية على خط سير معركة «ردع العدوان» التي أسقطت نظام الأسد العام الماضي (سانا)

وفي إطار الاحتفالات التي تعمّ البلاد، من المنتظر وصول «مَسِير» أو ماراثون «درب التحرير» للدراجات الهوائية إلى دمشق، الاثنين، لتسليم الرئيس أحمد الشرع خوذة تعود لأول المقاتلين الذين قضوا في «ردع العدوان»، كانوا قد تسلّموها من محافظ إدلب محمد عبد الرحمن.

وانطلق «المَسير» من إدلب، مروراً بمحافظة حلب، يوم الجمعة، متتبعاً مسار عملية «ردع العدوان» التي أطاحت نظام الأسد خلال 11 يوماً؛ بدءاً من 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ووصل المارثون السبت إلى حماة، والأحد إلى حمص، ومنها إلى دمشق الاثنين، ليقطع مسافة أكثر من 300 كيلومتراً.

ورغم سوء الأحوال الجوية التي تزامنت مع انطلاق المَسِير، فإن عشرات السوريين والسوريات شاركوا في إصرار على التعبير عن الفرح بالتحرير، وذلك بينما انهمك المحتفلون بمحافظة درعا في إعداد أكبر منسف «مليحي حوراني»؛ الأكلة الشعبية التي يتميزون بها، لتقديمها للمحتفلين يوم الاثنين في بصرى الشام جنوب درعا.

وتكتظ شوارع دمشق بالمحتفلين الذين يرفعون الأعلام الوطنية، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساء، ويلوحون بها في مواكب سيارة ينشدون لسوريا، إضافة إلى مواكب سيارة لشركات صناعية توزع الهدايا المغلفة بالعلم، بينما تصدح مكبرات الصوت بأغاني الثورة السورية.

وخلافاً لحالة الاحتفالات العامة، دعا رئيس «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى» في سوريا والمهجر، الشيخ غزال غزال، مساء السبت، إلى تنفيذ «إضراب عام وشامل خلال فترة الاحتفالات». وقال غزال، في بيان مصوّر: «تحت شعار الحرية يريدون الاحتفال بالإكراه، باستبدال (نظام ظالم بنظام أشد ظلماً)... اعتقلوا وقتلوا وذبحوا وخطفوا وحرقوا، والآن يهددون بلقمة العيش... ويجبروننا قسراً على المشاركة باحتفالات بُنيت على دمائنا وآلامنا وأوجاعنا... وتكميم أفواهنا». ولم يوضح غزال غزال كيف يُجبَرون على المشاركة في الاحتفالات، غير أنه قال مخاطباً أبناء الطائفة العلوية: «سنواجه اعتداءهم بردّ جماعي سلمي واضح يقيدهم ويذكرهم بقوة إرادتنا التي لا تُقهر».

يذكر أن غزال دعا الشهر الماضي إلى التظاهر ضد السلطة والتعبير عن رفض حالة الانفلات الأمني.

في مكان آخر، وضمن سياق الامتناع عن الاحتفالات، أصدرت «هيئة الداخلية» في «الإدارة الذاتية» بمناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، بياناً هنأت فيه «شعب شمال وشرق سوريا بمناسبة مرور عام على سقوط النظام البعثي، وكذلك شعب سوريا».

وقالت إنه «نظراً إلى الظروف الأمنية الراهنة، والمتمثلة في ازدياد نشاط خلايا مرتزقة (داعش) التي تحاول خلق الفتنة وضرب مكونات المجتمع، تُمنع إقامة أي تجمعات أو فعاليات جماهيرية أو اجتماعية في جميع مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، يومي 7 و8 من هذا الشهر». كما وُضع «إطلاق العيارات النارية والألعاب النارية تحت طائلة المساءلة القانونية».

في حماة بـ«ساحة العاصي» يوم الجمعة احتفالاً بالتحرير (فريق حماة الفوتوغرافي)

في الأثناء، تشهد غالبية المناطق السورية احتفالات وتجمعات شعبية منظمة وعفوية، ودعوات لإطلاق أنشطة تدعو إلى السلام وتوطيد دعائم السلم الأهلي. فبعد تجمع حاشد شهدته مدينة حماة في «ساحة العاصي»، الجمعة، بمشاركة مئات الآلاف، أطلق ناشطون دعوة للمشاركة في ماراثون «من أجل السلام»، الاثنين، تزامناً مع احتفالات السوريين بمرور عام على التحرير، وينطلق المسير من كنيسة السريان في مدينة حماة إلى كنيسة الروم الأرثوذكس، من ثم جولة إلى عدد من الجوامع التاريخية في المدينة التي تقع وسط سوريا.

وازدادت خلال الأيام الأخيرة حركة الآتين إلى البلاد. ويقول صلاح وادي، العامل في شركة نقل داخلية، إن «الازدحام عاد إلى مطار دمشق الدولي، وكل يوم هناك عائلات تصل وننقلها إلى المحافظات؛ إدلب وحلب وحماة وحمص»، لافتاً إلى أن «الطلب زاد على السيارات ذات الحجم المتوسط أكثر من الفانات والسيارات الصغيرة»، وأضاف: «هناك كثير من السوريين المغتربين الذين جاءوا للاحتفال بالتحرير».

واستعدت «الهيئة العامة للطيران المدني» في سوريا للاستقبال الآتين إلى سوريا خلال أيام الاحتفالات، بتجهيز وتزيين مطارَي دمشق وحلب الدوليين، كما أصدرت ختماً تذكارياً خاصاً بالمناسبة، يوضع على جوازات سفر الآتين عبر مطارَي دمشق وحلب، وقالت «الهيئة» في بيان لها إن «هذا الختم يأتي احتفاءً بمناسبة التحرير، ويعدّ اختيارياً وتذكارياً، حيث ستتم إضافته على الجواز بعد الموافقة الشخصية من المسافرين، إلى جانب الختم الرسمي الصادر عن إدارة الهجرة والجوازات» التي أوضحت أن «الختم التذكاري لا يُغني عن ختم الهجرة والجوازات. وهو تعبير عن الترحيب بالقادمين للمشاركة في احتفالات عيد التحرير».