زار العاهل البريطاني الملك تشارلز آيرلندا الشمالية، حيث استقبله المئات أمس الثلاثاء، وهو يقود تشييع الملكة إليزابيث في أنحاء البلاد قبل أن يسافر نعش والدته إلى لندن حيث سيبقى لأربعة أيام.
وبعد أن قام الملك تشارلز وشقيقته آن وشقيقاه آندرو وإدوارد بوقفة صامتة في كاتدرائية سانت جايلز بالعاصمة الاسكوتلندية إدنبرة الاثنين، اصطف الناس في طوابير خلال الليل لإلقاء نظرة على نعش الملكة، وكان برفقة بعضهم أطفال نائمون.
ويسافر الملك تشارلز (73 عاماً) إلى أقاليم بريطانيا الأربعة قبل جنازة الملكة في 19 سبتمبر (أيلول). واصطف الناس بالشوارع عند قلعة هيلزبورو، المقر الرسمي للملك في آيرلندا الشمالية، قبل زيارته.
ونقلت «رويترز» عن هيذر بول (61 عاماً) وهي تحمل زهوراً وعلماً صغيراً لبريطانيا «جئنا لتوديع الملكة إليزابيث لأنها كانت ملكة رائعة ومخلصة جدا لآيرلندا الشمالية وأردنا أن نكون هنا للترحيب بالملك الجديد».
وذكرت جوي هاتشينسون (34 عاماً) إنها تأمل في أن يحافظ الملك تشارلز على وحدة بريطانيا بعد أن أرجع البعض سبب فتور العلاقات مع آيرلندا الشمالية إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى جانب أسباب أخرى.
وقاد الملك تشارلز سيارته في الشوارع، التي اصطف على جانبيها الحشود في هيلزبورو، ثم نزل من سيارته ليصافح المشيعين الذين رددوا هتاف: «حفظ الله الملك».
ووصل الملك تشارلز إلى آيرلندا الشمالية آتياً من اسكوتلندا حيث كان برفقة نعش الملكة في رويال مايل في إدنبرة وانضم إليه أشقاؤه في وقفة صامتة لمدة عشر دقائق في كاتدرائية سانت جايلز. ووقف أبناء الملكة الأربعة برؤوس منحنية حول جوانب النعش الأربعة بينما كان يتوافد أفراد من الجمهور.
واصطف الناس في طوابير ليل الاثنين - الثلاثاء لتشييع الملكة، وكان كثير منهم يرتدي سترات شتوية وأوشحة وقبعات صوفية للحماية من البرد.
وقال ويل بريم، وهو مهندس من إدنبرة وصل في الساعات الأولى من الصباح مع زوجته وابنته البالغة من العمر 20 شهراً التي كانت نائمة في عربة أطفال «كنا مصممون على الحضور لتشييع (الملكة)... إنها لحظة ستبقى في خلدنا للأبد. عندما تفكر في أنها عملت طوال حياتها من أجلنا، فهذا أقل شيء يمكننا القيام به».
وتوفيت الملكة إليزابيث الخميس في منزلها في بالمورال في المرتفعات الاسكوتلندية عن 96 عاماً بعد حكم استمر 70 عاماً، مما فجر مشاعر الحزن في البلاد.
دولة منقسمة
انضمت رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس إلى الملك تشارلز في آيرلندا الشمالية. وأصبح تشارلز ملكاً بشكل تلقائي لبريطانيا و14 دولة أخرى تشمل أستراليا وكندا وجامايكا ونيوزيلندا.
والتقى الملك كبار السياسيين والزعماء الدينيين في بلفاست وحضر قداساً في كاتدرائية سانت آن بالمدينة قبل أن يعود إلى لندن.
وقال جوي ماكبولين (77 عاماً) من درامور: «بالنسبة لآيرلندا الشمالية، كانت تعني... الكثير هنا. كما تعلمون، نحن بلد منقسم للأسف، لكن الملكة كانت تقف دائماً إلى جانبنا. لم تخطئ أبداً... ولكي نكون منصفين حسبما أعتقد، فإن أصدقاءنا هنا في آيرلندا الشمالية، نريد جميعنا أن نعيش معاً، وهكذا نعيش بالفعل. أعتقد أن أصحاب الديانات المختلفة يدركون العمل الرائع الذي قامت به. أتمنى حقاً أن نمضي جميعنا قدماً وندعم ملكنا». وأصبحت الملكة في سنواتها الأخيرة رمزاً قوياً على الاتحاد وقوة رئيسية للمصالحة مع خصومها القوميين الآيرلنديين حين قامت بزيارة رسمية إلى آيرلندا عام 2011 وهي الأولى التي يقوم بها ملك خلال قرن تقريباً من الاستقلال.
وتحدث الملك تشارلز أيضاً عن مقتل عمه اللورد مونتباتن، الذي كان مقرباً جداً منه، في آيرلندا على يد الجيش الجمهوري الآيرلندي في عام 1979، قائلاً إن الموت جعله يدرك بعمق الآلام التي تحملها العديد من الناس في البلاد.
وذكر وزير الخارجية الآيرلندي سيمون كوفيني: «لا تنسوا أن العائلة المالكة نفسها تأثرت بشدة بالعنف في آيرلندا الشمالية فيما يتعلق بأفراد أسرتها وفقدانهم». وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «أتوقع أنه سيرغب في أن يكون جزءاً من دوره هو حماية العلاقة بين بريطانيا وآيرلندا وبناؤها وتعزيزها مع الأخذ في الاعتبار ماضينا المعقد والاستقطاب للآراء السياسية وخاصة في آيرلندا الشمالية».
اسكوتلندا
خرج عشرات الآلاف من المشيعين في اسكوتلندا لمشاهدة المواكب في منطقة رويال مايل التاريخية، فيما تركت حشود كبيرة زهورا ورسائل في المتنزهات الملكية بلندن. وكانت هذه المرة الأولى التي غادر فيها نعش الملكة اسكوتلندا منذ وفاتها حين ينقل جواً إلى لندن ثم إلى قصر باكنغهام.
ويُنقل النعش اليوم الأربعاء على متن عربة مدفع في إطار موكب عسكري كبير إلى قاعة وستمنستر حيث سيظل هناك حتى 19 سبتمبر (أيلول).
وسيُسمح للجمهور بالمرور على النعش، الذي سيُغطى بالعلم الملكي التقليدي ومن فوقه الجرم السماوي والصولجان، حتى صباح يوم الجنازة. وتستعد الحكومة لتوافد أعداد كبيرة من الجمهور بتوفير مراحيض متنقلة لأولئك الذين قد يصطفون لساعات.
وقال متحدث باسم رئيسة الوزراء: «نريد أن يأتي أكبر عدد ممكن من الناس إلى النعش. إنها فترة حداد مهمة بالنسبة لبريطانيا... ما نقوم به هو الاستعداد لما نتوقعه وهو توافد عدد كبير من الناس، وبالتالي ستكون هناك طوابير طويلة على مدى ليال وأيام متتالية».