أسبوع لندن للتقنية يربط عالمي الأعمال والتكنولوجيا ويحتفي بالإبداع

سفير عمدة لندن للتقنية: اعتناق الإبداع التقني واقع وليس خيارًا

ديريك وايت سفير بوريس جونسون للتقنية خلال ندوته يوم أمس (تصوير: جيمس حنا)  -  جانب من إحدى الندوات في معرض «إنتروب» (تصوير: جيمس حنا)
ديريك وايت سفير بوريس جونسون للتقنية خلال ندوته يوم أمس (تصوير: جيمس حنا) - جانب من إحدى الندوات في معرض «إنتروب» (تصوير: جيمس حنا)
TT

أسبوع لندن للتقنية يربط عالمي الأعمال والتكنولوجيا ويحتفي بالإبداع

ديريك وايت سفير بوريس جونسون للتقنية خلال ندوته يوم أمس (تصوير: جيمس حنا)  -  جانب من إحدى الندوات في معرض «إنتروب» (تصوير: جيمس حنا)
ديريك وايت سفير بوريس جونسون للتقنية خلال ندوته يوم أمس (تصوير: جيمس حنا) - جانب من إحدى الندوات في معرض «إنتروب» (تصوير: جيمس حنا)

من الطابق العلوي لإحدى حافلات لندن الحمراء الشهيرة، أطلقت شركة «تشيكاوت دوت كوم» حملتها التسويقية للتعريف بمنتجاتها وخدماتها الإلكترونية، على غرار المئات من الشركات الناشئة، في إطار أسبوع لندن للتقنية، الذي تنظمه شركة «يو بي إم» للاتصال والتسويق للسنة الثانية على التوالي، والذي يهدف إلى الاحتفاء بمكانة العاصمة البريطانية العالمية في الابتكار التكنولوجي وريادة الأعمال وروح المبادرة التجارية والإبداع.
ويوضح ديريك وايت، مدير قسم الخدمات الرقمية بمصرف «باركليز» وأحد سفراء بوريس جونسون عمدة لندن للتقنية، لـ«الشرق الأوسط» على هامش ندوة ألقاها أمس: «ننظم أسبوع التقنية للسنة الثانية على التوالي بعد النجاح الكاسح الذي حققه في عام 2014، ونتوقع أن يتفوق الإقبال هذه السنة على السنة الماضية». وأضاف أن عدد الندوات وورش العمل والمؤتمرات التي عقدت في العاصمة زاد على مائتين، كما شاهدت لندن إقبالا كثيفا من عديد من دول العالم.
ولخّص وايت أهم أهداف أسبوع التقنية في ثلاثة محاور. الأول يتجلى في رفع مستويات الوعي حول كيف تمكنت التقنية والإبداع التكنولوجي من تغيير الحياة اليومية لأغلب سكان المعمورة. ويوضّح وايت بهذا الصدد أننا أمام خيارين، فإما «نحتضن التغيير التكنولوجي ونتقبله، أو نتصدى له وننعزل عن العالم وتطوراته، وهو الأمر الذي ينطبق على الأفراد والمؤسسات والحكومات والشركات». أمّا الهدف الثاني «فيتعلّق بالتعريف بآخر الإبداعات التكنولوجية للمتخصصين وغير المتخصصين». والهدف الأخير والأهم، حسبما ذكر وايت، هو «التواصل بين عالمي التقنية الأعمال بهدف خلق المستقبل معا».
وتطرّق وايت خلال الندوة إلى أهمية وسائل التمويل الجديد في دعم الشركات الناشئة ومساعدتها على النمو والتطور. ومن أبرز هذه الوسائل ما يعرف بالـ«كراود فاندينغ» أو التمويل الجماعي، وهو يعتمد على مشاركة جهات مختلفة في تمويل مشروع معين ودعمه وغالبا ما يتم عبر شبكة الإنترنت.
وفي الوقت نفسه، أكد وايت على أهمية الإبداع في مجال الأعمال، حيث ذكر أن 75 في المائة من أرباح الشركات العالمية نابعة من منتجات لم تكن متاحة في السوق منذ 5 سنوات.
وقد شاركت أمس في معرض «إنتروب» الضخم، وهو الحدث الأبرز في أسبوع التقنية، أكثر من مائتي شركات ضخمة وأخرى ناشئة تتخصص في السلامة الإلكترونية وخدمات اللاسلكي وتطبيقات المحمول وتطبيقات الدفع الإلكتروني وغيرها. وقالت أمبر هايوارد، مديرة تسويق «تشيكاوت دوت كوم»، في لقاء مع «الشرق الأوسط» على متن الحافلة الحمراء، إن «أسبوع التقنية مكّننا من التعريف بخدماتنا لشريحة واسعة من العملاء المحتملين. أسست شركتنا منذ خمس سنوات، ونختص في توفير خدمات الدفع الإلكتروني المحلي والدولي لشركات مختلفة الحجم في أربع دول وهي الإمارات العربية وبريطانيا وسنغافورة وموريشيوس».
ومن جانبه، ذكر لورون مومبيل، وهو مهندس مبيعات لشركة «لوجيك ناو» الاسكوتلندية للبرامج الإلكترونية، إنه لم يتوقع هذا الحجم من الإقبال على برامج السلامة الإلكترونية من شركات وجهات حكومية وحتى بعض المدارس والمعاهد الأكاديمية. وأوضح مومبيل: «توفر شركتنا برامج وتطبيقات سلامة إلكترونية لأقسام تكنولوجيا المعلومات في الشركات والمؤسسات الحكومية التي تمكنهم من الإشراف على نشاط الموظفين الإلكتروني وحمايتهم. أما عن نوع البرامج التي لقيت الاهتمام الأكبر فهي برامج السلامة الإلكترونية في ظل ارتفاع المواقع الخبيثة وتهديدات الإرهاب الإلكتروني وغيرها».
وتتخلل معرض «إنتروب» أكشاك ومسابقات «ترفيهية» لهواة التقنية المبتدئين، كمسابقة «الهاكاتون» التي تتحدّى هؤلاء لتصميم برامج إلكترونية مبتكرة لتلبية احتياجات رواد الأعمال، خاصة منهم الشركات الناشئة، في وقت قياسي. وتقول لوسي لو، إحدى المشاركات في مسابقة «الهاكاتون»: «شاركت في المسابقة على أمل في الحصول على تدريب مع مؤسسة (تشيكاوت دوت كوم) لمدة ثلاثة أشهر، وهي الجائزة التي يحصل عليها الفائز.. أو على ساعة (آبل) الذكية في أسوأ الأحوال.. لكن يبدو أنني استهنت بقدرات باقي المشاركين ومستويات إبداعهم».
وكان أسبوع لندن للتقنية قد لاقى في دورته الأولى العام الماضي إقبالا واسعا تعدّى 40 ألف زائر، قدموا من أكثر من 40 دولة لحضور 203 ورش عمل ومنتديات. وهدف المنظمون إلى توسيع لائحة الاهتمامات هذه السنة، وتشمل ستة محاور رئيسية: «الموهبة والتعليم»، و«الإبداع والنمو»، و«الاستثمار والتمويل»، و«من لندن إلى العالمية»، و«الأثر الاجتماعي» و«التنوع».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».