«إبيجرامات ليبية»... الحرب والحكمة في ميزان الشعر

عاشور الطويبي يتأمل صورهما في سيرة البشر وذاكرة المدن

«إبيجرامات ليبية»... الحرب والحكمة في ميزان الشعر
TT

«إبيجرامات ليبية»... الحرب والحكمة في ميزان الشعر

«إبيجرامات ليبية»... الحرب والحكمة في ميزان الشعر

يضع الشاعر الليبي عاشور الطويبي، الحرب والحكمة في كفتي ميزان، تاركاً الشعر يحلق في فضائهما كسؤال قلق لا يبحث عن إجابة إنما عن حقيقة مراوغة. فالحكمة هي خلاصة خبرة الشاعر في الحياة وفي الشعر، أما الحرب فهي صراع الأخوة الفرقاء في ليبيا وميليشياتهم المسلحة، التي لم تستطع أن تصل إلى بر الأمان منذ الثورة على نظام معمر القذافي والإطاحة به عام 2011.
يحكم هذان المعولان أجواء ديوان «إبيجرامات ليبية وقصائد ريفية» الصادر أخيراً للشاعر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، في نحو مائتي صفحة من القطع المتوسط، ويتوزع على ثلاثة عناوين رئيسية هي: إبيجرامات الحرب الليبية، وقصائد ريفية، وبيت ليدا قبالة بحر صبراتة. تشكل هذه العناوين فيما بينها متوالية لجدل الانفصال/ الاتصال، بينما تمثل الجغرافيا والطبيعة الليبية ومناخات الصبا والطفولة محور إيقاع الوصل والقطع في النصوص.
يمهد الشاعر لعالمه بمفتتح صغير بعنوان «مسعى» تطل من خلاله صورة الحقيقة المراوغة مشربة بظلال من الحكمة، في شكل يقين عبثي مبتور وهش قائلاً:
«لم أسع لقصيدة حكيمة، ولا لطرافة ساذجة.
كل ما حاولت فعله، هو أن أعرف ما وراء المنعطف.
لم أسع لفهم قلق الكائنات، أول لفض خبيئة قديمة.
كل ما حاولت فعله، هو أن أعرف كيف ينام جبل في ليل موحش.
لم أسع لرمي الحصى في البحر، ولا غرس الأماني تحت القمر
كل ما حاولت فعله، هو حياكة ثوب للصباح الجديد!»
ثم يقول في ختام المفتتح وكأنه في مواجهة حادة مع الذات: «أنا لم أسع لشيء...»، ومن ثم تبرز ثنائية المع والضد كآلية من آليات توليد المعنى والمفارقة في الديوان، ويتوسل الشاعر بفن «الإبيجراما» كغلالة شفيفة لإبراز كثافة المعنى، وطاقة الرمز على التنوع والإيحاء. فالحرب ليست في الميدان بين الشرق والغرب فحسب، وإنما في سيرة الشخوص، والأمكنة والأزمنة، وكيف تحولت إلى مسرح لها تحت قسوة الواقع وضغوط الحياة.


يقول في نص (ص 15) بعنوان «فتى أوباري»:
«لسنوات بعتُ البصل في أوباري
البصل وليد التراب والحصى
البصل حارس القمر في تقلباته
ينعس كما تنعس النخيل على حافة الوادي
الآن أنا في طرابلس في معسكر كئيب
آكل شرائح خبز بالتنَ التايلادي
البندقية في يدي لها رائحة عفنة
حُفر قبري مرتين
مرة من جهة الشرق
ومرة من جهة الغرب
ليتني بقيت بائع بصل في أوباري!»
لا يتوقف البوح في النص عند كونه مونولوغاً داخلياً، أو مجرد نجوى خاصة، إنما يشكل صك إدانة للذات والحرب معاً، وقبلهما إدانة دامغة لواقع مضطرب سياسياً، ومرثية لوطن مشتت خارجياً بين نفوذ قوى دولية ومحلية، وصراعات الأخوة الفرقاء في الداخل. هكذا يبدو المشهد في نص آخر بعنوان «فتى الهضبة الشرقية - طرابلس»، حيث تطالعنا صور خاطفة لمشاهد من طفولة الشاعر في المدينة:
«لكن لم تكبر ليبيا أبداً
منذ عقد من الزمان
بعضنا يرفع راية لقائد ميت
بعضنا يرفع راية لملك ميت
بعضنا يرفع راية من زمن سحيق ميت
وكلنا نرفع البنادق وأسماء الشهداء
لم نتوقف عن استبدال أسماء المقاهي والمطاعم والأحياء والشوارع
بأسماء إيطالية لافتة. أسماء جنرالات إيطاليين وترك
فقط لنصدق أننا في نشوتنا
حقاً قتلنا القائد الملهم، ملك الملوك».
في «قصائد ريفية»، وهو الفصل الأطول في الديوان (نحو مائة صفحة) يتسع فضاء سيرة الشاعر في عباءة العائلة، الأب والأم والأخوة والأخوات والجدات، ودكان القرية والمغني، وتنفتح حقول الدلالة على براح الصحراء والطبيعة، بينما تشكل خيوط من الخرافة والأسطورة جسراً شفيفاً ما بين الأمكنة والأزمنة، وتبدو نصوص هذا الفصل بهدوئها المشمس كأنها رحلة في ذاكرة المدن الليبية المنداحة في الشرق والغرب والجنوب، وفي الجبال والأودية، «ترهونة، صبراتة، مسلاتة، غات، وغيرها». ونلاحظ هنا أن الفعل الشعري يركز على التأمل، ومحاولة النفاذ فيما وراء الأشياء والعناصر، كما أنه مسكون بروح الحكاية والحوار، ويكتسي بمسحة صوفية، تومض في ثنايا النصوص، وفي تاريخ هذه المدن، بتقاليدها وثقافتها وطرائق عيشها. ويكثف الطويبي من دلالات الحوار مع الآخر، بصورته الواقعية والمتخيلة التي أحياناً تصنعها الذات الشاعرة.
فنياً يعتمد الديوان بشكل أساسي على آلية السؤال في التعامل مع الآخر، والبحث عن تاريخ مشترك معه، وتلعب المصادفة دوراً مهماً في اكتشافه والتعبير عنه، والتناص معه أحياناً، بخاصة إذا كان رمزاً معروفاً أدبياً أو فنياً مثل الشاعرين حافظ الشيرازي، وشموس هيني، الذي يداعبه في ختام نص طويل يحمل اسمه (ص 74): «فكرت أن أسال شموس هيني عن تلك الورقة في جيب صديريته، ذات الحافة الزرقاء! لم أعتقد أنها قصيدة كتبها على عجل كما لم أشم عطراً فأقول إنها من إحدى معجباته. حاولتْ يدي عدة مرات أن تخطفها منه، لكنني كلما اقتربت ملأتْ ابتسامة وجهه الجميل».
هذا الحنو في مداعبة الشاعر الآيرلندي الحائز على جائزة نوبل، يرافقه حنو آخر، يتوزع على عناصر حميمية من الطبيعة والبشر، وذلك بالاعتماد على بنية المنادى المضمر في صيغة التعجب والتمني أحياناً، بخاصة في القسم الأخير من الديوان، مثل «يا لثقل البيضة على الماء»، «يا لثقل السحابة على العشب»، «يا لثقل زفرة الغريب على النار»... وغيرها. هذه الأجواء تطالعنا في نص بسيط بعنوان «نبيذ من ترهونة»، حيث يتحول السؤال الخاطف إلى أداة للمعرفة والكشف وإثارة المفارقة أيضاً:
«إلى أين تقود أغنامك؟
- إلى سفينة راسية في صبراتة
- ماذا يوجد في تلك الجرار؟
- نبيذ من ترهونة وزيت زيتون من مسلاتة
- ماذا تحمل تحت إبطك؟
- قراطيس أرسم عليها خيالات وأوهاماً
- أنا لا أعرفك!
- أنا أعرف نفسي»
بهذا الانفتاح الخصب على الطبيعة والعناصر والأشياء، تبرز سمات خاصة للمشهدية في هذا الديوان، من أبرزها أنها مشهدية سردية، لا تضع الصورة الشعرية في عين العدسة مباشرة، إنما تحافظ على مسافة بينهما، فيها يلعب الوصف مقوماً أساسياً في إبراز المشهد وإنضاجه درامياً، من زاويتي القرب والبعد؛ ثم التوثيق له ليس كنثريات حياة ماضية ومنقضية، إنما كحياة تولد من النص نفسه، وتتنفس هواءً جديداً.
تشف هذه السمات المشهدية، في نص (ص 84) بعنوان «عين الفرس»، وهي عين ماء في مدخل مدينة غدامس. يسائل النص القصيدة والشاعر؛ أيهما يلد الآخر، وكيف يكون شكل هذه الولادة في لحظة الكتابة، ثم من يقطف الثمرة أولاً من شجرة الشعر والحياة. يستعير الشاعر الماء من هذه العين كرمز للحياة، ويكثفه على مستوى الدلالة، ليصبح الحد الفاصل بين الوجود والعدم، تماماً مثلما في الكتابة التي تشبه الكهف... يقول الشاعر:
«: هل تذكر، كيف تسربت القصيدة من بين يديكَ،
مدت رأسها من سطح الماء،
وقطفت الأرضَ مثلما تقطف يدٌ خائفة ثمرة.
كنتُ جالساً يبلل الموجُ رجلي
وكان نفرٌ من الناس طوافين
بين الرمل وبين قوافل قادمة من تلك العين
هل ركضتَ وحدكَ خلف ذلك الكهف؟
لا أعلم إن كان غيري يركض معي
لكنني كنت قريباً من الشمس قبل أن تسقط في الماء
وماذا بعد؟
أنا لم أعد أكتب الشعر
أليس هذا محزناً؟!»
في الختام، لم يختر الشاعر عاشور الطويبي، هذا النص على ظهر غلاف الديوان ليكون مجرد مفتاح أو عتبة لعالمه الثري الخصب، إنما أراد أن ينتصر للشعر، ويؤكد أنه ابن الحياة، ابن الماء والهواء والشمس، وهو الباقي أمس واليوم وغداً، أما الحرب فمصيرها إلى زوال لأنها مجرد انعكاس عابر لعتمة البشر في مرآة مهشمة.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)
د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)
TT

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)
د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

أعلنت «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» انتهاء المرحلة الأولى من عملية التحكيم للقائمة الطويلة التي شارك فيها 1967 مشاركاً من 49 دولة حول العالم، وبدء المرحلة الثانية للجائزة لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر (كانون الأول) قبل إعلان الفائزين في فبراير (شباط) المقبل.

وأكد الدكتور سعد البازعي، رئيس الجائزة خلال مؤتمر صحافي عقده الاثنين في الرياض، أن أرقام المشاركات التي تلقتها اللجنة مبشّرة وتعطي سمة عالمية من حيث عدد الدول التي جاءت منها المشاركات، مبيناً أن «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» تربط بين الرواية والسينما، وهو أمر لم نعتد على رؤيته من قبل، على حد تعبيره.

د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

وكانت هيئة الترفيه السعودية أطلقت في سبتمبر (أيلول) الماضي «جائزة القلم الذهبي» للأدب الأكثر تأثيراً»، التي تركز على الأعمال الروائية الأكثر قابلية للتّحويل أعمالاً سينمائية، بمجموع جوائز يصل لـ740 ألف دولار، وإنتاجات سينمائية لعدد من الأعمال الفائزة.

وعدّ المستشار تركي آل الشيخ، حينها، الجائزة فرصة لظهور جيل جديد من الكتاب باللغة العربية، والمساهمة في الوصول إلى بنك متكامل من الروايات والمحتوى العربي، الذي يتواكب مع الإنتاجات السعودية والعربية الضّخمة.

وأوضح البازعي في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بأن الجائزة قد تدعم مستقبلاً ترجمة أعمال عربية إلى لغات أخرى، دعماً للأدب العربي، وقال: «إذا كان هناك حضور للأدب العربي عالمياً لا يمكن أن يكون إلا من خلال الترجمة، وتحويله عملاً سينمائياً وترجمته، الأعمال السينمائية والروائية التي حققت قدراً من العالمية كانت مترجمة، نحن في حاجة إلى دعم الأدب العربي بالتأكيد، وأعتقد أن الترجمة مهمة ويُحمَد للجائزة أنها تدعم الترجمة، وربما في المستقبل ندعم ترجمة الأعمال العربية إلى لغات أخرى، هذا قد يكون من التطورات المطلوبة التي أتمنى أن تحصل».

المستشار تركي آل الشيخ يتحدث خلال المؤتمر الصحافي للجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)

انتهاء المرحلة الأولى

استهل الدكتور سعد حديثه بإعطاء لمحة عن مراحل الجائزة الأساسية التي بدأت في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأضاف: «الجائزة أنهت المرحلة الأولى من التحكيم التي انتهت من القائمة الطويلة كما هو معلن، وبدأت المرحلة الثانية والعمل على القائمة الطويلة للخروج بالقائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر، ومن ثم إعلان الفائزين في فبراير المقبل».

انتهت المرحلة الأولى للتحكيم على أن تبدأ مرحلة اختيار القائمة القصيرة قبل إعلان الفائزين فبراير المقبل (جائزة القلم الذهبي)

جائزة متفردة

ذكر رئيس جائزة القلم الذهبي مزايا عدة للجائزة تجعل منها متفردة وتصل للعالمية، من أبرزها التأكيد على الشفافية، وتوخي الحياد في التحكيم، إلى جانب السماح للأفراد بالمشاركة، ودعم العلاقة بين الرواية والسينما.

وفنَّد ذلك بقوله: «الأعمال تُرسَل رقمياً لكل المحكمين ولا يعرفون مَن هو مؤلف العمل، كذلك من المسائل التي اختلفت بها الجائزة عن غيرها أنها تسمح للأفراد بتقديم أعمالهم، والأكثر تفرداً للجائزة أنها تدعم العلاقة بين الرواية والسينما، حيث تكافئ الأعمال الكبرى بأربع جوائز تحولها أفلاماً سينمائية، اثنتان رواية واثنتان سيناريو».

د. سعد البازعي رئيس الجائزة يستعرض تفاصيلها خلال إطلاق الجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)

وعدّ البازعي قيمة الجائزة الكبيرة المقدرة بـ740 ألف دولار بأنه ليس الرقم النهائي، حيث يتطلب تحويل الأعمال الفائزة أفلاماً سينمائية إلى ملايين، وقال: «الهيئة العامة للترفية التزمت بتحويل هذه الأعمال أفلاماً سينمائية، بما في ذلك من تكلفة إضافية ستجعل من الجائزة الأعلى من نوعها بالمطلق». وتابع: «نحن أمام تكريم نوعين بينهما علاقة وثيقة لم نعتد رؤية جائزة تربط بينهما الرواية والسينما، وهذا فيه خدمة كبيرة لصناعة السينما السعودية، التي ظل صناعها يشتكون من قلة النصوص لسنوات طويلة، الآن نتمنى أن تتوفر لأن من شروط قبول الرواية أن تكون صالحة لتحويلها فيلماً».

1969 مشاركة من 49 دولة

الأرقام التي وصلت للجائزة - بحسب الدكتور سعد البازعي - بلغت 1967 مشاركة من 49 دولة، يضيف بقوله: «هذه سمة عالمية للجائزة، نحن أمام جائزة عالمية بمعنى الكلمة، هناك مشاركات من أميركا، أستراليا، الأردن، السعودية وغيرها». تصنيفات الجائزة تشير إلى أن عدد المشاركين الذكور بلغ 69.7 في المائة، في حين حظيت مشاركة الإناث بنحو 30 في المائة، وشاركت 1347 رواية أصلية، 508 روايات مترجمة، إلى جانب 93 عمل سيناريو. وأشار البازعي كذلك إلى أن هنالك جوائز أخرى لم تفز بالجوائز الكبرى، لكنها تفوز بالتصنيف، مثل الكوميديا، الرعب، التشويق، الروايات التاريخية، الرومانسية، الغموض والجريمة، التشويق والإثارة، الفنتازيا، والواقعية.

القائمة الطويلة

أوضح رئيس لجنة القلم الذهبي أن اللجان فرزت نحو 2000 عمل للقائمة الطويلة، حيث تم اختيار 30 رواية، 7 روايات مترجمة، 10 أعمال سيناريو، بالإجمالي 47 عملاً. وأضاف: «معظم النصوص التي أُرسِلت لا علاقة لها بالسرد أو الرواية، وكان على اللجنة الاحتفاظ بالأعمال الجديرة، وأن يكون لها ترقيم دولي، وحقوق نشر، وإذا كانت مترجمة فحقوق ترجمة، كذلك كان على اللجنة مواجهة احتمالات التلاعب، سواء إدخال عمل لا يستحق أو الرقم الدولي غير صحيح، وعملية التأكد هذه أخذت وقتاً وجهداً».

القائمة الطويلة شملت 47 عملاً بين رواية ورواية مترجمة وسيناريو (جائزة القلم الذهبي)

القائمة القصيرة

سيتعين على لجنة التحكيم خلال الفترة المقبلة العمل على تحديد القائمة القصيرة من الأعمال التي تم اختيارها وعدد 47 عملاً، وفقاً للدكتور البازعي، الذي أوضح أن العدد لم يحدد بعد، ويعتمد ذلك على متغيرات كثيرة، منها عدد الأعمال الجيدة التي سيتم اختيارها، على حد تعبيره. وقال: «لو كان عدد الأعمال الجيدة 20 عملاً مثلاً، سنرفع عدد القائمة وتصبح قائمة طويلة، هناك مرونة». وتضم لجنة تحكيم «جائزة القلم الذهبي» روائيين ونقاداً ومخرجين وكتاب سينما، إلى جانب منتجين؛ وهو ما يجعلها قادرة على التعامل مع مختلف الأعمال المشاركة بشكل احترافي وشفاف، وفقاً للدكتور سعد البازعي. وفي رده على سؤال بشأن أبرز التحديات التي واجهت اللجان، أشار البازعي إلى أن ورود أعمال لا علاقة لها بالجائزة، وحدوث ازدواجية بين دور النشر والكتاب عبر إرسال العمل مرتين كانت من أبرز الصعوبات.

جائزة رقمية

وأكد الدكتور سعد البازعي أن «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» تعدّ رقمية وغير ورقية، وهي الفكرة التي ابتكرها المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، وقال: «الأعمال تصل بنسخة (PDF)، وتصنف بأرقام دون ذكر اسم المؤلف ويقرأها أكثر من شخص، وفي النهاية يظهر من حصل على أكبر عدد من الترشيحات».

لأول مرة تتيح «جائزة القلم الذهبي» مشاركة الأفراد بأعمال أدبية (جائزة القلم الذهبي)

دعم صناعة السينما السعودية

ومن المتوقع أن يكون لـ«جائزة القلم الذهبي» تأثير إيجابي على المشهد الثقافي السعودي، لا سيما صناعة السينما، وفقاً للبازعي الذي أردف بقوله: «هذه الجائزة سيكون لها تأثير نوعي؛ لأنها تدعم الأدب الروائي، والأدب السينمائي، تدعم صناعة السينما، تأثيرها سيكون كبيراً، إذا أنتجت محلياً 4 أفلام رئيسة من روايات عربية معروفة هذا إنجاز كبير، الجوائز بصفة عامة تشجع الإنتاج وتحفّز الآخرين عليه».

وفي الختام، كشف الدكتور سعد، عن أن هنالك جائزةً ستكون مخصصة للجمهور ضمن القائمة الطويلة، حيث سيُفتح المجال للجمهور للتصويت، مشيراً إلى أن ذلك «فرصة للجمهور لكي يقول رأيه وجائزة مرصودة لعمل يفوز نتيجة التصويت الجمهور».

اقرأ أيضاً