مجلس لم نسمع عنه كثيراً من قبل، إلا بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، لنكتشف أن صلاحياته تنفيذية وعلى رأسها إعلان تنصيب الملك الجديد.
في حفل الإعلان الرسمي عن تنصيب الملك تشارلز الثالث الذي جرى صباح أمس داخل قصر «سانت جايمس» بلندن، وتم عرض وقائعه مباشرة على شاشات التلفزيون لأول مرة في تاريخ المملكة، تعرف البريطانيون أكثر إلى مجلس الملك الخاص الذي يطلق عليه اسم «بريفي» أو Privy، وهذه الكلمة هي اختصار لكلمة «برايفت» Private بالإنجليزية. وكما تعني الكلمة، فهذا المجلس مبني على السرية التامة.
وهكذا، فكان المجلس الخاص في الأصل لجنة من أقرب مستشاري الملكة لتقديم المشورة السرية فيما يتعلق بشؤون الدولة.
تم تعيين بيني موردنت التي كانت من ضمن المرشحين لرئاسة الحكومة، رئيسة للمجلس في سبتمبر (أيلول) 2022 من قبل رئيسة الحكومة الجديدة ليز تراس. ويضم المجلس حالياً 718 عضواً.
- تأسيس المجلس
كان مجلس الملك الخاص في الأصل الذراع التنفيذي للحكومة الإنجليزية، منذ القرن الثالث عشر، رغم أن سلطاته تراجعت مع انتقال السلطة السياسية إلى مجلس الوزراء في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، وفقاً لمكتبة مجلس العموم. من الناحية الرسمية، تظل الهيئة الاستشارية للملك، ويعرف أعضاؤها باسم مستشاري الملك، الذين يصنفون أنفسهم على أنهم «الرايت أونرابل»، ويُطلب منهم أداء قسم خاص.
يتم تعيين المستشارين مدى الحياة من قبل الملك، بناءً على نصيحة رئيس الوزراء، وهم أفراد يشغلون أو شغلوا منصباً سياسياً أو قضائياً أو كنسياً كبيراً في المملكة المتحدة أو في دول الكومنولث.
على سبيل المثال، رئيس أساقفة كانتربري ويورك، ورئيس مجلس العموم، ورئيس قضاة إنجلترا، والوزراء الأوائل في أسكوتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية. يشار إلى أن كاميلا الملكة المرافقة وأمير ويلز الأمير ويليام هما من ضمن أعضاء المجلس، ولهذا السبب وجدا في حفل الإعلان أمس، وقاما بتوقيع بيان التنصيب.
وتتمثل الوظيفة الرئيسية لمجلس الملك الخاص في تقديم المشورة له بشأن إعطاء تأثير رسمي للإعلانات والأوامر في المجلس، والأدوات القانونية التي يتم إجراؤها بموجب صلاحيات قانونية.
- ما صلاحياته؟
يمارس مجلس الملك الخاص صلاحياته التنفيذية من خلال إصدار وثائق رسمية تسمى أوامر، والتي لها ثقل قانوني. لا تتطلب أوامر المجلس موافقة الملك، ويوافق عليها الوزراء فقط في دورهم كمستشارين خاصين. يعطي أكثر من 400 قانون برلماني لمجلس الملك الخاص صلاحيات إصدار الأوامر.
من أجل الموافقة على التشريع، يقول الملك: «تمت الموافقة» على كل أمر قرأته بيني موردنت «اللورد رئيس المجلس» خلال الاجتماعات. بالإضافة إلى ذلك، يستدعي الملك البرلمان بناءً على مشورة مجلسه الخاص.
الأوامر إما قانونية أو صادرة بموجب صلاحيات ملكية، مع أوامر امتياز فمستخدمة في الأمور التي لا يكون من المناسب أن يهتم بها البرلمان بنفسه، أو عندما لا يخصص التشريع المسؤولية لوزير معين على وجه التحديد.
- جدول الاجتماعات
تعقد اجتماعات مجلس الملك الخاص في المتوسط مرة واحدة في الشهر، بحضور المستشارين السريين فقط الذين يستدعيهم رئيس اللورد للمجلس. يترأس الملك الاجتماعات، ويصادق كاتب مجلس الملك الخاص على موافقة الملك على الإجراءات بأسماء الحاضرين وتوقيعهم.
فقط اجتماع المستشارين الخاصين الذي يحضره الملك يشكل مجلساً، وإلا فهو لجنة وأهمها اللجنة القضائية. يشار هنا إلى أن الملكة إليزابيث اعتذرت قبل ليلة من وفاتها من المشاركة في اجتماع لمجلس الـ«بريفي» عبر تطبيق «زووم» بسبب تردي حالتها الصحية.
- أهمية المجلس في إعلان التنصيب
تقليد انتقال العرش تلقائياً إلى الملك الجديد بدأ به الفرنسيون والكبوشيون وتبنته العائلة المالكة البريطانية. فبموجب القانون، أصبح تشارلز ملكاً في اللحظة التي توفيت فيها والدته بعد ظهر يوم الخميس. ولكن على أساس العادات السحيقة، يجب على المجلس أن يجتمع ويعالج أعمالاً معينة. كما يتعين على مجلس الملك الخاص بأن يقوم بما يعرف بـProclamation أو الإعلان الرسمي عن تنصيب الملك.
- احتفال يمزج ما بين التاريخ والعصرية
عُرض حفل التنصيب على شاشات التلفزيون لأول مرة في تاريخ البلاد. فعند تنصيب الملكة إليزابيث الثانية، اكتفت وسائل الإعلام حينها بنقل وقائع التنصيب خارج قصر «سانت جايمس» من دون نقل وقائع الحفل التي جرت بين جدران القصر.
اللافت في تنصيب الملك تشارلز الثالث، الذي كان يرتدي بدلة تقليدية «مورنينغ سوت»، ولكن بقماش مخملي أسود (عصري)، أنه كانت هناك الكثير من المفردات التقليدية مثل القسم على الإنجيل، والتشديد على أن بريطانيا دولة بروتستانتية، وبالوقت نفسه تم بثّ كل ما كان يعتبر سرياً في الماضي على شاشات التلفزيون.
تقاليد هذا الاحتفال تعود إلى قرون مضت، ففي ضجة الأبواق، تم الإعلان عن الملك الجديد. ثم تمت قراءة الإعلان الرئيسي بصوت عالٍ من قبل كبير الضباط النبلاء من شرفة قصر «سانت جيمس» أمام حشد من الجمهور المتجمع أدناه، تلاه تحية بالبنادق في «هايد بارك» وبرج لندن.
غنى الحشد النشيد الوطني «حفظ الله الملك»، حيث عادت صياغته إلى تلك التي غناها قبل 70 عاماً، وقدمت القوات الاحتفالية ثلاثة هتافات للملك الجديد.