الجزائر: تبَون يعول على وزراء لتطوير الاقتصاد وتعزيز الأداء الدبلوماسي

وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب (وزارة الطاقة الجزائرية)
وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب (وزارة الطاقة الجزائرية)
TT

الجزائر: تبَون يعول على وزراء لتطوير الاقتصاد وتعزيز الأداء الدبلوماسي

وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب (وزارة الطاقة الجزائرية)
وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب (وزارة الطاقة الجزائرية)

حمل التعديل الجزئي الذي أدخله الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، على حكومته الخميس الماضي، حرصا على تجديد ثقته في وزراء يعوَل عليهم لإنعاش الاقتصاد وتعزيز الأداء الدبلوماسي للحكومة في المرحلة المقبلة.
ويرى متابعون، أن الاحتفاظ بوزراء: الطاقة محمد عرقاب، والمالية إبراهيم كسالي، والصناعة أحمد زغدار، والتجارة وترقية الصادرات كمال رزيق، والخارجية رمضان لعمامرة، يعكس حرص تبون على مواصلة تنفيذ خطة عمله بالأدوات والأشخاص أنفسهم، بخاصة على الصعيدين الاقتصادي والسياسة الخارجية. وكان الرئيس صرَح قبل 9 أشهر، بأن 2022 «ستكون سنة الإقلاع الاقتصادي في جزائر جديدة تعتمد على قدراتها الذاتية، ومتفتحة على التعاون مع كل الشركاء، على قاعدة المصالح المشتركة، والمنافع المتبادلة، وحريصة على الاضطلاع بدورها في استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة».
ويستجيب الإبقاء على عرقاب في الحكومة، حسب هؤلاء، لرغبة السلطات العليا «في أن يكمل بنفسه متابعة مشاريع التنقيب عن حقول النفط والغاز، ومواصلة التعاون مع بلدان أوروبية لإمدادها بالطاقة، بخاصة إيطاليا وفرنسا، لتعويض الغاز الروسي». وباتت الجزائر لاعبا أساسيا في موضوع الطاقة، منذ اندلاع الحرب في أوكرونيا. وتسعى إلى توظيف هذه الورقة لتعزيز دورها في ملفات سياسية ودبلوماسية مهمة، بعضها على حدود الجزائر، من بينها الأزمة في ليبيا التي سبق لتبون أن أكد أن «لا شيء فيها يتم من دون علم الجزائر».
وأطلق المسؤولون تصريحات تحمل كثيرا من التفاؤل، بخصوص مساعي الحكومة لرفع قدرات التصدير خارج المحروقات. وكلف تبون وزيره للتجارة، رزيق، العمل على بلوغ سقف 7 مليارات دولار، من منتجات زراعية أساسا، بنهاية هذا العام. ومضاعفة الجهود لدخول الأسواق الأفريقية والمغاربية، وبخاصة البلدان القريبة من الجزائر مثل مالي والنيجر وموريتانيا. وقدم أشرف رزيق بنفسه، نهاية العام الماضي، على إطلاق قافلة شاحنات محمَلة بالمنتجات الزراعية إلى موريتانيا عن طريق المعبر الحدودي الصحراوي المشترك. ويرجح أن الاحتفاظ به في الحكومة، يعكس رضا الرئيس على العمل الذي يقوم به في مجال التصدير نحو أسواق البلدان المجاورة.
وكان الوزيرنفسه، أكد أن الحكومة حققت 5 مليارات دولار كعائدات للتصدير خارج المحروقات عام 2021. كما أكد تبون في مايو (أيار) الماضي، أن التدابير التي اتخذتها الحكومة في إطار وقف استيراد المواد والسلع المنتجة محليا، سمحت بتقليص فاتورة الواردات من 60 مليار دولار إلى 32 مليار دولار، بين سنوات 2019 إلى 2021. وقد تم ذلك، بحسب تنظيمات نقابية، على حساب مواد غير متوفرة في السوق المحلية، منها الدواء الذي تصل فاتورة استيراده إلى ثلاثة مليارات دولار كل عام.
أما عن وزير الخارجية لعمامرة فقد تم الاحتفاظ به، حسب مصادر مطلعة، لإتمام التحضيرات التي بدأها بخصوص عقد القمة العربية المقررة في 01 و02 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ففي رأي الرئيس تبون، «أنجز لعمامرة على أكمل وجه، مهمته في إقناع الدول العربية بعدم تأجيل القمة من جديد». كما خرج «سالما» من الجدل الذي أثارته الجزائر بشأن «استعادة سوريا مقعدها بالجامعة العربية»، والإصرار الذي أظهرته على حضورها في الموعد العربي المنتظر، وذلك بعد أن أبلغه نظيره السوري فيصل المقداد، أن بلاده لا تريد إدراج هذه المسألة، ضمن النقاش الذي يسبق القمة، ولا أثناء انعقاد أعمالها.
كما تبرز أهمية لعمامرة، حسب المصادرذاتها ، في إدارته بعض الملفات الشائكة منها العلاقات مع فرنسا التي تم بعثها منذ أسابيع قليلة، وكانت باكورتها زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون إلى الجزائر، والتي كان للوزير الجزائري دور بارز في توفير ظروف نجاحها بالتعاون مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».