برلين: دعم أوكرانيا لن يتداعى

وزيرة الخارجية الألمانية تقوم بزيارة مفاجئة لكييف وسط التطورات العسكرية الأخيرة

يبدو أن هدف بيربوك الأساسي كان إبعاد الاتهامات عن برلين بأنها بدأت تعاني «من تعب الحرب» (إ.ب.أ)
يبدو أن هدف بيربوك الأساسي كان إبعاد الاتهامات عن برلين بأنها بدأت تعاني «من تعب الحرب» (إ.ب.أ)
TT

برلين: دعم أوكرانيا لن يتداعى

يبدو أن هدف بيربوك الأساسي كان إبعاد الاتهامات عن برلين بأنها بدأت تعاني «من تعب الحرب» (إ.ب.أ)
يبدو أن هدف بيربوك الأساسي كان إبعاد الاتهامات عن برلين بأنها بدأت تعاني «من تعب الحرب» (إ.ب.أ)

على وقع التقدم العسكري الذي يحرزه الجيش الأوكراني والذي وصفته صحف ألمانية بأنه «نقطة تحول» في الحرب، وصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى كييف في زيارة مفاجئة هي الثانية لها منذ بداية الحرب هناك. وقالت بيربوك التي توجهت إلى كييف بقطار ليلي استقلته من بولندا، إن هدف زيارتها التأكيد لأوكرانيا بأن «ألمانيا ستستمر بالوقوف إلى جانبها لطالما اقتضى الأمر، من خلال مساعدات عسكرية وإنسانية ودعم مالي». ولكن الأهم، يبدو بأن هدف بيربوك الأساسي كان إبعاد الاتهامات عن برلين بأنها بدأت تعاني «من تعب الحرب» وبأن دعمها لأوكرانيا بدأ يتراجع فيما تشغلها الاهتمامات الداخلية بسبب أزمة الطاقة والاقتراب من فصل الشتاء، وارتفاع الأسعار المستمر.
وأشارت بيربوك إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يراهن على تعبنا المتزايد من التعاطف مع معاناة أوكرانيا، هو يؤمن بأنه يمكنه أن يقسم مجتمعاتنا بالأكاذيب والابتزاز بالطاقة، ويستنزف طاقتنا للدفاع عن أنفسنا في وجه هذا الاعتداء الماكر على كل قيمنا»، لتضيف بأن «حسابات بوتين كلها خاطئة، لأن أوروبا تعرف أن أوكرانيا تدافع عن نظامنا السلمي». وتعهدت بيربوك خلال زيارة لحقل ألغام في منطقة فليكا ديمركا القريبة من كييف، بتقديم مساعدات إضافية تتعلق بإزالة الألغام من المناطق التي استعادتها أوكرانيا من روسيا، بالإضافة إلى الأسلحة التي تقدمها برلين لكييف. وقالت بيربوك إن مساعدة أوكرانيا على إزالة الألغام الأرضية أمر مهم «لتأمين حياة الأشخاص في المناطق التي كانت محتلة من الجيش الروسي». وقدمت الحكومة الألمانية مساعدات بقيمة ٦ ملايين يورو لمنظمة غير حكومية تساعد في نزغ الألغام من تلك المنطقة.
وكان رئيس الحكومة الأوكراني دنيس شميهال قد زار برلين الأسبوع الماضي، والتقى بالمستشار أولاف شولتز وطلب منه دعماً عسكرياً إضافياً. وألغي المؤتمر الصحافي المشترك الذي كان قد أعلن عنه المستشار قبل وقت قصير، بحجة أن شولتز لن يكون لديه وقت كافٍ في يوم كانت الحكومة مجتمعة للإعلان عن حزمة مساعدات اقتصادية جديدة. والتقى شميهال كذلك بالرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، في مؤشر إلى انتهاء التوتر في العلاقة بين الدولتين بعد رفض كييف لاستقبال الرئيس الألماني قبل أشهر بسبب قربه من روسيا.
وتحدث شميهال منفرداً للإعلام بعد لقائه بشولتز، وأعاد التشديد على أن أوكرانيا بحاجة إلى دبابات مقاتلة متطورة كانت ألمانيا مترددة بإرسالها إليها. ورغم أن برلين تعهدت بإرسال دبابات من صناعة ألمانية وليس من مخلفات الأسلحة السوفياتية التي أرسلتها إليها في البداية، فإن كييف ما زالت لم تستلم هذه الدبابات. وتقدر برلين أن تصل الدبابات إلى أوكرانيا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) ما يسمح لها بتسلمها من الشركة المزودة بمعدات عسكرية وتدريب الجنود الأوكرانيين على استخدامها. وتعد دبابات «ليبارد ٢» التي وعدت ألمانيا بتسليمها لأوكرانيا بناءً على طلبها، من أفضل الدبابات وتبلغ قيمة الواحدة منها ٧ ملايين دولار.
وقبل يومين من زيارة بيروبوك لكييف، استضافت ألمانيا اجتماعاً بقيادة الولايات المتحدة لمجموعة دعم أوكرانيا انعقدت في قاعدة رامشتاين الأميركية العسكرية في غرب ألمانيا، حضرها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وأعلن أوستن خلال الاجتماع عن زيادة الدعم العسكري الأميركي إلى أوكرانيا بـ٦٧٥ مليون دولار تقدم على شكل أسلحة. وناقش وزراء دفاع المجموعة تدريب القوات الأوكرانية على الأسلحة الغربية الجديدة ومساعدتهم على تحسين دفاعاتهم.
وتبع الاجتماع هذا زيارة مفاجئة لبلينكن إلى كييف لإبلاغها بتفاصيل المساعدات الجديدة التي أقرت. وقال بلينكن للصحافيين بعد لقائه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه «يعتقد أنه كان ضرورياً زيارة كييف في هذا الوقت الذي بدأت فيه القوات الأوكرانية هجوماً مضاداً في الجنوب وفي الشرق». وأضاف حينها: «الوقت ما زال مبكراً ولكننا نرى فاعلية كبيرة على الأرض ونحن فخورون بدعمنا ودعم دول كثيرة لأنه يساعد الأوكرانيين على ما يقومون به وتحرير أراضٍ من المعتدي الروسي». وأشار إلى أنه قال لزيلينسكي عندما التقاه: «إننا نعرف أن هذا وقت مفصلي، بعد ٦ أشهر على اعتداء روسيا على أوكرانيا، فإن هجومكم الدفاعي بدأ ويظهر فاعلية».
بالفعل، بعد يوم على مغادرة بلينكن أعلنت أوكرانيا استعادة مناطق هامة في الشرق، في إشارة إلى تقدم سريع في العملية العسكرية التي بدأت قبل أيام قليلة. ودخلت القوات الأوكرانية إلى بلدة كوبيانسك في خاركيف شرق أوكرانيا، وكانت تعتبر هذه البلدة مركز إمداد حيوي للقوات الروسية التي سيطرت عليها في الأسبوع الأول من بدء العملية الروسية في فبراير (شباط). ونشر الجنود الأوكرانيون صوراً لهم على مواقع التواصل الاجتماعي داخل المدينة، في تقدم يقول خبراء إنه الأهم والأكبر الذي تحققه القوات الأوكرانية منذ بدء الحرب.
وكانت أوكرانيا قد أعلنت عن انطلاق العملية العسكرية الدفاعية في مطلع الأسبوع، توازياً مع تعهدات غربية جديدة بزيادة الدعم العسكري وتقديم أسلحة يمكنها «أن تحدث فرقاً على أرض المعركة» بحسب ما قال بلينكن.
وكتبت صحيفة «دي فلت» الألمانية إن القوات الأوكرانية تقدمت ٨٠ كيلومتراً داخل المناطق المحتلة من قبل القوات الروسية في الشرق، مضيفة «أن التكتيك العسكري تسبب بمفاجأة وأن القوات الأوكرانية تمكنت من تحقيق هذا التقدم بعد حصولها على مساعدة من استطلاع جوي أميركي». وأشارت الصحيفة أنه إذا أكملت القوات الأوكرانية تقدمها في خيرسون وخاركيف، فإن هذا سيكون نقطة تحول في الحرب. وإضافة إلى هذا التقدم في الشرق، أعلنت أوكرانيا عن تقدم في الجنوب كذلك. وقالت ناتاليا غومانيوك المتحدثة باسم الجيش الأوكراني في تلك المنطقة، إن الجنود تقدموا عدة كيلومترات على هذه الجبهة.
ونقل موقع مجلة «فوكس» الألمانية عن خبير عسكري أن التقدمات الأخيرة للجيش الأوكراني «قد تقلب معادلة الحرب»، وقال الموقع نقلاً عن الجنرال الأسترالي السابق ميك راين، إن «الجيش الأوكراني حقق انتصاراً مفاجئاً في منطقة خاركيف»، مضيفاً أن روسيا لم تكن تؤمّن المنطقة بأعداد كبيرة من الجنود وهو ما مكن الجيش الأوكراني من استعادتها. وأشار إلى أن هذا التقدم للجيش الأوكراني على الجبهة الشرقية «سيعرض طريق الإمداد الروسي للخطر ويتسبب بآثار نفسية كبيرة على الروس على الجبهة الشرقية». وأضاف أن رص روسيا لمواقعها في الشرق سيتطلب سحب قوات من الجنوب ما قد يضعف مواقعها هناك.


مقالات ذات صلة

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.


تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».