انضم المهاجم السويدي الشاب ألكسندر إيزاك إلى نيوكاسل يونايتد في صفقة هي الأغلى في تاريخ النادي الإنجليزي، لكن أي شخص يعتقد أن الضغط الناجم عن صفقة بهذا الحجم يمكن أن يؤثر بالسلب على اللاعب البالغ من العمر 22 عاما، يجب أن يفكر مرة أخرى، لأنه إذا كان هناك شيء واحد يجيده إيزاك طوال مسيرته الكروية فهو تحطيم الأرقام القياسية. ففي يناير (كانون الثاني) 2017، وفي ثاني مشاركة له مع منتخب السويد، أصبح إيزاك أصغر لاعب يسجل مع منتخب بلاده وهو في السابعة عشرة من عمره، عندما تسلم الكرة بقدمه اليمنى داخل منطقة الجزاء قبل أن يسددها بالقدم اليسرى داخل شباك حارس مرمى سلوفاكيا، مارتن دوبرافكا، محطما رقما قياسيا ظل صامدا لمدة 105 سنوات. وعلى سبيل المقارنة، سجل زلاتان إبراهيموفيتش هدفه الدولي الأول وهو في العشرين من عمره.
وفي العام السابق، أصبح إيزاك أصغر لاعب يسجل بقميص نادي أيك سولنا السويدي في مباراة تنافسية بعمر 16 عاما وخمسة أشهر وسبعة أيام. وبعد فترة وجيزة أصبح أصغر لاعب يسجل مع ناديه في الدوري السويدي الممتاز، واحتفل بعيد ميلاده السابع عشر بتسجيله هدفين في مرمى الغريم التقليدي ديورجاردن. لكن رغم تحقيقه الكثير من النجاح في هذه السن الصغيرة، ظل إيزاك يتحلى بالتواضع ويواصل العمل الجاد بشكل لا يصدق.
ألكسندر إيزاك تألق مع منتخب السويد وريال سوسيداد (غيتي)
ولم تكن مسيرته مفروشة بالورود، رغم انتقاله إلى بوروسيا دورتموند بعد أسابيع قليلة من الهدف الأول الذي أحرزه بقميص المنتخب السويدي. وفي بوروسيا دورتموند، أصبح اللاعب السويدي الشاب ضحية للصراع على السلطة بين المدير الفني للفريق آنذاك، توماس توخيل، ومجلس الإدارة. لم يكن المدير الفني المقال من تدريب تشيلسي مشاركا في قرار التعاقد مع إيزاك، وبالتالي لم يكن يشركه كثيرا في المباريات. في الحقيقة، لم يلعب إيزاك سوى أربع دقائق فقط تحت قيادة المدير الفني الألماني، وكان ذلك في إحدى مباريات الكأس المحلية عندما كان بوروسيا دورتموند متقدما بثلاثية نظيفة.
رحل توخيل في ذلك الصيف، لكن إيزاك ظل يعاني، ولم يحصل على فرصة كافية لإظهار قدراته وإمكانياته الكبيرة إلا عندما انتقل إلى ريال سوسيداد في صيف عام 2019، ويستمد إيزاك قوته الذهنية الهائلة من النكسات والصعوبات التي واجهها في بداية مسيرته. فبعد أن كان الأمر سهلا للغاية عندما كان صبيا صغيرا، بدأ إيزاك يعاني فجأة في سنوات مراهقته الأولى في نادي أيك سولنا. وقال في تصريحات صحافية في عام 2017: «بالطبع مررت بفترات صعبة من قبل. لقد بقيت حبيسا لمقاعد البدلاء لفترة. كانوا يعتقدون أنني لا أعمل بالجدية المطلوبة، وكانوا على حق، فلم أفعل ما هو مطلوب لأكون في الفريق». وأضاف «لكن في النهاية أدركت أنه يتعين علي العمل بكل قوة، تماما مثل الآخرين. في تلك اللحظة أدركت أن الأمر جاد وخطير، وأنه يتعين علي العمل بجدية كبيرة لتحقيق النجاح».
نشأ إيزاك في باغارتورب على مشارف استوكهولم مباشرة، وكان والداه قد انتقلا من إريتريا إلى السويد في نهاية الثمانينات من القرن الماضي. بدأ إيزاك ممارسة كرة القدم في مكان يُدعى ببساطة «الملعب»، والذي كان من الحصى في البداية ثم من العشب الصناعي. كان يلعب هناك في جميع أوقات فراغه، لكنه لم يهمل دراسته، حيث وُصف بأنه «طالب نموذجي» وتفوق في الرياضة. وقال مدرس التربية الرياضية، كريستر كوربي، في تصريحات صحافية في عام 2021: «لم يكن لدي أبدا طالب يقفز 1.75 متر في الوثب العالي دون تدريب على الإطلاق. كما كان يسحق الجميع في تنس الطاولة أيضا».
تقول معلمة أخرى، آن كاثرين ليف، إنها لا تتذكر أي شخص آخر كان لديه الكثير من الوقت للعب كرة القدم أو التدريب، لكن ما تتذكره حقا هو أنه كان شابا مهذبا للغاية. وتضيف «كل اللاعبين في الملعب كانوا ينظرون إليه بإعجاب، وخاصة الأصغر سنا. لقد لاحظت مدى احترامه للاعبين الأصغر سنا منه. إنه شخص لطيف للغاية، بكل بساطة. لقد كان بارعا في التفاوض في حال وجود نزاعات أو مشكلات. كان يمكن أن يغضب مثل أي شخص آخر، لكنه كان هادئا بطبيعته».
انضم إيزاك إلى نادي أيك سولنا وهو في السادسة من عمره، وبصرف النظر عن بعض الأمور، كان من الواضح أنه كان لاعبا مميزا. وكان جزءا من لاعبي الفريق الناجح الذين ولدوا في عام 1999، ورغم أن الكثيرين منهم قد لعبوا كرة القدم في الدوري الممتاز في السويد أو في الخارج، لم يتمكن أحد منهم من الوصول إلى مكانة أو مستوى إيزاك. وكشف مديره الفني في نادي أيك سولنا، إيلي مينيرجي، الأسباب التي جعلته يبرز ويلفت الأنظار وهو في الرابعة عشرة من عمره، قائلا: «أولاً وقبل كل شيء كانت لديه موهبة كبيرة بالطبع، لكنه كان أيضا بارع في تمرير الكرة، وكان بإمكانه قراءة المباريات بذكاء شديد، وكان لديه وعي كبير باللعبة لم يكن موجودا لدى الكثيرين في ذلك العمر. لو كان لدينا تدريب من لمسة واحدة أو لمستين، كان يتفوق على الجميع. الشيء الوحيد الذي كان ينقصه في ذلك الوقت هو الرغبة في أن يكون الأفضل، لكننا تحدثنا كثيراً عن ذلك عندما كان عمره 14 عاما، سواء معه أو مع والديه».
بعد ذلك بعامين، كان إيزاك يسجل مع الفريق الأول وبدأت رحلته بجدية. وفي ريال سوسيداد، سجل تسعة أهداف، و17 هدفا، وستة أهداف في الدوري على المواسم الثلاثة التي لعبها هناك، لكن كان موسم 2020 - 2021 هو الأبرز. وتشير الإحصاءات إلى أن خمسة لاعبين فقط سجلوا أهدافا أكثر منه في الدوري الإسباني الممتاز، كما تألق بشكل لافت للأنظار في ذلك الصيف مع منتخب السويد في نهائيات كأس الأمم الأوروبية.
وكان الموسم الماضي أكثر صعوبة بالنسبة للاعب السويدي الذي يمتاز باللعب المباشر على المرمى والسرعة الفائقة. لقد خلق الكثير من الفرص لنفسه، لكنه أضاع العديد منها، بما في ذلك بعض الفرص المحققة أمام المرمى. لكنه لم يكن المسؤول الوحيد عن ذلك التراجع في المستوى، حيث كان فريق ريال سوسيداد بالكامل يعاني من نقص واضح في الإبداع، خاصة عندما أصيب ميكيل أويارزابال. ويعرف إيزاك جيدا ما يتعين عليه القيام به عندما لا تسير الأمور على ما يرام، حيث قال ذات مرة: «عليك دائما بالتفكير في مدى براعتك عندما تكون في أفضل حالاتك. يشعر معظم اللاعبين بمدى رضاهم عن أنفسهم حتى عندما لا تسير الأمور بشكل جيد على أرض الملعب. يتعين عليك أن تتخيل نفسك في قمة مستواك في المباريات».
من المؤكد أن الموسم الحالي سيكون اختبارا مختلفا تماما بالنسبة لإيزاك، لأنه يلعب في دوري جديد في بلد جديد. وقد شارك في أول مبارياته مع نيوكاسل يونايتد على ملعب «آنفيلد» أمام ليفربول في الجولة الخامسة ونجح في إحراز هدف، بعد أن غاب عن المباراة التي تعادل فيها نيوكاسل مع وولفرهامبتون بسبب التأخير في الحصول على تصريح عمل. لقد كانت قيمة صفقة انتقاله إلى نيوكاسل أكبر من قيمة انتقال إرلينغ هالاند وريتشارليسون، اللذين انتقلا إلى ناديين جديدين هذا الصيف، وهو ما يعكس حقيقة أن نيوكاسل بدأ في فتح خزائنه ودفع أموال ربما تتجاوز القيمة المناسبة للاعبين لتدعيم صفوفه بكل قوة في نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية. لكن هذا لا يعني أن إيزاك صفقة سيئة، لكنه على العكس تماما يمتلك كل القدرات والإمكانيات التي تؤهله لأن يحقق نجاحا كبيرا.