«تحركات عربية» متوازية ضد «المحتوى المُسيء» في منصات البث الرقمي

مصر ودول الخليج طالبوا باحترام «القيم الدينية والمجتمعية»

الصفحة الرئيسية لمنصة ديزني على الإنترنت (منصات)
الصفحة الرئيسية لمنصة ديزني على الإنترنت (منصات)
TT

«تحركات عربية» متوازية ضد «المحتوى المُسيء» في منصات البث الرقمي

الصفحة الرئيسية لمنصة ديزني على الإنترنت (منصات)
الصفحة الرئيسية لمنصة ديزني على الإنترنت (منصات)

أظهرت إفادات خليجية ومصرية اتجاهاً عربياً متوازياً للتحرك ضد ما اعتبرته هيئات إعلامية رسمية «محتوى مسيئاً» تقدمه منصات بث تلفزيوني رقمي، داعية إلى «ضرورة احترام القيم الدينية والمجتمعية» فيما يتعلق بمحتوى المنصات، وذلك بعد موجات من الجدل أثارتها بعض الأعمال الفنية المعروضة على هذه المنصات.
ورفضت دول عربية، عرض عدة أفلام أجنبية بالآونة الأخيرة من بينها «Light YearK وThor Love and Thunder»، لاحتوائها «على مشاهد لا تتفق مع القيم المجتمعية والدينية التي لم تراع أيضاً الأطفال فيما تبثه عبر محتواها الموجه لهم».
وأصدرت هيئات إعلامية رسمية في مصر والإمارات ودول خليجية بيانات تحمل تحذيرات واضحة، تؤكد التصدي للمحتوى المخالف الذي تبثه بعض المنصات ملوحة بإجراءات «تصعيدية».
وطلبت دول الخليج في بيان مشترك، من نتفليكس إزالة «المحتوي المسيء، من خدمتها»، وجاء في البيان أن «تلك البرامج تتعارض مع القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية».
وشدد بيان عن «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» في مصر على «إلزام منصات البث الإلكتروني بأعراف وقيم الدولة، من خلال إصدار قواعد تنظيمية وتراخيص لهذه المنصات على غرار نتفليكس وديزني»، محذراً من «اتخاذ الإجراءات اللازمة حال بث مواد تتعارض مع قيم المجتمع»، منوهاً إلى أن «أعداد المشتركين في مصر شهدت زيادات كبيرة وغير مسبوقة».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر بالمجلس أن «بياناً آخر سيصدر لاحقاً متضمناً الخطوات التنفيذية فيما يتعلق بهذا القرار».
كما حدد البيان الإماراتي الذي صدر عن «هيئة تنظيم الاتصالات ومكتب تنظيم الإعلام»، منصة «نتفليكس» بما تعرضه من محتوى مخالف لأنظمة وقيم المجتمع، وقال البيان: «لقد لوحظ في الفترة الأخيرة قيام منصة (نتفليكس) ببث بعض المواد المرئية والمحتوى المخالف لضوابط البث الإعلامي بدولة الإمارات، والمتعارض مع القيم المجتمعية في الدولة، وتم التواصل مع المنصة لإزالة هذا المحتوى، خصوصاً المحتوى المخالف الموجه لفئة الأطفال».
وتابع البيان: «ستقوم هيئة تنظيم الاتصالات ومكتب تنظيم الإعلام بمتابعة ما تبثه المنصة خلال الفترة القادمة ومدى التزامها بضوابط البث بدولة الإمارات، وتطبيق الإجراءات اللازمة في حال بث أي مواد تتعارض مع قيم المجتمع ولا تتوافق مع الأنظمة والقوانين المعمول بها في الدولة».
وكانت منصة «نتفليكس» التي تأسست عام 1997 قد شهدت هبوطاً في أسهمها خلال الربع الأول من العام الحالي وصف بأنه «الأسوأ في تاريخها»، بعدما فقدت نحو 200 ألف مشترك ليصل عدد مشتركيها إلى 221 مليون مشترك على مستوى العالم (بحسب تقرير لموقع سي إن إن).
ورأت الناقدة المصرية خيرية البشلاوي في البيانات التي صدرت عن الدول العربية بمثابة «جرس إنذار» يؤكد «أننا في يقظة بشأن ما تبثه وما تروجه هذه المنصات من قيم ليست قيمنا، فهي تهدف أساساً وبشكل دؤوب إلى تفكيك هذه المجتمعات والسيطرة على عقولها» بحسب تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط».
لكنها في الوقت نفسه تشير إلى أنه «لن نصل إلى أي نتيجة ما لم يكن المتفرج نفسه مسلحاً بالوعي، مدركاً أن ما يصدر إليه ليس في صالحه».
وفي ظل تحذيرات واضحة تضمنتها البيانات العربية التي لوحت بإمكانية التصعيد، تؤكد الإعلامية رابحة عشيت رئيس تحرير بالتلفزيون الجزائري أن «انتشار واستخدام المنصات الرقمية العالمية تعد ذات أثر سلبي لما تقدمه من مضامين متنوعة من مختلف بلدان العالم قد تتنافى مع تقاليد وقيم البلدان العربية والإسلامية.
وتؤيد عشيت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ضرورة «تصدي الجهات المعنية لبعض المضامين التي قد تشكل خطورة بشكل خاص على الأطفال وأن تتولى هيئات الإعلام في كل دولة عربية وضع قواعد تنظيمية تلزم هذه المنصات باحترام الخصوصيات الدينية والثقافية والاجتماعية وأن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة مخالفة هذه القواعد».
وبحسب عشيت فإن «الأمر لم يعد يحتمل إصدار بيانات وإنما يتطلب إيجاد صيغة قانونية تضبط عمل هذه المنصات وتحمي أطفالنا».
وإذا كانت منصة «ديزني» قد ألمحت في بيان لها صدر أخيراً عن مراعاة التقاليد المجتمعية فيما تبثه من محتوى موجه للأطفال، فإن الكاتب والناقد الكويتي عبد الستار ناجي يتبنى وجهة نظر مغايرة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المنصات تنتج للعالم وليس لنا، وتشرع أبوابها ونوافذها على الجميع»، ويلفت ناجي إلى «وجود الكثير من الاتفاقيات بين منصات أجنبية عدة وبين مؤسسات عربية، لذلك علينا التفكير بطريقة مختلفة تتجاوز الصيغ التقليدية التي تنحصر في المقاطعة والبيانات المنددة».
وأشار ناجي إلى أن منهجية المقاطعة كمثال كانت السبب في عدم عرض فيلم «الرسالة» في أي صالة عربية، بينما هو اليوم حاضر في التلفزيونات العربية في كل مناسبة دينية، مطالبا بـ«تطوير آليات الإنتاج ورفع سقف الحريات، وأن نحسن من التربية والتعليم»، مشيرا إلى أن «الفضاء لم يعد ملكنا، كما أن إنتاجاتنا العربية تعد باهتة» على حد تعبيره.
لم يقتصر رفض محتوى بعض المنصات على المنطقة العربية، فقد منعت 15 دولة فيلم «لايت يير» من العرض من بينها الصين.
ووفقاً للناقدة الأردنية رانيا حداد فإن منصات البث التدفقي هي مشاريع اقتصادية قبل أي شيء، وأن الجانب الاقتصادي فيها يغلب على الفني والقيمي، وأنها معنية بإعادة صياغة وعي العالم بأسره، وليس فقط العالم العربي، من خلال المحتوى الذي تبثه للأطفال والكبار على حد سواء، وهو محتوى غير ملائم مع منظومتنا القيمية والأخلاقية.
وتؤكد حداد في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» أن «مبادرة العديد من الدول العربية لإصدار بيانات واتخاذ إجراءات منع في مواجهة هذه الموجة الكاسحة حتى لو نجحت بأن تشكل ثقلا معينا يؤدي إلى تجاوب المنصات في طبيعة المحتوى، فيجب أن ننتبه إلى أمرين: أولهما أن هذه المنصات باشتراكات مدفوعة يذهب إليها المشاهد بإرادته، وبالتالي من لا يناسبه المحتوى يستطيع عدم الاشتراك، ثانياً: إجراءات المنع يمكن لها أن تحقق النجاح مرحلياً، لكن على المدى البعيد وفي ظل العولمة والانفتاح على العالم من خلال الشبكة العنكبوتية الواسعة (التي هي أوسع من منصات البث التدفقي) لن يكون لهذا المنع أي أثر يذكر، وأنه ليس أمامنا سوى الوعي والرقابة الذاتية».


مقالات ذات صلة

مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

يوميات الشرق مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

مسلسل تلفزيوني عن بريجيت باردو وهي على فراش المرض

انشغلت الأوساط الفنية في فرنسا بخبر تدهور صحة الممثلة المعتزلة بريجيت باردو ودخولها وحدة العناية المركزة في مستشفى «تولون»، جنوب البلاد. يحدث هذا بينما يترقب المشاهدون المسلسل الذي يبدأ عرضه الاثنين المقبل، ويتناول الفترة الأولى من صباها، بين سن 15 و26 عاماً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خالد يوسف: «سره الباتع» تعرّض لحملة ممنهجة

خالد يوسف: «سره الباتع» تعرّض لحملة ممنهجة

دافع المخرج المصري خالد يوسف عن مسلسله الأخير «سره الباتع» الذي عُرض في رمضان، قائلاً إنَّه تعرَّض لحملة هجوم ممنهجة. وربط يوسف في «سره الباتع» بين زمن الحملة الفرنسية على مصر (1798 - 1801)، وحكم «الإخوان المسلمين» قبل ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، ورصد التشابه بينهما في سعيهما لتغيير «هوية مصر». ورأى يوسف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ المصريين لديهم كما يبدو «قرون استشعار» لمسألة الهوية، و«هذا ما شعرت به من قراءاتي للتاريخ، وهو ما يفسّر لماذا ثاروا على الحملة الفرنسية، وعلى حكم (الإخوان) بهذه السرعة». وواجه المسلسل انتقادات عدة، بعضها يرتبط بالملابس وشكل جنود الحملة الفرنسية، لكن يوسف رد على

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق «سهير شو» مع معتصم النهار: المجتهد ونصيبه

«سهير شو» مع معتصم النهار: المجتهد ونصيبه

تعود العراقية سهير القيسي إلى «إم بي سي» بعد غياب. تُجدّد في الاتجاه، فيصبح حواراً في الفن بعد قراءة لنشرات الأخبار ولقاءات في السياسة. ضيف الحلقة الأولى من برنامجها «سهير شو من أربيل» الفنان السوري معتصم النهار. طفت محاولات نفضها الصورة «الجدّية» وإذعانها لبداية جديدة. تزامُن عرض الحلقة مع العيد برّر غلبة «الإنترتيمنت»؛ دبكة و«بوش آب» و«راب»، دفعها للتعليل الآتي لشخصيتها التي عهدها الناس وللحوارات العميقة. لعلّها مع تقدّم الحلقات لن تحتاج لجهد ساطع يثبت العفوية ويؤكد للآخرين أنها في موقعها. ستفسح المجال للانسياب فيعبّر عن نفسه وعنها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق وسام فارس لـ «الشرق الأوسط» : «سفر برلك» كان نقلة نوعية لي

وسام فارس لـ «الشرق الأوسط» : «سفر برلك» كان نقلة نوعية لي

حقق الممثل وسام فارس حضوراً مميزاً في دراما رمضان 2023 المشتركة، وكاد أن يكون النجم اللبناني الوحيد الذي سطع في سمائها. وسام الذي تابعه المشاهد العربي قبيل موسم رمضان في مسلسل «الثمن» كان له حضوره المميز في العملين الدراميين الرمضانيين «سفر برلك» و«وأخيراً». وجاء اختياره في دور بطولي في «سفر برلك» بمثابة فرصة سانحة، ليطل على الساحة العربية مرة جديدة، ولكن من باب عمل تاريخي ضخم. هذا العمل يصنّفه فارس بالمتكامل الذي برز فيه مستوى عال في التصوير والإخراج بميزانية عالية رصدتها له الـ«إم بي سي». بدأ الاتصال بوسام فارس من أجل المشاركة في «سفر برلك» منذ عام 2018.

يوميات الشرق يامن الحجلي لـ «الشرق الأوسط» : لا أدخل مسلسلاً لست مقتنعاً بنصه

يامن الحجلي لـ «الشرق الأوسط» : لا أدخل مسلسلاً لست مقتنعاً بنصه

يتمتع الممثل يامن الحجلي، صاحب لقب «فارس الدراما السورية»، بخلفية درامية غنية، فإضافة إلى كونه كتب مسلسلات عدّة، فقد حقق نجاحات واسعة في عالم التمثيل، إذ قدّم، في 10 سنوات، أكثر من 30 مسلسلاً؛ بينها «الصندوق الأسود»، و«أرواح عارية»، و«أيام الدراسة»، و«طوق البنات»، و«هوا أصفر»، و«باب الحارة 7»، وغيرها... وهو يطلّ حالياً في مسلسل «للموت 3»، مجسداً شخصية «جواد»، الذي يُغرَم بإحدى بطلات العمل «سحر» (ماغي بوغصن). يؤدي الحجلي المشاهد بلغة جسد يتقنها، خصوصاً أنّ دوره تطلّب منه بدايةً المكوث على كرسي متحرك لإصابته بالشلل.


بثروتها الضخمة ونفوذها الواسع... بيونسيه تخترق قائمة أقوى نساء العالم

احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)
احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)
TT

بثروتها الضخمة ونفوذها الواسع... بيونسيه تخترق قائمة أقوى نساء العالم

احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)
احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)

يهتزّ منزل بيونسيه على وقع الفضيحة التي تلاحق زوجها جاي زي. هو متهمٌ من قِبَل سيّدة باعتداءٍ مشتركٍ عليها، تورّطَ فيه وزميله شون ديدي عام 2000.

لكن رغم الرياح التي تعصف بالبيت الزوجيّ، وهي ليست الأولى في العلاقة المستمرة منذ 27 عاماً، فإنّ الفنانة الأميركية حرصت على الظهور مبتسمةً إلى جانب زوجها قبل أيام، وذلك في العرض الأول لفيلم «Mufasa - Lion King». جاءت الابتسامة العريضة على شرف ابنتهما بلو آيفي، التي تخوض تجربتها السينمائية الأولى.

بيونسيه تتوسّط زوجها جاي زي وابنتها بلو آيفي في العرض الأول لفيلم «موفاسا» (إ.ب.أ)

النجمة رقم 35 على قائمة «فوربس»

واجهت بيونسيه تحدياتٍ كثيرة في كلٍ من حياتها الخاصة ومسيرتها المهنية، وقد لعب ذلك دوراً في تكوين شخصيةٍ صلبة لديها. لم يأتِ اختيارُها من بين أقوى 100 امرأة لعام 2024 عبَثاً من قِبَل مجلّة «فوربس»، وهي ليست المرة الأولى التي تخترق فيها المغنية البالغة 43 عاماً، قوائمَ تتصدّرها رئيسات جمهورية ورائدات أعمال.

احتلّت بيونسيه المرتبة الـ35 في قائمة «فوربس» السنوية، التي تصدّرتها رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تليها كلٌ من رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، ورئيسة إيطاليا جورجيا ميلوني، ورئيسة المكسيك كلوديا شينباوم. أما من بين زميلاتها المغنّيات فقد سبقتها تايلور سويفت إلى المرتبة 23، فيما حلّت ريهانا في المرتبة الـ76.

800 مليون دولار و32 «غرامي»

تختار فوربس نجمات قائمتها بناءً على 4 معايير، هي الثروة، والحضور الإعلامي، والتأثير الاجتماعي، ومجالات السلطة. وتبدو بيونسيه مطابقة للمواصفات كلّها، بما أنّ ثروتها تخطّت الـ800 مليون دولار، وهي في طليعة الفنانات ذات الأثر السياسي والثقافي والاجتماعي.

إلى جانب كونها إحدى أكثر المشاهير ثراءً، تُوّجت بيونسيه بأكبر عدد من جوائز «غرامي» محطّمةً الرقم القياسي بحصولها على 32 منها خلال مسيرتها. وهي لم تكتفِ بلقب فنانة، بل إنها رائدة أعمال أطلقت شركاتها وعلاماتها التجارية الخاصة على مرّ السنوات. تذكر «فوربس» أن مصدر ثروتها الأساسي هو الموسيقى، إلى جانب مبادراتها الفرديّة، وتلفت إلى أنّ بيونسيه صنعت نفسها بنفسها، مع العلم بأنها لم تتابع أي اختصاص جامعيّ، بل تركت المدرسة قبل التخرّج فيها.

حطّمت بيونسيه الرقم القياسي بحصولها على 32 جائزة «غرامي» حتى عام 2023 (أ.ب)

طفلة القدَر

جاء العِلمُ في حياة بيونسيه على هيئة والدةٍ بدأت مصفّفةَ شَعر ثم فتحت صالونها الخاص، وعلى هيئة والدٍ كان يعمل مدير مبيعات في إحدى الشركات، قبل أن يصبح مدير أعمال ابنته. منهما تلمّست المنطق التجاري.

أما فنياً، فقد لمع نجمُها للمرة الأولى في مسابقةٍ مدرسيّة، عندما غنّت وهي في السابعة لتتفوّق على مَن هم في الـ15 والـ16 من العمر. فما كان من والدها سوى أن يترك وظيفته ويتفرّغ لإدارة أعمالها والفريق الغنائي الذي انضمّت إليه في الثامنة من عمرها، والمكوَّن من فتياتٍ صغيرات. تحوّل الفريق ذاتُه عام 1996 إلى «Destiny’s Child» (طفل القدَر)، لتنطلق معه رحلة بيونسيه نحو العالميّة.

فريق Destiny’s Child الذي انطلقت منه بيونسيه عام 1996 (فيسبوك)

صنعت الليموناضة

بعد انفصال الفريق، لم تتأخر بيونسيه في استئناف رحلتها الفنية منفردةً، فخاضت التمثيل والغناء. إلا أن تلك الرحلة لم تكن اعتياديّة، إذ سرعان ما ارتفعت أسهُمُها وبدأت تُراكِم الإصدارات، والحفلات، والجولات العالمية، والأدوار السينمائية، والجوائز، والألقاب.

لم يحصل ذلك بالصُدفة، بل بكثيرٍ من المثابرة. عندما طُلب منها مرةً أن تفسّر نجاحها غير المسبوق، أجابت بيونسيه: «صحيحٌ أنني مُنحت الليمون، لكنّي صنعت الليموناضة». يُنقل عمّن يواكبون تحضيراتها من كثب، أنها تُشرف على كل تفصيلٍ متعلّقٍ بألبوماتها وحفلاتها، هذا إلى جانب انخراطها المباشر في عمليّة التأليف والتصميم. تشهد على ذلك جولتها العالمية الأخيرة Renaissance والتي تحوّلت إلى ظاهرة اقتصادية.

هذا فنياً، أما نفسياً فلم يكن صعود بيونسيه الصاروخيّ مهمة سهلة. كان عليها مصارعة خجلها وشخصيتها الانطوائيّة لسنوات عدة، لكنها استلهمت تجارب نجماتٍ سبقنها. تقول إنها تأثرت بمادونا، ليس كأيقونة موسيقية فحسب، بل كسيّدة أعمال كذلك؛ «أردت أن أسير على خطاها وأن أبني إمبراطوريتي الخاصة».

تذكر بيونسيه مادونا من بين السيّدات اللواتي ألهمنها (فيسبوك)

صوت المرأة

لا تخترق بيونسيه عبثاً قوائم تضمّ أفضل رئيسات مجالس الإدارة، ومديرات الشركات الناجحة، فهي أثبتت أنها سيدة أعمال متفوّقة. أسست شركة الإنتاج الخاصة بها عام 2010 تحت اسم Parkwood Entertainment، وهي تقدّم مروحة واسعة من الخدمات في قطاع الترفيه؛ من إنتاج الأفلام، والموسيقى، والبرامج التلفزيونية، وصولاً إلى إدارة أعمال الفنانين، والتسويق، والتصميم الإلكتروني.

وفي عام 2024، أطلقت مستحضر Cecred للعناية بالشَعر، في تحيّةٍ إلى والدتها الحلّاقة، وفي استكمالٍ لمشاريعها التجاريّة.

بيونسيه ووالدتها تينا نولز (رويترز)

وظّفت بيونسيه نفوذها الفني والمالي في خدمة قضايا اجتماعية وإنسانية تؤمن بها. منذ أولى سنوات انطلاقتها الموسيقية، ناصرت قضايا النساء من خلال كلمات أغاني Destiny’s Child وأغانيها الخاصة لاحقاً. عام 2011، تحوّلت أغنية «Who Run The World? Girls» (مَن يحكم العالم؟ الفتيات) إلى نشيدٍ تردّده النساء حول العالم.

إلّا أنّ الأمر لم يقتصر على الكلام والألحان، بل امتدّ إلى الأفعال. عبر مؤسستها الخيريّة Bey GOOD، تدعم بيونسيه تعليم الفتيات من خلال تأمين الأقساط المدرسية لهنّ. وعبر تلك المؤسسة وحضورها على المنابر العالمية، تحمل بيونسيه لواء المساواة بين الجنسَين.

تحمل بيونسيه قضية تمكين المرأة من خلال أغانيها وأنشطتها الاجتماعية (فيسبوك)

تهمةٌ تهزّ عرش «الملكة بي»؟

تُعَدّ بيونسيه اليوم من أجمل سيّدات العالم، إلّا أنّ ثقتها بنفسها لم تكن دائماً في أفضل حال. في الـ19 من عمرها كانت تعاني من الوزن الزائد وتتعرّض للانتقادات بسبب ذلك. أثّر الأمر سلباً عليها إلى أن استفاقت يوماً وقررت ألّا تشعر بالأسف على نفسها: «كتبتُ Bootylicious وكانت تلك البداية لتحويل كل ما منحتني إياه الحياة، إلى وسيلةٍ أمكّن من خلالها نساءً أخريات».

انسحبَ أثر بيونسيه الاجتماعي على السياسة، فهي تشكّل صوتاً وازناً في المشهد الرئاسي الأميركي. ساندت باراك أوباما، وهيلاري كلينتون، كما تجنّدت إلى جانب كامالا هاريس في معركتها الرئاسية الأخيرة، مقدّمةً لها إحدى أغانيها كنشيدٍ رسمي للحملة.

بيونسيه في أحد تجمّعات كامالا هاريس الرئاسية (رويترز)

تشكّل مسيرة بيونسيه الفنية والمهنية بشكلٍ عام موضوع دراسة في عددٍ من الجامعات الأميركية. لكنّ الأمجاد لا تلغي التحديات، فهي تقف اليوم إلى جانب زوجٍ متهمٍ باعتداءٍ على امرأة. وإذا صحّت التهمة، فإنّها تقف بالتالي إلى جانب ما يناقض القضايا التي تبنّتها طوال مسيرتها الحافلة.