التصعيد التركي ـ اليوناني يثير مخاوف الغرب وسط دعوات لـ«ضبط النفس»

مصادر فرنسية رئاسية: لسنا على مسافة واحدة من الطرفين وسنكون إلى جانب أثينا

الرئيسان الفرنسي والتركي في أول أيام قمة «الناتو» بمدريد في 29 يونيو (إ.ب.أ)
الرئيسان الفرنسي والتركي في أول أيام قمة «الناتو» بمدريد في 29 يونيو (إ.ب.أ)
TT

التصعيد التركي ـ اليوناني يثير مخاوف الغرب وسط دعوات لـ«ضبط النفس»

الرئيسان الفرنسي والتركي في أول أيام قمة «الناتو» بمدريد في 29 يونيو (إ.ب.أ)
الرئيسان الفرنسي والتركي في أول أيام قمة «الناتو» بمدريد في 29 يونيو (إ.ب.أ)

الزيارة الرسمية التي قامت بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى تركيا يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، كانت لها ثلاثة أهداف رئيسية: أولها، النظر في تعزيز العلاقات الثنائية، وثانيها حض أنقرة على التقيد بالعقوبات المفروضة على روسيا بسبب حربها المتواصلة على أوكرانيا، ودفع الحكومة إلى لجم شركات البلاد عن التعاطي مع روسيا، وثالثها حث السلطات التركية على وضع حد للتصعيد مع اليونان عقب التصريحات النارية التي أدلى بها الرئيس رجب طيب إردوغان يوم السبت الماضي.
لكن يبدو، فيما يخص الهدف الثالث، أن باريس في واد وأنقرة في واد آخر. ففي الوقت الذي كانت فيه كولونا في إسطنبول للالتقاء بجمعيات من المجتمع المدني وزيارة جامعة «غالاتا سراي» وثيقة الصلة بالجامعات الفرنسية، عاود إردوغان الثلاثاء توجيه سهامه من ساراييفو، حيث كان في زيارة رسمية لها وذلك للمرة الثانية. ولم تتوقف هجمات الرئيس التركي عند توجيه الاتهامات، بل أرفقها في اليوم نفسه بتهديد مكشوف لليونان التي زارتها كولونا واجتمعت بنظيرها نيكوس داندياس ورئيس حكومتها كيرياكوس ميتسوتاكيس. ومما قاله إردوغان: «صبر (تركيا) له حدود... وعندما ينفذ صبرنا سوف نقوم بما هو ضروري؛ لأن إعاقة أجهزة الرادار (اليونانية) لمقاتلاتنا لا يبشر بالخير»، مضيفا أنه «حان الوقت لتتحلى أثينا بضبط النفس».
وتتهم تركيا اليونان بتسليح مجموعة من الجزر في بحر إيجة، التي يفترض أن تبقى، وفق المعاهدات الدولية التي تعود لعشرينات القرن الماضي، غير مسلحة، والتضييق على تحليق المقاتلات التركية في المنطقة المذكورة، إما من خلال تصويب الرادارات اليونانية وإما من خلال إقلاع طائراتها والتحرش بالطائرات التركية. والأخطر من ذلك أن إردوغان عمد إلى التشكيك بسيادة اليونان على هذه الجزر. وسبق للأخير أن نبه أثينا من «دفع ثمن باهظ» إذا تواصلت «انتهاكاتها»، مذكرا إياها بالحرب التي جرت بين الطرفين عقب سقوط السلطنة العثمانية، وما جرّته من ويلات على اليونانيين الذين كانوا مقيمين في السلطنة.
وكان من الطبيعي أن تأتي ردة الفعل الأولى من السلطات اليونانية، وجاءت أولا على لسان رئيس الوزراء الذي أعلن الاثنين أنه «من غير المقبول أن تتلقى اليونان تهديدات من دولة حليفة وعضوة في الناتو تصل إلى التشكيك في السيادة اليونانية». من جانبه، اعتبر وزير الخارجية أن تصريحات إردوغان حول ملكية الجزر المعنية «سخيفة». ثم اتخذ الرد وجهة حربية بتأكيد أن القوات الجوية والبحرية اليونانية قادرة على الدفاع عن سيادة اليونان على أراضيها.
ليست المرة الأولى التي تتوتر فيها العلاقات بين أنقرة وأثينا. فتاريخهما المشترك حافل بالحروب، وتركيا احتلت في زمن العثمانيين الأراضي اليونانية التي لم تبدأ بالخروج من هيمنتها إلا في القرن التاسع عشر. وخسرت اليونان حرب عشرينات القرن الماضي، وكاد البلدان أن يدخلا في حرب لاحقة بسبب الغزو التركي لقبرص في سبعينات القرن نفسه. وفي زمن أقرب، توترت العلاقات بين الطرفين في 2019 وخصوصا في عام 2020 بسبب الخلاف المستمر على الجزر وما يستتبعها من تنازع على الثروات الغازية والنفطية الموجودة في بحر إيجة، بسبب عدم الاتفاق على تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل طرف. ورغم أنهما ينتميان إلى الحلف الأطلسي، فإنهما كانا قاب قوسين من الحرب أو أقرب. ولولا تدخل الطرفين الأميركي والأوروبي، لكانت الأمور أفضت إلى نزاع مفتوح بعد أن أرسلت أنقرة سفينة تنقيب عن النفط والغاز في مياه تعتبرها أثينا يونانية.
مرة جديدة، يستشعر الغربيون الخطر، وتكاثرت دعوات التهدئة التي جاءت من جانبي المحيط الأطلسي. فالخارجية الأميركية سارعت إلى دعوة الطرفين إلى إيجاد حلول لنزاعاتهما عبر الطرق الدبلوماسية. وقال متحدث باسم الوزارة معلقا على تصريحات إردوغان إنه «في وقت غزت فيه روسيا مرة أخرى دولة أوروبية ذات سيادة، التصريحات التي يمكن أن تثير خلافات بين الحلفاء في الناتو غير مفيدة»، مضيفا أن الولايات المتحدة «تواصل تشجيع حلفائنا في الناتو على العمل معا للحفاظ على السلام والأمن في المنطقة وحل الخلافات دبلوماسيا». والدعوة نفسها سمعت من جانب الاتحاد الأوروبي، وجاء في بيان لبيتر ستانو، المتحدث باسم مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن «التصريحات العدائية المستمرة من جانب القيادة السياسية لتركيا ضد اليونان... تثير مخاوف كبيرة وتتناقض تماما مع جهود التهدئة التي تشتد الحاجة إليها في شرق البحر المتوسط». وأشار إلى أن «التهديدات والخطابات العدوانية غير مقبولة ويجب أن تتوقف»، لافتا إلى مطالب الاتحاد الأوروبي بتسوية الخلافات سلميا، وفي إطار الاحترام الكامل للقانون الدولي. وأضاف أن «الاتحاد الأوروبي يكرر توقعاته بأن تعمل تركيا بجد على تهدئة التوتر بطريقة مستدامة لمصلحة الاستقرار الإقليمي في شرق البحر المتوسط... وأن تحترم بشكل كامل سيادة وسلامة أراضي جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».
أما فرنسا، فقد عبرت وزيرة خارجيتها مرتين، الأولى في أنقرة والثانية في أثينا، عن «مخاوف» بلادها من تدهور الوضع. ففي أنقرة، دعت كولونا نظيرها التركي إلى «تجنب أي تصعيد أكان لفظيا أو غير ذلك»، فيما قالت في أثينا بمناسبة مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها اليوناني إن «المنطقة ليست بحاجة إلى توترات، إنها بالأحرى بحاجة إلى تهدئة». وإزاء التصعيد التركي، رد الوزير اليوناني دندياس بلهجة بالغة التشدد، معتبرا أن تصريحات المسؤولين الأتراك باتت أكثر فأكثر «شائنة وغير مقبولة»، ومحذراً من أن الجيش اليوناني «قادر على الدفاع عن وطننا».
وتبدو باريس معنية أكثر من شركائها الأوروبيين وحلفائها الأطلسيين بالتوتر المتصاعد بين عضوين في النادي الأطلسي. فمن جهة، يرتبط الطرفان الفرنسي واليوناني بمعاهدة دفاعية أصبحت نافذة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كذلك فإنهما يرتبطان بـ«شراكة استراتيجية». وبكلام آخر، فإن فرنسا تفرض نفسها «حامية» لليونان بوجه الأطماع التركية. وتعتبر باريس وأثينا أن الاتفاق المذكور يفيد الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي لأنه يدعم الاستقرار في المتوسط، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبلقان. بيد أن تركيا تنظر إليه بعين الشك وقد وصفته، بمناسبة تصديق البرلمان اليوناني عليه، بأنه «يمثل تهديدا للسلام والاستقرار الإقليميين».
وتعد فرنسا مصدرا رئيسيا لتسلح اليونان، إذ أبرمت معها صفقتين لشراء أسراب من طائرات «رافال» المتطورة وثلاث فرقاطات لدعم سلاحي الجو والبحر ومواجهة الاستفزازات التركية في بحر إيجة. وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا، التي كانت علاقاتها بتركيا في الحضيض طيلة عامي 2019 و2020 أرسلت مجموعة بحرية متكاملة إلى بحر إيجة لدعم اليونان وردع تركيا في قمة التوتر بين البلدين المذكورين بسبب انتهاك تركيا للمياه اليونانية. وقالت مصادر رئاسية فرنسية إنه في حال وجود نزاع بين تركيا واليونان، فإن فرنسا «ستكون بطبيعة الحال إلى جانب اليونان».
بيد أن الأمور «تطبعت» لاحقا بين باريس وأنقرة، وعاد ماكرون وإردوغان إلى التواصل بعد أن طويا إلى حد كبير صفحة الخلافات التي تعود إلى الظهور، في أفريقيا مثلا أو بسبب الخطط التركية في سوريا. وترى باريس ومعها العواصم الغربية أن ثمة حاجة لتركيا في الزمن الراهن بسبب الحرب في أوكرانيا، والدور الذي لعبته أنقرة في ملف إعادة إخراج الحبوب الأوكرانية بحرا وموقعها الجغرافي الذي يتيح لها التحكم بالممرات البحرية «البوسفور والدردنيل»، فضلا عن العلاقة التي حافظت عليها تركيا مع روسيا وأوكرانيا وطرح إردوغان نفسه وسيطا بين الطرفين. ويأمل الغربيون أن يتم استيعاب التوتر الراهن سريعا، فيما ترى مصادر أوروبية في باريس أن تصعيد إردوغان «هدفه شد العصب التركي وخصوصا الفئات المحافظة باستهداف الخصم التقليدي والتاريخي وحرف الأنظار عن الصعوبات الاقتصادية والحياتية وتراجع شعبية حزبه (العدالة والتنمية) واقتراب الاستحقاقات الانتخابية».


مقالات ذات صلة

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

شؤون إقليمية خلال لقاء اليوم بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره اليوناني نيكوس دندياس في أضنة بتركيا (أ.ب)

تقارب حذر بين تركيا واليونان في أعقاب الزلازل

أدى الزلزالان المدمران اللذان ضربا المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا إلى تقارب دبلوماسي حذر بين تركيا واليونان رغم العلاقات المتوترة بينهما، حسب وكالة الأنباء الألمانية. وتوجه وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس بشكل غير متوقع إلى منطقة الكارثة اليوم (الأحد)، والتقى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو. وتعانق السياسيان، كما ظهر على التلفزيون الحكومي اليوناني. وشكر جاويش أوغلو دندياس لكون بلاده واحدة من أوائل الدول التي قدمت مساعدات فورية لتركيا. وأضاف أن الدولتين ستحاولان بدء الحوار مرة أخرى وحل مشاكلهما. وشدد دندياس على أن «مساعدة اليونان للشعب التركي لا تنتهي هنا».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقات المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها وجارتها اليونان على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي منعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الاثنين مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

تركيا تتهم أميركا بـ«الإخلال بالتوازن» مع اليونان عبر صفقة المقاتلات

اتهمت تركيا الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن في تعاملها معها ومع جارتها اليونان، على خلفية اعتزام واشنطن منح أثينا مقاتلات «إف 35» التي مُنعت أنقرة من الحصول عليها بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400». وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الولايات المتحدة أخلّت بالتوازن في تعاملها مع بلاده واليونان. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة، اليوم (الاثنين)، مع وزيرة خارجية البوسنة والهرسك، بيسيرا توركوفيتش، أن الولايات المتحدة كانت لديها سياسة توازن في علاقاتها مع تركيا واليونان، لكنها بدأت تحيد عن تلك السياسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بالعمل على زيادة التوتر

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ب)

تركيا تتهم اليونان بتخريب المحادثات حول القضايا الخلافية

اتهمت تركيا اليونان بـ«تخريب» الاجتماعات والمحادثات الرامية إلى بحث القضايا الخلافية بينهما، والعمل على زيادة التوتر. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار، إن السلطات اليونانية تعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أكار -في تصريحات الاثنين- أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
TT

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وافقت إسرائيل ، اليوم (الأحد)، على زيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين، قائلة إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في البيان، أن «تقوية الجولان هي تقوية لدولة إسرائيل، وهي مهمة على نحو خاص في هذا التوقيت. سنواصل التمسك بها وسنجعلها تزدهر ونستقر فيها».

وانتزعت إسرائيل السيطرة على معظم هضبة الجولان من سوريا خلال حرب عام 1967، قبل أن تضمها إليها عام 1981.

وفي 2019، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن عملية الضم لم تحظَ باعتراف معظم الدول. وتطالب سوريا إسرائيل بالانسحاب منها، لكن الأخيرة ترفض ذلك متعللة مخاوف أمنية. وباءت جهود سلام كثيرة بالفشل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان اليوم (الأحد)، لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدعيها زعماء المعارضة».

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة وافقت بالإجماع على خطة تزيد قيمتها على 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو السكاني في هضبة الجولان.

وأضاف أن نتنياهو قدم الخطة للحكومة «في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا ورغبة في زيادة عدد سكان الجولان إلى المثلين».

وقال المحلل في مركز الأبحاث الإسرائيلي (ألما) أبراهام ليفين، المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، إن نحو 31 ألفاً من الإسرائيليين استقروا في هضبة الجولان، وإن كثيراً منهم يعملون في قطاعي الزراعة، الذي يشمل مزارع الكروم، والسياحة.

وأضاف أن هضبة الجولان موطن أيضاً لما يصل إلى 24 ألفاً من الدروز السوريين.

بعيداً عن أي مغامرات غير محسوبة

وكان قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، قال إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة، في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم «أبو محمد الجولاني»، «هيئة تحرير الشام» التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهية حكم العائلة الذي استمر 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، غير أنها تقول إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

ونددت دول عربية عدة، بينها السعودية ومصر والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع، في مقابلة نشرت على موقع تلفزيون سوريا، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».