جدل مستمر إزاء قرار المحكمة العليا الليبية إعادة تفعيل الدائرة الدستورية، بين مرحب يرى أن العودة ستسهم في حل الخلافات القانونية والدستورية؛ خصوصاً تلك المتعلقة بالعملية الانتخابية، وبين معارض يحذر من توظيف قراراتها سياسياً، فضلاً عما ستؤدي إليه عملية الطعون التي يتوقع أن تكون كبيرة، في سياق ابتعاد حلم الانتخابات أكثر.
وبين تهليل المرحبين وتحذيرات المعارضين، طرح فريق ثالث تساؤلاته عن «جدوى قوة أي قرارات ستصدرها الدائرة الدستورية، مقارنة بنفوذ السلاح الموجود مع الميليشيات التي تعتبر اللاعب الأبرز في الساحة الليبية».
الإجابة الأولى عن هذا التساؤل، وفق عضو مجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط، هي أن «الغلبة كانت دوماً لقوة السلاح، في ظل الأوضاع التي شهدتها الساحة الليبية طيلة السنوات الماضية»؛ مشيراً إلى أن «قرارات الدائرة ذاتها قبل تجميدها عام 2016 كانت تقابل بالترحيب تارة والرفض تارة أخرى، وفي بعض الأحيان تطورت الأوضاع وتعرض أعضاء الدائرة للترهيب».
إلا أنه استدرك قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكن، لا يمكن في الوقت ذاته التقليل من أهمية اصطفاف قرارات الدائرة الدستورية لصالح طرف من الأطراف المتصارعة، كون ذلك يسهم بلا جدال في تعزيز وضعيته محلياً ودولياً».
وأكمل: «الخطر الحقيقي يكمن في توظيف الميليشيات المسلحة من جانب أي من أطراف النزاع، في دعم أو إجهاض قرارات تلك الدائرة، خصوصاً أن قيادات الميليشيات تراقب بدقة التطورات السياسية قبل اتخاذ قرارها بالتموضع إلى جانب من يحقق مصالحها، ومن تميل له كفة موازين القوى، بعيداً عن شرعيته وأحقيته في تولي السلطة. وهذا ليس لمصلحة البلاد».
وتوقع قزيط «أن تسقط أغلب القرارات والقوانين الليبية التي صدرت في الفترة من 2014 حتى الآن، والتي تخللتها صراعات مسلحة، تحت مقصلة أحكام الدائرة الدستورية، لعدم تمتعها بالمعايير الدقيقة التي تطلبها نصوص قوانين الأخيرة، والتي وضعت بالأساس لدولة مستقرة»، محذراً من «أن توظف قرارات الدائرة سياسياً، في ظل استمرار الصراع على السلطة».
من جانبه، لم يتردد رئيس «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب الليبي، طلال ميهوب، في القول: «إن تفعيل عودة الدائرة الدستورية تم بالأساس تحت مظلة قوة المجموعات المسلحة غرب البلاد، وليس القانون».
عضو مجلس النواب علي التكبالي، اكتفى بدوره بالإشارة إلى «كثير من القرارات التي أصدرتها الحكومات المتعاقبة والأجسام السياسية ومنها البرلمان، وبقيت حبراً على ورق، لعدم وجود قوة تدعم فرضها». وهو ما يبرهن على أن «كفة الميليشيات هي الأرجح دائماً»، وفق قوله.
ويشار إلى أن الدائرة الدستورية، قضت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بحل مجلس النواب الليبي، على الرغم من اعتراف المجتمع الدولي بصحة انتخاباته التي جرت في يونيو (حزيران) من العام ذاته.
وذهب رئيس مؤسسة «سلفيوم» للأبحاث والدراسات، جمال شلوف، إلى اعتبار «أن تعرض القضاء للترهيب من قبل الميليشيات في الغرب الليبي، كغيره من المؤسسات، بات أمراً معروفاً للجميع، وتحديداً للمنظمات الأممية».
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، سلط شلوف الضوء «على تحدي وعرقلة قيادات تلك الميليشيات التي يقع تحت سلطتها عدد كبير من السجون، لقرارات قضائية بالإفراج عن شخصيات محسوبة على نظام معمر القذافي».
ويلفت بعض المراقبين إلى أن الشرق الليبي لم ينجُ بدوره من أثر انتشار السلاح؛ لكن بدرجة أقل؛ لافتين إلى تمكن مجموعات مسلحة قبل 3 أشهر من تهريب بعض المحكومين من «مؤسسة الإصلاح والتأهيل» في شمال شرقي ليبيا، إلا أن الأجهزة الأمنية نجحت في إعادة اعتقالهم.
ولم يستبعد أحد المراقبين: «تعرض أعضاء الدائرة الدستورية في مقرها بالعاصمة للترهيب من قبل الميليشيات، وبخاصة فيما يتعلق بالقرارات المتصلة بالصراع السياسي، بحيث لن يتردد كل طرف في توظيفها لنسف شرعية الآخر».
هل يصمد القانون أمام نفوذ الميليشيات الليبية؟
(تحليل إخباري)
هل يصمد القانون أمام نفوذ الميليشيات الليبية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة