تطوير جلد صناعي أيوني مرن ذاتي الشفاء

تطوير جلد صناعي أيوني مرن ذاتي الشفاء
TT
20

تطوير جلد صناعي أيوني مرن ذاتي الشفاء

تطوير جلد صناعي أيوني مرن ذاتي الشفاء

طور باحثون بجامعة دونغهوا الصينية ومركز يوليش لعلوم النيوترونات (JCNS) في ألمانيا أخيرا جلدًا أيونيًا صناعيًا جديدًا واعدًا للغاية يعتمد على شبكة نانوية مرنة قابلة للشفاء ذاتيًا؛ وهي بنية متشابكة تشبه جلد الإنسان.
وهذا الجلد الصناعي، الذي تم تقديمه في بحث نُشر بمجلة Nature Communications ناعم وخالٍ من التعب وذو قابلية للشفاء الذاتي، وذلك حسبما نشر موقع «phys.org» العلمي المتخصص.
وقال صن شينغتونغ أحد باحثي الدراسة «كما نعلم، الجلد هو أكبر عضو في جسم الإنسان، والذي يعمل كطبقة واقية وواجهة حسية للحفاظ على صحة الجسم وإدراكه... ومع التطور السريع للذكاء الصناعي والروبوتات اللينة، يحاول الباحثون حاليًا تغطية الروبوتات الشبيهة بالبشر بجلد صناعي يكرر جميع الخصائص الميكانيكية والحسية لجلد الإنسان، حتى يتمكنوا أيضًا من إدراك البيئة الخارجية المتغيرة مثلنا».
ونظرًا لأن جلد الإنسان نظام معقد للغاية ومتطور، فإن محاكاة جميع وظائفه يمكن أن يكون أمرًا صعبًا للغاية؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لجلد الإنسان أن يشعر بمجموعة متنوعة من التغيرات البيئية، بما في ذلك الضغط وتشوه سطحه وتغيرات درجة الحرارة، وذلك ببساطة عن طريق التقاط الإشارات الإلكترونية القائمة على الأيونات.
ويضيف صن «يشعر جلد الإنسان بالنعومة، لكنه يصبح شديد الصلابة عند التمدد. ويمكن للجلد أيضًا أن يشفي الجروح بشكل طبيعي في غضون أيام قليلة عن طريق الإصلاح الكامل لهيكله ووظائفه. والأهم من ذلك، أن أكثر من مليون دورة من التشوهات سنويًا جنبًا إلى جنب مع حركات الجسم، لن تحلل خصائص الجلد، ما يشير إلى خصائص جيدة جدًا لمكافحة التعب».
وعلى الرغم من أن علماء المواد قد ابتكروا أخيرًا العديد من الجلود الصناعية، والتي يشار إليها أيضًا بالجلود الإلكترونية أو الأيونية، إلا أن معظم هذه الأنظمة يمكنها فقط إعادة إنتاج جزء من السمات الطبيعية للبشرة. لذا حاول صن وزملاؤه تصميم مواد أكثر واقعية وشبيهة بالجلد لعدة سنوات.
ويوضح صن «أثناء إجراء دراساتنا، لاحظنا أن الجلد يجمع بين العديد من الخصائص المثيرة للاهتمام من خلال بنية هرمية من الألياف النانوية، والتي يتم تحديدها بواسطة سقالة ليفي كولاجين صلبة مدمجة في مصفوفة الإيلاستين المتشابكة الناعمة. ولا تلتئم هاتان المرحلتان بمساعدة الخلايا الليفية الجلدية عند الجرح فحسب، بل تضفي أيضًا صلابة عالية جدًا للكسر على جلد الإنسان عن طريق تثبيت الضرر في الألياف النانوية الصلبة للكولاجين».
واستلهامًا من البنية الطبيعية للبشرة، شرع الباحثون في تصميم جلد صناعي جديد يعتمد على شبكة نانوية ذاتية الشفاء ومصفوفة أيونية يمكنها تكرار وظائف الكولاجين والإيلاستين على التوالي. وقد نتج عن ذلك مادة شبيهة بالجلد تكون ناعمة ولكنها تصبح صلبة عند شدها، وهي خاصية تعرف باسم «التقوية بالتوتر».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجلد الصناعي الجديد أن يشفي نفسه بشكل مستقل بعد تعرضه للتلف، وهو مقاوم للتعب ويستجيب بسرعة لتشوهات الشكل؛ وهذا أمر مرغوب فيه بشكل خاص لتطبيقات الاستشعار.
ويؤكد صن «استيحاء من البنية الليفية النانوية القابلة للإصلاح للبشرة أنشأنا جلدًا أيونيًا صناعيًا من خلال دمج سقالة شبكية نانوية مرنة قابلة للشفاء ذاتيًا في مصفوفة أيونية ناعمة أخرى قابلة للشفاء ذاتيًا. وتم إنتاج الشبكة النانوية عن طريق الغزل الكهربائي للبولي يوريثين الصناعي الذي يمكن أن يشفي ذاتيًا عن طريق تبادل رابطة ثاني كبريتيد في درجة حرارة الغرفة. وقد تم تصنيع المصفوفة الأيونية عن طريق تبخير المحلول المائي لبولي (حمض أكريلاميد - أكريليك) وحمض الهيالورونيك و CaCl2 ، والتي يمكن أن تلتئم بمساعدة الترطيب. وبسبب قابلية المادتين الأم للشفاء يمكن للجلد الأيوني الهجين أيضًا أن يشفي الأضرار في غضون فترة زمنية قصيرة».
جدير بالذكر، يتميز الجلد الصناعي الجديد الذي ابتكره صن وزملاؤه ببنية فريدة من نوعها مرنة ونانوية ليفية تجعله شديد المقاومة للتعب. وبشكل أكثر تحديدًا، يمكن لألياف البولي يوريثان النانوية المدمجة أن تغطي أطوال نقل القوة الكبيرة، وبالتالي تخفف الشقوق وتمنعها من الانتشار.
وفي التقييمات الأولية، حقق نظام الجلد الصناعي نتائج واعدة للغاية؛ فقد وجد الفريق أنه حتى مع وجود شق مقطوع مسبقًا، ظل الأيوني الهجين سليمًا لأكثر من 10000 دورة تمدد. وان عتبة التعب المحسوبة للجلد الأيوني الهجين ~ 2950 Jm-2 ، أي أعلى مرتين تقريبًا من العضلات البشرية (1000 J m-2).
وفي هذا الاطار، يبين صن «ان النعومة وقابلية التمدد هما أهم خواص ميكانيكية لمواد استشعار الجلد. لكن مع ذلك، غالبًا ما تؤدي تصميمات المواد التقليدية للنعومة والمط إلى المتانة المنخفضة، والتي تتعارض مع عمر خدمة الجلود الأيونية. ولقد عالجنا هذه المشكلة من خلال إنتاج جلد أيوني هجين يحاكي البنية الليفية النانوية للجلد البشري».
ويعد النظام الشبيه بالجلد الذي أنشأه فريق الباحثين من بين أوائل الجلود الصناعية التي ليست فقط ناعمة وقابلة للتمدد، ولكنها أيضًا ذات شفاء ذاتي ومقاومة للإرهاق بشكل موثوق. وفي المستقبل، يمكن استخدام التصميم الذي اقترحه صن وزملاؤه لإنشاء هياكل قوية أخرى موصلة للأيونات بناءً على تركيبات المواد الأخرى.
وبينما ان نظام الجلد الصناعي يساعد في تطوير روبوتات بشرية تكون أكثر مقاومة للإجهاد وأداء أفضل ولا تتضرر بسهولة بمرور الوقت. حقق الجلد الأيوني الجديد للفريق نتائج ملحوظة حتى الآن، إلا أنه لا يزال يعاني من بعض القيود الملحوظة والتي يأمل صن وزملاؤه في النهاية التغلب عليها.
وختم صن بالقول «لأننا استخدمنا هيدروجيل استرطابي كمصفوفة أيونية، فإن الاستقرار البيئي ضعيف نسبيًا، خاصة في ظروف تغير الرطوبة... ففي الظروف البيئية شديدة الجفاف ستصبح المصفوفة الأيونية قاسية بفقدان الماء، وسيكون من الصعب أيضًا إدراك قدرة الجلد على الشفاء الذاتي. وللتغلب على هذا الحد، نحن الآن متحمسون لإنتاج جلود أيونية أكثر قوة يمكنها العمل بشكل موثوق في ظروف قاسية مثل درجات الحرارة المنخفضة والعالية أو تحت الماء أو في الفراغ أو في وجود مواد قابلة للتآكل. سيكون هذا مفيدًا جدًا للروبوتات اللينة التي من المتوقع أن تعمل في بيئات أكثر تعقيدًا وتغيرًا من تلك التي يعيش فيها البشر».


مقالات ذات صلة

«رؤية السعودية» تقود التحول الرقمي وتدفع التقدم في الاقتصاد المعرفي

الاقتصاد المدينة الرقمية في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«رؤية السعودية» تقود التحول الرقمي وتدفع التقدم في الاقتصاد المعرفي

نجحت السعودية في ترسيخ موقعها واحدةً من أبرز القوى الاقتصادية الرقمية الصاعدة على مستوى العالم، مستندة إلى رؤية استراتيجية طموحة ضمن «رؤية 2030».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص تحول «يوتيوب» من منصة ترفيهية إلى مساحة للتعليم والتغيير الاجتماعي والتمكين الاقتصادي ما جعله جزءاً حيوياً من المشهد الرقمي العربي

خاص «يوتيوب» في عيده العشرين... ثورة ثقافية واقتصادية غيرت المحتوى الرقمي

«يوتيوب» يحتفل بمرور 20 عاماً على انطلاقه، مؤكداً دوره المحوري في تمكين صناع المحتوى، خصوصاً في السعودية عبر أدوات، ودعم وفرص دخل متنامية.

نسيم رمضان (سان فرانسيسكو - الولايات المتحدة)
تكنولوجيا أظهرت الدراسة أن البشر يتفقون بدرجة عالية على تقييم مشاهد التفاعل الاجتماعي في حين فشل أكثر من 350 نموذجاً للذكاء الاصطناعي في محاكاتهم

جامعة «جونز هوبكنز»: نماذج الذكاء الاصطناعي تفشل في فهم التفاعلات البشرية

الدراسة تكشف أن الذكاء الاصطناعي لا يزال عاجزاً عن فهم التفاعلات الاجتماعية ويحتاج لإعادة تصميم ليحاكي التفكير البشري.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا ميزة «خصوصية الدردشة المتقدمة» من واتساب تحمي المحادثات بمنع التصدير وتعطيل التنزيل التلقائي وحظر الذكاء الاصطناعي (واتساب)

«واتساب» تعلن عن ميزة «خصوصية الدردشة المتقدمة» لتعزيز حماية المحادثات

في تحديث جديد يركّز على خصوصية المستخدمين، أعلنت «واتساب» (WhatsApp) عن ميزة «خصوصية الدردشة المتقدمة».

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا التطبيقات قد تستخدم صور الوجه في تقنيات التعرف البيومتري دون علم المستخدمين (كاسبرسكي)

احذر قبل المشاركة... تريندات «دُمَى الذكاء الاصطناعي» متعة أم تهديد للخصوصية؟

تحذِّر «كاسبرسكي» من مخاطر مشاركة الصور والمعلومات الشخصية عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي الترفيهي، لما قد تسببه من انتهاك للخصوصية وسرقة الهوية.

نسيم رمضان (سان فرنسيسكو - الولايات المتحدة)

أعطهم حريتهم واتركهم وشأنهم... كيف تحصل على أفضل أداء من موظفيك؟

الاستقلالية في العمل تمثل دافعاً كبيراً (رويترز)
الاستقلالية في العمل تمثل دافعاً كبيراً (رويترز)
TT
20

أعطهم حريتهم واتركهم وشأنهم... كيف تحصل على أفضل أداء من موظفيك؟

الاستقلالية في العمل تمثل دافعاً كبيراً (رويترز)
الاستقلالية في العمل تمثل دافعاً كبيراً (رويترز)

بينما كانت الدكتورة ميريديث ويلز ليبلي، الاختصاصية النفسية والأستاذة في جامعة جنوب كاليفورنيا، في مكتبها المنزلي بعد ظهر أحد أيام العطلة، فوجئت بزوجها وهو يقف «بنظرة انزعاج خفيفة» عند مدخل المكتب قائلاً: «ظننتُ أنكِ قلتِ إنكِ لن تعملي في نهاية هذا الأسبوع!».

وأجابت ليبلي: «لستُ كذلك؛ أنا أُحلّل فقط بعض البيانات»، ليسألها الزوج: «هل تتقاضين أجراً مقابل ذلك؟»، فقالت: «نعم»، ليؤكد: «إذن أنتِ تعملين!».

لكن ليبلي لم تشعر بأن ما تقوم به هو في الواقع عمل، فقالت إن «تحليل البيانات يريحني... إنه أشبه بحل أحجية بهدوء؛ إنه يُدخلني في حالة من التدفق الذهني»، وهي التجربة التي يمر بها الشخص عندما يكون منغمساً تماماً فيما يفعله ومستمتعاً به، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المَعنيّ بالصحة النفسية والعقلية.

وتؤكد ليبلي أنها تستمتع بعملها وهو ما يجعلها مُتقنة له، وتطرح في المقابل موقفاً مغايراً لـ«موظف عالي الإنتاجية»، وفجأة تسلب منه مؤسسته معظم موارد عمله، وفي الوقت نفسه يُتوقع منه أن يؤدي الأداء نفسه الذي كان عليه دائماً، وتقول: «هذا جنون، أليس كذلك؟»، مضيفة: «أعطِ هذا الموظف ما يحتاج إليه لأداء عمله».

وتشرح كمثال لذلك، استدعاء الموظفين للعمل من المقر مع عدم وجود مكاتب كافية لهم، وتقول إن مثل هذه المواقف التي يواجهها الموظفون قد تسبب لهم الإحباط، وتمنعهم من العمل بأقصى طاقة.

ووفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المَعنيّ بالصحة النفسية والعقلية، تُظهر الأبحاث، دون شك، أن الناس يرغبون في العمل، فهم يفضلون «النشاط الإنتاجي والهادف»، لدرجة أنهم «يُفضلون إيذاء أنفسهم على الشعور بالملل».

ويمكِّنُنا العمل من استخدام مهاراتنا وقدراتنا الفطرية لإحداث فارق؛ ما يُعطي شعوراً بالكفاءة والثقة والرضا. وتُقدم عقود من الأبحاث أدلةً دامغة على أن الموظفين الذين يُمثل عملهم أهميةً لهم يتمتعون برضا أكبر عن الحياة ومستويات أعلى من الرفاهية.

وفي كتابه «الدافع: الحقيقة المذهلة حول ما يحفزنا»، يُشير دانيال بينك إلى أن الاستقلالية «التي تُمكِّننا من التحكم في كيفية عملنا» تمثل دافعاً كبيراً للبشر أكبر من الرواتب والمكافآت. ويريد الموظفون أن يعملوا، ويسهموا، ويستخدموا مهاراتهم ويطوّروها.

وأفادت دراسة حديثة بأن الموظفون أصبحوا أقل تسامحاً مع «مواقف الاحتكاك» في العمل، وأفاد 68 في المائة من المشاركين في الدراسة بأن هذا الاحتكاك يعوق إنتاجيتهم. وكانت توصية الدراسة الرئيسية للمؤسسات هي تحديد نقاط الاحتكاك التي تمنع الموظفين من أداء وظائفهم بسهولة والقضاء عليها.

فما «نقاط الاحتكاك» التي تُحبط الموظفين؟

القواعد و«التكليفات» التي ربما تكون غير منطقية للموظفين.

«الروتين»، فهو سلسلة من اللوائح أو الموافقات التي تُبطئ تقدُّمهم، وتعوق إنتاجيتهم.

الاضطرار للذهاب إلى المكتب، والتعامل مع وسائل النقل أو مواقف السيارات.

الإدارة المُفرطة... أو وجود مشرف يُراقب الموظفين، وينتقدهم في كل خطوة.

أي احتكاك غير ضروري يمنع يوم عملهم من السير بسلاسة، ويمنعهم من الشعور بالفاعلية.

عدم القدرة على الوصول إلى الموارد والأدوات اللازمة لأداء وظائفهم.

ووفق «سيكولوجي توداي»، يرغب الموظفون في الحرية والاستقلالية لبذل قصارى جهدهم في العمل، وتطوير مهاراتهم لتحقيق هدف يؤمنون به، ويريدون القيام بذلك دون أي احتكاك أو إحباط. فلماذا لا نتركهم يفعلون ذلك؟ خشية أن نجد وجهاً منزعجاً آخر على باب مكتبنا.